کتاب الحدود فی مباحث الزنا و اللواط و السحق و القیاده

اشارة

سرشناسه : منتظری، حسینعلی، - 1310

عنوان و نام پديدآور : کتاب الحدود فی مباحث الزنا و اللواط و السحق و القیاده/ لمولفه حسینعلی المنتظری

مشخصات نشر : قم: دار الفکر، - 13.

مشخصات ظاهری : ج

يادداشت : عربی

يادداشت : کتاب حاضر شرحی بر بخش الحدود "شرایع الاسلام فی المسائل الحلال و الحرام" محقق حلی است

یادداشت : کتابنامه به صورت زیرنویس

موضوع : محقق حلی، جعفربن حسن، 676 - 602ق. شرائع الاسلام فی مسائل الحلال و الحرام -- نقد و تفسیر

موضوع : فقه جعفری -- قرن ق 7

موضوع : حدود (فقه)

شناسه افزوده : محقق حلی، جعفربن حسن، 676 - 602ق. شرایع الاسلام فی مسائل الحلال و الحرام. برگزیده. شرح

رده بندی کنگره : BP182/م3ش40238 1300ی

رده بندی دیویی : 297/342

شماره کتابشناسی ملی : م 82-12154

مقدّمة المؤلف

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ*

الحمد لله على خلقه و إفضاله، و الصلاة و السلام على خير خلقه محمد و آله الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا و جعلهم حججا لعباده، و منارا لخلقه، فبكلماتهم أوضح لنا شرائع الإسلام و أحكام الفطرة و ببركتهم أبان لنا مناهج الأخذ بالكتاب و السنة فلقد بيّنوا لنا حلية النكاح و فضله و أوضحوا حدود السفاح و أمثاله فنشكرهم بالتحيّات الوافرات و الصلوات المتواترات.

و بعد؛ فيقول العبد المفتقر إلى رحمة ربه الهادي، حسينعلي المنتظري النجف آبادي- غفر الله له و لوالديه-: لقد قامت الأمة الاسلامية في إيران و استقامت و ثارت ضد الطاغوت و ضحّت بآلاف كثيرة من أبنائهم في سبيل النجاة منه و كان قيادة الزعيم الكبير، آية الله العظمى الخمينى- مدّ ظلّه- سببا حاسما لهداية الأمة و توحيد الكلمة في هذا السبيل و أصبح ذلك سببا لوهن الطاغوت و ضعف تدابيره.

بعد ذلك،،

نجوت أنا و كثير من إخواني من سجن الطاغوت و رجعت إلى بلدة قم المشرفة بعد ما كنت مغريّا عنها و معتقلا في السجون.

و بعد اللتيا و التي، بعد ما ظفرت الأمة الاسلامية في ثورتها و انهار عرش الطاغوت و استحكم أساس الجمهورية الاسلامية في إيران، أصبحت الشواغل لي و لإخواني من طلّاب الحوزة العلمية كثيرة و لكن مع ذلك كان الواجب عليّ و عليهم أن نجعل الاشتغالات العلمية في الدرجة الأولى من الأهمية فإنه المتوقع منّي و منهم.

و في هذا الأثناء التمس مني بعضهم البحث عن مسائل الحدود فشرعت في البحث عن كتاب الحدود من «الشرائع»- في ذي القعدة من سنة 1400 من الهجرة القمرية- إجابة لهم.

و قد كنت أقيّد بالكتابة أكثر ما كنت ألقيها على الإخوان بعنوان التعليق عليها.

فهو ذا الذي تراه و ما أبرّئ نفسي من السهو و الخطأ. فإن الانسان محل الخطأ و النسيان و أرجو ممن يعثر على خطأ منّي أن يذكّرني بموارده. و من الله الاستعانة و عليه التكلان.

قال المصنف:

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 3

كتاب الحدود و التعزيرات

[الفرق بين الحد و التعزير]

كل ما له عقوبة مقدرة، يسمى حدا، و ما ليس كذلك، يسمى تعزيرا.

[أسباب الحدّ]

و اسباب الاول ستة: الزنا، و ما يتبعه، و القذف، و شرب الخمر، و السرقة، و قطع الطريق.

[أسباب التعزير]

و الثاني اربعة: البغي، و الردة، و اتيان البهائم، و ارتكاب ما سوى ذلك من المحارم (1).

______________________________

(1) اقول: «الحد» لغة المنع. و منه اخذ الحد الشرعي، لكونه ذريعة الى المنع عن فعل موجبه و شرعا عقوبة خاصة يتعلق بايلام البدن بواسطة تلبس المكلف بمعصية خاصة عين الشارع كميتها في جميع افراده، كما في الزنا مثلا.

و «التعزير» لغة التأديب. و شرعا عقوبة لا تقدير لها باصل الشرع غالبا.

و يرد على المصنف انه لم جعل عقوبة البغي و الردة من التعزير مع ان حكمهما القتل- و هو حد خاص-؟ و كان الاولى له عد ماله مقدر خاص- كيف كان- من اقسام الحدود و جعل سبب التعزير امرا و احدا و هو ارتكاب المحرم الذي لم ينصب له من قبل الشارع حد مخصوص.

و في المسالك ما حاصله: «ان الاصل في التعزير عدم التقدير و الاغلب في افراده كذلك لكن قد وردت الروايات بتقدير بعض افراده و ذلك في خمسة مواضع:

الاول- تعزير المجامع زوجته في نهار رمضان، مقدر بخمسة و عشرين سوطا.

الثاني- من تزوج امة على حرة و دخل بها قبل الاذن، ضرب اثنى عشر سوطا و نصفا، ثمن حد الزاني.

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 4

..........

______________________________

الثالث- المجتمعان تحت ازار واحد، مجردين، مقدر بثلاثين الى تسعة و تسعين، على قول.

الرابع- من اقتض بكرا بإصبعه، قال الشيخ: يجلد من ثلاثين الى سبعة و سبعين و قال المفيد من ثلاثين الى ثمانين و قال ابن ادريس من ثلاثين الى تسعة و تسعين.

الخامس- الرجل و المراة يوجدان في لحاف و احد و ازار، مجردين، يعزران

من عشرة الى تسعة و تسعين، قاله المفيد ...

و لقائل ان يقول: ليس من هذه، مقدر سوى الاولين، و الباقي يرجع- فيما بين الطرفين- الى رأي الحاكم» انتهى.

اقول: الحق- كما ذكره- عد الاولين حدا و مثلهما ما ورد في حد من يأتي امرأته- و هي حائض- اعني خمسة و عشرين سوطا، ربع حد الزاني «1» و من عد حد المجامع زوجته تعزيرا فكأنه جعل تاديب المفطر لصومه تعزيرا و المجامع احد امن مصاديقه، و لكن لا وجه لذلك، اذ المجامع- بنفسه- موضوع مستقل، قدر فيه العقوبة.

و يظهر ثمرة البحث بالنسبة الى الاحكام المترتبة على الحدود كدرء الحد عند الشبهة و عدم اليمين و الكفالة في الحد و جواز عفو الامام للحد الثابت بالاقرار دون البينة و نحو ذلك؛ فلا تترتب على التعزيرات.

و لكن قد يقال بان الحد كما قد يطلق قسيما للتعزير قد يطلق شاملا له مثل ما في الروايات الدالة على ان الله جعل لكل شي ء حدا و لمن تعدى ذلك الحد، حدا. كقوله في رواية ابن رباط، عن ابي عبد الله «ع» قال: قال رسول الله «ص»: ان الله- عز و جل- جعل لكل شي حدا و جعل على من تعدى حدا من حدود الله- عز و جل- حدا «2».

و مثل رواية سماعة، قال: سألته عن شهود زور، فقال: يجلدون حدا ليس له وقت فذلك الى الامام، الحديث. «3».

______________________________

(1)- راجع الوسائل ج 18 الباب 13 من ابواب بقية الحدود، الحديث 1 و 2

(2)- الوسائل ج 18 الباب 2 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 2

(3)- الوسائل ج 18 الباب 11 من ابواب بقية الحدود، الحديث 1

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 5

فلنفرد لكل قسم بابا

عدا ما يتداخل أو سبق.

[الباب الاول- في الزنا]

اشارة

الباب الاول- في حد الزنا، و النظر في الموجب و الحد و اللواحق.

[النظر الأوّل في الموجب لحدّ الزنا]

[في تعريف الزنا]

اما الموجب فهو ايلاج الانسان ذكره في فرج امرأة (محرمة خ. ل) من غير عقد و لا ملك و لا شبهة (1).

______________________________

و لكنه يجاب اولا بان الاطلاق اعم من الحقيقة، و لو سلم فاللفظ المشترك لا يجوز التمسك به فالاولى ان يتمسك بالفحوى و القاء الخصوصية إذ الظاهر ان الاحكام المذكورة احكام لمطلق العقوبات لا المقدرة منها فقط فتدبر.

ثم انه يجب اجراء الحدود الشرعية و يحرم تعطيلها و فيها فوائد كثيرة، ففي موثقة حنان، قال: قال ابو جعفر «ع»: حد يقام في الارض ازكى فيها من مطر اربعين ليلة و ايامها «1».

و في خبر السكوني، عن ابي عبد الله «ع» قال: قال رسول الله «ص»: اقامة حد خير من مطر اربعين صباحا «2».

و في مرفوعة حفص بن عون، قال رسول الله «ص»: ساعة امام عادل افضل من عبادة سبعين سنة و حد يقام لله في الارض افضل من مطر اربعين صباحا «3».

و في خبر ميثم، الوارد في المرأة التي اقرت عند امير المؤمنين «ع»: اللهم انه قد ثبت عليها اربع شهادات و انك قد قلت لنبيك فيما اخبرته من دينك: يا محمد! من عطل حدا من حدودي فقد عاندني و طلب بذلك مضادتي «4».

(1) اقول: كان الاولى ذكر الرجل بدل الانسان ليخرج الخنثى و لكنه يخرج كلتا آلتيها بقيد الذكر و الفرج، للشك في كونهما منهما، اللهم الا اذا كانت مشكلة و قلنا بكونها طبيعة ثالثة واجدة للآلتين فيصدق عليهما الذكر و الفرج. و لا يبعد ذلك و لذا نلتزم بحرمة النظر الى كلتيهما.

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 1 من ابواب مقدمات

الحدود، الحديث 2.

(2)- الوسائل ج 18 الباب 1 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 4.

(3)- الوسائل ج 18 الباب 1 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 5.

(4)- الوسائل ج 18 الباب 1 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 6.

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 6

..........

______________________________

و في المسالك ما حاصله: «انه يدخل في الانسان الصغير و المجنون و المكره و يمكن تكلف اخراجهم بقوله «في فرج محرمة» إذ لا تحريم في حقهم».

و يرد عليه اولا- عدم وجود لفظ المحرمة في بعض النسخ و ثانيا-

ان الزنا ليست حقيقة شرعية، بل هو مفهوم عرفي يصدق على عمل الصغير و المجنون و المكره أيضا، غاية الامر عدم ثبوت الحرمة و الحد فيهم؛ فالبلوغ و العقل و الاختيار غير مأخوذة في التعريف بل هي شرائط لثبوت الحرمة و الحد، و قد صرح المصنف بعد ذلك بالبلوغ و الاختيار و لم يذكر العقل، لما يأتي من الاختلاف في المجنون.

و هل يصدق في مورد الشبهة انه زنا- غاية الامر عدم الحرمة- اولا يصدق؟

و جهان. الظاهر الانصراف.

و في المسالك: «ضابط الشبهة المسقطة للحد توهم الفاعل او المفعول ان ذلك الفعل سائغ له لعموم ادرءوا الحدود بالشبهات».

و عن الرياض: «ما اوجبت ظن الاباحة» و عن كثير، تعريفها بانها الوطي الذي ليس بمستحق مع ظن الاستحقاق، و هذا قريب مما في الرياض، و قيل انها الوطي الذي ليس بمستحق مع عدم العلم بالتحريم.

و عن العلامة الطباطبائي في مصابيحه: «انها الوطي الذي ليس بمستحق في نفس الامر، مع اعتقاد فاعله الاستحقاق، او صدوره عنه بجهالة مغتفرة في الشرع، او مع ارتفاع التكليف بسبب غير محرم».

و مراده بالجهالة المغتفرة ان لا يعلم الاستحقاق و يكون النكاح مع ذلك جائزا كما في

الشبهة غير المحصورة او فيما اذا عول على اخبار المرأة بعدم الزوج او فوته او انقضاء العدة او نحو ذلك. و مراده بارتفاع التكليف، الجنون و النوم دون مثل شرب الخمر المسكر.

و مقتضى كلامه عدم ترتب الشبهة على الظن غير المعتبر- فضلا عن الاحتمال المساوي- فعلى قوله، يكون الشبهة، في مورد العلم بالحلية او قيام امارة معتبرة او اصل معتبر.

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 7

..........

______________________________

و لكن الالتزام بذلك مشكل، اذا الظاهر ان الذي يوجد فيه ملكة ترك الحرام المعلوم، اذا فرض ارتكابه بظن الحلية، يعد واطئا بالشبهة- و لو لم يكن الظن حجة- و ليست المسألة دائرة مدار تحقق العصيان و الاثم. فان الجهل عن تقصير في الشبهة الحكمية ليس عذرا يرتفع به الاثم و مع ذلك لا يثبت فيها الحد و يلحق الولد، و لذا قال المصنف: و يشترط في تعلق الحد العلم بالتحريم. ففي غير صورة العلم او ما يقوم مقامه يتحقق الشبهة.

و كان على المصنف تقييد الحرمة بالاصالة، فان المحرمة عارضا- لصوم او حيض او احرام او نذر او نحو ذلك- لا يصدق فيها الزنا.

ثم ان الزنا مما اجمع اهل الملل على تحريمه، حفظا للنسب و كان الواجب فيه في صدر الإسلام، الحبس و الايذاء.

قال الله- تعالى-:

«وَ اللّٰاتِي يَأْتِينَ الْفٰاحِشَةَ مِنْ نِسٰائِكُمْ، فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ، فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتّٰى يَتَوَفّٰاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّٰهُ لَهُنَّ سَبِيلًا* وَ الَّذٰانِ يَأْتِيٰانِهٰا مِنْكُمْ، فَآذُوهُمٰا، فَإِنْ تٰابٰا وَ أَصْلَحٰا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمٰا، إِنَّ اللّٰهَ كٰانَ تَوّٰاباً رَحِيماً» «1».

و الفاحشة اطلقت في القرآن الكريم على الزنا و اللواط بل و السحق، قال الله- تعالى-:

وَ لٰا تَقْرَبُوا الزِّنىٰ إِنَّهُ كٰانَ فٰاحِشَةً وَ سٰاءَ سَبِيلًا» «2».

و قال-

نقلا عن لوط لقومه-:

«أَ تَأْتُونَ الْفٰاحِشَةَ مٰا سَبَقَكُمْ بِهٰا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعٰالَمِينَ» «3».

و في الأخبار أن رجالهم كانوا يكتفون بالرجال، و النساء بالنساء.

و المحتملات بالنظر البدوي في الآيتين كثيرة:

الاول- ان يراد بالاولى الزنا و بالثانية اللواط، و هو المتبادر بالنظر البدوي.

______________________________

(1)- سورة النساء، الآية 16 و 15

(2)- سورة الاسراء، الآية 32

(3)- سورة الاعراف، الآية 80

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 8

[معنى تحقق الزنا و حكم مقطوع الحشفة]

و يتحقق ذلك بغيبوبة الحشفة (1)

______________________________

الثاني- ان يراد بالاولى السحق و بالثانية اللواط، و به قال ابو مسلم المفسر و قال: انهما غير منسوختين، و لا يخفى ما فيه.

الثالث- ان يراد بالاولى زنا الثيب بالثيب و يحمل على الزنا مع الاحصان و بالثانية زنا البكر بالبكر و يحمل على غير مورد الاحصان.

و على الثالث ورد الحديث، ففي تفسير نور الثقلين، عن تفسير العياشي، عن ابي بصير، عن ابي عبد الله «ع» قال: سألته عن هذه الآية: «وَ اللّٰاتِي يَأْتِينَ الْفٰاحِشَةَ مِنْ نِسٰائِكُمْ»- الى «سَبِيلًا» قال هذه منسوخة، قال قلت: كيف كانت؟ قال: كانت المرأة اذا فجرت فقام عليها اربعة شهود، ادخلت بيتا و لم تحدث و لم تتكلم و لم تجالس و اوتيت فيه بطعامها و شرابها حتى تموت. قلت فقوله «أَوْ يَجْعَلَ اللّٰهُ لَهُنَّ سَبِيلًا» قال: جعل السبيل، الجلد و الرجم و الامساك في البيوت. قال قوله: «وَ الَّذٰانِ يَأْتِيٰانِهٰا مِنْكُمْ» قال: يعني، البكر، اذا اتت الفاحشة التي اتتها هذه الثيب، «فَآذُوهُمٰا» قال: تحبس «فَإِنْ تٰابٰا وَ أَصْلَحٰا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمٰا إِنَّ اللّٰهَ كٰانَ تَوّٰاباً رَحِيماً» «1».

و كيف كان فالظاهر أنّ الآيتين منسوختان بقوله- تعالى-:

«الزّٰانِيَةُ وَ الزّٰانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وٰاحِدٍ مِنْهُمٰا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَ لٰا تَأْخُذْكُمْ بِهِمٰا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللّٰهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ

بِاللّٰهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ لْيَشْهَدْ عَذٰابَهُمٰا طٰائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ» «2».

و في حدود الخلاف- في المسألة 2- «روى عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله «ص»: خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا، البكر بالبكر، جلد مأئة و تغريب عام، و الثيب بالثيب، جلد مأئة و الرجم.»

و لا يخفى ان الملاك في الرجم و عدمه، الاحصان و عدم الاحصان، لا البكارة و الثيبوبة و لكن تحملان عليهما في هذا الحديث و في الحديث السابق من باب الغلبة.

(1) و لو كانت مقطوعة فهل يكفي مقدارها- بالقاء الخصوصية- او يعتبر الجميع، لظهور قوله- عليه السلام- في صحيحة محمد بن مسلم، عن احدهما «اذا ادخله

______________________________

(1)- تفسير نور الثقلين ج 1 ص 456

(2)- سورة النور، الاية 2

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 9

قبلا أو دبرا (1)

______________________________

فقد وجب الغسل و المهر و الرجم» «1» في اعتبار دخول الجميع، خرج منه من كان له حشفة، لقوله- عليه السلام-: «اذا التقى الختانان فقد وجب الغسل، فقلت: التقاء الختانين هو غيبوبة الحشفة؟ قال: نعم.» «2» و بقي الباقي؟

و لكن الظاهر كفاية المقدار بالقاء الخصوصية، اذ لا خصوصية للختان في المقام، بل يمكن القول بكفاية صدق الدخول باي مقدار كان، فتدبر.

(1) كما نسب الى المشهور، و عن الرياض «لم اجد فيه خلافا» و في حدود المختلف «قال الشيخان و ابن البراج: حكم الزنا بالمرأة في الدبر حكم الزنا في القبل، و هو المشهور أيضا، و قال ابن حمزة: و في الوطي في دبر المرأة قولان: احدهما ان يكون زنا، و هو الا ثبت. و الثاني ان يكون لواطا، و المشهور هو الاول، فتعين المصير اليه».

و في النهاية «و اذا شهد و ابا لوطي

في الدبر كان حكمه حكم الوطي في القبل سواء».

و لكنه- في صدر المسألة في تعريف الزنا- قال «و يكون الوطي في الفرج خاصة» اللهم الا ان يريد بالفرج، الاعم.

و في المقنعة «و من اقر بالفجور بامرأة في عجزها او شهد عليه بذلك اربعة شهود، وجب عليه من الحد ما يجب على من اقر بفجور امرأة في قبلها او شهد عليه الشهود بذلك، لا يختلف حكمه في الامرين جميعا و الحد فيهما على السواء».

و لكنه قال أيضا- في الصدر في تعريف الزنا- «اذا كان الوطي في الفرج خاصة دون ما سواه» اللهم الا ان يقال فيه ما قيل في كلام الشيخ.

و كيف كان فقد يستدل على الحاق العجز بالقبل باطلاق قوله «ع»- في الحديث السابق- «اذا ادخله فقد وجب الغسل و المهر و الرجم» و لا يخفى ما فيه و قد توقفنا في المسألة، في باب الغسل، لتعارض الروايتين- فراجع الباب 12 من ابواب الجنابة من الوسائل ج 1. و الاصل و الاحتياط هنا يقتضيان عدم ترتب حكم الزنا و لا حكم اللواط، فيثبت التعزير، اللهم الا ان يكون هنا اجماع.

______________________________

(1) الوسائل ج 1 الباب 6 من ابواب الجنابة الحديث 1

(2) الوسائل ج 1 الباب 6 من ابواب الجنابة الحديث 2

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 10

[شرائط الحد و الرجم و حكم وطي المحارم مع العقد عليها]

و يشترط في تعلق الحد، العلم بالتحريم، و الاختيار (1)، و البلوغ (2)

و في تعلق الرجم مضافا الى ذلك، الاحصان (3)

و لو تزوج محرمة- كالأم و المرضعة و المحصنة و زوجة الولد و الاب- فوطى مع الجهل بالتحريم فلا حد. و لا ينهض العقد- بانفراده- شبهة في سقوط الحد، و لو استاجرها للوطي لم يسقط بمجرده (4)

______________________________

(1) لوضوح اعتباره و

لقوله «ما استكرهوا عليه»- في حديث الرفع المشهور- مضافا الى الاخبار الكثيرة الواردة في المسألة. منها صحيحة ابي عبيدة، عن ابي جعفر «ع» قال: ان عليا «ع» اتي بامرأة مع رجل فجر بها فقالت: استكرهني و الله، يا امير المؤمنين! فدرأ عنها الحد، و لو سئل هؤلاء عن ذلك لقالوا: لا تصدق- و قد و الله، فعله امير المؤمنين «ع» «1».

(2) فليس على غير البالغ حد و لكن يعزر لمعلومية رفع القلم عنه و لصحيحة ابي بصير، عن ابي عبد الله «ع»- في غلام صغير لم يدرك ابن عشر سنين زنى بامرأة- قال «يجلد الغلام دون الحد و تجلد المرأة حدا كاملا»، الحديث. «2» و نحوها غيرها.

و لم يذكر العقل لما يأتي في المتن من الخلاف فيه.

(3) لما يأتي من الاخبار و الاجماع.

المسألتان واضحتان إذ لا تاثير لعقد النكاح او الاجارة في رفع الحد، بعد العلم بالتحريم. نعم حكي عن ابي حنيفة رفع الحد بهما، ففي الخلاف- المسألة 29- «اذا عقد النكاح على ذات محرم له- كأمه و بنته و اخته و خالته و عمته ...- مع العلم بالتحريم، فعليه القتل في وطي ذات محرم، و الحد في وطي الاجنبية و به قال الشافعي، الا انه لا يفصل، و قال ابو حنيفة لا حد في شي ء من هذا- حتى لو استاجر امرأة ليزني بها فزنى بها، لا حد عليه، فان استاجرها للخدمة فوطئها فعليه الحد، دليلنا اجماع الفرقة و اخبارهم».

و قال في المسألة 26 «اذا استاجر امرأة للوطي فوطئها لزمه الحد، و به قال

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 18 من ابواب حد الزنا الحديث 1 و ...

(2)- الوسائل ج 18 الباب 9 من ابواب

حد الزنا الحديث 1

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 11

و لو توهم الحل به سقط،

[يسقط الحد في كل موضع يتوهم الحل]

و كذا يسقط في كل موضع يتوهم الحل، كمن وجد على فراشه امرأة فظنها زوجته فوطئها، و لو تشبهت له فعليها الحد دونه، و في رواية (1) يقام عليها الحد جهرا و عليه سرا و هي متروكة، و كذا يسقط لو اباحته نفسها فتوهم الحل

[يسقط الحد مع الاكراه]

و يسقط الحد مع الاكراه و هو يتحقق في طرف المرأة قطعا و في تحققه في طرف الرجل تردد، و الاشبه امكانه لما يعرض من ميل الطبع المزجور بالشرع (2)

______________________________

الشافعي، و قال ابو حنيفة لا حد عليه، دليلنا اجماع الفرقة و اخبارهم ...»

و في الجواهر «و المحكي من كلامه لا يقبل الحمل على ارادة ما لا يعلم حرمته يقينا و ان كان هو حراما بمقتضى الاجتهاد- نحو ما صدر من الفاضل في النكاح، من تخصيص الزنا بالمعلوم حرمته اجماعا، كنكاح المحارم و نحوهن، دون ما كان محل خلاف- مع انه يجب حمل كلام الفاضل على ارادة عدم الحكم بالزنا على من نكح في المسائل الخلافية، لاحتمال تقليده من يرى الجواز، لا ان المراد عدمه ممن هو مجتهد في الحرمة او مقلد له».

(1) و هي رواية ابي روح، ان امرأة تشبهت بامة لرجل و ذلك ليلا فواقعها و هو يرى انها جاريته فرفع الى عمر فارسل الى علي «ع» فقال «اضرب الرجل حدا في السر و اضرب المرأة حدا في العلانية» «1». و سند الحديث يشتمل على مجاهيل فلذا ترك العمل به و ربما يوجه بان الرجل لعله كان متردد الا جازما حتى يكون شبهة، او بان الحكم بحد الرجل سرا، كان لمصلحة في صرف إنشائه لئلا يتخذ المستمعون وسيلة لدرء الحد عن انفسهم، فتدبر.

(2) في الجواهر «كأن القائل المزبور

لا حظ الا كراه بمعنى الحمل على ما يكرهه و لا يريده في نفس الامر لعدم تحقق الانتشار مع وجود الصارف الذي هو الكراهة، و فيه مع امكان فرضه و تحققه بدونه- بان يدخل الحشفة في الفرج و هو غير منتشر، كما انه يمكن فعله من غير تخويف حين انتشار الآلة بان يدخل الآلة المنتشرة

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 38 من ابواب حد الزنا، الحديث 1

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 12

[ثبوت المهر للمكرهة]

و يثبت للمكرهة على الواطئ مثل مهر نسائها، على الاظهر (1):

______________________________

قهرا على صاحبها في الفرج- ان ذلك غير معتبر في صدق الاكراه».

(1) لرواية طلحة بن زيد، عن جعفر، عن ابيه، عن علي «ع» قال: «اذا اغتصب امة فاقتضها فعليه عشر قيمتها و ان كانت حرة فعليه الصداق» «1».

و في المسالك «هذا هو المشهور بين الاصحاب، لان مهر المثل عوض البضع اذا كان محرما عاريا عن المهر كقيمة متلف المال، و البضع و ان لم يضمن بالفوات لكنه يضمن بالتفويت و الاستيفاء و لأنها ليست بغيا و النهي عن مهر البغي يدل على ثبوته لغيرها». هذا

و لكن الشيخ- قده- في موضع من الخلاف و موضع من المبسوط اختار عدم المهر، ففي الخلاف- المسألة 36- «اذا استكره امرأة على الزنا فلا حد عليها بلا خلاف و عليه الحد و لا مهر لها و به قال ابو حنيفة و قال الشافعي: لها مهر مثلها، دليلنا اجماع الفرقة و اخبارهم و أيضا ان الاصل براءة الذمة ... و روي عن النبي «ص» انه نهى عن مهر البغي». و الاستدلال الاخير عجيب.

و عن المبسوط «اذا استكره امرأة على الزنا فلا حد عليها لأنها ليست بزانية، و عليه

الحد لأنه زان، فاما المهر فلها مهر مثلها، عند قوم و قال آخرون لا مهر لها و هو مذهبنا لان الاصل براءة الذمة».

و الاسناد الى الاجماع و المذهب عجيب مع انه بنفسه خالف ماهنا في الخلاف و المبسوط أيضا، ففي الخلاف- المسألة 67 من الديات- «اذا وطئ امرأة مكرهة فافضاها وجب عليه الحد لأنه زان و وجب عليه مهرها لوطيها و وجب عليه الدية لأنه افضاها ...، دليلنا اجماع الفرقة و اخبارهم». و كذلك صرح بالمهر في مواضع من المبسوط، منها قوله في كتاب الصداق «ان اكره امرأة او وطئها شبهة فافضاها وجب المهر و الدية» و كيف كان فثبوت المهر واضح بعد ما عرفت.

و لو اكره الثالث فهل يرجع في المهر اليه او الى الواطئ مكرها و هو يرجع الى الثالث؟ و جهان. و لو كان احدهما مكرها دون الآخر فالظاهر أنّ الولد ملحق بالمكره و ان

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 39 من ابواب حد الزنا، الحديث 5

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 13

[في تعريف الاحصان]

و لا يثبت الاحصان الذي يجب معه الرجم، حتى يكون الواطئ بالغا، حرا، و يطأ في فرج مملوك بالعقد الدائم، او الرق، متمكن منه، يغدو عليه و يروح (1).

______________________________

كان الامرأة، نظير وطي الشبهة، او كون احدهما كافر الان الولد تابع لا شرفهما فتدبر.

(1) قال الراغب في المفردات: «الحصن جمعه حصون ... و الحصان في الجملة المحصنة اما بعفتها او تزوجها او بمانع من شرفها و حريتها، و يقال امرأة محصن و محصن، فالمحصن يقال اذا تصوّر حصنها من نفسها و المحصن يقال اذا تصور حصنها من غيرها ... و لهذا قيل: المحصنات المزوجات، تصورا ان زوجها هو الذى احصنها».

فهو بسيرته

في كتاب المفردات جعل الاصل كلمة الحصن الذي وضع لما يحفظ الانسان و يمنع اعدائه، و ارجع المشتقات اليه.

و في المسالك «الاحصان و التحصين في اللغة المنع. قال الله- تعالى- «لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ» «1» و قال «فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ» «2» و ورد في الشرع بمعنى الإسلام و بمعنى البلوغ و العقل و كل منهما قد قيل في تفسير قوله- تعالى- «فَإِذٰا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفٰاحِشَةٍ» «3» و بمعنى الحرية و منه قوله- تعالى-: «فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مٰا عَلَى الْمُحْصَنٰاتِ مِنَ الْعَذٰابِ» «4» يعني الحرائر و بمعنى التزوج و منه قوله- تعالى- «وَ الْمُحْصَنٰاتُ مِنَ النِّسٰاءِ إِلّٰا مٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُكُمْ» «5» يعني المنكوحات و بمعنى العفة عن الزنا و منه قوله- تعالى- «وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنٰاتِ» «6» و بمعنى الاصابة في النكاح و منه قوله- تعالى- «مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسٰافِحِينَ» «7» و يقال احصنت المرأة عفت، و احصنها: زوجها و هي محصنة و احصن الرجل: تزوج»

______________________________

(1)- سورة الانبياء، الاية 80

(2)- سورة الحشر، الاية 14

(3)- سورة النساء، الاية 25

(4)- سورة النساء، الاية 25

(5)- سورة النساء، الاية 24

(6)- سورة النور، الاية 4

(7)- سورة النساء الاية 24

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 14

..........

______________________________

و كيف كان فالمستفاد من المتن ان الشروط المعتبرة في الاحصان ستة: 1- بلوغ الواطئ 2- حريته 3- و طاه لأهله 4- ان يكون الوطي في الفرج 5- كون الفرج مملوكا له بالعقد الدائم او الملكية المأخوذ في ذاتها الدوام 6- ان يكون متمكنا منه، يغدو عليه و يروح. و اضاف في اللمعة شرطين آخرين: 1- عقل الواطئ 2- كون الاصابة لأهله معلومة بالإقرار أو البينة. و لم يذكر المصنف العقل لكونه محلا للخلاف، كما يأتي عن قريب. و

اما العلم بالاصابة فليس شرطا في عرض سائر الشروط بل طريق الاحراز.

اذا عرفت هذا فنقول اما بلوغ الواطئ فالظاهر منه بدوا، البلوغ عند الوطي الزنائي و لكن الظاهر اعتباره في الوطي الاحصاني الذي مع اهله أيضا، اما الاول فيدل على اعتباره- مضافا الى الاجماع و حديث رفع القلم- اخبار كثيرة:

منها رواية حماد بن عيسى، عن جعفر بن محمد، عن ابيه، عن علي- عليه السلام- قال «لا حد على مجنون حتى يفيق و لا على صبي حتى يدرك و لا على النائم حتى يستيقظ» «1».

و منها رواية ابي بصير، عن ابي عبد الله «ع»- في غلام صغير لم يدرك ابن عشر سنين زنى بامرأة- قال «يجلد الغلام دون الحد و تجلد المرأة الحد كاملا، قيل فان كانت محصنة؟ قال لا ترجم، لان الذي نكحها ليس بمدرك و لو كان مدركا رجمت» «2» و يراجع أيضا- مضافا الى البابين (الباب 8 من ابواب مقدمات الحدود و الباب 9 من ابواب حد الزنا)- الباب 6 من ابواب مقدمات الحدود من الوسائل.

و اما الوطي الاحصاني فالدليل على اعتبار البلوغ فيه، الاصل و الاستصحاب و الانصراف عن وطي غير البالغ و ما ورد من كون عمد الصبي خطأ و نحو ذلك، فلو وطئ اهله غير بالغ ثم ادرك و زنى لم يرجم.

و الحرية أيضا مثل البلوغ يشترط في الوطي الزنائي و الوطي الاحصانى معا،

______________________________

(1) الوسائل ج 18 الباب 8 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 1

(2)- الوسائل ج 18 الباب 9 من ابواب حد الزنا، الحديث 1

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 15

..........

______________________________

فالعبد و الامة اذا زنيا لا يرجمان، و لو وطئ زوجته في حال الرقية ثم اعتق و زنى قبل ان

يدخل باهله لم يرجم.

و يدل على الاول- مضافا الى الروايات الدالة على ان حد العبد و الامة نصف حد الحر مع ان الرجم لا ينصف- قوله- تعالى- «فَإِذٰا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفٰاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مٰا عَلَى الْمُحْصَنٰاتِ مِنَ الْعَذٰابِ» «1».

فان قلت ما هي فائدة الشرط هنا مع ان الاماء عليهن النصف سواء احصن أم لا؟

قلت لعل التعليق على الشرط من جهة انهن اذا لم يحصن كن غالبا يكرهن على البغاء، كما يستفاد من قوله- تعالى- «وَ لٰا تُكْرِهُوا فَتَيٰاتِكُمْ عَلَى الْبِغٰاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً» «2» و قد مر في عبارة المسالك حمل الاحصان هنا على الإسلام او البلوغ و العقل، فتدبر.

و يدل على الثاني، صحيحة ابي بصير، عن ابي عبد الله «ع» قال في العبد يتزوج الحرة ثم يعتق فيصيب فاحشة، قال: فقال: «لا رجم عليه حتى يواقع الحرة بعد ما يعتق ...»

«3» و اما الشرط الثالث- اعني وطأه لأهله- فيدل عليه روايات كثيرة: منها صحيحة رفاعة، قال: سألت ابا عبد الله «ع» عن الرجل يزني قبل ان يدخل باهله أ يرجم؟- قال: «لا» «4».

و اما الشرط الرابع فقد يقال بانصراف الفرج هنا الى القبل فلو وطئ اهله في الدبر ثم زنى لم يرجم، و ربما استشكل على ذلك بان لفظ الفرج كلما ذكر في الآيات و الروايات حمل على الاعم من القبل و الدبر و كذا لفظ الدخول او الادخال فلم خص هنا بالقبل؟ نعم لو فرض عدم تمكنه من وطي اهله قبلا يمكن القول بانصراف الادلة و اما لو تمكن منها قبلا و لكنه لم يدخل بها إلا دبرا فعموم قوله «و عنده ما يغنيه» يشمله

______________________________

(1)- سورة النساء، الاية 25

(2)- سورة

النور، الاية 33

(3)- الوسائل ج 18 الباب 7 من ابواب حد الزنا، الحديث 5

(4)- الوسائل ج 18 الباب 7 من ابواب حد الزنا، الحديث 1

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 16

..........

______________________________

و التمسك بالاصل و درء الحدود بالشبهات بلا اصل، إذ لا اصل للأصل مع العموم و كذا لا شبهة معه، فتدبر.

و اما الشرط الخامس و السادس فيدل عليهما روايات كثيرة- فراجع الوسائل الباب 2 و 3 من ابواب حد الزنا.

منها صحيحة اسماعيل بن جابر، عن ابي جعفر ( (ع)) قال: قلت: ما المحصن- رحمك الله؟- قال: ( (من كان له فرج، يغد و عليه و يروح، فهو محصن)) «1».

و منها موثقة اسحاق بن عمار، قال: سألت ابا ابراهيم «ع» عن الرجل، اذا هو زنى و عنده السرية و الامة يطأها، تحصنه الامة و تكون عنده؟ فقال «نعم، انما ذلك لان عنده ما يغنيه عن الزنا» قلت فان كانت عنده امة زعم انه لا يطأها؟ فقال لا يصدق، قلت فان كانت عنده امرأة متعة أ تحصنه؟ فقال: لا، انما هو على الشي ء الدائم عنده» «2».

و منها موثقة الاخر، قال قلت لأبي ابراهيم «ع»: الرجل تكون له الجارية، أ تحصنه؟ قال: فقال: نعم، انما هو على وجه الاستغناء، قال: قلت: و المرأة المتعة؟ قال فقال: لا، انما ذلك على الشي ء الدائم، قال: قلت فان زعم انه لم يكن يطأها؟ قال: فقال لا يصدق، و انما اوجب ذلك عليه لأنه يملكها» «3» و الظاهر اتحاد الخبرين، لاتحاد الراوي و المروي عنه و المضمون و استدل في ذيل الاخير بالملكية من جهة ان الملكية مساوقة للدوام فكل من العقد الدائم و الملكية يكفي لدوامه. و من هنا يستفاد عدم كفاية

التحليل، و ان ظن في الروضة كفايته. و اما المتعة فواضح عدم دوامها.

و منها رواية حريز، قال سألت ابا عبد الله «ع» عن المحصن، قال: فقال «الذي يزني و عنده ما يغنيه» «4».

و منها صحيحة محمد بن مسلم، قال: سمعت ابا عبد الله «ع» يقول: المغيب و المغيبة

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 2 من ابواب حد الزنا، الحديث 1

(2)- الوسائل ج 18 الباب 2 من ابواب حد الزنا، الحديث 2

(3)- الوسائل ج 18 الباب 2 من ابواب حد الزنا، الحديث 5

(4)- الوسائل ج 18 الباب 2 من ابواب حد الزنا، الحديث 4

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 17

..........

______________________________

ليس عليهما رجم الا ان يكون الرجل مع المرأة و المرأة مع الرجل» «1» الى غير ذلك من الاخبار.

نعم، هنا اخبار اخر، يستفاد منها عدم كفاية ملك اليمين، و افتى بمضمونها القديمان و الصدوق و سلار- رحمهم الله- على ما حكي عنهم. فمن الروايات، رواية محمد بن مسلم، قال سألت ابا جعفر «ع» عن الرجل يزني و لم يدخل باهله أ يحصن؟ قال: لا، و لا بالامة» «2» و في رواية اخرى عنه: «و كما لا تحصنه الامة و اليهودية و النصرانية ان زنى بحرة، كذلك لا يكون عليه حد المحصن، ان زنى بيهودية او نصرانية او امة و تحته حرة» «3» و حملتا على التقية من ابي حنيفة و متابعيه و حمل الشيخ، الاخيرة على المتعة، و يقربه عدم جواز تزويج اليهودية و النصرانية الامتعة، على المشهور. و كيف كان فما دل على كفاية الامة المملوكة اشهر، و هو الاقوى.

و قد تلخص من اخبار الباب ان الملاك في الاحصان، ان يكون الرجل مع المرأة و المرأة مع

الرجل، و ان يكون عنده ما يغنيه، و ان يكون له فرج يغد و عليه و يروح، و ان يكون مقيما معها في المصر التي هي فيه، تصل اليه و يصل اليها «4» و في رواية اخرى: «ا فحاضرا كان بعلك اذ فعلت ما فعلت أم غائبا كان عنك؟ قالت: بل حاضرا» «5» و في رواية اخرى: «ا لك زوجة؟ قال: بلى، قال: فمقيمة معك في البلد؟ قال: نعم.»

«6». و لا شك انه ليس المراد من المعية او العندية ان تذهب معه زوجته حيثما ذهب، و لو الى السوق او المزرعة مثلا، بل المراد تمكنه منها عرفا، و لو بالرحيل اليها من السوق او المزرعة او القرية المجاورة مثلا، و يشير الى ذلك لفظ «يغدو و يروح»، اذ

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 3 من ابواب حد الزنا، الحديث 1

(2)- الوسائل ج 18 الباب 7 من ابواب حد الزنا، الحديث 9

(3)- الوسائل ج 18 الباب 2 من ابواب حد الزنا الحديث 9

(4)- راجع الوسائل ج 18 الباب 27 من ابواب حد الزنا، الحديث 1

(5) الوسائل ج 18 الباب 16 من ابواب حد الزنا، الحديث 1

(6) الوسائل ج 18 الباب 16 من ابواب حد الزنا، الحديث 2

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 18

..........

______________________________

الرجل في اليوم غائب عن اهله معمولا و ليس الملاك صرف الاقامة في مصر واحد- و لو فرض عدم التمكن منها، كما اذا كان مسجونا او فرقوا بينه و بين زوجته قهرا.

فالملاك- كل الملاك- التمكن منها و كونها في اختياره اذا اراد- و لو بطي مسافة تستغرق ساعة او ساعتين، مثلا. و هذا الملاك يختلف بالنسبة الى الاشخاص و امكاناتهم، فرب رجل بعد منها

مراحل، و لكنه يتمكن من ان يغدو عليها و يروح- كلما شاء و لو بالوسائل العصرية الحديثة- و رب رجل اعمى و اعرج، لا يتمكن من ان يعود الى منزله اذ ابعد منه اميالا يسيرة.

و يمكن ان يقال: لا يكفي التمكن من ان يغدو و يروح، بل يعتبر فعليتهما. و كيف كان فلو شك في تحقق العنوان المعتبر فيمكن ان يستصحب عدم الاحصان، فيثبت الجلد فقط. اذ الحد و الرجم مشتركان في اعتبار مفهوم الزنا فيهما و يعتبر في الرجم شرط على حدة، و هو الاحصان، فاذا شك في وجوده يستصحب العدم، فيتحقق موضوع الجلد- اعني الزنا مع عدم الاحصان- و لا بأس باستصحاب العدم او الوجود، و لو كان منشأ الشك في البقاء الشك في سعة المفهوم و ضيقه. اللهم الا ان يقال ان الشك في الاحصان ناش من الشك في التمكن، فاذا كان التمكن موجودا سابقا، يستصحب بقائه كما انه يستصحب عدمه اذا سبق عدمه، فتدبر.

و مع جريان الاستصحاب الذي هو اصل محرز، يرتفع الشبهة، فلا يبقى مجال لإجراء قوله «ادرءوا الحدود بالشبهات» و ربما يقال اذا شك في الاحصان مفهوما، يكون المرجع اطلاق قوله- تعالى- «الزّٰانِيَةُ وَ الزّٰانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وٰاحِدٍ مِنْهُمٰا مِائَةَ جَلْدَةٍ ...»

«1» و لا بأس بهذا القول، فتدبر.

فرع: لا يعتبر في الاحصان، الإسلام، ففي صحيحة محمد بن مسلم: «... النصراني يحصن اليهودية و اليهودي يحصن النصرانية» «2». هذا مضافا الى الاطلاقات في النصوص و الفتاوى.

______________________________

(1)- سورة النور، الاية 2

(2)- الوسائل ج 18 الباب 5 من ابواب حد الزنا، الحديث 1

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 19

و في رواية مهجورة دون مسافة التقصير (1)

[ما يعتبر في الاحصان]

و في اعتبار كمال العقل خلاف، فلو

وطئ المجنون عاقلة وجب عليه الحدر جما (كان خ. ل) او جلدا. هذا اختيار الشيخين- رحمهما الله- و فيه تردد (2)

______________________________

(1) و هى رواية عمر بن يزيد و مرفوعة محمد بن الحسين «1» و عدم حجية الثانية واضحة، لعدم ذكر الراوي و المروي عنه، و اما رواية عمر بن يزيد ففي سندها عبد الرحمن بن حماد و هو مجهول، الا ان يقال ان نقل الاصحاب و روايتهم عنه يدل على اعتباره، و متن الرواية هكذا: «عمر بن يزيد، قال: قلت لأبي عبد الله «ع» اخبرني عن الغائب عن اهله، يزني، هل يرجم اذا كان له زوجة و هو غائب عنها؟ قال لا يرجم الغائب عن اهله، و لا المملك الذي لم يبن باهله، و لا صاحب المتعة. قلت: ففي اي حد سفره لا يكون محصنا؟ قال اذا قصر و افطر فليس بمحصن».

و لو لا اعراض الجل- بل الكل- عنه كان الاعتبار أيضا موافقا لمضمون الرواية، اذ السامع لعناوين الباب- و لا سيما لفظ المقيم و الحضور- ينقدح في ذهنه ان الحد المعتبر شرعا للتغرب عن الاهل و الوطن، هو المعيار في المقام أيضا. و الاحتياط يقتضي عدم رجم من بعد بمقدار السفر الشرعي، بناء على شمول عموم درء الشبهات، للشبهات الحكمية أيضا، كما هو الظاهر. فتدبر.

(2) قال المفيد في المقنعة: «و المجنون اذا زنى اقيم عليه الحد، فجلدان كان بكرا، و جلد و رجم ان كان محصنا و ليس حكمه حكم المجنونة لأنه يقصد الى الفعل بالشهوة، و المجنونة ربما كان الفعل بها و هي مغلوبة».

و في النهاية «فان زنى مجنون بامرأة كان عليه الحد تاما، جلد مأئة او الرجم».

و في حدود الخلاف- المسألة 6-

«اذا مكنت العاقلة المجنون من نفسها و وطئها لزمهما الحد، و ان وطئ المجنونة عاقل لزمه الحد و لم يلزمها الحد، و قال الشافعي يلزم الحد العاقل دون من ليس بعاقل في الموضعين».

و في المبسوط «و اصحابنا لم يراعوا كمال العقل، لأنهم رووا ان المجنون اذا زنى

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 4 من ابواب حد الزنا، الحديث 1 و 2

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 20

..........

______________________________

وجب عليه الرجم او الحد». مع انه قال قبل ذلك باسطر «و حد الاحصان عندنا هو كل حر بالغ كامل العقل كان له فرج يغدو اليه و يروح ...»

و في الخلاف أيضا ما يعارض العبارة السابقة، فقال- في المسألة 46-: «ليس من شرط احصان الرجم الإسلام بل شرطه الحرية و البلوغ و كمال العقل و الوطي في نكاح صحيح ...»

و في المقنع: «اذا زنت المجنونة لم تحد و اذا زنى المجنون حد»

و كيف كان، فيظهر من المفيد و الصدوق و الشيخ- في النهاية واحد موضعي الخلاف واحد موضعي المبسوط- انّ المجنون يحد و يرجم، و استدل لهم بخبر ابان بن تغلب، قال: قال: ابو عبد الله «ع»: اذا زنى المجنون او المعتوه جلد الحد و ان كان محصنا رجم، قلت: و ما الفرق بين المجنون و المجنونة و المعتوه و المعتوهة؟ فقال: ان المرأة انما تؤتى و الرجل يأتي و انما يزني اذا عقل كيف يأتي اللذة و ان المرأة انما تستكره و يفعل بها و هي لا تعقل ما يفعل بها «1» و في السند ابراهيم بن الفضل، و هو مجهول، فلا يمكن الاعتماد على الحديث و ربما يحمل على من يعتوره الجنون، و اما الدليل

المذكور فيه ففيه الخلط بين العقل و الغرائز الحيوانية، فان شهوة الجماع و الالتذاذ منه يوجد في الحيوانات أيضا.

و المشهور على اعتبار العقل في الجلد و الرجم، و يدل عليه روايات كثيرة، منها:

رواية حماد بن عيسى، عن جعفر بن محمد، عن ابيه، عن علي «ع» قال: لا حد على مجنون حتى يفيق و لا على صبي حتى يدرك و لا على النائم حتى يستيقظ «2» و منها ما ورد في اعتراض علي «ع» على حكم عمر بجلد المجنونة فقال «ع»: اما علمت ان هذه مجنونة آل فلان، و ان النبي «ص» قال: «رفع القلم عن المجنون حتى يفيق و انها مغلوبة على عقلها و نفسها ...» «3» و الاستدلال بالتعليل، و ما روي عن النبي «ص».

و منها: صحيحة فضيل بن يسار، قال سمعت ابا عبد الله «ع» يقول: لا حد لمن لا حد

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 21 من ابواب الزنا، الحديث 2

(2)- الوسائل ج 18 الباب 8 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 1

(3)- الوسائل ج 18 الباب 8 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 2

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 21

[سقوط الحد بادعاء الزوجية و معني الاحصان في المرأة]

و يسقط الحد بادعاء الزوجية و لا يكلف المدعي بينة و لا يمينا و كذا بدعوى ما يصلح شبهة بالنظر الى المدعي (1)

و الاحصان في المرأة كالا حصان في الرجل (2)

______________________________

عليه، يعني لو أن مجنونا قذف رجلا لم أر عليه شيئا و لو قذفه رجل فقال يا زان، لم يكن عليه حد «1»

و منها: ما دل على عدم الحد و ثبوت التعزير على المجنون الذي كان احد الخمسة الذين امر عمر بحدهم جميعا و قوله «... و اما الخامس فمجنون مغلوب على عقله» «2»

و

بالجملة فروايات نفي الحد عن المجنون اكثر، و القائل به المشهور، فهو الاقوى، فتدبر.

(1) كشراء الامة من مالكها مثلا. و الدليل على ذلك قوله «ص»: ادرءوا الحدود بالشبهات «3»

و يمكن ان يستدل أيضا، بما دل على قبول ادعاء الاكراه بالغاء خصوصية الاكراه، كصحيحة ابي عبيدة، عن ابي جعفر «ع» قال: ان عليا «ع» اتي امرأة مع رجل فجر بها فقالت: استكرهني و الله يا امير المؤمنين! فدرء عنها الحد، و لو سئل هؤلاء عن ذلك لقالوا لا تصدق، و قد- و الله- فعله امير المؤمنين «ع» «4» و نحوها من اخبار الاستكراه، فراجع الباب 18 من ابواب حد الزنا.

(2) بلا خلاف، بل عن الغنية، الاجماع عليه فيعتبر في احصانها ما اعتبر في احصانه. و في الجواهر: «لكن المراد من تمكنها من الزوج، ارادته الفعل على الوجه المزبور، لا ارادتها متى شاءت، ضرورة عدم كون ذلك حقا لها».

اقول: ليس ذلك حقا لها و لكنه يمكن لها ان تفعل ما يجلب نظر الرجل اليها، فلو كان الرجل لجوجا بالنسبة اليها و غير محب لها، بل يكون متنفرا عنها و لا يأتيها الا بمقدار أقلّ الواجب- اعني مرة في اربعة اشهر- و كان له ازواج اخر يستغني بهن

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 19 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 1

(2)- الوسائل ج 18 الباب 1 من ابواب حد الزنا، الحديث 16

(3)- الوسائل ج 18 الباب 24 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 4

(4)- الوسائل ج 18 الباب 18 من ابواب حد الزنا، الحديث 1

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 22

لكن يراعى فيها كمال العقل اجماعا، فلا رجم و لا حد على مجنونة في حال الزنا (1) و لو كانت محصنة،

و ان زنى بها العاقل.

[حكم المطلقة رجعية]

و لا تخرج المطلقة رجعية عن الاحصان (2)

______________________________

عنها فيمكن ان لا يصدق الاحصان فيها، و لعله يستفاد ذلك من قوله «ع» في خبر ابي عبيدة، عن ابي عبد الله «ع» قال: سألته عن امرأة تزوجت رجلا و لها زوج، قال: فقال: ان كان زوجها الاول مقيما معها في المصر التي هي فيه، تصل اليه و يصل اليها، فان عليها ما على الزاني المحصن، الرجم، و ان كان زوجها الاول غائبا عنها او كان مقيما معها في المصر، لا يصل اليها و لا تصل اليه، فان عليها ما على الزانية غير المحصنة و لا لعان بينهما ... «1» فان قوله «تصل اليه و يصل اليها» لا يصدق بالنسبة الى المرأة التي ترك زوجها وطئها و يستغني بغيرها عنها، فتدبر.

(1) اجماعا، و يدل عليه اخبار كثيرة متفرقة في ابواب مختلفة، منها: صحيحة محمد بن مسلم، عن احدهما- في امرأة مجنونة زنت- قال: «انها لا تملك امرها ليس عليها شي ء» و منها: خبر ابان بن تغلب السابق «2» نعم تعزر لو كانت مميزة مختارة و كذا في المجنون.

(2) لخبر يزيد الكناسي، قال: سألت ابا عبد الله «ع» عن امرأة تزوجت في عدتها، فقال: ان كانت تزوجت في عدة طلاق لزوجها عليها الرجعة فان عليها الرجم، و ان كانت تزوجت في عدة ليس لزوجها عليها الرجعة فان عليها حد الزاني غير المحصن، و ان كانت تزوجت في عدة بعد موت زوجها من قبل انقضاء الاربعة اشهر و العشرة ايام فلا رجم عليها و عليها ضرب مأئة جلدة ...» «3» ففصل في الحديث بين الرجعية و البائنة، و هو الموافق لما مر في تعريف الاحصان،

اذ المطلقة رجعية زوجة.

فان قلت: الرجوع حق للرجل لا للمرأة.

قلت: نعم و لكن المرأة هنا مثل الزوجة، و قد عرفت انها و ان لم يكن لها حق عليه

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 27 من ابواب حد الزنا، الحديث 1

(2)- الوسائل ج 18 الباب 21 من ابواب حد الزنا، الحديث 1 و 2

(3)- الوسائل ج 18 الباب 27 من ابواب حد الزنا، الحديث 3

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 23

و لو تزوجت عالمة كان عليها الحد تاما، و كذا الزوج ان علم التحريم و العدة، و لو جهل فلا حد، و لو كان احدهما عالما حد حدا تاما دون الجاهل، و لو ادعى احدهما الجهالة قبل اذا كان ممكنا في حقه.

[تخرج المراة بالطلاق البائن عن الاحصان]

و تخرج بالطلاق البائن عن الاحصان، و لو راجع المخالع لم يتوجه عليه الرجم الا بعد الوطي (1) و كذا المملوك لو اعتق و المكاتب اذا تحرر (2)

[حد الاعمى]

و يجب الحد على الاعمى، فان ادعى الشبهة، قيل: لا يقبل، و الاشبه القبول مع الاحتمال.

______________________________

الا انها يمكن ان تفعل ما يوجب انجذاب الرجل اليها، و قد عبر عن ذلك بقوله- عليه السلام- «تصل اليه و يصل اليها» و هذا المعنى محقق في المطلقة رجعية أيضا بخلاف البائن.

و هنا روايتان مطلقتان يجب حملهما على الرواية المفصلة، فالأولى: موثقة عمار، عن ابي عبد الله «ع»- عن رجل كانت له امرأة فطلقها او ماتت فزنى- قال: عليه الرجم. و عن امرأة كان لها زوج فطلقها او مات ثم زنت، عليها الرجم؟ قال: نعم «1» و في الوسائل: حمل الشيخ حكم الرجل على كون الطلاق رجعيا او على وجود زوجة اخرى، و حمل حكم المرأة على كون الطلاق رجعيا، و حمل حكم الوفاة على الوهم من الراوي.

اقول: الوهم في روايات عمار كثير، و يمكن ان يكون كلمة «ماتت» محرفة «بانت» بقرينة الرواية الثانية، و هي رواية علي بن جعفر، عن اخيه «ع» قال: سألته عن رجل طلق او بانت امرأته، ثم زنى، ما عليه؟ قال: الرجم، و عن امرأة طلقت فزنت بعد ما طلقت، هل عليها الرجم؟ قال: نعم «2»

(1) لأنها بحكم الزوجة الجديدة، و قد عرفت اشتراط الوطي فيها.

(2) لصحيحة ابي بصير، و قد مرت.

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 27 من ابواب حد الزنا، الحديث 8

(2)- الوسائل ج 18 الباب 6 من ابواب حد الزنا، الحديث 1 و 2

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 24

[ثبوت الزنا بالإقرار او البيّنة و شرائط الإقرار]

و يثبت الزنا بالاقرار او البينة (1) اما الاقرار، فيشترط فيه بلوغ المقر و كماله و الاختيار و الحرية (2) و تكرار الاقرار اربعا في اربعة مجالس (3)

______________________________

(1) لعله يظهر بدوا من عبارة

المصنف عدم جواز حكم الحاكم بعلمه، لكنه- قدس سره- قال في كتاب القضاء: «الامام يقضي بعلمه مطلقا و غيره من القضاة يقضي بعلمه في حقوق الناس، و في حقوق الله على قولين، اصحهما القضاء» و يأتي منه الاشارة الى المسألة- في المسألة الخامسة من المسائل العشر- و نتعرض لها تفصيلا هناك، فانتظر، و اما البينة و الاقرار فحجيتهما ثابتة بلا اشكال و لا خلاف، و انما البحث في شرائطهما.

(2) اما البلوغ و العقل، فقد مر اشتراطهما فلا يحد الصبي و المجنون، نعم يؤدب الصبي اما لعمله او لكذبه، و في رواية يزيد الكناسي، عن ابي جعفر «ع» قال: قلت: الغلام اذا زوجه ابوه و دخل باهله- و هو غير مدرك- أ تقام عليه الحدود على تلك الحال؟

قال: اما الحدود الكاملة التي يؤخذ بها الرجال فلا، و لكن يجلد في الحدود- كلها- على مبلغ سنه و لا تبطل حدود الله في خلقه ... «1»

و اما الاختيار، فلا خلاف فيه و لا اشكال، و يدل عليه ما رواه ابو البختري، عن ابي عبد الله «ع» ان امير المؤمنين «ع» قال: من اقر عند تجريد او تخويف او حبس او تهديد، فلا حد عليه «2»

و اما الحرية، فلان العبد ملك لغيره، فاقراره ليس على نفسه فقط بل على غيره، فلو صدقه المولى قبل اقراره و لو اعتق فهل يكفي اقراره السابق في اجراء الحد عليه او يحتاج الى اقرار جديد؟ فيه و جهان.

(3) هذان شرطان آخران: الاول اشتراط الاربعة، الثاني اشتراط كونها في اربعة مجالس اما الاول، فهو المشهور عند نابل لا قائل بالخلاف الا ما نسب الى ابن ابي

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 6 من ابواب

مقدمات الحدود، الحديث 1

(2)- الوسائل ج 18 الباب 7 من ابواب حد السرقة، الحديث 2

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 25

..........

______________________________

عقيل من كفاية الواحد، و اما في اهل الخلاف فالمسألة خلافية، ففي المسألة السادسة- عشرة من الخلاف: «لا يجب الحد بالزنا الا باقرار اربع مرات في اربعة مجالس، فاما دفعة واحدة فلا يثبت به على حال، و به قال ابو حنيفة، و قال الشافعي: اذا اقر دفعة واحدة لزمه الحد بكرا كان او ثيبا، و به قال- في الصحابة- ابو بكر و عمر و في الفقهاء حماد بن ابي سليمان و مالك، و قال ابن ابي ليلى: لا يثبت الا بان يعترف اربع مرات سواء كان في اربعة مجالس او مجلس واحد، دلينا اجماع الفرقة و اخبارهم ...»

و يدل على الحكم، الاخبار المروية عن طرق الفريقين فمنها: ما ورد في قصة ماعز بن مالك- بطرقهما- ففي التاج الجامع للأصول (ج 3 كتاب الحدود ص 25) «و جاء ماعز الا سلمي الى النبي «ص» فقال: انه قد زنى فاعرض عنه، ثم جاء من شقه الآخر فقال: انه زنى فاعرض عنه، ثم جاء من شقه الآخر فقال: انه قد زنى، فامر به في الرابعة فاخرج الى الحرة فرجم بالحجارة فلما وجد مس الحجارة فر، يشتد، فلقيه رجل معه لحي جمل فضربه به و ضربه الناس حتى مات فذكروا ذلك للنبي فقال: هلا تركتموه، و في رواية قال له ابك جنون؟ قال: لا، و في اخرى، لعلك قبلت او غمزت او نظرت قال: لا، قال: احصنت؟ قال: نعم، فامر برجمه، و في رواية: فاختلفت فيه الصحابة فقال رسول الله «ص» لقد تاب توبة لو قسمت بين امة لو

سعتهم، رواه الخمسة و لفظه للترمذي» انتهى ما في التاج.

و في المسالك- بعد نقل الحديث- «قال- صلى الله عليه و آله-: انكتها لا تكني؟ قال: نعم، قال كما يغيب المرود في المكحلة و الرشا في البئر؟ قال: نعم، قال: فهل تدري ما الزنا؟ قال: نعم اتيت منها حراما ما يأتي الرجل من امرأته حلالا، قال: ما تريد بهذا القول؟ قال: اريد ان تطهرني .... و في بعض الفاظ الحديث: شهدت على نفسك اربع شهادات، اذهبوا به فارجموه، و في رواية اخرى: انه لما اعترف ثلاث مرات قال له: ان اعترفت الرابعة رجمتك، فاعترف الرابعة» انتهى ما في المسالك.

و قد ورد قصة ما عز بن مالك بطرقنا أيضا، كما في الوسائل الباب 15 من ابواب حد الزنا، الحديث 1 و 2، فراجع.

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 26

..........

______________________________

و منها: ما ورد في قصة المرأة التي جاءت الى علي «ع» و قالت اني زنيت و سألها علي «ع» عن خصوصيات و شهدت مرات في مجالس متعددة و قال «ع»: اللهم انها شهادة ... اللهم انهما شهادتان ... اللهم هذه ثلاث شهادات ... اللهم انه قد ثبت عليها اربع شهادات، ثم رجمها «1»

و كذلك ما ورد في قصة رجل من مزينة، حيث اقر عنده- عليه السلام- اربع مرات، فلما اقر اربع مرات قال امير المؤمنين «ع» لقنبر: احتفظ به، و رجمه «2»

و منها: ما رواه جميل، عن ابي عبد الله «ع» قال: لا يقطع السارق حتى يقر بالسرقة مرتين، و لا يرجم الزاني حتى يقر اربع مرات «3»

و منها: ما رواه جميل، عن بعض اصحابنا عن احدهما: «... و قال لا يرجم الزاني حتى يقر اربع مرات بالزنا اذا

لم يكن شهود، فان رجع ترك و لم يرجم «4».

نعم في رواية الفضيل قال: سمعت ابا عبد الله «ع» يقول: من اقر على نفسه عند الامام بحق من حدود الله مرة واحدة حرا كان او عبدا او حرة كانت او امة فعلى الامام ان يقيم الحد عليه للذي أقر به على نفسه كائنا من كان الا الزاني المحصن، فانه لا يرجمه حتى يشهد عليه اربعة شهداء فاذا شهدوا ضربه الحد، مأئة جلدة ثم يرجمه ...» «5» و بهذا يستدل لابن ابي عقيل.

و فيه ان الحديث مشتمل على امور لا يلتزم به احد، فاولا: على عدم الفرق بين الحر و العبد مع ان اقرار العبد لا يقبل الا مع تصديق المولى، و ثانيا: على التفصيل بين الجلد و الرجم، و هذا مما لم يقل به احد حتى ابن ابي عقيل، و ثالثا: على عدم ثبوت الرجم الا بالشهود، مع انه يثبت بالاقرار أيضا، و على اي حال يحمل الحديث- بقرينة ما سبق من الاخبار- على غير ما يشترط فيه التعدد، هذا.

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 16 من ابواب حد الزنا، الحديث 1

(2)- الوسائل ج 18 الباب 16 من ابواب حد الزنا، الحديث 2

(3)- الوسائل ج 18 الباب 16 من ابواب حد الزنا، الحديث 3

(4)- الوسائل ج 18 الباب 12 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 5

(5)- الوسائل ج 18 الباب 32 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 1

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 27

..........

______________________________

و لكن هنا امر و هوان كل ما دل على اشتراط التعدد في الاقرار في المقام وارد في مورد الرجم، فلا نجد حديثا يدل على اشتراط تعدد الاقرار في غير مورد الاحصان، فلعل الرجم لشدته اشترط

فيه تعدد الاقرار، فحمل مورد الجلد على مورد الرجم بلا وجه، فلا يبقى في باب الجلد الا الاجماع المدعى و الشهرة المحصلة، فتدبر.

و يمكن ان يستأنس للزوم تعدد الاقرار اربعا من باب الشهادة، فكما ان الشهادة في باب الزنا يخالف الشهادة في غيره فيشترط كون الشهود اربعا فكذلك الاقرار، و قد سمي الاقرار- في الكتاب العزيز و في الروايات- شهادة، فانظر الى قوله- تعالى-:

«وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوٰاجَهُمْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدٰاءُ إِلّٰا أَنْفُسُهُمْ فَشَهٰادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهٰادٰاتٍ بِاللّٰهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصّٰادِقِينَ» «1»

و الى ما مر من قول علي «ع»: اللهم انها شهادة ... اللهم انهما شهادتان ...

و على اي حال، فالظاهر اشتراط الاربعة و لو في الجلد، و به افتى المشهور في كتبهم المعدة لنقل الفتاوى المأثورة عن الائمة- عليهم السلام- كما سيأتي بعضها آنفا.

هذا كله بالنسبة الى الشرط الاول، و اما الثاني- اعني كون الاقرار في اربعة مجالس- فبه افتى الشيخ في الخلاف و المبسوط و ابن حمزة في الوسيلة و قد مر عبارة الخلاف.

و في المبسوط: «لا يثبت حد الزنا الا بالاقرار اربع مرات من الزاني في اربعة مجالس متفرقة، و به قال جماعة، و قال قوم: يثبت باقراره دفعة واحدة- كسائر الاقرارات- و اعتبر قوم اربع مرات سواء كان في مجلس واحد او مجالس متفرقة».

و في الوسيلة: «و اما ثبوته باقرار الفاعل فيصح باربعة شروط: باقرار الفاعل اربع مرات في مجالس متفرقات ...»

و المشهور اطلقوا اشتراط الاربع، ففي الهداية: «لا يحد الزاني حتى يشهد عليه اربعة شهود عدول او يقر على نفسه اربع مرات».

______________________________

(1)- سورة النور، الاية 6

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 28

[وجوب التعزير في الإقرار دون الأربعة]

و لو اقر دون الاربع لم يجب

الحد و وجب التعزير (1) و لو اقر اربعا في مجلس واحد، قال في الخلاف و المبسوط: لا يثبت، و فيه تردد.

و يستوي في ذلك الرجل و المرأة.

______________________________

و في المقنعة: «و اذا اقر الانسان على نفسه بالزنا اربع مرات على اختيار منه للإقرار وجب عليه الحد».

و في المراسم: «فان اقر على نفسه اربع مرات حد أيضا».

و في النهاية: «و يثبت حكم الزنا بشيئين: احدهما باقرار الفاعل بذلك على نفسه مع كمال عقله من غير اكراه و لا اجبار اربع مرات دفعة بعد اخرى».

و كيف كان، فيمكن ان يستدل على اشتراط تعدد المجالس بالإجماع المدعى في الخلاف، بناء على رجوعه الى كلتا المسألتين، و بتعدد المجالس في قصة ماعز بن مالك و قصة المراة التي اقرت بالزنا عند علي «ع» و فيه ان الاجماع لعله يرتبط بالمسألة الاولى فقط- اعني اشتراط الاقرار اربعا- كيف و لم يشترط كون المجالس اربعة الا الشيخ في كتابيه و ابن حمزة في الوسيلة، و المشهور على خلافه حتى نفس الشيخ في نهايته، و تعدد المجالس في القصتين من باب الاتفاق و لذا قال علي «ع» في قصة المرأة:

«اللهم انه قد ثبت عليها اربع شهادات» و لم يقل: «اربع شهادات في اربعة مجالس».

نعم هنا شي ء و هو ان المرأة في صدرا لحديث اقرت مرتين في المجلس الاول و مع ذلك قال علي «ع»: «اللهم انها شهادة» اللهم الا ان يناقش في سند الحديث. و بالجملة فلا دليل على اشتراط تعدد المجالس، و اطلاق الفتاوى و النصوص- و منها صحيحة جميل و مرسلته المتقدمتان- يقتضي عدم الاشتراط، فتدبر.

(1) كما عن الشيخين و القواعد و ابن ادريس، ففي المقنعة: «و ان اقر مرة

او مرتين او ثلثا لم يجب عليه حد بهذا الاقرار و للإمام ان يؤدبه باقراره على نفسه حسب ما يراه».

و في النهاية: «و ان أقر أقل من ذلك او اقر اربع مرات بوطي مادون الفرج لم يحكم عليه بالزنا و كان عليه التعزير حسب ما يراه الامام».

و استدل لذلك بعموم ادلة الاقرار و بانه تشييع للفاحشة.

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 29

[حكم إشارة الأخرس]

و يقوم الاشارة المفيدة للإقرار في الاخرس مقام النطق (1)

______________________________

و يرد على الاول ان الاقرار كان بالزنا و قد ثبت بالدليل اشتراطه بالاربعة، فان قلت: الاقرار بالزنا اقرار بطبيعة العصيان و الفسق في ضمنه و لا دليل على اشتراطها بالاربعة. قلت: الجنس امر انتزاعى جامع بين الانواع، و ما هو المحقق خارجا هو انواع العصيان من الزنا و اللواط و السحق و امثالها، و قد فرض اشتراط المقرّ به بالاربعة.

و يرد على الثاني ان الاقرار يقع للتطهير فلا يكون تشييعا للفاحشة، و الاصل براءة الذمة من التعزير، كيف و لو كان ثابتا فلم لم يعزر النبي «ص» و علي «ع» ما عزا و المراة المقرة مع ما وقع من التراخي بين الأقارير؟ و لو فرض علمهما بتعقب الاقارير الاربعة فلا يوجب ذلك نفي التعزير على فرض ثبوت موضوعه، فتردد الأردبيلي و الفاضل الاصفهاني في المسألة موجه.

اللهم الا ان يقال- بعد اللتيا و التي- فالمقر اما صادق و اما كاذب فيستحق التنبيه اما لفعله او لكذبه، نعم للحاكم عفوه مع التوبة، و عدم تعزير النبي «ص» و علي «ع» ما عزا و المراة المقرة اعم من عدم استحقاقهما، فلعلهما عفيا عنهما، فتدبر.

(1) في الخلاف- المسألة 21- «اذا اقر الاخرس باشارة معقولة (مقبولة خ.

ل) لزمه الحد،

و كذلك اذا اقر بقتل العمد لزمه القود، و به قال الشافعي، و قال ابو حنيفة:

لا يلزمه الحد و لا القتل، دليلنا عموم الاخبار الواردة في ان المقر بالزنا و بالقتل يجب عليه الحد و القود، و الاخرس اذا اقر بالاشارة سمي ذلك اقرارا، أ لا ترى انه لو اقر بمال لغيره لزمه ذلك بلا خلاف و لا خلاف أيضا انه يصح طلاقه».

و خلاصة الاستدلال: انه اذا ترتب حكم على الاقرار فاقرار كل شخص بحسبه، و يشهد لذلك ما ورد في صلاة الاخرس و طلاقه، فعن ابي عبد الله «ع» تلبية الاخرس و تشهده و قراءته القران في الصلاة تحريك لسانه و اشارته باصبعه «1».

و عن قرب الاسناد: سمعت جعفر بن محمد «ع» يقول انك قد ترى من المحرم من العجم لا يراد منه ما يراد من العالم الفصيح، و كذلك الاخرس في القراءة في الصلاة و التشهد و ما اشبه ذلك، فهذا بمنزلة العجم ... «2» و عن النهاية- لابن الاثير- «الناقة

______________________________

(1)- الوسائل ج 4 الباب 59 من ابواب القراءة، الحديث 1

(2)- الوسائل ج 4 الباب 59 من ابواب القراءة، الحديث 2

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 30

[حكم ما لو قال زنيت بفلانة]

و لو قال: زنيت بفلانة لم يثبت الزنا في طرفه حتى يكرره اربعا و هل يثبت القذف للمرأة؟ فيه تردد (1)

______________________________

المحرمة التي لم تركب و لم تذلل» فالمراد من المحرم من العجم الذي لم يرب و لم يعلم.

و روى المشايخ الثلاث عن البزنطي، انه سأل ابا الحسن الرضا «ع» عن الرجل تكون عنده المراة يصمت و لا يتكلم قال: اخرس هو؟ قلت: نعم و يعلم منه بغض لامرأته و كراهة لها أ يجوز ان يطلق عنه

وليه؟ قال: لا، و لكن يكتب و يشهد على ذلك، قلت: فانه لا يكتب و لا يسمع كيف يطلقها؟ قال: بالذي يعرف به من افعاله مثلما ذكرت من كراهته و بغضه لها»

و روى الكليني باسناده عن يونس، في رجل اخرس كتب في الارض بطلاق امرأته قال: اذا فعل في قبل الطهر بشهود و فهم عنه كما يفهم عن مثله و يريد الطلاق جاز طلاقه على السنة «1»

و اذا احتاج فعل الاخرس الى مترجم فهل يكفي مترجمان او يحتاج الى الاربع؟

الاقوى كفاية الاثنين، لا طلاق دليل حجية البينة، و مثله اذا شهد البينة بالاقارير الاربعة فانها تثبت بها على الاقوى، فتدبر.

(1) من ان ظاهره القذف لها و الهتك لحرمتها، و يؤيد ذلك بما رواه السكوني، عن جعفر، عن ابيه، عن علي «ع» قال: قال رسول الله «ص» لا تسألوا الفاجرة من فجر بك، فكما هان عليها الفجور يهون عليها ان ترمي البري ء المسلم «2» و بهذا الاسناد عن علي «ع» قال: اذا سألت الفاجرة من فجر بك فقالت فلان جلدتها حدين: حدا للفجور و حدا لفريتها على الرجل المسلم «3»

و يدل عليه أيضا ما رواه سهل بن سعد، ان رجلا اتى النبي «ص» فاعترف انه زنى بامراة سماها فبعث النبي اليها فسألها فانكرت فجلده الحد و تركها، و في رواية و كان بكرا فجلده مأئة و سأله البينة على المرأة فعجز و كذبته فجلده حد الفرية، ثمانين. رواه ابو

______________________________

(1)- الوسائل ج 15 الباب 19 من ابواب مقدمات الطلاق، الحديث 1 و 4

(2)- الوسائل ج 18 الباب 41 من ابواب حد الزنا، الحديث 1

(3)- الوسائل ج 18 الباب 41 من ابواب حد الزنا، الحديث 2

كتاب

الحدود (للمنتظري)، ص: 31

[لو اقر بحد و لم يبيّنه]

و لو اقر بحد و لم يبينه لم يكلف البيان و ضرب حتى ينهى عن نفسه و قيل لا يتجاوز به المائة و لا ينقص عن ثمانين و ربما كان صوابا في طرف الكثرة و لكن ليس بصواب في طرف النقصان لجواز ان يريد بالحد التعزير (1)

______________________________

داود و النسائي «1»

و من ان نسبة الزنا الى نفسه لا تستلزم زناها، لاحتمال الاشتباه او الاكراه في طرفها، و ربما كان في صحيحة محمد بن مسلم، عن ابي جعفر «ع» في رجل قال لا مرأته يا زانية انا زنيت بك قال: عليه حد و احد لقذفه اياها و اما قوله انا زنيت بك فلا حد فيه الا ان يشهد على نفسه اربع شهادات بالزنا عند الامام «2» نوع ايماء الى عدم القذف بالقول المزبور، اللهم الا ان يقال عدم سببيته للقذف لسببية قوله يا زانية قبل ذلك.

و كيف كان، فالأقوى عدم ثبوت القذف بذلك لما مر من ان لازمه اعم من زناها، و فرق واضح بين هذا القول و بين قولها فجر بي فلان، لان هذا القول صريح في نسبة الفجور الى الغير.

و ما في المسالك من ان الوجه ثبوت القذف بذلك لان الاصل عدم الشبهة و الاكراه ففيه ان الاصل لا يثبت موضوع القذف بعد كون اللازم من اللفظ اعم، نعم يمكن القول بثبوت التعزير لإيذائه المرأة و هتكه لعرضها بذكرها.

(1) اقول: في المسألة وجوه اربعة:

الاول: ان يقال انه لا يكلف البيان و لا يضرب الحد، للأصل و لدرء الحدود بالشبهات و لما ورد في قصة ما عز من ترديد جزم المقر فكيف بالساكت، و لما رووه عن انس بن مالك قال:

كنت عند النبي «ص» فجائه رجل فقال: يا رسول الله اني اصبت حدا فاقمه علي و لم يسمه فحضرت الصلاة فصلى النبي «ص» الصلاة فقام اليه الرجل فقال: يا رسول الله انا اصبت حدا فاقم في حد الله قال: أ ليس قد صليت معنا؟ قال: نعم،

______________________________

(1)- التاج ج 3 ص 29

(2)- الوسائل ج 18 الباب 13 من ابواب حد القذف، الحديث 1

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 32

..........

______________________________

قال فان الله قد غفر لك ذنبك وحدك «1» و لما روي عنه «ص» انه قال: «من اتى من هذه القاذورات شيئا فستر ستره الله و ان من بدا صفحته اقمنا عليه الحد» و لما روي عن علي «ع»- في ذيل قصة رجل من مزينة اقر عنده بالزنا-: «ما اقبح بالرجل منكم ان يأتي بعض هذه الفواحش فيفضح نفسه على رءوس الملأ أ فلا تاب في بيته، فو الله لتوبته فيما بينه و بين الله افضل من اقامتي عليه الحد «2».

الثاني: ان يقال انه يكلف البيان، لما دل على عدم جواز تعطيل حدود الله و الفرض اقراره بحق له- تعالى- فيكلف البيان، كما لو اقر بحق لآدمي و الاصل لا يجري مع الدليل، و كون المقام من الشبهة ممنوع، و ترديد ما عز كان قبل ثبوت الحق عليه، و خبر انس ليس من طرقنا، و قول النبي «ص» و امير المؤمنين «ع» في مقام بيان عدم صدور الاقرار المثبت للذنب، لا فيما بعد ثبوته.

الثالث: انه يضرب حتى ينهى عن نفسه فيكون مقدار الجلد محولا بنظره، لما رواه محمد بن يعقوب، عن عدة من اصحابنا عن سهل بن زياد و عن علي بن ابراهيم، عن ابيه جميعا عن ابن ابي

نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمد بن قيس، عن ابي جعفر «ع»، عن امير المؤمنين «ع»- في رجل اقر على نفسه بحد و لم يسم اي حد هو؟- قال: امر ان يجلد حتى يكون هو الذي ينهى نفسه في الحد. و رواه الشيخ، عن سهل بن زياد، عن ابن ابي نجران «3» و لا يخفى ان محمد بن قيس الذي يروي عنه عاصم بن حميد و يوسف بن عقيل، ثقة و الامر في سهل سهل، مضافا الى عدم وجود سهل في احد السندين و عن القاضي و ظاهر الشيخ الافتاء بالصحيحة، ففي النهاية: «و قضى امير المؤمنين في من اقر على نفسه بحد و لم يبينه ان يضرب حتى ينهى عن نفسه الحد»

و اورد في المسالك و غيره على الحديث اولا: بضعف السند، باشتراك محمد بن قيس بين الصحيح و الضعيف و ثانيا: بان الحد اعم من الجلد لشموله للرجم و القتل بالسيف و الاحراق بالنار و رمي الجدار و نحو ذلك و ثالثا: بان من الحدود ما لا يثبت

______________________________

(1)- صحيح البخاري ج 8 (طبع في المجلدات الثماني) كتاب الحدود ص 23

(2)- الوسائل ج 18 الباب 16 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 2

(3)- الوسائل ج 18 الباب 11 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 1

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 33

..........

______________________________

الا بالاقرار اربعا و منه ما يتوقف على اقرارين و منه ما يثبت بالمرة و رابعا: بان الحد اعم من التعزير و ربما يراد به، و التعزير منوط بنظر الحاكم لا بنظر الآثم على ان من التعزير ما له مقدر خاص يشكل تجاوزها او نقصها فيحتاج الى البيان و لا طريق اليه الا بتكليفه

به، و خامسا: باستلزام ذلك انه لو نهى فيما دون الحدود المعلومة قبل منه و ليس هذا حكم الحدود و التعزيرات و سادسا: بمعارضة الحديث لحديث انس.

و اجاب في الجواهر عن هذه الاشكالات بصحة سند الحديث و ضعف حديث انس، لعدم كونه من طرقنا، و كون الاشكالات اجتهادا في مقابل النص و مفاده حكم تعبدي جاء بطريق صحيح معمول به فلا ينبغي الاعراض عنه او تقييده بما لا دليل عليه.

الرابع: الا يضرب أقلّ من ثمانين و لا اكثر من مأئة، و به قال ابن ادريس لما ارسله الصدوق في المقنع: «و قضى امير المؤمنين في رجل اقر على نفسه بحد و لم يبين اي حد هو ان يجلد حتى يبلغ ثمانين فجلد ثم قال: لو اكملت جلدك مأئة ما ابتغيت عليه بينة غير نفسك» و لان أقلّ الحد ثمانون و اكثره مأئة.

و اورد عليه بان المرسلة ليست بحجة و ليس الثمانون أقلّ الحد لان حد القيادة خمس و سبعون، كما ان المائة ليست اكثره لإمكان الزيادة عليها لشرافة المكان او الزمان.

و قال المصنف: انه ربما كان صوابا في طرف الكثرة و لكنه ليس بصواب في طرف النقصان لجواز ان يريد بالحد التعزير.

و اورد عليه بالمنع في طرف الكثرة لما مر و الاطلاق على التعزير مجاز اولا، و ثانيا: ان التعزير محول الى نظر الحاكم لا الى نظر الآثم.

هذا ما قيل في الوجوه الاربعة و الاستدلال عليها و الايرادات الواردة، و اقوى الوجوه هو الوجه الثالث، عملا بصحيحة محمد بن قيس، و قد عرفت ان الاشكالات المذكورة اجتهاد في مقابل النص، و العمدة ان المستشكلين تخيلوا ان الاقرار بجنس الحد يجب ان يحمل على احد انواعه

المعروفة فيجب ان يكلف البيان ليعرف النوع المستحق مع ان المستفاد من الصحيحة كون الحد في المقام قسيما للأنواع المعروفة، فكما ان الزنا يثبت باربعة اقارير وحده جلد مأئة، و السرقة مثلا تثبت بمرتين وحده قطع اليد، و اللواط

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 34

[حكم التقبيل و المضاجعة و المعانقة]

و في التقبيل و المضاجعة في ازار واحد و المعانقة روايتان:

إحداهما مأئة جلدة و في الاخرى دون الحد و هي اشهر (الروايتين خ. ل) (1)

______________________________

يثبت باربعة وحده الالقاء من شاهق فكذلك لنا حد يثبت باقرار واحد و نوعه الجلد و مقداره محول بنظر المقر.

و على هذا فما عن كشف اللثام تبعا للمعة و الروضة من ان اطلاق الخبر و كلمات الاصحاب منزل على الحد الذي يقتضيه ما وقع من الاقرار فلا يحد مأئة ما لم يقر اربعا و لا ثمانين ما لم يقر مرتين، مردود. اذ الحد في المقام امر غير الحدود المشخصة المشروطة بالاقارير الاربعة او المتعددة، فيكفي فيه اقرار واحد و يكون نوعه الجلد و مقداره موكولا بنظر المقر، فتدبر.

(1) في حدود الخلاف- المسألة 9- «روى اصحابنا في الرجل اذا وجد مع امرأة اجنبية يقبلها و يعانقها في فراش واحد ان عليهما مأئة جلدة و روي ذلك عن علي «ع» و قد روي ان عليهما أقلّ من الحد و قال جميع الفقهاء عليه التعزير، دليلنا اخبار الطائفة و قد ذكرناها و قد روت العامة ذلك عن علي «ع».

و في النهاية «فان شهد الاربعة باجتماع الرجل مع امرأة في ازار واحد مجردين من ثيابهما او شهدوا بوطي مادون الفرج و لم يشهدوا بالزنا قبلت شهادتهم و وجب على فاعل ذلك التعزير».

و في المقنعة «فان شهدوا عليه بما عاينوه من

اجتماع في ازار و التصاق جسم بجسم و ما اشبه ذلك و لم يشهدوا عليه بالزنا قبلت شهادتهم و وجب على الرجل و المرأة التعزير، حسب ما يراه الامام من عشر جلدات الى تسع و تسعين جلدة و لا يبلغ التعزيز في هذا الباب حد الزنا المختص به في شريعة الإسلام».

و في الغنية «فيعزر على مقدمات الزنا و اللواط من النوم في ازار واحد و الضم و التقبيل الى غير ذلك على حسب ما يراه اولوا الامر من عشرة اسواط الى تسعة و تسعين سوطا».

و اما الاخبار فقد ذكر في الوسائل الباب 10 من ابواب حد الزنا خمسا و عشرين

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 35

..........

______________________________

رواية في المرأتين او الرجلين او الرجل و المرأة اذا وجدا في لحاف واحد و هي على اربع طوائف، الاولى: ما ظاهرها او صريحها ثبوت تمام الحد- اعني مأئة سوط- الثانية: ما دلت على ثبوت مأئة سوط إلا سوطا. الثالثة: ما دلت على ثلاثين سوطا. الرابعة: ما دلت على اصل الضرب دون الحد بلا تقدير و هي الرواية 16 و موردها المرأتان او الرجلان.

اما الطائفة الاولى، فمنها: ما رواه الكليني عن الحذاء، قال: سمعت ابا عبد الله «ع» يقول: اذا وجد الرجل و المرأة في لحاف واحد جلدا مأئة جلدة، و رواه الشيخ الا انه قال:

جلدا مأئة مأئة «1».

و منها: ما رواه عبد الله بن سنان، عن ابي عبد الله «ع» قال: سمعته يقول: حد الجلد في الزنا ان يوجدا في لحاف واحد و الرجلان يوجدان في لحاف واحد و المرأتان توجد ان في لحاف واحد «2».

و منها: رواية عبد الرحمن بن الحجاج: كان علي «ع» اذا وجد الرجلين في

لحاف واحد ضربهما الحد، فاذا اخذ المرأتين في لحاف واحد ضربهما الحد «3».

و منها رواية ابي بصير، عن ابي عبد الله «ع» قال سئل عن امرأة وجدت مع رجل في ثوب، قال: يجلدان مأئة جلدة، و رواه الشيخ و زاد: و لا يجب الرجم حتى يقوم البينة الاربعة بان قد رأى يجامعها «4».

و منها: ما رواه الكليني عن ابي الصباح الكناني، عن ابي عبد الله «ع» في الرجل و المرأة يوجدان في لحاف واحد جلدا مأئة مأئة، و رواه الصدوق الا انه قال: اجلدهما مأئة جلدة مأئة جلدة، و رواه الشيخ و زاد: قال: و لا يكون الرجم حتى يقوم الشهود الاربعة انهم رأوه يجامعها «5».

و منها: رواية ابي خديجة (عن ابي عبد الله «ع») قال: لا ينبغي لامرأتين تنامان في لحاف واحد الا و بينهما حاجز فان فعلتا نهيتا عن ذلك، فان وجد هما بعد النهي في لحاف

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 10 من ابواب حد الزنا، الحديث 5

(2)- الوسائل ج 18 الباب 10 من ابواب حد الزنا، الحديث 4

(3)- الوسائل ج 18 الباب 10 من ابواب حد الزنا، الحديث 6

(4)- الوسائل ج 18 الباب 10 من ابواب حد الزنا، الحديث 7 و 8

(5)- الوسائل ج 18 الباب 10 من ابواب حد الزنا، الحديث 10 و 11 و 12

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 36

..........

______________________________

واحد جلدتا كل واحدة منهما حدا حدا، فان وجدتا الثالثة في لحاف، حدتا، فان وجدتا الرابعة قتلتا «1»

و اما الطائفة الثانية، فمنها: ما رواه حريز، عن ابي عبد الله «ع» ان عليا «ع» وجد رجلا و امرأة في لحاف واحد فضرب كل واحد منهما مأئة سوط إلا سوطا «2»

و منها:

رواية زيد الشحام، عن ابي عبد الله «ع»- في الرجل و المرأة يوجدان في اللحاف- قال: يجلدان مأئة مأئة غير السوط «3»

و منها: رواية عبد الرحمن بن الحجاج، قال كنت عند ابي عبد الله «ع» فدخل عليه عباد البصري- و معه اناس من اصحابه- فقال له: حدثني عن الرجلين اذا اخذا في لحاف واحد، فقال له: كان علي «ع» اذا اخذ الرجلين في لحاف واحد ضربهما الحد، فقال له عباد: انك قلت لي: غير السوط فاعاد عليه ذكر الحديث (الحد) حتى اعاد ذلك مرارا فقال: غير السوط فكتب القوم الحضور عند ذلك الحديث «4»

و اما الطائفة الثالثة: فرواية سليمان بن هلال، قال سأل بعض اصحابنا ابا عبد الله «ع» فقال: جعلت فداك، الرجل ينام مع الرجل في لحاف واحد فقال: ذوا محرم؟ فقال: لا، قال:

من ضرورة؟ قال: لا، قال: يضربان ثلاثين سوطا ثلاثين سوطا ... قلت فامرأة نامت مع امرأة في لحاف؟ فقال: ذواتا محرم؟ قلت: لا، قال: من ضرورة؟ قلت: لا قال: تضربان ثلاثين سوطا ثلاثين سوطا، قلت فانها فعلت، قال: فشق ذلك عليه، فقال: اف اف اف ثلاثا، و قال: الحد «5»

و اما الطائفة الرابعة: فهي رواية معاوية بن عمار، قال: قلت لأبي عبد الله «ع»:

المرأتان تنامان في ثوب واحد؟ فقال: تضربان فقلت: حدا؟ قال: لا، قلت: الرجلان ينامان في ثوب واحد؟ قال: يضربان، قال: قلت الحد؟ قال: لا «6» و عليك بمراجعة سائر اخبار

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 10 من ابواب حد الزنا، الحديث 25

(2)- الوسائل ج 18 الباب 10 من ابواب حد الزنا، الحديث 20

(3)- الوسائل ج 18 الباب 10 من ابواب حد الزنا، الحديث 3

(4)- الوسائل ج 18 الباب

10 من ابواب حد الزنا، الحديث 2

(5)- الوسائل ج 18 الباب 10 من ابواب حد الزنا، الحديث 21

(6)- الوسائل ج 18 الباب 10 من ابواب حد الزنا، الحديث 16

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 37

..........

______________________________

الباب.

اذا عرفت هذا فنقول هناك مشكلتان: الاولى الجمع بين الاخبار مع تعارضها، الثانية: تطبيق الاخبار على الفتاوى، فان المذكور في الفتاوى كلمة التغرير او دون الحد او أقلّ من الحد و هي تشمل من سوط واحد الى تسعة و تسعين سوطا و في عبارة المقنعة و الغنية من عشرة اسواط الى تسع و تسعين و ليس في اخبار الرجل و المرأة هذه التعبيرات، فان المتبادر من اخبار الطائفة الثانية هو تعين التسع و تسعين. نعم المستفاد من الطائفة الرابعة هو مطلق التعزير و لكن موردها- كما عرفت- الرجلان و المرأتان.

اما المشكلة الاولى، فقد ذكروا للجمع بين اخبار الباب وجوها:

الاول: حمل روايات المائة على التقية و يستشهد لذلك برواية عبد الرحمن بن الحجاج المتعرضة لدخول عباد البصري على ابي عبد الله «ع»، و فيه ان المستفاد من عبارة الخلاف كون فتاوى فقهاء العامة جميعا، التعزير باطلاقه، و لا شهادة لرواية ابن الحجاج على المدعى، بل لعل الامر بالعكس و ان الحق عند الامام- عليه السلام- كان هو المائة و لذا اسندها الى علي «ع» فرارا من افتاء نفسه، و بعد اصرار عباد الجأ الى الفتوى بالتقية. هذا، مضافا الى ان مورد الرواية الرجلان لا الرجل و المرأة.

الثاني: ما في كلمات الشيخ من حمل روايات المائة على صورة علم الامام بوقوع الزنا، و فيه انه لا شاهد لهذا الجمع.

الثالث: ما في كلمات الشيخ أيضا من حمل روايات المائة على من زبره الامام و نهاه

و أدبه ثم وجده قد عاد الى مثل فعله، مستشهدا لذلك برواية ابي خديجة، و فيه- مضافا الى كون مورد الرواية المرأتين- استبعاد حمل الاخبار الكثيرة على هذه الصورة مع عدم وجود شاهد فيها لهذا الحمل.

الرابع: ما ذكره الصدوق، قال في الفقيه ما حاصله: «هذه الاخبار كلها متفقة المعاني، اذا وجد الرجل مع الرجل و المرأة مع المرأة او الرجل مع المرأة في لحاف واحد من ضرورة فلا شي ء عليهما، و ان لم يكن من ضرورة و لم يكن بينهما حال تكره يضرب كل واحد ثلاثين سوطا، يعزران بذلك، و اذا كان منهما الزنا و كانا غير محصنين فان اقرا بذلك او شهد عليهما اربعة عدول جلد كل واحد منهما مأئة جلدة، و ان

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 38

..........

______________________________

علم الامام منهما ذلك بدون الاقرار و الشهادة جلد كل واحد مأئة سوط غير سوط» و انت ترى ان الصدوق حمل كلتا الطائفتين من الاخبار على صورة وقوع الزنا فاخرجهما عن مفروض البحث، و يرد عليه انه لا شاهد لما ذكره و ظاهر الاخبار خلاف ذلك.

و لا يخفى ان في نقل الجواهر لكلام الصدوق اجمالا لا يفهم منه ما اراده فانه قال:

«نعم عن الصدوق الجمع بين النصوص بحمل المائة على البينة او الاقرار و المائة الا سوطا على علم الامام.» فان الظاهر من هذه العبارة كون مصب الاخبار بنظر الصدوق مسألة وجدانهما في لحاف واحد غاية الامر حمل اخبار المائة على صورة ثبوت ذلك بالاقرار او البينة و اخبار المائة الا سوطا على صورة ثبوته بعلم الامام مع ان الصدوق- كما رأيت- حمل كلتا الطائفتين على صورة ثبوت الزنا اما بالاقرار و البينة او بعلم الامام،

فتدبر.

الخامس: حمل الطائفتين على التخيير، كما هو مبناهم في تعارض الاخبار.

السادس: ما ذكره المجلسي- رحمه الله- في حاشية التهذيب، و في الجواهر بعد صفحتين حكاية احتماله عن الشيخ أيضا، و حاصله ان الا ظهر في الجمع بين الاخبار- مع قطع النظر عن الشهرة بين الاصحاب- ان يؤخذ باخبار المائة و يقال بانه لا يشترط في ثبوت الجلد المعاينة كالميل في المكحلة بل يكفي فيه ثبوت المقدمة القريبة للعمل فحكم المقدمة القريبة التي هي امارة عرفا على وقوع العمل حكم نفس العمل، و ما ورد من الاخبار في باب الشهادة على الزنا من لزوم معاينة الايلاج و الاخراج- كلها- مرتبطة بباب الرجم، فراجع الوسائل الباب 12 من ابواب حد الزنا، نعم رواية محمد بن قيس «1» ذكر فيها الجلد و لكن نفس هذه الرواية بنقل الكليني «2» ذكر فيه الرجم- بدل الجلد- فلا دليل لنا على اشتراط معاينة الدخول في باب الجلد. و بالجملة فيؤخذ باخبار المائة و يحمل اخبار المائة غير سوط على التقية، لما عرفت من كون مذهبهم جميعا

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 12 من ابواب حد الزنا، الحديث 11

(2)- الوسائل ج 18 الباب 12 من ابواب حد الزنا، الحديث 2

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 39

[لو أقرّ بحدّ ثم جحد]

و لو اقر بما يوجب الرجم ثم انكر سقط الرجم و لو اقر بحد غير الرجم لم يسقط بالانكار (1)

______________________________

التعزير. و يشهد لهذا الجمع رواية ابي بصير «1» و رواية ابي الصباح «2» السابقتين، حيث حكم فيهما بنقل الشيخ بمائة جلدة في صورة وجد انهما في لحاف واحد و زاد «و لا يكون الرجم حتى يقوم البينة الاربعة انهم رأوه يجامعها».

فهذا الجمع احسن ما قيل في المقام

الا ان الشهرة في مقام الفتوى على خلافه، فلو تجرأت و قلت نحن لا نعتمد على الاجماع مع وجود ما يحتمل كونه مدركا له فكيف بالشهرة فهو، و الا فنعتمد على الشهرة الفتوائية في المسألة و بها نرجح اخبار المائة الا سوطا و نطرح اخبار المائة هذا.

و لكن في خبر حريز، عن ابي عبد الله «ع» قال: القاذف يجلد ثمانين جلدة و لا تقبل له شهادة ابدا الا بعد التوبة او يكذب نفسه، فان شهد له ثلاثة و ابى واحد يجلدا لثلاثة و لا تقبل شهادتهم حتى يقول اربعة: رأينا مثل الميل في المكحلة «3» و هو مطلق يشمل الجلد أيضا.

و كيف كان، فيبقى المشكلة الثانية و هي ان ظاهر هذه الاخبار تعين المائة الا سوطا و لم يقل به احد فتحمل الاخبار على كونها بصدد بيان اكثر حد التعزير و انه لا يبلغ المائة، و ليست في مقام بيان اصل ثبوت التعزير، فيكون ثبوت اصله مفروغا عنه، و اما ما ذكر في المقنعة و الغنية من تحديد الاقل بالعشرة فليس عليه دليل اصلا، فتدبر.

و اما رواية الثلاثين سوطا فهي مرتبطة بالرجلين و المرأتين و ستأتي في باب اللواط.

اللهم الا ان يدعى اتحاد المسائل الثلاث في الحكم، كما لا يبعد بعد الدقة في اخبار الباب.

(1) في الخلاف- المسألة 17- «اذا اقر بحد ثم رجع عنه سقط الحد، و هو قول ابي حنيفة و الشافعي و احدى الروايتين عن مالك، و عنه رواية اخرى انه لا يسقط و به قال الحسن البصري و سعيد بن جبير و داود، دليلنا اجماع الفرقة و أيضا فان ما عزا اقر عند النبي «ص» بالزنا فاعرض عنه مرتين او ثلاثا

ثم قال: لعلك لمست، لعلك قبلت

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 10 من ابواب حد الزنا، الحديث 7 و 8

(2)- الوسائل ج 18 الباب 10 من ابواب حد الزنا، الحديث 10 و 11 و 12

(3)- الوسائل ج 18 الباب 2 من ابواب حد القذف، الحديث 5

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 40

..........

______________________________

فعرض له بالرجوع حين اعرض عند اقراره و صرح له بذلك في قوله: لعلك لمست، لعلك قبلت و لو لا ان ذلك يقبل منه لم يكن له فائدة».

و في الغنية «و اذا تاب احد الزانيين ... سقط الحد منه و كذا ان رجع عن اقراره بالزنا قبل اقامة الحد او في حاله او فر عنه».

و في النهاية «من اقر على نفسه بحد ثم جحد لم يلتفت الى انكاره الا الرجم، فانه اذا اقر بما يجب عليه الرجم منه ثم جحده قبل اقامته خلي سبيله».

اقول: هنا مسائل اربع: الاولى اذا اقر بما يوجب الرجم ثم جحد، و الظاهر عدم الخلاف- بل تحقق الا جماع- فيه على سقوط الرجم.

الثانية: اذا اقر بما يوجب الجلد او حدا آخر غير القتل ثم جحد، و الظاهر تحقق الشهرة على عدم سقوط الحد، و هو الذي يقتضيه القاعدة، اذا لقاعدة في الاقرار عدم سماع الانكار المتعقب له.

الثالثة: اذا اقر بما يوجب القتل ثم جحد، و فيه خلاف. و المحكي عن ابن حمزة و الرياض كونه بحكم الرجم.

الرابعة: اذا اقر بما يوجب الرجم ثم جحد، فهل يخلى سبيله او يضرب حدا او تعزيرا؟ و يظهر حكم المسائل الاربع بالرجوع الى اخبار الباب. و لا يخفى ان الظاهر من عبارة الخلاف و الغنية مساواة المسألة الثانية للأولى و ثبوت الاجماع فيهما و هو

غريب، اذ المشهور في المسألة الثانية عدم السقوط، حتى ان الشيخ في نهايته لم يساو بين المسألتين، كما ان استدلاله في الخلاف أيضا بقصة ما عز غريب أيضا، اذ قصة ما عز مرتبطة بباب الرجم و اعراضه «ص» عنه كان بعد الاقرار الاول و الثاني و الثالث و الذي هو محط البحث في مسألتنا هذه هو الانكار بعد تحقق الاقارير المعتبرة، كالأربع في باب الزنا، و الاثنين في باب السرقة مثلا فتعريضه «ص» لماعز لإنكاره بعد الاقرار الاول او الثاني لا يستفاد منه اعتبار الانكار بعد الاقارير الاربعة.

و كيف كان، فعليك باخبار المسألة (الوسائل الباب 12 من ابواب مقدمات الحدود).

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 41

..........

______________________________

فمنها: صحيحة الحلبي، عن ابي عبد الله «ع» في رجل اقر على نفسه بحد ثم جحد بعد؟ فقال اذا اقر على نفسه عند الامام انه سرق ثم جحد قطعت يده و ان رغم انفه، و ان اقر على نفسه انه شرب خمرا او بفرية فاجلدوه ثمانين جلدة، قلت فان اقر على نفسه بحد يجب فيه الرجم أ كنت راجمه؟ فقال: لا و لكن كنت ضاربه الحد (الحديث 1). و رواه الشيخ، عن محمد بن مسلم، عن ابي عبد الله «ع» مثله، و الظاهر من قوله: «اقر» الاقرار المعتبر لثبوت الحد- اعني الاربع في الزنا و الاثنين في السرقة مثلا- اذا البحث، في حكم الجحود بعد الاقرار الذي لو لا الجحود كان مؤثرا في ثبوت الحد، و الظاهر ان المراد من قوله: «ضاربه الحد» هو الجلد مأئة لو قلنا بان المحصن يجلد و يرجم و الا فالتعزير، فانه مستحق له اما لفعله او لكذبه.

و منها: صحيحة الحلبي أيضا عن ابي عبد الله

«ع» قال: اذا اقر الرجل على نفسه بحد او فرية ثم جحد جلد، قلت: أ رأيت ان اقر على نفسه بحد يبلغ فيه الرجم أ كنت ترجمه؟

قال: لا و لكن كنت ضاربه (الحديث 2) و الظاهر اتحاد الخبرين و كون الثانية ملخص الاولى.

و منها: صحيحة محمد بن مسلم، عن ابي عبد الله «ع» قال: من اقر على نفسه بحد اقمته عليه الا الرجم، فانه اذا اقر على نفسه ثم جحد لم يرجم (الحديث 3).

و منها: مرسلة جميل بن دراج، عن بعض اصحابه، عن احدهما «ع» انه قال: اذا اقر الرجل على نفسه بالقتل قتل اذا لم يكن عليه شهود، فان رجع و قال لم افعل ترك و لم يقتل (الحديث 4). و ضعف الارسال منجبر بكون المرسل ابن ابي عمير عن جميل، و كلاهما من اصحاب الاجماع. و قوله «اقر بالقتل» محتمل لأمرين: الاول ان يراد الاقرار بالقتل فيكون الحديث مرتبطا بباب القصاص. نعم يستأنس منه- بضميمة اخبار الرجم- ان الاقرار بما يوجب القتل كاللواط و الزنا بالمحارم أيضا في حكم الاقرار بما يوجب الرجم. الثاني: ان يراد الاقرار بما يوجب القتل، نظير قوله: «اذا اقر بحد» المحمول على الاقرار بما يوجب الحد، فيكون دليلا على كون الاقرار بما يوجب القتل مثل الاقرار بما يوجب الرجم، و قد حكي القول به عن ابن حمزة و الرياض، و يؤيده ما ثبت من درء الحدود بالشبهات.

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 42

[لو أقرّ بحدّ ثم تاب]

و لو اقر بحد ثم تاب كان الامام مخيرا في اقامته رجما كان او جلدا (1)

______________________________

و منها: مرسلة جميل، أيضا، عن بعض اصحابنا، عن احدهما «ع» في رجل اقر على نفسه بالزنا اربع مرات و هو

محصن، رجم الى ان يموت او يكذب نفسه قبل ان يرجم فيقول: لم افعل، فان قال ذلك، ترك و لم يرجم و قال: لا يقطع السارق حتى يقر بالسرقة مرتين فان رجع ضمن السرقة و لم يقطع، اذا لم يكن شهود و قال: لا يرجم الزاني حتى يقر اربع مرات بالزنا اذا لم يكن شهود، فان رجع ترك و لم يرجم (الحديث 5). و في السند علي بن حديد، و قد ضعفه الشيخ في الكتابين. و قوله: «فان رجع ضمن السرقة و لم يقطع» معارض لصحيحة الحلبي الاولى، و المشهور افتوا على وفق صحيحة الحلبي، فيحمل الرجوع في هذه المرسلة على الرجوع بعد الاقرار الاول، فيكون قوله: «فان رجع» قسيما لقوله: «مرتين». و في قوله: «فان رجع ترك و لم يرجم» يكون قوله: «لم يرجم» تفسيرا لقوله: «ترك» فليس المراد تركه و تخلية سبيله- كما عبر به في النهاية- فانه يضرب اما حدا او تعزيرا- على ما في صحيحة الحلبي- فقد ظهر باخبار الباب حكم المسائل الاربع، بحمد الله- تعالى- و الله هو الموفق المعين.

(1) بلا خلاف اجده في الاول، بل في محكي السرائر الاجماع عليه، بل لعله كذلك في الثاني أيضا و ان خالف هو فيه، كذا في الجواهر.

و في النهاية: «فان كان اقر على نفسه عند الامام ثم اظهر التوبة كان للإمام الخيار في العفو عنه او اقامة الحد عليه- حسب ما يراه من المصلحة في ذلك- و متى لم يتب لم يجز للإمام العفو عنه على حال».

و في المقنعة: «فان تاب بعد قيام الشهادة عليه كان للإمام الخيار في العفو عنه او اقامة الحد عليه- حسب ما يراه من المصلحة في ذلك

له و لا هل الإسلام- فان لم يتب لم يجز العفو عنه في الحد بحال».

و في الغنية: «و ان تاب بعد ثبوت الزنا عليه فللإمام العفو عنه و ليس ذلك لغيره».

و انت ترى ان موضوع البحث- في النهاية- الاقرار، و في المقنعة الشهادة، و في الغنية مطلق، و الجميع اشترطوا التوبة و انه لا عفو مع عدمها.

و اما اخبار الباب فهي مذكورة في الباب 18 من ابواب مقدمات الحدود من

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 43

..........

______________________________

الوسائل. فالاولى: ما رواه ضريس الكناسي، عن ابي جعفر «ع» قال: لا يعفى عن الحدود التي لله دون الامام، فاما ما كان من حق الناس في حد فلا بأس بان يعفى عنه دون الامام (الحديث 1) و ضريس، و ان لم يذكر بمدح و لا قدح و لكن كون ابن محبوب في سند الخبر و هو من اصحاب الاجماع يجبر ذلك. و هل المراد بالامام في الرواية امام الاصل او مطلق الحاكم؟ الحق الظاهر هو الثاني، و ليس في الرواية اسم من الاقرار فتشمل الشهادة أيضا، اللهم الا ان يقال: ان الرواية في مقام بيان عقد النفي و انه ليس لغير الامام العفو عن حدود الله. نعم يظهر منه- اجمالا- اختيار الامام في العفو عن حدود الله و لكن الرواية ليست في مقام بيانه حتى يتمسك باطلاقها.

الثانية: مرسلة البرقي عن بعض اصحابه عن بعض الصادقين «ع» قال: جاء رجل الى امير المؤمنين «ع» فاقر بالسرقة فقال له: أ تقرأ شيئا من القرآن؟ قال: نعم، سورة البقرة، قال: قد وهبت يدك لسورة البقرة قال: فقال الا شعث: أ تعطل حدا من حدود الله؟

فقال: و ما يدريك ما هذا؟ اذا قامت البينة

فليس للإمام ان يعفو و اذا اقر الرجل على نفسه فذاك الى الامام ان شاء عفى و ان شاء قطع، و روى الشيخ، عن طلحه بن زيد، عن جعفر بن محمد «ع» نحوه (الحديث 3). و طلحة و ان كان بتريا او عاميا الا ان كتابه معتمد على قول الشيخ، فلا بأس بالعمل بالرواية.

الثالثة: ما رواه في تحف العقول عن ابي الحسن الهادي- عليه السلام- و قد وقع في جواب سؤال من اسئلة يحيى بن اكثم عن موسى بن المبرقع، اخي الهادي «ع» و السؤال هكذا: و اخبرني عن رجل اقر باللواط على نفسه أ يحد أم يدرأ عنه الحد؟ فاجاب «ع»: «و اما الرجل الذي اعترف باللواط فانه لم يقم عليه البينة و انما تطوع بالاقرار من نفسه، و اذا كان للإمام الذي من الله ان يعاقب عن الله كان له ان يمن عن الله، اما سمعت قول الله- تعالى-: هٰذٰا عَطٰاؤُنٰا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسٰابٍ» (الحديث 4) و يظهر من الرواية الملازمة بين حق اجراء الحد و حق العفو، فاذا كان للفقيه العادل اجراء الحدود فله العفو أيضا، فيكون المراد من الامام الذي من الله من كان حكومته حقة في مقابل الامام الذي هو طاغوت و من الشيطان، كيف و الامامة و الحكومة من اركان الإسلام و لا يخلو منها زمان و الحكمة تقتضي استيعاب احكامها لجميع الازمنة و الاعصار. و

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 44

[لو حملت و لا بعل لها]

و لو حملت و لا بعل لم تحد الا ان تقر بالزنا اربعا (1)

[ثبوت الزنا بالبيّنة و شرائطها]

و اما البينة فلا تكفي أقلّ من اربعة رجال او ثلاثة و امرأتين، و لا تقبل شهادة النساء منفردات و لا شهادة رجل و ست نساء، و يقبل شهادة رجلين و اربع نساء و يثبت به الحد (الجلد خ. ل) لا الرجم (2)

______________________________

مفاد الخبرين الاخيرين التفصيل بين الاقرار و البينة، و قد عرفت عدم اطلاق الخبر الاول أيضا، فيلزم التفصيل.

نعم هذا حكم الحدود المقدرة، و اما التعزيرات فالظاهر ان اصلها و مقدارها و حدوثها و بقائها بيد الحاكم فله العفو عنها مطلقا و من هذا القبيل التسجينات المتداولة، فافهم.

بقي الكلام في اشتراط التوبة، و قد صرح به في الفتاوى و لكن الروايات مطلقة، اللهم الا ان يستأنس لذلك بلفظ التطوع المذكور في الرواية الاخيرة، و بان الداعي على الاقرار بما يوجب الحد لا يتحقق غالبا الا عمن ندم و اراد تطهير نفسه بذلك كما صرح بذلك في جملة من نصوص الاقرار، و لو فرض تحقق الاقرار سخرية و استهزاء و اظهارا لعدم الاعتناء كان عدم اجراء الحد على مثله مخالفا للمصلحة و الحكمة، و بالجمله عفو الامام لا يتحقق الا في مورد تحقق الجو المساعد له و ليس الا ندم المقر، هذا مضافا الى ما تراه من اتفاقهم على اشتراط التوبة، فتدبر.

(1) في الخلاف- المسألة 10- «اذا وجدت امرأة حبلى و لا زوج لها و انكرت ان يكون من زنا لا حد عليها، و به قال ابو حنيفة و الشافعي، و قال مالك عليها الحد، دليلنا ان الاصل براءة الذمة، و ايجاب الحد يحتاج الى دليل و أيضا فانه يحتمل ان

يكون من زنا و يحتمل ان يكون من وطي شبهة و يحتمل ان تكون مكرهة و لا حد مع الشبهة».

اقول: دليل المسألة يتضح مما ذكره الشيخ، و الظاهر عدم وجوب السؤال حتى تنكر او تقر و لعل مالك يستدل بان ظاهر الفعل صدوره عن اختيار و الاصل عدم الاكراه و الشبهة، و يرده ابتناء الحدود على التخفيف و انها تدرأ بالشبهات.

(2) في الخلاف- كتاب الشهادات المسألة 2- «حقوق الله كلها لا تثبت بشهادة

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 45

..........

______________________________

النساء الا الشهادة بالزنا فانه روى اصحابنا انه يجب الرجم بشهادة رجلين و اربع نسوة و ثلاثة رجال و امرأتين و يجب الحد دون الرجم بشهادة رجل واحد و ست نسوة، و خالف جميع الفقهاء في ذلك و قالوا لا يثبت شي ء منها بشهادة النساء لا على الانفراد و لا على الجمع، دليلنا اجماع الفرقة و اخبارهم و قد اوردناها».

و لا يخفى ان في كلامه «ره» مواضع من الخلل: الاول انه لا نص و لا فتوى بكفاية رجلين و اربع نسوة في الرجم. الثاني: انه لا نص و لا فتوى بكفاية رجل و ست نسوة في الجلد. الثالث: ادعاء الا جماع في مالا قائل به و هو عجيب.

و في النهاية- كتاب الشهادات-: «اذا شهد ثلاثة رجال و امرأتان على رجل بالزنا قبلت شهادتهم و وجب على الرجل الرجم ان كان محصنا، و ان شهد رجلان و اربع نسوة بذلك قبلت أيضا شهادتهم و لا يرجم المشهود عليه بل يحد حد الزاني».

و في المقنع «و لا بأس بشهادة النساء في الحدود اذا شهدا مرأتان و ثلاثة رجال و لا تقبل شهادتهن اذا كن اربع نسوة و رجلان».

و في

الغنية «لا يقبل في الزنا الا شهادة اربعة رجال ... او شهادة ثلاثة رجال و امرأتين، و كذا حكم اللواط و السحق بدليل اجماع الطائفة».

و في المقنعة- كتاب الحدود- «و لا يقبل في الزنا و اللواط و لا شي ء مما يوجب الحدود شهادات النساء و لا يقبل في ذلك الا شهادات الرجال العدول البالغين» و نحوه في شهادات المقنعة.

و في المراسم «فاما ما لا يقبل فيه الا شهادة الرجال فهو النكاح و الطلاق و الحدود» و فيه أيضا «و كل حدود الزنا على اختلافه لا يثبت الا بشهادة اربعة رجال».

و بالجملة اهل الخلاف كلهم على قول واحد و هو اعتبار اربعة رجال و عدم الاعتبار بشهادة النساء في باب الزنا اصلا، و اما عندنا فالاقوال ثلاثة: الاول عدم اعتبار النساء، و هو الظاهر من المفيد و سلار و نسب الى العماني أيضا.

الثاني: اعتبار ثلاثة رجال و امرأتان مضافا الى اربعة رجال رجما كان او جلدا، و هو الظاهر من جماعة منهم الصدوقان و ابن زهرة.

الثالث: ان يعتبر- مضافا الى ذلك- شهادة رجلين و اربع نسوة في الجلد فقط،

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 46

..........

______________________________

نسب الى المشهور و به قال الشيخ و المصنف.

و اما الادلة، فالظاهر من القرآن هو القول الاول، قال الله- تعالى-: «وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنٰاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدٰاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمٰانِينَ جَلْدَةً» «1» و قال أيضا: «لَوْ لٰا جٰاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدٰاءَ» «2» و قال أيضا: «وَ اللّٰاتِي يَأْتِينَ الْفٰاحِشَةَ مِنْ نِسٰائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ» «3» و ظهورها- و لا سيما الآية الاولى- في اعتبار اربعة رجال لا يكاد ينكر.

و يشهد لذلك روايات أيضا، كصحيحة جميل بن دراج و محمد بن حمران،

عن ابي عبد الله «ع» قال: قلنا: أ تجوز شهادة النساء في الحدود؟ فقال: في القتل و حده، ان عليا «ع» كان يقول: لا يبطل دم امرئ مسلم «4».

و رواية غياث بن ابراهيم، عن جعفر بن محمد «ع» عن ابيه، عن علي «ع» قال:

لا تجوز شهادة النساء في الحدود و لا في القود، و نحوه رواية موسى بن اسماعيل بن جعفر «5».

و رواية السكوني عن جعفر، عن ابيه، عن علي «ع» انه كان يقول: شهادة النساء لا تجوز في طلاق و لا نكاح و لا في حدود، الحديث «6».

و في مقابل هذه الروايات اخبار اخر يستفاد منها اجمالا القول الثاني، كرواية عبد الرحمن، عن ابي عبد الله «ع» «... تجوز شهادة النساء في الحدود مع الرجال» «7»

و صحيحة عبد الله بن سنان، قال سمعت ابا عبد الله «ع» يقول: لا تجوز شهادة النساء في رؤية الهلال، و لا يجوز في الرجم شهادة رجلين و اربع نسوة، و يجوز في ذلك ثلاثة رجال و امرأتان «8».

______________________________

(1)- سورة النور، الاية 4

(2)- سورة النور، الاية 13

(3)- سورة النساء الاية 15

(4)- الوسائل ج 18 الباب 24 من ابواب الشهادات، الحديث 1

(5)- الوسائل ج 18 الباب 24 من ابواب الشهادات، الحديث 29 و 30

(6)- الوسائل ج 18 الباب 24 من ابواب الشهادات، الحديث 42

(7)- الوسائل ج 18 الباب 24 من ابواب الشهادات، الحديث 21

(8)- الوسائل ج 18 الباب 24 من ابواب الشهادات، الحديث 10

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 47

..........

______________________________

و صحيحة زرارة، عن ابي جعفر «ع» ... قال علي «ع»: تجوز شهادة النساء في الرجم اذا كان ثلاثة رجال و امرأتان، و اذا كان اربع نسوة و رجلان فلا يجوز الرجم

...

«1» و يدل عليه روايات اخر، فراجع الوسائل الباب 24 من ابواب الشهادات الحديث 3، 4، 5، 7، 25 و 32.

و في قبال هذه الروايات المستفيضة صحيحة محمد بن مسلم، عن ابي عبد الله «ع» قال: اذا شهد ثلاثة رجال و امرأتان لم يجز في الرجم، و لا تجوز شهادة النساء في القتل «2» و حملها الشيخ على التقية، و هو الاقوى اذ لا يمكن لنا رفع اليد عن الاخبار الكثيرة المتطابقة على كفاية ثلاثة رجال و امرأتين، و بها يقيد ظاهر الكتاب لو لم نقل بان لها نحو حكومة عليه، اذ المستفاد من الروايات كون المرأتين بمنزلة رجل واحد فيكون ثلاثة رجال و امرأتين من مصاديق الشهداء الاربعة تنزيلا، هذا.

و يستأنس من اكثر الروايات المتقدمة كفاية رجلين و اربع نسوة في غير الرجم- اعني الجلد- و هو القول الثالث. و يدل عليه موثقة الحلبي، عن ابي عبد الله «ع» انه سئل عن رجل محصن فجر بامرأة فشهد عليه ثلاثة رجال و امرأتان وجب عليه الرجم، و ان شهد عليه رجلان و اربع نسوة فلا تجوز شهادتهم و لا يرجم و لكن يضرب حد الزاني «3» و موردها و ان كان المحصن و لكن يستفاد منها بالقاء الخصوصية كفاية رجلين و اربع نسوة في ثبوت الجلد مطلقا.

نعم يعارضها رواية محمد بن الفضيل، قال: سألت ابا الحسن الرضا «ع» قلت له تجوز شهادة النساء في نكاح او طلاق او رجم؟ قال: ... و تجوز شهادتهن في حد الزنا اذا كان ثلاثة رجال و امرأتان و لا تجوز شهادة الرجلين و اربع نسوة في الزنا و الرجم ...

«4» و كذلك ظاهر الحديث «4 و 5» و اجيب

عن ذلك بجعل قوله «و الرجم» تفسيرا

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 24 من ابواب الشهادات، الحديث 11

(2)- الوسائل ج 18 الباب 24 من ابواب الشهادات، الحديث 28

________________________________________

نجف آبادى، حسين على منتظرى، كتاب الحدود (للمنتظري)، در يك جلد، انتشارات دار الفكر، قم - ايران، اول، ه ق

كتاب الحدود (للمنتظري)؛ ص: 47

(3)- الوسائل ج 18 الباب 30 من ابواب حد الزنا، الحديث 1

(4)- الوسائل ج 18 الباب 24 من ابواب الشهادات، الحديث 7

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 48

[لو شهد مادون الاربع]

و لو شهد مادون الاربع لم يجب و حد كل منهم للفرية (1)

[هل يعتبر في الشهادة أن تكون عن حس و رؤية]

و لا بد في شهادتهم من ذكر المشاهده للولوج كالميل في المكحلة من غير عقد و لا ملك و لا شبهة (2)

______________________________

لقوله في الزنا عملا بنص موثقة الحلبي، و لا بأس بذلك بعد ما افتى به جماعة و النص يقدم على الظاهر و يحكم عليه، فتدبر.

(1) لقوله- تعالى-: «وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنٰاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدٰاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمٰانِينَ جَلْدَةً»، و قوله «لَوْ لٰا جٰاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدٰاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدٰاءِ فَأُولٰئِكَ عِنْدَ اللّٰهِ هُمُ الْكٰاذِبُونَ» و روى السكوني، عن جعفر، عن ابيه، عن علي «ع» في ثلاثة شهدوا على رجل بالزنا، فقال علي «ع»: اين الرابع؟ قالوا: الآن يجي ء، فقال علي «ع»: حد و هم فليس في الحدود نظر ساعة، و نحوها رواية عباد البصري «1» و كذا قول علي «ع» في صحيحة محمد بن قيس، ... لا اكون اول الشهود الاربعة اخشى الروعة ان ينكل بعضهم فاجلد «2».

(2) اقول: ذكر في باب الشهادات مسألتان: الاولى هل يعتبر في تحمل الشهادة العلم او يكفي ثبوت الواقعة بالبينة او الاستصحاب؟ الثانية: على فرض اعتبار العلم فهل يعتبر المشاهدة او يكفي العلم الحاصل بالتواتر او الخبر المحفوف بالقرائن المفيدة للعلم؟ و ظاهر المصنف اعتبار العلم و المشاهدة و ربما يستدل لذلك بان الشهادة بمعنى الحضور، و هو بالنسبة الى العالم غير المستند علمه الى الحس، مفقود. و صاحب الجواهر اعتبر العلم و لم يعتبر المشاهدة، و تفصيل المسألتين في كتاب الشهادات.

انما الكلام هنا انه على فرض كفاية مطلق العلم في سائر الموارد فهل لباب الزنا خصوصية فيعتبر فيه الشهادة عن حس و

رؤية للعمل او يكفي مطلق العلم؟ في المسألة وجهان، و الظاهر اعتبار الرؤية كما هو الظاهر من اكثر اخبار الباب، فراجع الباب 12 من ابواب حد الزنا، ففي صحيحة الحلبي، عن ابي عبد الله «ع» قال: حد الرجم ان يشهد اربع انهم رأوه يدخل و يخرج. و نحوها رواية ابي بصير (1 و 5) فيحمل المطلقات عليهما،

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 12 من ابواب حد الزنا، الحديث 8، 9

(2)- الوسائل ج 18 الباب 12 من ابواب حد الزنا، الحديث 11

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 49

و يكفي ان يقولوا لا نعلم بينهما سبب التحليل (1)

و لو لم يشهدوا بالمعاينة لم يحد المشهود عليه و حد الشهود.

______________________________

و الخصوصية محتملة، إذ بناء الحدود على التخفيف فلا نستبعد اعتبار المشاهدة في خصوصها، نعم هنا شي ء و هو ان روايات الباب مخصوصة بالرجم.

فان قلت: رواية محمد بن قيس (الحديث 11) مخصوصة بالجلد.

قلت: هي بنقل الكليني مخصوصة بالرجم أيضا (الحديث 2) و الظاهر اتحاد الروايتين و من المحتمل ان الشارع اكتفى في باب الجلد بالشهادة على المقدمات القريبة، و يدل على ذلك صحيحة زرارة، عن ابي جعفر «ع» قال: اذا قال الشاهد انه قد جلس منها مجلس الرجل من امرأته اقيم عليه الحد (الحديث 10) و الروايات المستفيضة الكثيرة الحاكمة بثبوت حد الزاني اذا وجدا تحت لحاف واحد (راجع الباب 10 من ابواب حد الزنا) و قد مر البحث عنها، هذا.

و لكن اطلاق قوله في رواية حريز، عن ابي عبد الله «ع»: ... فان شهد له ثلاثة و ابى واحد يجلد الثلاثة و لا تقبل شهادتهم حتى يقول اربعة رأينا مثل الميل في المكحلة «1»، يشمل الجلد أيضا، و المشهور لم

يفرقوا بين الرجم و الجلد في اعتبار الشهادة على الرؤية لنفس العمل، و مخالفتهم مشكلة، و ان كان طرح الروايات المستفيضة اشكل و لا وجه لحملها على التقية و ان قيل، اذ فقهائهم حكموا بالتعزير في المسألة كما مر مفصلا، فراجع.

(1) كفاية ذلك مشكلة مع احتمال كونها زوجة، نعم لو أريد كفاية ذلك بعد العلم بكونها اجنبية و احتمال الشبهة او الاكراه فله وجه، اذ كونها اجنبية مقتضية للحرمة، و الشبهة او الاكراه مانع لتأثير المقتضي، فاذا وجد المقتضي و لم يحرز المانع يحكم بوجود المقتضي، و لكن الظاهر منع ذلك أيضا لمنع قاعدة المقتضي، فلا بد من اعتبار علم الشاهد بكونه لاعن اكراه او شبهة، و لذا قلنا فيمن حملت و لا بعل لها انها لاتحد، خلافا لمالك مع ما عرفت من ان ظاهر الفعل هو الاختيار و الاصل عدم الشبهة او الاكراه.

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 2 من ابواب حد القذف، الحديث 5

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 50

[لا بد من توارد الشهود على فعل واحد]

و لا بد من تواردهم على الفعل الواحد، و الزمان الواحد، و المكان الواحد، فلو شهد بعض بالمعاينة و بعض لا بها، او شهد بعض بالزنا في زاوية من بيت و بعض في زاوية اخرى، او شهد بعض في يوم الجمعة و بعض في يوم السبت فلا حد، و يحد الشهود للقذف (1)

و لو شهد بعض انه اكرهها و بعض بالمطاوعة ففي ثبوت الحد على الزاني و جهان، احدهما: يثبت للاتفاق على الزنا الموجب للحد- على كلا التقديرين- و الآخر: لا يثبت لان الزنا بقيد الاكراه غيره بقيد المطاوعة و كأنه شهادة على فعلين (2)

______________________________

(1) لا يخفى انه مع تعرضهم للخصوصيات و التعارض فيها لا

يثبت الحد، و لا يختص ذلك بباب الزنا و هو الظاهر من عبارة المصنف أيضا. انما الاشكال في انه هل يجب ذكر الخصوصيات و الاتفاق فيها اولا يجب؟ و على فرض عدم الوجوب فلو تعرض البعض لبعضها فهل يكفي الاطلاق من الاخرين اولا؟ الظاهر انه لا دليل على الوجوب في الاول و يكفي الاطلاق في الثاني، كسائر الابواب، مثل الطلاق و رؤية الهلال و البيع و الاجارة و نحوها.

نعم في موثقة عمار، قال: سألت ابا عبد الله «ع» عن رجل يشهد عليه ثلاثة رجال انه قد زنى بفلانة و يشهد الرابع انه لا يدري بمن زنى قال: لا يحد و لا يرجم «1»

و ربما يستدل بها على عدم كفاية الاطلاق من بعض اذا شهد آخرون بالخصوصية بتقريب عدم الفصل بين هذه الخصوصية المذكورة و بين سائر الخصوصيات، و لكن في الجواهر منع الاجماع المركب، بحيث تسكن اليه النفس في المقام، فالمتجه الاقتصار في الموثق على مورده، و في الوسائل بعد نقل الرواية قال:

حمله الشيخ على ما لو لم يشهد الرابع بالزنا بل اظهر الشك فيه، فيظهر من ذلك عدم العمل بظاهر الرواية في مورده أيضا، فتدبر.

(2) في الخلاف- المسألة 24- «اذا شهد اربعة شهود على رجل بالزنا بامرأة

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 12 من ابواب حد الزنا، الحديث 6

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 51

[لو أقام الشهادة بعض في وقت حدّوا]

و لو اقام الشهادة بعض في وقت حدوا للقذف و لم يرتقب اتمام البينة لأنه لا تأخير في حد (1)

______________________________

فشهد اثنان انه اكرهها و آخران انها طاوعته قال الشافعي: انه لا يجب عليه الحد، و هو الاقوى عندي و قال ابو حنيفة: عليه الحد و به قال ابو العباس، دليلنا

ان الاصل براءة الذمة و ايجاب الحد يحتاج الى دليل، و أيضا الشهادة لم تكمل بفعل واحد و انما شهادة على فعلين لان الزنا طوعا غير الزنا كرها».

و قوى في المبسوط ان عليه الحد، قال: «لان الشهادة قد كملت في حقه على الزنا لأنه زان في الحالين».

اقول: الاقوى ما قواه في المبسوط، لان الاختلاف في الطوع و الكره يرتبط بنحو درك الشهود و اجتهادهم، فلعله صدر من المرأة حركات استفاد منها بعضهم انها مكرهة و بعضهم انها من قبيل الغنج و الدلال و لا يوجب ذلك تعدد فعل الرجل، فالشهادات تواردت على فعل واحد و لا سيما مع تعرضهم لزمان واحد، و مكان واحد، بحيث احرز وحدة الفعل من جهة الخصوصيات كما هو مفروض البحث.

و في الجواهر «ثم ان اوجبنا الحد عليه لم يحد الشهود و إلا حدوا، و في القواعد يحتمل ان يحد شهود المطاوعة لأنهما قذفاها و لم تكمل شهادتهم عليها دون شاهدي الاكراه لأنهما لم يقذفاها و قد كملت شهادتهم عليه و انما انتفى عنه الحد للشبهة اي لا لعدم الثبوت، و فيه ان الشهادة بالمطاوعة اعم من القذف لاحتمال الشبهة فيها».

اقول: يرد على ما عن القواعد انه اذا فرض كمال شهادتهم عليه فاي شبهة لنفي الحد عنه؟ ففي الكلام نحو تهافت كما لا يخفى.

(1) في الخلاف- المسألة 31- «اذا تكامل شهود الزنا فقد ثبت الحكم بشهادتهم سواء شهدوا في مجلس واحد او في مجالس، و شهادتهم مفترقين احوط و به قال الشافعي، و قال ابو حنيفة: ان كانوا شهدوا في مجلس واحد ثبت الحد بشهادتهم و ان كانوا شهدوا في مجالس فهم قذفة يحدون ...»

و في الجواهر بعد عبارة المتن

«بلا خلاف اجده فيه الا ما يحكى عن جامع ابن سعيد و هو شاذ».

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 52

..........

______________________________

اقول: و الاصل في المسألة ما رواه السكوني، عن جعفر، عن ابيه، عن علي «ع» في ثلاثة شهدوا على رجل بالزنا فقال علي «ع»: اين الرابع؟ قالوا: الآن يجي ء فقال علي «ع»: حد و هم فليس في الحدود نظر ساعة، و ما رواه عباد البصري، قال: سألت ابا جعفر «ع» عن ثلاثة شهدوا على رجل بالزنا و قالوا: الآن نأتي بالرابع، قال: يجلدون حد القاذف، ثمانين جلدة كل رجل منهم «1»

و ضعف الخبرين منجبر بالشهرة، مضافا الى ان بناء الاصحاب على العمل برواية السكوني، و الشيخ في العدة ادعى اجماع اصحابنا على العمل برواياته، فلا اشكال في المسألة لا من حيث الفتوى و لا من حيث الرواية.

نعم ربما يذكر اشكالات قابلة للرفع، و مرجعها الى نحو اجتهاد في مقابل النص:

الاول ان غرض الشهود الاحسان و رفع المنكر و قال الله- تعالى-: ... مٰا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ ... «2» الثاني: ان حد الشهود يوجب عدم رغبة الناس في الشهادة على الزنا، و قد قال الله- تعالى-: لٰا تَكْتُمُوا الشَّهٰادَةَ ... «3» الثالث: ان الجاهل بالحرمة لا يحد، الرابع: ان القاصد لرفع المنكر لا يسمى قاذفا، الخامس: ان حد القذف حق للمقذوف فلا يجري الا مع طلبه.

و يرد الا و لان ان الشارع كما اهتم برفع المنكرات اهتم بوجاهة الناس و حيثياتهم، و بناء باب الحدود على التخفيف فلا يجوز اداء الشهادة فيها الا على فرض تحقق الاربعة. و يرد الثالث بان الحد يجري على فرض علم الشاهد بالحكم. و يرد الرابع بانه مصادرة على المطلوب. و يرد

الخامس بانا نسلم ذلك و لعل الرجل المقذوف طلب من علي «ع» اجراء الحد على الشهود، اذ عدم التعرض في الروايتين لا يدل على عدم الوجود، فتدبر. و العمدة وجود الروايتين و فتوى المشهور بهما فلا يجوز رفع اليد عنهما.

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 12 من ابواب حد الزنا، الحديث 8 و 9

(2)- سورة التوبة، الاية 91

(3)- سورة البقرة، الاية 283

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 53

..........

______________________________

بقي الكلام في ما ذكره الشيخ في الخلاف حيث سوى بين المجلس الواحد و المجالس بل قال: ان شهادتهم مفترقين احوط. و في المختلف تنزيل ذلك على تفرقهم بعد اجتماعهم لإقامة الشهادة. و يؤيد ذلك ما في السرائر حيث قال: «و اذا رأى الامام او الحاكم من قبله تفريق الشهود اصلح في بعض الاوقات بعد ان يكونوا حضروا لإقامة الشهادة في وقت واحد كان ذلك جائزا».

هذا و يظهر من العلامة في القواعد و ولده في الشرح (: إيضاح القواعد) وجوب اتفاق الاربعة في الحضور أيضا فلا يكفي تفرقهم في الحضور و لو اجتمعوا في الشهادة.

و فيه عدم الدليل على ذلك، بل الاقوى عدم وجوب اجتماعهم عند اقامة الشهادة أيضا و انما المضر الفصل الزماني بين اقامتهم، فلو فرض انه دخل واحد فاقام الشهادة و بعده- بلا فصل- دخل الثاني و اقام شهادته و هكذا الى الاربعة كفى، و لا يجب أيضا تواطئهم قبل الاقامة فلو شهد ثلاثة- مثلا- و بلا فصل شهد آخر من غير تواطئ كفى، لإطلاق الادلة.

فروع: الاول لو شهد بعض و ابى الآخر بعد الحضور لها ففي الجواهر «حد الشاهد للقذف، كما صرح به غير واحد نافيا للخلاف فيه بل عن الخلاف الاجماع عليه، لفحوى الخبرين السابقين

و للمعتبرة التي منها الصحيح (صحيحة محمد بن قيس، عن ابي جعفر «ع» عن امير المؤمنين) قال: لا اكون اول الشهود الاربعة في الزنا اخشى ان ينكل بعضهم فاجلد». «1»

اقول: و اشار بما حكي عن الخلاف الى ما فيه- المسألة 32-: «اذا حضر اربعة ليشهدوا بالزنا فشهد واحد او ثلاثة و لم يشهد الرابع لم يثبت على المشهود عليه بالزنا لان الشهادة ما تكاملت بلا خلاف و من لم يشهد لا شي ء عليه أيضا بلا خلاف و من شهد فعليه (الحد خ. ل) حد القذف و به قال ابو حنيفة و اصحابه و الشافعي في احد قوليه ... دليلنا

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 12 من ابواب حد القذف، الحديث 2

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 54

..........

______________________________

اجماع الفرقة و اخبارهم و أيضا ففيه اجماع الصحابة ...» و يدل على المسألة أيضا صحيحة حريز، عن ابي عبد الله «ع»: ... فان شهد له ثلاثة و ابى واحد يجلد الثلاثة و لا تقبل شهادتهم حتى يقول اربعة رأينا مثل الميل في المكحلة «1»

الثاني: في الجواهر «لو شهدوا و كانوا فساقا كلا او بعضا حدوا، و عن الخلاف و المبسوط و السرائر و الجامع و التحرير وجوب الحد ان كان رد الشهادة لمعنى ظاهر كالعمى و الفسق، و العدم ان كان لمعنى خفي فيختص الحد بالمردود دون الاخرين لعدم تفريطهم».

اقول: و يشهد لذلك أيضا قوله- تعالى-: ... لٰا تَزِرُ وٰازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرىٰ ... «2»

اللهم الا ان يستأنس من الفرع التالي لزوم حد الجميع، فيجب عليهم لدفع الحد عن انفسهم ان يقولوا للقاضي قبل اقامة الشهادة: هل تقبل شهادتنا او يكون في نفسك شي ء من بعضنا او جميعنا؟ فاذا ثبت

لهم كونهم مقبولين عنده اقاموا الشهادة، فتدبر.

الثالث: في الجواهر أيضا «لو كانوا مستورين و لم تثبت عدالتهم و لا فسقهم ففي القواعد فلا حد للشبهة لكن في خبر ابي بصير، عن الصادق «ع»- في اربعة شهدوا على رجل بالزنا فلم يعدلوا- قال: يضربون الحد «3» و يمكن حمله على ظهور الفسق».

اقول: التنزيل و الحمل خلاف الظاهر و لا مانع من استحقاقهم الحد على فرض عدم التعديل، فلو شاءوا دفع الحد عن انفسهم كان عليهم قبل اقامة الشهادة سؤال القاضي عن عدالتهم فان عدلوا اقاموها، و الظاهر من قوله «لم يعدلوا» تعديل الجميع فلو لم يعدل بعضهم أيضا حد الجميع، نعم في سند الرواية علي بن ابي حمزة البطائني الواقفي، فيمكن رد الرواية من جهة السند.

الرابع: في الخلاف- المسألة 34- «اذا شهد اربعة ثم رجع واحد منهم فلا حد على

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 2 من ابواب حد القذف، الحديث 5

(2)- سورة الانعام، الاية 164

(3)- الوسائل ج 18 الباب 12 من ابواب حد القذف، الحديث 4

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 55

[لا يقدح تقادم الزنا في الشهادة]

و لا يقدح تقادم الزنا في الشهادة، و في بعض الاخبار ان زاد عن ستة اشهر لم تسمع، و هو مطرح (1)

[تقبل شهادة الاربع على الاثنين فما زاد]

و تقبل شهادة الاربع على الاثنين فما زاد (2)

______________________________

المشهود عليه بلا خلاف و على الراجع الحد أيضا بلا خلاف، و اما الثلاثة فلا حد عليهم، و للشافعي فيه قولان ... و قال ابو حنيفة عليهم الحد ...» و في الجواهر فصل بين ما قبل الحكم و ما بعده، ففي الاول يحد الجميع و في الثاني خصوص الراجع اخذا باقراره على نفسه.

اقول: الحق ما اختاره الشيخ من عدم حد الثلاثة سواء كان قبل الحكم او بعده لقوله- تعالى- وَ لٰا تَزِرُ وٰازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرىٰ. و لو قيل بان رجوع البعض يخرب اساس الشهادة فيصير الشهادة قذفا، فلا فرق أيضا بين ما قبل الحكم و ما بعده، فتدبر.

(1) في الخلاف- المسألة 45- «اذا شهد اربعة بالزنا قبلت شهادتهم سواء تقادم الزنا او لم يتقادم و به قال الشافعي، و قال ابو حنيفة و اصحابه اذا شهدوا بزنا قديم لم تقبل شهادتهم، و قال ابو يوسف جهدنا بابي حنيفة ان يوقت في التقادم شيئا فابى، و حكى الحسن بن زياد و محمد عن ابي حنيفة انهم اذا شهدوا بعد سنة لم تجز و قال ابو يوسف و محمد اذا شهدوا بعد شهرين من حين المعاينة لم يجز ...»

اقول: الخبر الذي ذكره المصنف لم اجده، و على فرض وجوده فهو معرض عنه لم يفت به اصحابنا فيحمل على التقية او على فرض التوبة كما يشعر به مرسل جميل، عن رجل، عن احدهما «ع»- في رجل سرق او شرب الخمر او زنى فلم يعلم ذلك منه و

لم يؤخذ حتى تاب و صلح- فقال: اذا صلح و عرف منه امر جميل لم يقم عليه الحد، قال ابن ابي عمير قلت: فان كان امرا قريبا لم تقم؟ قال: لو كان خمسة اشهر او أقلّ و قد ظهر منه امر جميل لم تقم عليه الحدود، روى ذلك بعض اصحابنا عن احدهما «1»

(2) لا طلاق الادلة حيث ان اللازم في كل زنا شهادة الاربع و هو متحقق، و يشهد لذلك أيضا خبر عبد الله بن جذاعة، قال: سألته عن اربعة نفر شهدوا على رجلين و امرأتين بالزنا قال: يرجمون. «2»

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 16 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 3

(2)- الوسائل ج 18 الباب 12 من ابواب حد الزنا، الحديث 7

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 56

[الاحتياط تفريق الشهود في الاقامة بعد الاجتماع]

و من الاحتياط تفريق الشهود في الاقامة بعد الاجتماع و ليس بلازم (1)

و لا تسقط الشهادة بتصديق المشهود عليه و لا بتكذيبه (2)

[حكم التوبة قبل البيّنة أو بعدها]

و من تاب قبل قيام البينة سقط عنه الحد (3) و لو تاب بعد قيامها لم يسقط حد أ كان او رجما (4)

______________________________

(1) قد مر ذلك في كلام الخلاف و السرائر، و يدل على حسنه- بل استحبابه- ما دل على تفريق علي «ع» للشهود و قوله «ع»: انا اول من فرق بين الشاهدين (الشهود) الا دانيال النبي «1»

(2) في الخلاف- المسألة 19- «اذا شهد (عليه خ. ل) اربع شهود بالزنا فكذبهم اقيم عليه الحد بلا خلاف، و ان صدقهم اقيم عليه الحد و به قال الشافعي، و قال ابو حنيفة:

لا يقام عليه الحد لأنه يسقط حكم الشهادة مع الاعتراف و بالاعتراف دفعة لا يقام عليه الحد، دليلنا عموم الاخبار ...» اقول: عموم الاخبار كما ذكره الشيخ دليل و لا دليل على ما ذكره ابو حنيفة من بطلان الشهادة بالاعتراف.

(3) في الجواهر «بلا خلاف اجده بل في كشف اللثام الاتفاق عليه للشبهة و قول احدهما في مرسل جميل» ثم ذكر مرسل جميل المتقدم آنفا في مسألة تقادم الزنا، و يشهد لذلك أيضا ما دل على ان التائب من الذنب كمن لا ذنب له، ثم ان توبته حيث لا يعرف الا من قبله فيكون قوله مسموعا في ادعائها، اللهم الا ان يقال: ان الظاهر من رواية جميل لزوم ظهور التوبة في اعماله و افعاله، لقوله: «ظهر منه امر جميل» فلا يكفي الندم النفساني ما لم يظهر في افعاله و اقواله، فتدبر.

عند المشهور كما في الجواهر، خلافا للمفيد و الحلبيين فخيروا الامام بين الاقامة و

عدمها، ففي المقنعة «فان تاب بعد قيام الشهادة عليه كان للإمام الخيار في العفو عنه او اقامة الحد عليه- حسب ما يراه من المصلحة في ذلك له و لأهل الإسلام- فان لم يتب لم يجز العفو عنه في الحد بحال».

______________________________

(1)- راجع الوسائل ج 18 الباب 19 و 20 من ابواب كيفية الحكم

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 57

..........

______________________________

و في الغنية «و ان تاب بعد ثبوت الزنا عليه فللإمام عفو منه و ليس ذلك لغيره».

و استدل للمشهور بخبر ابي بصير، عن ابي عبد الله «ع» في رجل اقيمت عليه البينة بانه زنى ثم هرب قبل ان يضرب، قال: ان تاب فما عليه شي ء، و ان وقع في يد الامام اقام عليه الحد، و ان علم مكانه بعث اليه «1» بناء على ان المراد من قوله: «ما عليه شي ء» اي فيما بينه و بين الله، و لكن اذا وقع في يد الامام اقام عليه الحد و ان تاب، نظير المرتد الفطري، و بقوله «ع» في مرسل البرقي و خبر طلحة «... اذا قامت البينة فليس للإمام ان يعفو، و اذا اقر الرجل على نفسه فذاك الى الامام ان شاء عفى و ان شاء قطع» «2» و في مرسل تحف العقول «... فانه لم يقم عليه البينة و انما تطوع بالاقرار من نفسه ...» «3» و قد مر الروايتان في مسألة توبة المقر، و بتفصيله- عليه السلام- في الهارب من الحفيرة و انه لا يرد ان كان هو المقر و يرد صاغرا ان قامت عليه البينة «4» و بقوله «ع»- في خبر السكوني- «لا يشفعن احد في حد اذا بلغ الامام فانه لا يملكه ...» «5» بناء على عود

الضمير الى الامام كما هو الظاهر لا الى احد، هذا.

و يستدل للمفيد باصالة البراءة و بعدم ثبوت الحد في الذمة ليستصحب، و باولوية سقوط عقاب الدنيا من عقاب الآخرة، و بخبر ابي بصير بناء على كون قوله «ع»، «و ان وقع في يد الامام» قسيما لقوله «ان تاب» و يكون بمعنى الوقوع قبل التوبة، و بعموم التعليل في خبر التحف، اعني قوله «ع» «... و اذا كان للإمام الذي من الله ان يعاقب عن الله كان له ان يمن عن الله ...» «6» و بخبر ضريس الكناسي، عن ابي جعفر «ع»: لا يعفى عن الحدود التي لله دون الامام فاما ما كان من حق الناس في حد فلا بأس بان يعفى عنه دون الامام «7»

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 16 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 4

(2)- الوسائل ج 18 الباب 18 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 3

(3)- الوسائل ج 18 الباب 18 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 4

(4)- راجع الوسائل الباب 15 من ابواب حد الزنا، الحديث 1

(5)- الوسائل ج 18 الباب 20 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 4

(6)- الوسائل ج 18 الباب 18 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 4

(7)- الوسائل ج 18 الباب 18 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 1

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 58

[النظر الثاني: في حدّ الزنا و فيه مقامان]

اشارة

النظر الثاني: في الحد، و فيه مقامان:

[المقام الأوّل في أقسام حدّ الزنا]

اشارة

الاول في اقسامه و هو قتل او رجم او جلد او جز او تغريب (1)

[الأوّل القتل و يجب في موارد]
[الزنا بالمحارم]

اما القتل فيجب على من زنى بذات محرم كالأم و البنت و شبههما (2)

______________________________

اقول: الاصل مقطوع بما عرفت من الادلة، و عدم ثبوت الحد في الذمة ممنوع بعد قيام البينة، و الأولوية المذكورة ممنوعة، مضافا الى ان مقتضى الادلة المذكورة عدم اجراء الحد لا التخيير، و يجري هذا الاشكال في خبر ابي بصير أيضا، مضافا الى كونه ذا احتمالين و اذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال، و عموم التعليل في خبر التحف لا يمكن الاخذ به مع التصريح فيه بالفرق بين البينة و الاقرار، و محط النظر في خبر ضريس بيان عقد النفي- اعني المستثنى منه- لا عقد الاثبات، فلا اطلاق فيه يقتضي جواز عفو الامام و لو في مورد البينة، و على هذا فالاحوط لو لم يكن اقوى ما اختاره المشهور من عدم ثبوت العفو في مورد البينة و لا سيما في غير امام الاصل، نعم محل الكلام الحدود المقررة شرعا فالتعزيرات اصلها و مقدارها حدوثا و بقاء بيد الحاكم، و من اقسامه اكثر التسجينات المتداولة في عصرنا، فتدبر. و عليك بمراجعة مسألة التوبة في المقر، و قد مرت.

(1) على سبيل منع الخلو، فلا ينافي اجتماع الجلد و الرجم او الجلد و التغريب و الجز او الجلد و القتل في بعض الموارد فلاحظ.

(2) بلا خلاف اجده فيه، كما اعترف به غير واحد بل الاجماع بقسميه عليه بل المحكي منهما مستفيض كالنصوص الدالة على ذلك في الجملة، كذا في الجواهر و في الرياض «بلا خلاف اجده و به صرح جماعة حد الاستفاضة بل عليه الاجماع في الانتصار و الخلاف و الغنية،

و هو الحجة».

اقول: لم يذكر في الخلاف مسألة الزنا بالمحارم، نعم فيه ثلاث مسائل تناسب المسألة، نذكرها ملخصا: الاولى- المسألة 13- «اذا اشترى ذات محرم من النسب او الرضاع فوطئها كان عليه الحد، و للشافعي قولان: احدهما عليه الحد و الثاني لا حد عليه

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 59

..........

______________________________

و به قال ابو حنيفة، دليلنا اجماع الفرقة»

الثانية- المسألة 25- «اذا ملك الرجل ذات محرم له بنسب او رضاع فوطئها لزمه القتل (الحد خ. ل) و للشافعي قولان، ثانيهما لا حد عليه و به قال ابو حنيفة، دليلنا اجماع الفرقة».

الثالثة- المسألة 29- «اذا عقد النكاح على ذات محرم من نسب او رضاع او امرأة ابيه او ابنه و وطئها فعليه القتل و به قال الشافعي، و قال ابو حنيفة لأحد، دليلنا اجماع الفرقة و اخبارهم ... و روى عكرمة، عن ابن عباس ان النبي قال من وقع على ذات رحم فاقتلوه، و روى البراء بن عازب قال: اقبل ركب معهم لواء فجعل الاعراب يطوفون بي لمنزلتي من النبي «ص» اذ اتى فئة فاستخرجوا منها رجلا فضربوا عنقه، فسألت عنه فذكروا انه اعرس بامرأة ابيه، و ما فعل القوم هكذا إلا كان بامر النبي او بعلمه».

و رجعت الى باب الحدود من «بداية المجتهد»- لابن رشد- فلم يذكر فيه حكم الزنا بالمحارم بل قال: «و الحدود الاسلامية ثلاثة: رجم و جلد و تغريب» فيعلم منه عدم كون القتل عندهم حدا للزنا بما انه زنا.

نعم في «الفقه على المذاهب الاربعة» (ج 5، ص 98) ذكر مسألة العقد على المحارم ثم تعرض لمسألة الزنا بالمحارم و قال ما ملخصه: «و من زنى بالمحارم سواء كان التحريم بالمصاهرة او بالقرابة

او بالرضاع قال سيدنا جابر بن عبد الله (رض): يضرب عنقه و يضم ماله الى بيت المال، و عن الامام احمد و اسحاق وجوب قتله سواء كان بكرا أم محصنا اذا كانت المفعول بها امرأة ابيه، لحديث البراء حيث قال: لقيت خالي و معه راية فقلت له: اين تريد؟ فقال: بعثني رسول الله «ص» الى رجل نكح امرأة ابيه ان اضرب عنقه و آخذ ماله، رواه ابو داود و الترمذي و قال: حديث حسن، و روى ابن ماجة، عن ابن عباس ان رسول الله «ص» قال: من وقع على ذات محرم فاقتلوه لأنه اعتبر مستحلا لما حرم الله مرتدا عن الإسلام، فحل قتله و ضم ماله الى بيت مال المسلمين، و قد روي عن معاوية بن قرة، عن ابيه ان النبي «ص» بعث جد معاوية الى رجل عرس بامرأة ابنه ان يضرب عنقه و يخمس ماله و هذا دليل على انه استحل ذلك الفعل فارتد

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 60

..........

______________________________

بسببه عن الإسلام.» فيعلم من ذلك أيضا ان القتل عندهم من جهة الارتداد لا من جهه كونه حدا للزنا بما انه زنا، هذا.

و اما اصحابنا فبعضهم جعل حد الزنا بالمحارم الضربة بالسيف او ضرب العنق و بعضهم جعل حده القتل.

ففي المقنعة «و من زنى بذات محرم له كعمته او خالته او بنت اخيه او بنت اخته ضربت عنقه محصنا كان او غير محصن و كذلك الحكم فيمن زنى بامه او ابنته او اخته».

و في المقنع «و من زنى بذات محرم يضرب ضربة بالسيف اخذ منها ما اخذ».

و في الانتصار «و مما انفردت به الامامية ان من زنى بذات محرم ضربت عنقه محصنا كان او غير

محصن».

و في النهاية «كل من وطئ ذات محرم له اما او بنتا او اختا او بنتها او بنت اخيه او عمته او خالته فانّه يجب عليه القتل على كل حال».

و في المراسم «و كل من وطئ احدى المحرمات قتل».

و في الغنية «منهم من يجب عليه القتل حرا كان او عبدا محصنا او غير محصن على كل حال و هو من زنى بذات محرم له او وطئها مع العقد عليها و العلم برحمها منه او زنى بامرأة ابيه او غصب امرأة على نفسه او زنى- و هو ذمي- بمسلمة».

و اما الروايات فلا يوجد فيما بطرقنا في هذه المسألة عنوان القتل.

فمنها: صحيحة بكير، عن احدهما- عليه السلام- قال: من زنى بذات محرم حتى يواقعها ضرب ضربة بالسيف اخذت منه ما اخذت، و ان كانت تابعة ضربت ضربة بالسيف اخذت منها ما اخذت، قيل له: فمن يضربهما و ليس لهما خصم؟ قال: ذاك على الامام اذا رفعا اليه «1» و نحوها بالنسبة الى الرجل الحديث 5 و 6.

و منها: رواية جميل بن دراج، قال: قلت لأبي عبد الله «ع»: اين يضرب الذي يأتي ذات محرم، بالسيف؟ اين هذه الضربة؟ قال: تضرب عنقه او قال: تضرب رقبته «2» و

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 19 من ابواب حد الزنا، الحديث 1

(2)- الوسائل ج 18 الباب 19 من ابواب حد الزنا، الحديث 3

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 61

..........

______________________________

نحوه روايته عنه أيضا «1» و لعل المتبادر من اطلاق الصحيحة أيضا ذلك، اذ الضربة بالسيف يكون- بحسب العادة- للقتل، فلا يراد ضرب الانامل مثلا، و حيث ان سائر المقاتل يكون مستورا باللباس و غير المستور هي الرقبة فيكون هي المتبادر من المطلق،

فتدبر.

و منها: رواية عامر بن السمط، عن علي بن الحسين «ع» في الرجل يقع على اخته قال: يضرب ضربة بالسيف بلغت منه ما بلغت، فان عاش خلد في السجن حتى يموت «2» و نحوها «الحديث 4 من الباب» فالى هنا تسع روايات من الباب رجعت الى ثلاث.

و منها: رواية ابي بصير، عن ابي عبد الله «ع» قال: اذا زنى الرجل بذات محرم حد حد الزاني الا انه اعظم ذنبا «3» و ظاهر الرواية كون المحرم يساوي غيره فيكون حد المحصن الرجم و حد غيره الجلد، و حيث لا يمكن العمل بها- لمرجوحيتها بالنسبة الى غيرها و عدم العمل بها- تحمل على التقية او غيرها، و الشيخ حملها على الرجم و قال:

ان الامام مخير بينه و بين القتل لاشتراكهما في النتيجة، و لا وجه لهذا الحمل.

فهذه هي اخبار الباب بطرقنا و ليس فيها عنوان من القتل، بل المتبادر منها بعد جمعها و تقييد المطلق منها بالمقيد- و لا سيما بملاحظة ذيل رواية عامر بن السمط- وجوب ضرب الآلة القتالة- اعني السيف- على المقتل الظاهر- اعني الرقبة- ضربة واحدة اخذت منها ما اخذت، فلا يجوز ايراد الضربة الثانية لو لم يمت من الاولى، و بالجملة فليس الحكم القتل، بل الضربة الواحدة الواردة على العنق و هي اعم من القتل.

نعم، في المستدرك، عن الدعائم، عن امير المؤمنين «ع» من اتى ذات محرم يقتل.

و فيه عن العوالي، عن النبي «ص» انه قال: من اتى ذات محرم فاقتلوه «4» و في سنن ابن ماجة، عن ابن عباس، عن النبي «ص» من وقع على ذات محرم فاقتلوه «5» و قد مر

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 19 من ابواب حد الزنا،

الحديث 2، 7 و 11

(2)- الوسائل ج 18 الباب 19 من ابواب حد الزنا، الحديث 10

(3)- الوسائل ج 18 الباب 19 من ابواب حد الزنا، الحديث 8

(4)- المستدرك ج 3 ص 225 الباب 17 من ابواب حد الزنا

(5)- سنن ابن ماجة كتاب الحدود، باب من اتى ذات محرم

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 62

..........

______________________________

مثله عن الفقه على المذاهب و نحوه عن الخلاف، فان ثبت هذا الخبر عن النبي «ص» او عن علي «ع»، كان الحاكم مخيرا بين القتل و بين الضربة الواحدة بالسيف على العنق، كما لعله المختار في مسألة من غصب فرج امرأة و اكرهها كما سيأتي و الا كان الحكم هو الضربة الواحدة لا القتل، هذا.

و في الجواهر، عن الرياض ان ظاهر النصوص الاكتفاء بالضربة الواحدة و هي لا تستلزم القتل، كما في صريح بعضها اي المشتمل على التخليد في الحبس.

و اجاب صاحب الجواهر عن ذلك بانه- كما اعترف به- شي ء لم يذكره احد، بل عباراتهم طافحة بذكر القتل، بل سمعت معاقد الاجماعات المحكية و في النبوي المنجبر من وقع على ذات محرم فاقتلوه، بل لعله المراد من الضربة و لو بقرينة ما تعرفه من النص و الفتوى على القتل في الزنا بغير ذات المحرم مع الاكراه، فليس حينئذ الا ما صرح به فيما سمعت من التخليد في السجن مع فرض الخلاص و لا ريب في قصوره عن معارضة ما عرفت من وجوه، بل هو شاذ.

اقول: لو فرض صرف النظر عن الروايتين المشتملتين على التخليد في السجن فنفس قوله «ع» اخذت ما اخذت او بلغت ما بلغت يدل على عدم تحتم القتل، و انما يستعمل الآلة القتالة عادة على المقتل العادي و لكنه ربما

يتخلف عن القتل، فمفاد الاخبار غير عنوان القتل بل هو اعم منه، بقي ما ادعاه من الاجماعات، فنقول: ليس في الغنية عقيب ما نقلناه منه اجماع، بل عقيب المسائل المذكورة بعده، ثم المذكور في المقنعة و المقنع و الانتصار ليس عنوان القتل بل ما هو مفاد الروايات و لا سيما عبارة المقنع، فادعاء الاجماع على عنوان القتل غير صحيح، فالأحوط الافتاء بما يقتضيه ظواهر الاخبار، اعني ايقاع ضربة واحدة بالسيف على الرقبة بلغت ما بلغت، فتدبر.

فرعان: الاول القدر المتيقن من ذات المحرم، النسبي منها، و هل يلحق به السببي او الرضاعي أم لا؟ في الجواهر: «في كشف اللثام، لما كان التهجم على الدماء مشكلا قصر الحكم على ذات محرم نسبا لا سببا او رضاعا الا ما سيأتي من امرأة الاب

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 63

..........

______________________________

بناء على انها المتبادر الى الفهم و لا نص و لا اجماع على غيرها، و في المبسوط و الخلاف و الجامع، الحاق الرضاع بالنسب، و في الرياض «و اما غيرهن من المحارم بالمصاهرة فكغيرهن من الاجانب على ما يظهر من الفتاوى، و النصوص خالية من تخصيص النسبي لكن سند اكثرها ضعيف و الحسن منها قاصر عن الصحة و الصحيح منها رواية واحدة لا يجسر بمثلها على التهجم على النفوس المحترمة» قال في الجواهر: «قلت لا فرق على الظاهر بين الدم و غيره بعد فرض حصول الظن الاجتهادي الذي يجب العمل به، سواء كان ضعيفا او قويا ناشئا من خبر واحد او متعدد، نعم قد يقال المنساق من ذات المحرم النسبي و ان قال في الصحاح و غيره يقال هو ذو محرم منها اذا لم يحل له نكاحها، لكن مراده من

حيث النسب، و اشتمال الاية على الحرمة بالسبب و النسب لا ظهور فيه في تحقق صدق ذات المحرم حقيقة على السببية فضلا عن الرضاعية، و اما ما دل على ان الرضا ع لحمة كلحمة النسب، فيضعفه عدم عمل معظم الاصحاب به في اكثر المقامات، كالمواريث و الولايات و غيرهما مما يفهم منه ارادة خصوص النكاح، و ما تسمعه في زوجة الاب من النص و فتوى المشهور لا يقتضي ثبوت الحكم في غيرها من المصاهرة» انتهى.

اقول: الانصاف ان لفظ «ذات محرم» المذكور في الروايات و لا سيما بلحاظ جمع النسبي و السببي و الرضاعي في آية المحرمات من سورة النساء يشمل الاقسام الثلاثة، و انصرافه الى النسبي بدوي لا اعتبار به و انما يضر الانصراف و القدر المتيقن في مقام التخاطب بالاطلاق اذا كان بحد يصير كالقيد المذكور و كان اللفظ كالقالب للمقيد، و عدم تعرض الاصحاب للسببي و الرضاعي لا يفهم منه مخالفتهم فيهما، اذ ليس منهم الا انهم ذكروا مصاديق النسبي من باب المثال حتى انهم لم يستوعبوا افراد النسبي أيضا بل ربما ذكروا بعض المصاديق الواضحة منها، فلا يفهم منهم الاعراض بالنسبة اليهما، و يؤيد الاطلاق الحاق امرأة الاب كما سيأتي، و درء الحدود بالشبهات لا يزاحم الاطلاق على فرض ثبوته فان الاطلاق حجة و الحجة ترفع الشبهة، و قوله الرضاع لحمة و ان اختص بالنكاح و لكن الحرمة في النكاح موضوع لمسألتنا فبحديث الرضاع يثبت

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 64

[الذمي اذا زنى بمسلمة]

و الذمي اذا زنى بمسلمة (1)

______________________________

الموضوع و بقوله من زنى بذات محرم فاقتلوه يثبت الحكم، هذا و لكن- بعد اللتيا و التي- الافتاء بما لم يفت به الاصحاب يحتاج الى جرأة

و جسارة، فتدبر.

الثاني: في الجواهر: «قد يقال باختصاص ذلك بالنسب الشرعي اما المحرم من الزنا فلا يثبت له الحد المزبور للأصل و غيره».

اقول: لا يخفى ان الموضوعات للأحكام الشرعية تحمل على معانيها العرفية الا فيما ورد دليل بخلافه، و الولد و البنت و الاخت و نحوها لها مفاهيم عرفية فتحمل عند الاطلاق عليها، و قد دل الدليل في باب الارث على عدم الثبوت لولد الزنا و هذا لا يدل على تصرف في مفهوم الولد، ففي باب النكاح و النفقات و المقام يحمل الالفاظ على معانيها العرفية، الا ترى انه لا يمكن الالتزام بجواز تزويج البنت او الاخت من الزنا تمسكا بعدم ثبوت التوارث بينهما، فالأقوى عموم الحكم لمن كان ذات محرم و لو بالزنا، فتدبر جيدا و الله اعلم.

(1) مطاوعة او مكرهة سواء كان بشرائط الذمة او لا فان حده القتل بلا خلاف اجده بل الاجماع بقسميه عليه بل المحكي منهما مستفيض، كذا في الجواهر.

و يدل عليه موثق حنان بن سدير، عن ابي عبد الله «ع» قال: سألته عن يهودي فجر بمسلمة، قال: يقتل «1» و اطلاق الرواية يشمل من عمل بسائر شرائط الذمة و من لم يعمل، و يستفاد منه حكم الحربي بطريق اولى و لان الكفر ملة واحدة، فالحكم لمطلق الكافر، و الذمي العامل بشرائط الذمة هو الفرد الاخفى، كما ان اطلاق الرواية يشمل من اسلم بعد زناه، مضافا الى خبر جعفر بن رزق الله، قال قدم الى المتوكل رجل نصراني فجر بامرأة مسلمة و اراد ان يقيم عليه الحد فاسلم فقال يحيى بن اكثم: قد هدم ايمانه شركه و فعله، و قال بعضهم: يضرب ثلاثة حدود و قال بعضهم: يفعل به كذا

و كذا، فامر المتوكل بالكتاب الى ابي الحسن الثالث- عليه السلام- و سؤاله عن ذلك، فلما قدم الكتاب كتب ابو الحسن «ع» يضرب حتى يموت، فانكر يحيى بن اكثم و انكر فقهاء

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 36 من ابواب حد الزنا، الحديث 1

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 65

[من زنى بامرأة مكرها لها]

و كذا من زنى بامرأة مكرها لها (1)

______________________________

العسكر ذلك و قالوا: يا امير المؤمنين! سله عن هذا فانه شي ء لم ينطق به كتاب و لم تجى ء به السنة فكتب: ان فقهاء المسلمين قد انكروا هذا و قالوا لم تجى ء به سنة و لم ينطق به كتاب فبين لنا بما او جبت عليه الضرب حتى يموت؟ فكتب «ع»: بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ*، ... فَلَمّٰا رَأَوْا بَأْسَنٰا قٰالُوا آمَنّٰا بِاللّٰهِ وَحْدَهُ وَ كَفَرْنٰا بِمٰا كُنّٰا بِهِ مُشْرِكِينَ، فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمٰانُهُمْ لَمّٰا رَأَوْا بَأْسَنٰا، سُنَّتَ اللّٰهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبٰادِهِ وَ خَسِرَ هُنٰالِكَ الْكٰافِرُونَ «1» قال فامر به المتوكل فضرب حتى مات «2» نعم، ظاهر هذا الخبر عدم سقوط الحد بالاسلام عند ارادة الحد بل خصوص ما حصل بقصد الخلاص من الحد كما هو مقتضى الاستدلال بالآية الكريمة، و عليه أيضا يحمل اطلاق الموثق للاحتياط في الدماء و لان الإسلام يجب ما قبله «3» كما عمل به المشهور من العامة و الخاصة في الموارد المختلفة، فاذا اسلم حقيقة فلا يجري عليه حد و لا سيما اذا سبق مجلس الحكم، فما في الرياض من عدم سقوط الحد لفحوى ما دل على عدم سقوطه بتوبته اذا ثبت عليه بالبينة، و غاية الإسلام ان يكون توبة ضعيف بعد ما ذكرنا من خبر الجب المشهور بين الفريقين و خبر الجب حاكم

على الموثق المذكور، فتدبر جيدا.

(1) بلا خلاف اجده فيه بل الاجماع بقسميه عليه بل المحكي منهما مستفيض كالنصوص المعتبرة، كذا في الجواهر.

اقول: نصوص المسألة طائفتان مذكورتان في الباب 17 من ابواب حد الزنا من الوسائل: الاولى ما دل على القتل و الثانية ما دل على الضربة بالسيف.

اما الاولى: فهي في الحقيقة روايتان: الاولى صحيحة بريد العجلي، قال سئل ابو جعفر «ع» عن رجل اغتصب امرأة فرجها، قال: يقتل محصنا كان او غير محصن.

______________________________

(1)- سورة الغافر، الاية 84 و 85

(2)- الوسائل ج 18 الباب 36 من ابواب حد الزنا، الحديث 2

(3)- راجع تفسير القمى ج 2 في ذيل الاية 90 من سورة بنى اسرائيل (وَ قٰالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّٰى تَفْجُرَ ...) و كنز العمال ج 1 ص 17، الحديث 243 و ص 20، الحديث 298 و الجامع الصغير للسيوطي ج 1 ص 160 باب الهمزة

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 66

و لا يعتبر في هذه المواضع الاحصان بل يقتل على كل حال شيخا كان او شابا و يتساوى فيه الحر و العبد و المسلم و الكافر (1)

______________________________

(الحديث 1) الثانية صحيحة زرارة، قال: قلت لأبي جعفر «ع»: الرجل يغصب المرأة نفسها، قال: يقتل. (الحديث 2 و نحوه 4 و 5)

و اما الثانية: فهي أيضا روايتان: الاولى رواية زرارة أيضا عن ابي جعفر «ع» في رجل غصب امرأة فرجها، قال: يضرب ضربة بالسيف بالغة منه ما بلغت. (الحديث 3) و في طريقها علي بن حديد، و قد ضعفه الشيخ. الثانية رواية ابي بصير، عن ابي عبد الله «ع» قال: اذا كابر الرجل المرأة على نفسها ضرب ضربة بالسيف مات منها او عاش.

(الحديث 6)

و اما الفتاوى فلم اجد من

افتى بالطائفة الثانية، اذا المذكور في المقنع و الهداية و النهاية و المراسم و الغنية عنوان القتل، و في المقنعة و الانتصار ضربت عنقه، و هذا أيضا ينطبق على القتل، فالأقوى في المسألة القتل عملا بقوله «ع» خذ بما اشتهر بين اصحابك ... «1» و لو لا الشهرة كنا نخير بين القتل و الضربة الواحدة بالسيف.

و اما الموضوع فالمذكور في اكثر الروايات و ما وجدته في كتب القدماء عنوان الغصب، و هو اعم من الاكراه المذكور في المتن، لصدقه على النائمة و المغماة و السكرى المسلوبة الاختيار، نعم في صدقه على المضطرة- كما اذا اضطرت لحفظ نفسها الى الماء و لم يمكن تحصيله الا بالزنا معها- تأمل و اشكال، فتدبر.

ثم لا يخفى ان اهل الخلاف لا يفرقون بين المكرهة و غيرها، ففي الانتصار: «و مما انفردت به الامامية القول بان من غصب امرأة على نفسها و وطئها مكرها لها ضربت عنقه محصنا كان او غير محصن، و خالف باقي الفقهاء في ذلك، دليلنا على صحة ما ذهبنا اليه اجماع الطائفة.

(1) بلا خلاف في ذلك عدا ما سيأتي من ابن ادريس من الرجم في المحصن منها، دليلنا اطلاق الروايات و التصريح في بعضها بعدم الفرق بين المحصن و غيره، و النسبة

______________________________

(1)- المستدرك ج 3 ص 185 كتاب القضاء الباب 9 من ابواب صفات القاضي عن العوالي.

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 67

[الزاني بامرأة أبيه او ابنه]

و كذا قيل في الزاني بامرأة ابيه او ابنه (1)

______________________________

بينما دل على الرجم في المحصن و ما دل على القتل في المواضع الثلاثة بنحو الاطلاق و ان كان بنحو العموم من وجه و لكن يقدم روايات المقام بالشهرة بل الاجماع من غير ابن ادريس

بل بالتصريح في بعضها بعدم الفرق بين المحصن و غيره.

(1) القائل في امرأة الاب- كما في الجواهر- الشيخ و الحلبي و بنو زهرة و ادريس و حمزة و البراج و سعيد على ما حكي عنهم و في امرأة الا بن ابن ادريس.

اقول: امرأة الابن ليس لها دليل بالخصوص من طرقنا و انما الدليل عليها اطلاق ذات المحرم بناء على شمولها للسببي، نعم يدل عليها من طرق اهل السنة ما رواه معاوية بن قرة، عن ابيه ان النبي «ص» بعث جد معاوية الى رجل عرس بامرأة ابنه ان يضرب عنقه و يخمس ماله «1» و لكن ابن ادريس الذي لا يعمل بخبر الواحد كيف يعمل بهذا الخبر؟!

و اما امرأة الاب فيدل عليها مضافا الى اطلاقات ذات المحرم ما رواه السكوني، عن جعفر، عن ابيه، عن امير المؤمنين «ع» انه رفع اليه رجل وقع على امرأة ابيه فرجمه و كان غير محصن «2» و ما رواه في التاج عن البراء بن عازب، قال لقيت عمي و معه راية فقلت: اين تريد؟ قال: بعثني رسول الله «ص» الى رجل نكح امرأة ابيه فامرني ان اضرب عنقه و آخذ ماله «3» و نحوه ما رواه في «الفقه على المذاهب الاربعة» عن البراء عن خاله- بدل عمه- «4» و قد مر و كذلك يدل عليها ما رواه في الخلاف- المسألة 29- عن البراء، قال: بينا انا اطوف على ابل لي اذا قبل ركب او فوارس معهم لواء فجعل الاعراب يطوفون بي لمنزلتي من النبي «ص» اذ اتى فئة فاستخرجوا رجلا منها فضربوا عنقه، فسألت عنه فذكروا انه اعرس بامرأة ابيه، و ما فعل القوم هذا الا و كان بامر النبي

او بعلمه.

______________________________

(1)- الفقه على المذاهب الاربعة ج 5 ص 99

(2)- الوسائل الباب 19 من ابواب حد الزنا، الحديث 9

(3)- التاج الجامع للأصول ج 3 ص 28

(4)- الفقه على المذاهب الاربعة ج 5 ص 98

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 68

[لا يثبت الجلد في هذه الموارد]

و هل يقتصر على قتله بالسيف قيل نعم و قيل بل يجلد ثم يقتل ان لم يكن محصنا و يجلد ثم يرجم ان كان محصنا عملا بمقتضى الدليلين و الاول اظهر (1)

______________________________

بقي الاشكال في ان مفاد رواية السكوني الرجم، و اصحابنا المذكورون افتوا بالقتل فهل اعتمدوا على روايات البراء و رفضوا رواية السكوني رأسا و كيف ذلك؟! و هل يمكن القول بالتبعيض في الحجية في مثل المقام بناء على صحته بان يقال بحجية رواية السكوني في الدلالة على اصل القتل و عدم حجيتها في الدلالة على خصوص الرجم، و بعبارة اخرى حجيتها في الجنس دون الفصل؟ هذا مشكل جدا، اذ الجنس امر انتزاعي و لا وجود له بدون الفصل، مضافا الى ان اصل التبعيض في الحجية ممنوع بناء على كون الدليل في حجية الاخبار، بناء العقلاء. نعم لو كان دليلها التعبد امكن القول بالتبعيض لكون كل بعض خبرا بنفسه، هذا.

و الذي يسهل الخطب هو ما قويناه من عموم ذات المحرم للسببي و الرضاعي و يطرح رواية السكوني بالاعراض عنها.

(1) القائل ابن ادريس قال في السرائر: «و الذي يجب تحصيله في هذا القسم و هو الذي يجب عليه القتل على كل حال ان يقال: ان كان محصنا فيجب عليه الجلد او لا ثم الرجم، فيحصل امتثال الامر في الحدين معا و لا يسقط و احد منهما و يحصل أيضا المبتغى الذي هو القتل لا جل عموم اقوال

اصحابنا و اخبارهم لان الرجم يأتي على القتل و يحصل الامر بالرجم، و ان كان غير محصن فيجب عليه الجلد لأنه زان ثم القتل بغير الرجم فليلحظ ذلك».

و قال قبل ذلك «و ليس في اطلاق قول اصحابنا: يجب عليه القتل على كل حال، دليل على رفع حد الزنا عنه».

و خلاصة الكلام ان ابن ادريس خالف الاصحاب في المواضع المذكورة بخلافين: الاول ايجاب الجلد قبل القتل، الثاني: ان يكون القتل في المحصن بنحو الرجم و اراد بذلك الجمع بين ادلة الجلد و منها الكتاب، و ادلة الرجم، و ادلة القتل.

و في الجواهر عن كشف اللثام تأييد كلامه برواية ابي بصير، عن ابي عبد الله «ع»

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 69

..........

______________________________

قال: اذا زنى الرجل بذات محرم حد حد الزاني الا انه اعظم ذنبا «1» قال في الجواهر «و لعله لأنه ساواه مع الزاني اولا ثم زاده عظما».

و خلاصة الكلام ان حد الزاني المذكور في الكتاب هو الجلد فبجلده يساوي الزناة الاخر و بقتله يصير اعظم، كيف و قد عرفت ان الشيخ حمل الحديث على الرجم فلو قلنا بثبوت الرجم دون الجلد ربما يصير المقام اخف من غيره، كما لو فرض كون الزاني شيخا اذ في الشيخ يثبت الجلد و الرجم معا كما سيأتي فيجب القول بثبوت الجلد في المقام أيضا، هذا.

و لكن هذه الكلمات- كلها- اجتهاد في مقابل النص، اذ اخبار المواضع الثلاثة او الاربعة ذكر فيها القتل او الضرب بالسيف و لم يذكر فيها الجلد، فلو كان الجلد واجبا لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة و كلمات الاصحاب أيضا ذكر فيها القتل و عنوان القتل يغاير الرجم، فالنصوص و الفتاوى جميعا على خلاف ابن ادريس.

فان

قلت بين ادلة الرجم في المحصن و ادلة القتل في المواضع المذكورة عموم من وجه، ففي مورد الجمع يتعارض الدليلان.

قلت: الترجيح لأدلة القتل، لعمل الاصحاب و لان ادلة الجلد و الرجم كأنها متعرضة لحكم الزنا بما هو زنا، و ادلة القتل متعرضة لعناوين ثانوية موجبة لاشتداد العمل، فالزنا بذات محرم مثلا كأنه عنوان ثانوي اشد من نفس طبيعة الزنا، و التوفيق بين الاحكام الثابتة للعناوين الاولية و الثانوية يكون عند العرف بتقديم ادلة العناوين الثانوية، نظير تعارض ادلة الحرج و الضرر مع الادلة الاولية مثل ادلة الوضوء مثلا، فدليل رفع الحرج و ان كان معارضا مع دليل الوضوء بنحو العموم من وجه و لكن دليل رفع الحرج يقدم في مورد التعارض، هذا.

و لكن يبقى النقض المذكور، اعنى الشيخ اذا زنى بذات محرم، بلا جواب، حيث انه لو زنى بغير ذات محرم يجلد ثم يرجم و لو زنى بمحرم يقتل بلا جلد فيكون اخف، فتدبر.

______________________________

(1) الوسائل ج 18 الباب 19 من ابواب حد الزنا، الحديث 8

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 70

[الثاني الرجم و يثبت في موارد]
[المحصن اذا زنى ببالغة عاقلة]

و أما الرجم فيجب على المحصن اذا زنى ببالغة عاقلة (1)

______________________________

(1) و كذا المحصنة اذا زنت ببالغ عاقل.

ثم اعلم ان الرجم ليس في القرآن، و اما ما رواه عبد الله بن سنان، عن ابي عبد الله «ع» قال: الرجم في القرآن قول الله- عز و جل- اذا زنى الشيخ و الشيخة فارجموهما البتة، فانهما قضيا الشهوة. و ما رواه سليمان بن خالد، قال: قلت: لأبي عبد الله «ع» في القرآن رجم؟ قال: نعم، قلت كيف؟ قال: الشيخ و الشيخة فارجموهما البتة فانهما قضيا الشهوة «1» و ما روي عن عمرانه قال لو لا انني اخشى

ان يقال زاد عمر في القرآن لكتبت آية الرجم في حاشية المصحف: الشيخ و الشيخة اذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله «2» فلعله كان في قرآن كتاب الوحي كقرآن امير المؤمنين «ع» مضافا الى آيات القرآن الشروح و المخصصات و المقيدات الجارية على لسان رسول الله «ص» بعنوان شرح الآيات و تفسيرها و تخصيصها و تقييدها و كانوا يكتبونها مع الميز عن آيات الكتاب العزيز و الا فتحريف القرآن بالزيادة او النقص منه ممنوع جدا بل مخالف للضرورة.

و بالجملة الرجم غير مذكور في القرآن و لكن ثبت بالسنة المتواترة، ففي الخلاف- المسألة 1- «يجب على الثيب الرجم، و به قال جميع الفقهاء، و حكي عن الخوارج انهم قالوا لا رجم في شرعنا لأنه ليس في ظاهرا لقرآن و لا في السنة المتواترة، دليلنا اجماع الفرقة و أيضا روى عبادة بن الصامت ان النبي «ص» قال: خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا، البكر بالبكر جلد مأئة و تغريب عام، و الثيب بالثيب جلد مأئة و الرجم، و زنى ما عز فرجمه رسول الله «ص» و رجم العامرية و عليه اجماع الصحابة الخ» و الظاهر الغامدية بدل العامرية.

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 1 من ابواب حد الزنا، الحديث 4 و 18

(2)- الخلاف كتاب الحدود، المسألة 1

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 71

[إن كان شيخا او شيخة جلد ثم رجم]

فان كان شيخا او شيخة جلد ثم رجم (1)

______________________________

(1) بلا خلاف محقق معتد به اجده فيه، بل الاجماع بقسميه عليه أيضا، و اطلاق العماني الرجم على المحصن من دون ذكر للجلد كجملة من النصوص غير معلوم الخلاف و الا كان محجوجا بما سمعت و بما تسمعه من النصوص، كذا في الجواهر.

و في الخلاف- المسألة

2- «المحصن اذا كان شيخا او شيخة فعليهما الجلد و الرجم و ان كانا شابين فعليهما الرجم بلا جلد، و قال داود و اهل الظاهر عليهما الجلد ثم الرجم و لم يفصلوا و به قال جماعة من اصحابنا، و قال جميع الفقهاء ليس عليهما الا الرجم دون الجلد، دليلنا (و ذكر آية الجلد و رواية عبادة بن الصامت السابقة ثم قال:) و فيه اجماع الصحابة و روي أيضا ان عليا «ع» جلد سراجة يوم الخميس و رجمها يوم الجمعة فقيل له تحدها حدين؟ فقال: حددتها بكتاب الله و رجمتها بسنة رسول الله «ص»، هذا.

و يدل على المسألة مضافا الى الاجماع و عدم الخلاف الا من العماني ما رواه الحلبي، عن ابي عبد الله «ع» قال: في الشيخ و الشيخة جلد مأئة و الرجم، و البكر و البكرة جلد مأئة و نفي سنة «1»

و ما رواه عبد الرحمن، عن ابي عبد الله «ع» قال: كان علي «ع» يضرب الشيخ و الشيخة مأئة و يرجمهما و يرجم المحصن و المحصنة و يجلد البكر و البكرة و ينفيهما سنة «2»

و ما رواه عبد الله بن طلحة، عن ابي عبد الله «ع» قال: اذا زنى الشيخ و العجوز جلدا ثم رجما عقوبة لهما ... «3»

و ظاهرا لأحاديث و ان كان ثبوت الجلد و الرجم فيهما و ان لم يكونا محصنين و لكن يقيدان بالاحصان بالإجماع و عدم الخلاف، و بالجملة ثبوت الجلد و الرجم معا في الشيخ و الشيخة المحصنين واضح، فتدبر.

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 1 من ابواب حد الزنا، الحديث 9

(2)- الوسائل ج 18 الباب 1 من ابواب حد الزنا، الحديث 12

(3)- الوسائل ج 18 الباب 1

من ابواب حد الزنا، الحديث 11

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 72

[ان كان شابا ففيه روايتان]

و ان كان شابا ففيه روايتان: احد يهما يرجم لا غير، و الاخرى يجمع له بين الحدين، و هو اشبه (1)

______________________________

(1) وفاقا للمحكي عن الشيخين و المرتضى و ابن ادريس و عامة المتأخرين بل ادعى عليه الشهرة غير واحد بل عن الانتصار انه من منفردات الامامية، و يقرب منه ما عن الخلاف، كذا في الجواهر.

اقول: قد مر في المسألة السابقة آنفا عبارة الخلاف، و الشيخ فصل في الخلاف و النهاية و كتابي الحديث بين الشيخ و غيره، نعم حكي عن تبيانه عدم التفصيل بينهما و ثبوت الجلد و الرجم مطلقا، و كيف كان فالظاهر عدم ثبوت اجماع او شهرة معتبرة بحيث يكشف بهما قول المعصوم «ع» فالواجب الرجوع الى روايات المسألة و هى ثلاث طوائف: الاولى ما دلت على ثبوت الجلد و الرجم مطلقا في المحصن، الثانية: ما دلت على الرجم فقط مطلقا، الثالثة: ما دلت على التفصيل بين الشيخ و الشيخة و غيرهما.

فمن الطائفة الاولى صحيحة محمد بن مسلم، عن ابي جعفر «ع» في المحصن و المحصنة جلد مأئة ثم الرجم، و مثله صحيحة زرارة، عن ابي جعفر «ع» «1» و منها:

صحيحة الفضيل، قال: سمعت ابا عبد الله «ع» يقول: من اقر على نفسه عند الامام ... الا الزاني المحصن فانه لا يرجمه الا ان يشهد عليه اربعة شهداء فاذا شهدوا ضربه الحد مأئة جلدة ثم يرجمه «2» و من هذه الطائفة أيضا رواية زرارة «3» و روايته أيضا (الحديث 13 من الباب 1) و ان احتمل في الاخيرة ان يكون الجلد لقتل الولد كما يؤيد ذلك رواية محمد بن قيس «4» فراجع.

و

اما الطائفة الثانية فمنها: صحيحة ابي بصير، عن ابي عبد الله «ع» قال: الرجم حد الله الاكبر، و الجلد حد الله الاصغر، فاذا زنى الرجل المحصن رجم و لم يجلد «5».

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 1 من ابواب حد الزنا، الحديث 8 و 14

(2)- الوسائل ج 18 الباب 1 من ابواب حد الزنا، الحديث 15

(3)- الوسائل ج 18 الباب 1 من ابواب حد الزنا، الحديث 7

(4)- الوسائل ج 18 الباب 37 من ابواب حد الزنا، الحديث 1

(5)- الوسائل ج 18 الباب 1 من ابواب حد الزنا، الحديث 1

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 73

..........

______________________________

و منها: موثقة ابي العباس، عن ابي عبد الله «ع» قال: رجم رسول الله «ص» و لم يجلد و ذكروا ان عليا «ع» رجم بالكوفة و جلد، فانكر ذلك ابو عبد الله «ع» و قال: ما نعرف هذا اي لم يحدّ رجلا حدّين: جلد و رجم في ذنب واحد. ذكر الشيخ ان تفسير يونس للخبر غلط ثم حمله على انكار الحكم الاول «1» و يستفاد من رواية الاصبغ بن نباتة «2» أيضا كون حد المحصن الرجم بلا جلد، و كذا من قصة ماعز بن مالك و نحوها حيث ان المذكور فيها من طرق الفريقين تحقق الرجم فقط، نعم يستفاد من قصة سراجة الهمدانية كون الرجم مع الجلد، فقد روي ان عليا «ع» جلد سراجة يوم الخميس و رجمها يوم الجمعة فقيل له: تحدها حدين؟ فقال: حددتها بكتاب الله و رجمتها بسنة رسول الله «3» بل يستفاد من تعليله كون الحكم ثابتا مطلقا.

و اما الطائفة الثالثة فهي روايتا عبد الله بن طلحة و عبد الله بن سنان، عن ابي عبد الله «ع» قال: اذا

زنى الشيخ و العجوز جلدا ثم رجما عقوبة لهما، و اذا زنى النصف من الرجال رجم و لم يجلد اذا كان قد احصن، و اذا زنى الشاب الحدث السن جلد و نفي سنة من مصره «4» و النصف المتوسط في العمر، هذا.

و مقتضى القواعد حمل اطلاق الطائفتين الاوليين على الطائفة الثالثة فتكون هي شارحة لهما فيفصل بين الشيخ و غيره كما هو مختار الشيخ في الخلاف و النهاية و كتابي الحديث و كذا بني زهرة و حمزة و سعيد، فهذا القول اشبه بالقواعد لا ما اختاره المصنف، اللهم الا ان يطرح الطائفة الثالثة لضعف السند، و الثانية بالحمل على التقية و يؤخذ باطلاق الطائفة الاولى، هذا. و لكن الحمل على التقية انما يكون بعد عدم امكان الجمع الدلالي، و الاخذ بمفاد الطائفة الاولى يوجب طرح الثانية أيضا، فالأحوط هو الاخذ بمفاد الطائفة الثالثة و حمل الطائفة الثانية عليها أيضا، فيكون الحق هو التفصيل و يؤيده درء الحدود بالشبهات، فتدبّر جيّدا.

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 1 من ابواب حد الزنا، الحديث 5

(2)- الوسائل ج 18 الباب 1 من ابواب حد الزنا، الحديث 16

(3) المستدرك ج 3 ص 222 الباب 1 من ابواب حد الزنا عن عوالي اللئالي

(4) الوسائل ج 18 الباب 1 من ابواب حد الزنا، الحديث 11

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 74

[لو زنى البالغ المحصن بغير البالغة او بالمجنونة]

و لو زنى البالغ المحصن بغير البالغة او بالمجنونة فعليه الحد (الجلد خ. ل) لا الرجم (1)

______________________________

(1) عند الشيخ في نهايته و ابن سعيد في جامعه بل في الروضة دعوى الشهرة في الثاني و ان لم نتحققها، كذا في الجواهر.

قال في النهاية «و اذا زنى الرجل بصبية لم تبلغ و لا مثلها قد

بلغت لم يكن عليه اكثر من الجلد و ليس عليه رجم، و كذلك المرأة اذا زنت بصبي لم يبلغ لم يكن عليها رجم و كان عليها جلد مأئة» و فيها أيضا «و الرجل اذا زنى بمجنونة لم يكن عليه رجم و كان عليه جلد مأئة».

و في السرائر «قد روي انه ان زنى الرجل بصبية لم تبلغ و لا مثلها قد بلغ لم يكن عليه اكثر من الجلد و ليس عليه رجم، و كذا المرأة اذا زنت بصبي لم يبلغ». و فيها أيضا «قد روي ان الرجل اذا زنى بمجنونة لم يكن عليه رجم اذا كان محصنا و كان عليه جلد مأئة و ليس على المجنونة شي ء».

اقول: استدل او يستدل على عدم الرجم في الزاني بالصبية او المجنونة بالاصل و بنقص حرمتهما و لذا لا يحد قاذفهما و بنقص اللذة، و بفحوى المسألة الآتية- اعني الزانية بالصبي- و بدعوى عدم القول بالفصل بين المسألتين، و بعموم التعليل المذكور في صحيحة ابي بصير، في المسألة الآتية، حيث ان الظاهر من قوله «لان الذي نكحها ليس بمدرك» اشتراط كون طرف الزنا مدركا و بمرسلة السرائر المنجبرة بالشهرة و بدرء الحدود بالشبهات، فهذه ثمانية ادلة.

و لكن يمكن ان يرد الجميع بان الاصل لا مجال له مع اطلاق ادلة الاحصان و انه يوجب الرجم، و نقص الحرمة و اللذة و نحوها استحسانات ظنية لا يمكن اثبات الحكم الشرعي بها، و كذا الفحوى، و عدم القول بالفصل بحيث يحرز به الاجماع المركب ممنوع، و التعليل لعله يختص بمورده لان الصبي غير المدرك لا يتمشى منه العمل النكاحي الملذ بخلاف الصبية و المجنونة، و المرسلة غير حجة، و الشهرة ممنوعة و لذا

لم يفت ابن ادريس بنفسه بما حكاه من المرسلة، قال في السرائر: «ذهب شيخنا المفيد في مقنعته ان على الرجل و على المرأة الحد و أطلق كلامه، و هو الصحيح عندي لان

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 75

[المرأة لو زنى بها طفل]

و كذا المرأة لو زنى بها طفل (1)

[لو زنى بها المجنون فعليها الحد تاما]

و لو زنى بها المجنون فعليها الحد تاما (2) و في ثبوته في طرفه تردد و المروي انه يثبت (3)

______________________________

الاحصان و الزنا و جدا معا و هما الموجبان للجلد و الرجم»، و لا شبهة مع اطلاقات الادلة الدالة على ثبوت الرجم مع الاحصان، هذا.

و لكن- بعد اللتيا و التي- الافتاء بثبوت الرجم مع ظهور عموم التعليل المذكور مشكل و لا سيما و ان الحدود تدرأ بالشبهات، فتدبر.

(1) قد مر عبارة النهاية و السرائر، و الدليل على المسألة صحيحة ابي بصير، عن ابي عبد الله «ع»- في غلام صغير لم يدرك ابن عشر سنين زنى بامرأة قال: يجلد الغلام دون الحد و تجلد المرأة الحد كاملا، قيل فان كانت محصنة؟ قال: لا ترجم لان الذي نكحها ليس بمدرك و لو كان مدركا رجم «1» مؤيدا بنقص اللذة فيه و ضعف انهتاك الحرمة لصغره.

و اما موثقة ابي مريم، قال: سألت ابا عبد الله «ع» في آخر ما لقيته عن غلام لم يبلغ الحلم وقع على امرأة و فجر بامرأة اي شي ء يصنع بهما؟ قال: يضرب الغلام دون الحد و يقام على المرأة الحد قلت: جارية لم تبلغ وجدت مع رجل يفجر بها؟ قال: تضرب الجارية دون الحد و يقام على الرجل الحد «2» فالحد فيها بنحو الاطلاق و ان كان يشمل الرجم و لكن بقرينة مقابلته في الموثقة لما دون الحد ينصرف الى خصوص الجلد، اذ يظهر منها ان الحد و ما دونه من سنخ واحد فلا يشمل الرجم و بذلك يظهر فساد استدلال صاحب الجواهر باطلاق الحد فيها لثبوت الرجم في المسألة السابقة، فراجع.

(2) الذي منه الرجم لا

طلاق الادلة بل و لا خلاف الا ما يحكى عن يحيى بن سعيد من المساواة بين الصبي و المجنون، كذا في الجواهر.

(3) قد مرت المسألة مستوفاة في شروط الاحصان، فراجع.

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 9 من ابواب حد الزنا، الحديث 1

(2)- الوسائل ج 18 الباب 9 من ابواب حد الزنا، الحديث 2

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 76

[الثالث الجلد و التغريب و الجزّ فتجب في موارد]
[الذكر الحر غير المحصن يجلد مأئة و يجز رأسه و يغرب عن مصره عاما]

و اما الجلد و التغريب فيجبان على الذكر الحر غير المحصن يجلد مأئة و يجز رأسه و يغرب عن مصره (الى آخر خ. ل) عاما مملكا كان او غير مملك (1) و قيل يختص التغريب بمن املك و لم يدخل (2) و هو مبنى على ان البكر ما هو و الاشبه انه عبارة عن غير المحصن و ان لم يكن مملكا (3).

______________________________

(1) وفاقا لظاهر المحكي عن العماني و الاسكافي و الحلبي و صريح المحكي عن المبسوط و الخلاف و السرائر بل في المسالك نسبته الى اكثر المتأخرين، بل عن غيرها الى الشهرة بل عن ظاهر السرائر و صريح الخلاف الاجماع عليه، كذا في الجواهر.

(2) و القائل الشيخ في صريح النهاية و ابنا زهرة و سعيد و الكيدري بل هو ظاهر الصدوق و المفيد و سلار و ابن حمزة، و في تحرير الفاضل دعوى الشهرة عليه و اختاره فيه و في المختلف و ولده في الايضاح و ابو العباس في المقتصر بل عن ظاهر الغنية الاجماع عليه، كذا في الجواهر.

(3) في الخلاف- المسألة 3- «البكر عبارة عن غير المحصن، فاذا زنى البكر جلد مأئة و غرب عاما كل واحد منهما حد ان كان ذكرا، و ان كان انثى لم يكن عليها تغريب و به قال مالك، و قال قوم

هما سواء ذهب اليه الأوزاعي و الثوري و ابن ليلى و احمد و الشافعي، و قال ابو حنيفة: الحد هو الجلد فقط و التغريب ليس بحد و انما هو تعزير الى اجتهاد الامام و ليس بمقدر فان رأى الحبس فعل و ان رأى التغريب الى بلد آخر فعل من غير تقدير و سواء كان ذكرا او انثى، دليلنا اجماع الفرقة و اخبارهم ... و هذا اجماع الصحابة روي عن ابن عمران النبي «ص» جلد و غرب و ان ابا بكر جلد و غرب و ان عمر جلد و غرب، و روي عن علي «ع» و عثمان انهما فعلا ذلك ... و ما روي عن عمرانه قال و الله لا غربت بعدها ابدا و روي عن علي «ع» انه قال: التغريب فتنة، الوجه فيه ان عمر نفى شارب الخمر فلحق بالروم فلهذا حلف، و قول علي «ع» أراد أن نفي عمر فتنة ...»

اقول: اخبار المسألة طائفتان: الاولى ما دلت على ان غير المحصن مطلقا يجلد ثم ينفى. الثانية ما دلت على ان النفي لخصوص من املك و لم يدخل.

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 77

..........

______________________________

فمن الطائفة الاولى خبر عبد الله بن طلحة، و فيه «و اذا زنى الشاب الحدث السن جلد و نفي سنة من مصره» و رواه عبد الله بن سنان أيضا «1» خرج منه المحصن بالإجماع و بقي غيره.

و منها: خبر السكوني، عن جعفر بن محمد، عن آبائه- عليهم السلام- ان محمد بن ابي بكر كتب الى علي «ع» في الرجل زنى بالمرأة اليهودية و النصرانية فكتب «ع» اليه ان كان محصنا فارجمه و ان كان بكرا فاجلده مأئة جلدة ثم انفه و اما

اليهودية فابعث بها الى اهل ملتها فليقضوا فيها ما احبوا «2» فان تثنية الاقسام تدل على عدم شق ثالث فكل من لم يحصن فحكمه الجلد و النفي.

و منها: خبر ابي بصير، قال: سألت ابا عبد الله «ع» عن الزاني اذا زنى أ ينفى؟ قال:

فقال: نعم من التي جلد فيها الى غيرها «3»

و منها: خبر سماعة، قال: قال ابو عبد الله «ع»: اذا زنى الرجل فجلد ينبغي للإمام ان ينفيه من الارض التي جلد فيها الى غيرها، فانما على الامام ان يخرجه من المصر الذي جلد فيه. و في الفقيه فليس ينبغي «4» و نحوه خبره الاخر (الحديث 5).

و منها: خبر مثنى الحناط، عن ابي عبد الله «ع» قال: سألته عن الزاني اذا جلد الحد قال: ينفى من الارض الى بلدة يكون فيها سنة «5»

و يدل على ذلك أيضا كل ما ثني فيه الاقسام و جعل البكر فيه قسيما للمحصن، كخبر الحلبي، عن ابي عبد الله «ع» قال: في الشيخ و الشيخة جلد مأئة و الرجم و البكر و البكرة جلد مأئة و نفي سنة «6»

و خبر عبد الرحمن، عن ابي عبد الله «ع» قال: كان علي «ع» يضرب الشيخ و الشيخة

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 1 من ابواب حد الزنا، الحديث 11

(2)- الوسائل ج 18 الباب 8 من ابواب حد الزنا، الحديث 5

(3)- الوسائل ج 18 الباب 24 من ابواب حد الزنا، الحديث 2

(4)- الوسائل ج 18 الباب 24 من ابواب حد الزنا، الحديث 3

(5)- الوسائل ج 18 الباب 24 من ابواب حد الزنا، الحديث 4

(6)- الوسائل ج 18 الباب 1 من ابواب حد الزنا، الحديث 9

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 78

..........

______________________________

مأئة و يرجمهما

و يرجم المحصن و المحصنة و يجلد البكر و البكرة و ينفيهما سنة «1»

و خبر عبادة بن الصامت، عن النبي «ص» قال: خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مأئة و نفي سنة و الثيب بالثيب جلد مأئة و الرجم، رواه مسلم و ابو داود و الترمذي «2».

و خبر زيد بن خالد الجهني، قال: سمعت النبي «ص» يأمر فيمن زنى و لم يحصن جلد مأئة و تغريب عام، رواه البخاري و النسائي «3»

و خبره الآخر في ابن رجل كان اجير الاعرابي فوقع على امرأته فقال له «ص»: ...

على ابنك جلد مأئة و تغريب عام ...، رواه الخمسة «4»

و لا يخفى ان روايات اهل السنة و فتاويهم لا يوجد فيها تفصيل بين المملك و غيره بل يستفاد منها ثبوت الجلد و النفي لكل من لم يحصن، و انما التفصيل شي ء قال به بعض اصحابنا كما عرفت، فهذه كلها اخبار الطائفة الاولى من طرق الفريقين.

الطائفة الثانية ما دلت على ثبوت النفي لخصوص المملك و لم يدخل.

فمنها: خبر محمد بن قيس، عن ابي جعفر- عليه السلام- قال: قضى امير المؤمنين «ع» في الشيخ و الشيخة ان يجلدا مأئة، و قضى للمحصن الرجم، و قضى في البكر و البكرة اذا زنيا جلد مأئة و نفي سنة في غير مصرهما و هما اللذان قد املكا و لم يدخل بها، و رواه الشيخ أيضا و لكنه اسقط قوله «و هما اللذان».

و منها: خبر يونس، (عمن رواه، كا.) عن زرارة، عن ابي جعفر «ع» قال: المحصن يرجم و الذي قد املك و لم يدخل بها فجلد مأئة و نفي سنة.

و منها: خبر زرارة أيضا، عن ابي جعفر «ع» قال:

الذي لم يحصن يجلد مأئة جلدة و لا ينفى، و الذي قد املك و لم يدخل بها يجلد مأئة و ينفى «5» هكذا في الكافي

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 1 من ابواب حد الزنا، الحديث 12

(2)- التاج الجامع للأصول ج 3 ص 24

(3)- التاج الجامع للأصول ج 3 ص 23

(4)- التاج الجامع للأصول ج 3 ص 24

(5)- الوسائل ج 18 الباب 1 من ابواب حد الزنا، الحديث 2، 6، 7

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 79

..........

______________________________

و الاستبصار، و في التهذيب «و التي قد املكت» و زاد في التهذيب و الاستبصار في اوله «المحصن يجلد مأئة و يرجم».

و يؤيد ذلك أيضا عدم ذكر النفي في الذي جلده امير المؤمنين «ع» من الخمسة الذين اخذوا في الزنا في زمان عمر، فراجع رواية الاصبغ «1»، هذا.

و لكن ربما يستشكل في رواية محمد بن قيس باحتمال كون ذيلها، اعني قوله «و هما اللذان الخ» من كلام احد الرواة لا من كلام الامام و لذا لم يذكر في احد نقلي الشيخ، و في رواية زرارة الاولى بالارسال في نقل الكليني بل في نقل الشيخ أيضا، فان يونس من الطبقة 6 و نقله من زرارة الذي من الطبقة 4 بلا واسطة مشكل، مضافا الى ان اثبات الشي ء لا ينافى ثبوت غيره، فلعل المقصود في الرواية تقسيم خصوص المتزوجين، فلا ينافي اثبات النفي للمملك، ثبوته لغيره أيضا، و في رواية زرارة الثانية اولا بان موسى بن بكر واقفي و ثانيا بالاختلاف في متن الحديث، اذ في الوافي عن التهذيب «و ينفى» بدون «لا» في الموضعين، «و التي قد املكت» على المؤنث، هذا. و لكن في التهذيب المطبوع «لا ينفى» في الاول، نعم

يوجد «و التي قد املكت» بدل «و الذى قد املك».

و كيف كان فمن اثبت النفي لخصوص من املك حمل اخبار الطائفة الاولى على الثانية و قيدها بها و من افتى بثبوته لمطلق غير المحصن يأخذ بظهور الطائفة الاولى الظاهرة في ان الزناة على قسمين: محصن حده الرجم و غير محصن حده الجلد و النفي و يقول: قد كثرت هذه الروايات من طرق الفريقين فكيف يمكن تقييد هذه الاخبار الكثيرة الواردة في مقام البيان بالاخبار الثلاثة المذكورة غير الخالية عن خدش ما، هذا.

و لكن صرف النظر عن اخبار التفصيل مع تأيدها برواية الاصبغ و بقوله «تدرأ الحدود بالشبهات» اشكل، فتدبر جيدا.

و ينبغي التنبيه على امور: الاول جعل المصنف، البحث مبنيا على كون المراد بالبكر خصوص المملك الذي لم يدخل او مطلق غير المحصن. و يرد عليه

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 1 من ابواب حد الزنا، الحديث 16

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 80

..........

______________________________

عدم كون النزاع مبنيا عليه بل على كون التقسيم ثنائيا او ثلاثيا و ظاهر اكثر الروايات كون التقسيم ثنائيا و المستفاد من اخبار التفصيل كون التقسيم ثلاثيا.

الثاني: هل النفي يكون من بلد الزاني او المزني بها او بلد الجلد؟ وجوه، ففي خبري عبد الله بن طلحة و محمد بن قيس، النفي من مصره، و في خبري ابي بصير و سماعة، النفي من المصر الذي جلد فيه، و لا يخفى ان المتبادر من النفي نفي الشخص من بلده، فانه الذي يوجب عذابه و هو المطلوب من نفيه، و لعل ذكر بلد الجلد من جهة ان الغالب في تلك الاعصار اتحاد بلد الزاني و بلد جلده، لعدم كون البلاد مرتبطة مثل ما ارتبطت في عصرنا، ففي

اعصارنا، الاحوط ان ينفى الى بلد غير بلدهما و غير بلد الجلد.

الثالث: هل يشمل حكم النفي لمن كان ساكنا في البادية؟ و لو زنى من كان في القافلة فهل ينفى من القافلة؟ و جهان، و لا يبعد الشمول اذا لغرض اهانة الشخص و عقوبته فلا فرق بين المصر و البدو و القافلة.

الرابع: هل يكفي في الاملاك المتعة او يختص بالدوام؟ و جهان، و لا يبعد الكفاية و اما ملك اليمين فلا يكفي لعدم صدق عنوان التزويج.

الخامس: لو كان مملكا و لم يقدر على الجماع لسجن او سفر او لم تكن قابلة للاستمتاع بها لمرض و نحوه يشكل التغريب، اذ الظاهر ان التغريب يكون للتشديد عليه مع تمكنه من الجماع حلالا.

السادس: لو غرب فرجع الى بلده فالظاهر وجوب تغريبه ثانيا و هكذا، اذ المطلوب بقائه في المنفى سنة كاملة.

السابع: ليس للمنفي الى بلد خروجه منه لا الى بلده و لا الى بلد آخر لوجوب اجراء ما حكم به الشرع و امضاه الحاكم.

الثامن: الظاهر عدم تعين مقدار البعد من البلد و المناط العرف، نعم في فقه الرضا:

«وحد التغريب خمسون فرسخا» و الا حوط رعاية ذلك.

التاسع: لو كان له وطنان فالظاهر عدم صدق التغريب على نفيه من احدهما الى الآخر، بل يجب نفيه الى ثالث اذ الغرض التشديد.

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 81

..........

______________________________

العاشر: الظاهر كون السنة قمرية لا شمسية فانها الظاهرة من الاخبار.

الحادي عشر: الظاهر لزوم توالي السنة، نعم لو فر في وسط السنة يكفي اكمالها و لا يلزم التجديد.

الثاني عشر: لو لم يمكن نفيه بلا فصل لمانع عقلي او شرعي فهل يسقط او يجري بعد الامكان؟ و لو امكن الحبس فهل يكفي بدل التغريب؟ في المسألة وجوه

و يدل على الاخير ما رواه العياشي عن ابي جعفر الثاني في حديث طويل «فان كانوا اخافوا السبيل فقط و لم يقتلوا احد او لم يأخذوا مالا، امر بايد اعهم الحبس فان ذلك معنى نفيهم من الارض، باخافتهم السبيل» «1»

الثالث عشر: المصنف ذكر في الاجمال الجلد و التغريب و لم يذكر الخبر و في التفصيل ذكر الثلاثة، و في الجواهر: «صرح به (الجز) الشيخان و سلار و ابنا حمزة و سعيد و الفاضلان بل لم يحك فيه خلاف و ان حكي عن الصدوق و العماني و الاسكافي و الشيخ في الخلاف و المبسوط و ابن زهرة عدم التعرض له».

و يدل عليه خبر حنان، قال: سأل رجل ابا عبد الله «ع» و انا اسمع عن البكر يفجر و قد تزوج ففجر قبل ان يدخل باهله؟ فقال: يضرب مأئة و يجز شعره و ينفى من المصر حولا و يفرق بينه و بين اهله.

و خبر علي بن جعفر عن اخيه موسى بن جعفر «ع» قال: سألته عن رجل تزوج امرأة و لم يدخل بها، فزنى، ما عليه؟ قال: يجلد الحد و يحلق رأسه و يفرق بينه و بين اهله و ينفى سنة «2» و ظهور الجملة الخبرية الواردة مورد الانشاء في الوجوب واضح بل آكد من الامر، كما ان الظاهر كونه حدا ثالثا لا تعزيرا منوطا بنظر الحاكم و اطلاق شعره في الاول يحمل على الرأس بقرينة الثاني لو لم نقل بانصرافه اليه في نفسه.

انما الاشكال في انه لو كان الجز واجبا كان عدم ذكره في الروايات الكثيرة الواردة في مقام البيان و عدم تعرضها له تأخيرا للبيان عن وقت الحاجة و لكن مع ذلك صرف

______________________________

(1)- تفسير

العياشي ج 2 ص 314، الحديث 91

(2)- الوسائل ج 18 الباب 7 من ابواب حد الزنا، الحديث 7، 8

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 82

[لا تغريب على المرأة و لا جزّ]

اما المرأة فعليها الجلد مأئة و لا تغريب عليها و لا جز (1)

______________________________

النظر عن الخبرين مع ظهورهما في الوجوب و افتاء جمع بموجبهما اشكل، و الفرض ان بناءنا في امثال المقام تقييد المطلقات و حملها على المقيدات، فالظاهر وجوب الجز في مورد الخبرين و هو خصوص المملك و اما غيره فلا دليل على ثبوت الجز فيه اذ لا نص و لا اجماع، و ما في المسالك من الاتفاق على وجوب الثلاثة في البكر فيرده عدم الاتفاق على اصل الجز فكيف على ثبوته في مطلق البكر، نعم الاتفاق حاصل في الجلد و التغريب في المملك كما مر. ثم ان الظاهر من حلق الرأس حلق تمامه فما عن المقنعة و المراسم و الوسيلة من تخصيصه بشعر الناصية بلا وجه، فتدبر.

الرابع عشر: ظاهر الخبرين وجوب التفريق بينه و بين اهله، و الظاهر من الاهل زوجته فيكون مفادهما اجباره بتطليق زوجته و لكن لم يفت الاصحاب بهذا المضمون، و في خبر رفاعة، عن ابي عبد الله «ع»: قلت: هل يفرق بينهما اذا زنى قبل ان يدخل بها؟

قال: لا «1»

(1) بلا خلاف معتد به اجده بل في كشف اللثام الاتفاق عليه في الظاهر، في الثاني. و عن الخلاف و الغنية و ظاهر المبسوط الاجماع عليه في الاول، كذا في الجواهر.

و قد مر عبارة الخلاف و انه لا نفي في الانثى، خلافا للشافعي و احمد و غيرهما ثم قال:

دليلنا اجماع الفرقة. و الظاهر عدم قائل به في الانثى الا ابن ابي عقيل و ابن الجنيد و الصدوق

في المقنع، فمع كون المسألة معنونة بين الفريقين و افتاء كثير من اهل السنة بثبوت النفي في الانثى و مع وجود الروايات المعتبرة الدالة على ثبوته فيها كروايات محمد بن قيس و الحلبي و عبد الرحمن «2» اذا رأينا اصحابنا افتوا بعدم النفي فيها بل ادعوا عليه الاجماع فلا محالة نطمئن بتلقيهم ذلك من الائمة «ع» يدا بيد، و خلاف القديمين و الصدوق لعله لا يضر بالإجماع. اللهم الا ان يحتمل كون مدرك المجمعين الامور الاعتبارية التي ربما يتمسك بها، كقوله- تعالى- في الاماء «... فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مٰا عَلَى الْمُحْصَنٰاتِ مِنَ الْعَذٰابِ ...» «3» بضميمة الاجماع القطعي على عدم النفي في

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 7 من ابواب حد الزنا، الحديث 2

(2)- الوسائل ج 18 الباب 1 من ابواب حد الزنا، الحديث 2، 9، 12

(3)- سورة النساء، الاية 25

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 83

[المملوك يجلد خمسين جلدة محصنا كان او غير محصن]

و المملوك يجلد خمسين جلدة محصنا كان او غير محصن ذكرا كان او انثى و لا جز على احدهما و لا تغريب (1)

______________________________

الاماء و لو كان يجب على الحرة التغريب لكان على الامة نصف ذلك، و كما يقال من انها لو غربت فاما مع محرم او زوج ف لٰا تَزِرُ وٰازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرىٰ*، او بدونه فلا يجوز لقوله «ص»: لا يحل لامرأة ان تسافر من غير ذي محرم و كما قيل من ان الشهوة غالبة فيهن و بالتغريب يخرجن من ايدي الحفاظ و يقل حياؤهن و ربما اشتد فقرهن فينفتح عليهن باب هذه الفاحشة، الى غير ذلك مما لا يخفى ما فيها، هذا كله بالنسبة الى النفي و التغريب.

و اما الجز فلم يقل احد بثبوته فيها، و الروايتان الدالتان عليه

تختصان بالرجل و مع احتمال خصوصية الرجولية لا يجوز الغاء الخصوصية و التعدي الى غير الرجل، فتدبر جيدا.

(1) بلا خلاف اجده فيه بل الظاهر الاجماع عليه، كذا في الجواهر، و يدل عليه قوله- تعالى- «فَإِنْ أَتَيْنَ بِفٰاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مٰا عَلَى الْمُحْصَنٰاتِ مِنَ الْعَذٰابِ» و الروايات المستفيضة و منها: صحيحة محمد بن قيس، عن ابي جعفر «ع» قال: قضى امير المؤمنين «ع» في العبيد اذا زنى احدهم ان يجلد خمسين جلدة و ان كان مسلما او كافرا او نصرانيا، و لا يرجم و لا ينفى «1»

و حيث ان المسألة غير مبتلى بها فلا نطيل التعرض لها، و لو كان العبد مبعضا تحرر بعضه فعليه حد الحر بنسبة الحرية و حد الرق بنسبة الرقية و يدل عليه اخبار مستفيضة و منها رواية محمد بن قيس، عن ابي جعفر «ع» و فيها «و قال «ع» في مكاتبة زنت و قد اعتق منها ثلاثة ارباع و بقي الربع: جلدت ثلاثة ارباع الحد، حساب الحرة على مأئة فذلك خمس و سبعون جلدة و ربعها حساب خمسين من الامة اثنا عشر سوطا و نصف فذلك سبعة و ثمانون جلدة و نصف و ابى ان يرجمها و ان ينفيها قبل ان يبين

______________________________

(1) الوسائل ج 18 الباب 31 من ابواب حد الزنا، الحديث 5

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 84

[لو تكرر من الحر الزنا فاقيم عليه الحد مرتين]

و لو تكرر من الحر الزنا فاقيم عليه الحد مرتين قتل في الثالثة و قيل في الرابعة، و هو اولى (1)

______________________________

عتقها» «1» و عليك بمراجعة بقية الاخبار.

(1) عن الصدوقين و ابن ادريس القتل في الثالثة و ادعى الاخير الاجماع، و عن المشهور القتل في الرابعة و في الانتصار و الغنية عليه الاجماع،

و في الخلاف القتل في الخامسة و ادعى اجماع الفرقة.

ففي الخلاف- المسألة 55- «اذا جلد الزاني الحر البكر اربع مرات قتل في الخامسة و كذلك في القذف يقتل في الخامسة و العبد يقتل في الثامنة، و قد روي ان الحر يقتل في الرابعة، و خالف جميع الفقهاء في ذلك و قالوا عليه الحد بالغا ما بلغ، دليلنا اجماع الفرقة و اخبارهم».

و في الانتصار «و مما انفردت به الامامية القول بان الحر البكر اذا زنى فجلد ثم عاد فجلد ثم عاد الثالثة فجلد ان عاد الرابعة قتله الامام و العبد يقتل في الثامنة، و خالف باقي الفقهاء في ذلك و لم يقولوا بشي ء منه، دليلنا على صحة ما ذهبنا اليه اجماع الطائفة».

و في السرائر بعد نقل عبارة النهاية الدالة على القتل في الرابعة قال: «و الاظهر من اقوال اصحابنا و الذي يقتضيه اصول مذهبنا انه يقتل في الثالثة لاجماع اصحابنا، ان اصحاب الكبائر يقتلون في الثالثة و هذا منهم بغير خلاف».

اقول: اجماع السرائر على اصل الكبرى الكلية الثابتة لا صحاب الكبائر لا على خصوص مسألتنا، و لعل اجماع الخلاف أيضا على اصل ثبوت القتل في مقابل اهل الخلاف المنكرين له لا على خصوص الخامسة و الا فموهون بعدم القائل به الا الشيخ في الخلاف فقط، فيبقى اجماع الانتصار و الغنية على الرابعة و اختار القتل في الرابعة في الغنية و النهاية و المراسم و الصدوق في الهداية، نعم في المقنع القتل في الثالثة، فراجع كلماتهم.

______________________________

(1) الوسائل ج 18 الباب 33 من ابواب حد الزنا، الحديث 3

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 85

[المملوك إذا أقيم عليه الحد سبعا قتل في الثامنة]

اما المملوك فاذا اقيم عليه الحد سبعا قتل في الثامنة و قيل في التاسعة، و

هو اولى (1)

______________________________

و نرجع الى اخبار المسألة، فما يدل على القتل في الثالثة خبر يونس، عن ابي الحسن الماضي «ع» قال: اصحاب الكبائر كلها اذا اقيم عليهم الحد مرتين قتلوا في الثالثة «1»

و ما يدل على الرابعة موثقة ابي بصير قال: قال ابو عبد اللّه «ع»: الزاني اذا زنى يجلد ثلاثا و يقتل في الرابعة، يعني جلد ثلاث مرات «2» و في الرواية الآتية في المسألة التالية «لان الحرة اذا زنى اربع مرات و اقيم عليه الحد قتل» و الظاهر منه القتل في الرابعة فالقتل مشروط بشرطين: الزنا اربع مرات، و اجراء الحدود في خلالها، و لعل الشيخ فهم من هذه العبارة القتل في الخامسة فافتى به في خلافه، و لا يخفى فساده، و يستدل على الرابعة أيضا برواية ابن سنان، عن الرضا «ع»: و علة القتل بعد اقامة الحد في الثالثة على الزاني و الزانية لاستحقاقهما، الحديث «3» بناء على تعلق قوله في الثالثة بالاقامة، لا بالقتل، و كيف كان فالاقوى في المسألة ثبوت القتل في الرابعة، لان خبر يونس عام و موثقة ابي بصير و غيرها خاص فيخصص العام بها، فاختيار الثالثة- كما في المتن- محل اشكال. ثم الظاهر من قوله «و هو اولى» الاولوية بحسب العمل، لكونه مطابقا للاحتياط، لا الاولوية بحسب الفتوى و الا ناقض افتائه بالثالثة.

(1) مر عبارة الخلاف و الانتصار، و الاصل في المسألة رواية بريد، عن ابي عبد اللّه «ع» قال: اذا زنى العبد جلد خمسين فان عاد ضرب خمسين فان عاد ضرب خمسين الى ثماني مرات، فان زنى ثماني مرات قتل و ادى الامام قيمته الى مواليه من بيت المال «4».

______________________________

(1) الوسائل ج 18 الباب 20 من

ابواب حد الزنا، الحديث 3

(2)- الوسائل ج 18 الباب 20 من ابواب حد الزنا، الحديث 1

(3)- الوسائل ج 18 الباب 20 من ابواب حد الزنا، الحديث 4

(4)- الوسائل ج 18 الباب 32 من ابواب حد الزنا، الحديث 2

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 86

[في الزنا المتكرر حد واحد و ان كثر]

و في الزنا المتكرر حد واحد و ان كثر، و في رواية ابي بصير، عن ابي جعفر «ع» ان زنى بامرأة مرارا فعليه حد واحد و ان زنى بنسوة فعليه في كل امرأة حد، و هي مطرحة (1)

______________________________

و رواية عبيد او بريد- الشك من محمد بن سليمان- قال: قلت لأبي عبد اللّه «ع»: امة زنت؟ قال: تجلد خمسين جلدة، قلت فانها عادت؟ قال: تجلد خمسين، قلت: فيجب عليها الرجم في شي ء من الحالات؟ قال: اذا زنت ثماني مرات يجب عليها الرجم، قلت كيف صار في ثماني مرات؟ فقال: لان الحر اذا زنى اربع مرات و اقيم عليه الحد قتل فاذا زنت الامة ثماني مرات رجمت في التاسعة قلت: و ما العلة في ذلك؟ قال: لان اللّه- عز و جل- رحمها ان يجمع عليها ربق الرق و حد الحر، قال: ثم قال: و على امام المسلمين ان يدفع ثمنه الى مواليه من سهم الرقاب، هكذا نقل الشيخ و الكليني، و رواه الصدوق نحوه الا انه قال: في عبد زنى، و في آخره يقتل في الثامنة ان فعل ذلك ثمان مرات «1» و انت ترى ان الخبر الاول و كذا هذا الخبر بنقل الصدوق (في الفقيه) يدلان على القتل في الثامنة و هو الظاهر أيضا من صدر هذا الخبر بنقل الشيخ و الكليني و لا سيما من التعليل بمقايسته مع الحر، اذ ضعف الاربع

ثمان، نعم ذيل الخبر بنقلهما يدل على التاسعة و لا يمكن الاخذ به لمعارضته للصدر و لنقل الصدوق. ثم لا يخفى ان الخبر الاول ملخص الخبر الثاني و هو أيضا يؤيد كون راوي الثاني «بريد» و كون مورده العبد لا الامة و كون القتل في الثامنة، فتدبر جيدا.

(1) و هي رواية ابي بصير، عن ابي جعفر- عليه السلام- قال: سألته عن الرجل يزني في اليوم الواحد مرارا كثيرة قال: فقال: ان زنى بامرأة واحدة كذا و كذا مرة فانما عليه حد واحد فان هو زنى بنسوة شتى في يوم واحد و في ساعة واحدة فان عليه في كل امرأة فجر بها حدا، رواها المشايخ الثلاث «2» و في طريقها الحسن بن محبوب عن علي بن ابي حمزة، و ابن ابي حمزة و ان كان واقفيا ضعيفا و لكن كون ابن محبوب من

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 32 من ابواب حد الزنا، الحديث 1

(2)- الوسائل ج 18 الباب 23 من ابواب حد الزنا، الحديث 1

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 87

..........

______________________________

اصحاب الاجماع يجبر الضعف، و يؤيد ذلك كون هذا السند مقبولا في موارد شتى في الفقه، فلا يرد الخبر لسنده، نعم لم يعمل بمضمونه الا ابن الجنيد و الصدوق، ففي المقنع «فان زنى رجل في يوم واحد مرارا فان كان زنى بامرأة واحدة فعليه حد و احد و ان هو زنى بنساء شتى فعليه في كل امرأة زنى بها حد».

و بالجملة المشهور عدم تكرر الحد مطلقا، و في المختلف اعتمد على هذه الشهرة فكأنها اجماع عنده لعدم ضرر مخالفة الاسكافي و الصدوق، و الرواية مطروحة بالاعراض.

و في الجواهر ما محصله «ان من هذه الشهرة- مع ابتناء

الحدود على التخفيف و لذا تدرأ الحدود بالشبهات و غلبة تكرار الولوج و الخروج في المرة الواحدة- يعلم كون السبب هنا الطبيعة، قلت او كثرت، نحو اسباب الحدث بل تعليق الحكم في الآية على الزاني و الزانية يقتضي ذلك، ضرورة كون تعدد الزنا كالتعدد في اسباب الحدث حيث يكفي طهارة واحدة لان العنوان طهارة المحدث و هو صادق على متعدد السبب و متحده، فكذلك الكلام في الزنا فان الزاني و الزانية يصدق كذلك، و حينئذ فلا تعدد اسباب كي يتجه كون القاعدة تعدد المسببات بتعددها، فما في الرياض من المناقشة في ذلك باقتضاء تعدد المسببات، و التداخل خلاف الاصل، لا يخلو من نظر».

اقول: المتبادر من كلامه انه لو كان الحد حكما للزنا فلا محالة يتكرر بتكرره و لكنه حكم للزاني و هو شخص واحد و ان زنى مرارا فلا تعدد للموضوع حتى يتعدد الحد.

و يرد على ذلك ان تعليق الحكم على و صف الزاني مشعر بالعلية فيستفاد منه كون السبب الزنا، فلا محالة يقتضي القاعدة تكرر الحد بتكرره، و باب الحدث أيضا من هذا القبيل و لكنا لا نقول فيه بالتكرر، للأدلة الخاصة و السيرة المتصلة الى زمان المعصومين، فالتكرر في المقام موافق للقاعدة و لكن الاجماع على خلافه و لا سيما في الزنا بامرأة واحدة.

و كان سيدنا الاستاذ، آية اللّه البروجردى- رحمه اللّه- يقول بان الجزاء في

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 88

[لو زنى الذمي بذمية دفعه الامام الى اهل نحلته]

و لو زنى الذمي بذمية دفعه الامام الى اهل نحلته ليقيموا الحد على معتقدهم و ان شاء اقام الحد بموجب شرع الإسلام (1)

______________________________

الشروط المتعددة اذا كان صرف الطبيعة- و صرف الشي ء لا يتكرر- فلا محالة يتوقف التكرر على تقييد الجزاء في

كل شرط و هو يتوقف على تعرض كل دليل لغيره فيتقيد الحد مثلا في كل سبب بكونه غير الحد الثابت لسبب آخر، و كون كل دليل ناظرا الى غيره و متعرضا له، مقطوع العدم.

و فيه ان التكرر و التعدد مقتضى نفس السببية المستفادة من الشرط، اذ المسبب بالنسبة الى السبب لا مطلق و لا مقيد و لكنه لا ينطبق الا على المقيد فكل سبب يقتضي المسبب الحاصل من قبله قهرا سواء كان السبب المتكرر طبيعة واحدة او متعددة.

و كيف كان ففي مسألتنا حيث لم يعمل الاصحاب بخبر ابي بصير، يشكل الأخذ به مضافا الى ان الحدود تدرأ بالشبهة.

نعم لو كان الاسباب تقتضي حدودا مختلفة- كأن زنى بكرا ثم زنى محصنا- فالظاهر عدم التداخل، و لا ينافي ذلك اطلاق عبارة المصنف لانصرافها عنه، و قد صرحوا بانه لو اجتمع عليه الجلد و الرجم جلد اولا ثم رجم، و هو يوافق ما استظهرناه، فتدبر جيدا.

(1) بلا خلاف اجده فيه بل في الرياض جعله الحجة مضافا الى قوله- تعالى- «... فَإِنْ جٰاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ ...» و لا ينافيه قوله- تعالى- «وَ أَنْزَلْنٰا إِلَيْكَ الْكِتٰابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمٰا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتٰابِ وَ مُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمٰا أَنْزَلَ اللّٰهُ ...» بعد عدم ثبوت نسخه لذلك و ان حكي عن بعض العامة، كذا في الجواهر.

اقول: الآيتان (42 و 48) من المائدة، و الظاهر من سياقهما نزولهما في ضمن آيات كثيرة دفعة واحدة، و شأن نزولها- على ما في المجمع ملخصا- «قال الباقر «ع» و جماعة من المفسرين: ان امرأة من خيبر ذات شرف زنت بينهم مع رجل من اشرافهم و هما محصنان، فكرهوا رجمهما فارسلوا الى

يهود المدينة و كتبوا اليهم ان يسألوا النبي «ص» عن ذلك طمعا في ان يأتي لهم برخصة فانطلق قوم منهم فقالوا: يا محمد اخبرنا عن الزانيين اذا احصنا ما حد هما؟ فنزل جبرائيل بالرجم فاخبرهم فابوا ان يأخذوا به، فقال

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 89

..........

______________________________

جبرائيل: اجعل بينك و بينهم ابن صوريا، فقال النبي «ص»: هل تعرفونه؟ قالوا: نعم، اعلم يهودي بقي على ظهر الارض قال: فارسلوا اليه ففعلوا فاتاهم فانشده النبي «ص» هل تجدون في كتابكم الرجم على من احصن؟ قال: نعم. الى آخر الحديث، و فيه ان النبي «ص» امر بهما فرجما».

و في تفسير الميزان الدار المنثور باسناده، عن ابن عباس في قوله «فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ» قال: نسختها هذه الاية «وَ أَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمٰا أَنْزَلَ اللّٰهُ» هذا.

و لكن السياق كما عرفت يشهد بنزول الآيات جميعا دفعة واحدة فالالتزام بالنسخ مشكل، فلعل المراد بما انزل اللّه ما نزل قبله من التخيير بين الحكم و الاعراض، او يراد به احد فردي التخيير، نعم دلالة الاية على دفعه الى اهل نحلته ممنوعة، اذ الاعراض عنهم اعم من ذلك، نعم يدل عليه بعض الروايات.

فمما دل على الحكم بينهم باحكام الإسلام- مضافا الى ظهور الآيات و كونه على القاعدة، اذا لكفار مكلفون عندنا بالفروع كما كلفوا بالاصول- خبر قرب الاسناد، عن علي بن جعفر، عن اخيه موسى بن جعفر «ع» قال: سألته عن يهودي او نصراني او مجوسي اخذ زانيا او شارب خمر ما عليه؟ قال: يقام عليه حدود المسلمين اذا فعلوا ذلك في مصر من امصار المسلمين، او في غير امصار المسلمين اذا رفعوا الى حكام المسلمين «1»

و ما يدل على دفعه الى حكامهم

ما رواه السكوني، عن جعفر بن محمد عن آبائه «ع» ان محمد بن ابي بكر كتب الى علي «ع» في الرجل زنى بالمرأة اليهودية و النصرانية؟

فكتب «ع» اليه: ان كان محصنا فارجمه و ان كان بكرا فاجلده مأئة جلدة ثم انفه، و اما اليهودية فابعث بها الى اهل ملتها فليقضوا فيها ما احبوا «2» و نحوه ما رواه في كتاب الغارات عن الحارث، عن ابيه، قال: بعث علي «ع» محمد بن ابي بكر اميرا على مصر

______________________________

(1) الوسائل ج 18 الباب 29 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 1

(2)- الوسائل ج 18 الباب 8 من ابواب حد الزنا، الحديث 5

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 90

..........

______________________________

فكتب الى علي «ع» يسأله عن رجل مسلم فجر بامرأة نصرانية ...؟ فكتب اليه علي «ع»:

ان اقم الحد فيهم على المسلم الذي فجر بالنصرانية و ادفع النصرانية الى النصارى يقضون فيها ما شاءوا «1».

و يشهد لذلك أيضا روايات الالزام، مثل ما رواه الشيخ، عن محمد بن مسلم، عن ابي جعفر «ع» قال سألته عن الاحكام قال: تجوز على اهل كل ذي دين بما يستحلون «2» و عن عبد اللّه بن طاوس، عن الرضا «ع»: ... من دان بدين قوم لزمته احكامهم، و عن الصدوق أيضا نحوه «3» و عن الشيخ أيضا: قد روي انه «ع» قال: ان كل قوم دانوا بشي ء يلزمهم حكمه «4».

و اما ما رواه علي بن ابي حمزة، عن ابي الحسن «ع» انه قال: الزموهم بما الزموا به انفسهم «5» فالظاهر كونه مرتبطا باهل الخلاف كما يظهر من المراجعة الى باب الطلاق، اللهم الا ان ينقح المناط.

و كيف كان ففي ما ذكر كفاية، و الجمع بين الاخبار يقتضي التخيير

بالنسبة الى الكافر بين ان يجري عليه احكام الإسلام، التي هي الاحكام الشرعية حتى بالنسبة اليه و بين احكام دينه الملتزم به.

فما في الجواهر عن كشف اللثام من ان الدفع الى قضاتهم ليقيموا عليه الحد بما يرونه امر بالمنكر ان خالف الواجب في شرعنا اجتهاد في مقابل النص، كما في الجواهر، و الشريعة السمحة السهلة لا يبعد منها امثال هذه الارفاقات فالمقام نظير الجدل المشروع في مقابل من ينكر الحق، هذا.

______________________________

(1) الوسائل ج 18 الباب 50 من ابواب حد الزنا، الحديث 1

(2)- الوسائل ج 17 الباب 3 من ابواب ميراث المجوس، الحديث 1

(3)- الوسائل ج 15 الباب 30 من ابواب مقدمات الطلاق، الحديث 11

(4)- الوسائل ج 17 الباب 1 من ابواب ميراث المجوس، الحديث 3

(5)- الوسائل ج 17 الباب 3 من ابواب ميراث المجوس، الحديث 2

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 91

..........

______________________________

و اما ما رواه في الوسائل، عن ابي بصير، عن ابي جعفر «ع» قال: ان الحاكم اذا اتاه اهل التورات و اهل الانجيل يتحاكمون اليه كان ذلك اليه ان شاء حكم بينهم و ان شاء تركهم «1» فمفاده مفاد الاية الشريفة، و قد عرفت عدم دلالتها على الدفع الى قضاتهم.

و ينبغي التنبيه على امرين: الاول كما يجوز دفعه الى قضاتهم ليقضوا عليه باحكامهم كذلك يجوز على الاقوى حكم حاكم الإسلام عليهم باحكامهم، اذ الظاهر من الجمع بين الاخبار التي عرفت ان الكفار عندنا ذو حكمين، فكما يمكن ان يحكم عليهم بحكم الإسلام يجوز ان يحكم عليهم بما يقتضيه دينهم، و هذا ارفاق للشريعة السمحة عليهم او علينا في معاملتهم، فالمهم هو الحكم لا الحاكم، فكما ينفذ حكم حاكمهم عليهم ينفذ حكم حاكمنا عليهم بنفس احكامهم،

فالمطلوب هو الحكم و الحاكم طريق اليه.

و يدل على هذا الاطلاق روايات الالزام، اذ ليس فيها دفعه الى حكامهم، فاطلاقها يشمل حكم حاكمنا باحكامهم أيضا.

و يدل عليه أيضا ما روي عن علي «ع» انه قال: لو ثنيت لي وسادة لحكمت بين اهل القرآن بالقرآن حتى يزهر الى اللّه و لحكمت بين اهل التوراة بالتوراة حتى يزهر الى اللّه و لحكمت بين اهل الانجيل بالانجيل حتى يزهر الى اللّه و لحكمت بين اهل الزبور بالزبور حتى يزهر الى اللّه «2»

و كيف يجوز لحبر اليهود أن يحكم بالتوراة و لا يجوز لعلي «ع» ان يحكم بها مع كونه اعلم منه بها؟!

الثاني: في الجواهر «ان التخيير مختص بما اذا كان زنا الكافر بغير المسلمة اما بها فعلى الامام قتله و لا يجوز الاعراض، لأنه هتك حرمة الإسلام و خرج عن الذمة».

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 27 من ابواب كيفية الحكم، الحديث 1

(2)- بحار ج 40 الباب 93 الحديث 28 عن البصائر

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 92

[حكم حدّ الحامل و المرضعة]

و لا يقام الحد على الحامل حتى تضع و تخرج من نفاسها (1)

______________________________

اقول: يمكن ان يقال ان ما سبق من ان زنا الكافر مع المسلمة حكمه القتل هو حكم المسألة في الإسلام فلا ينافي التخيير بين حكم الإسلام و حكمهم المثبت في المقام، فالقتل في المسألة كالقتل في زنا المحارم حكم اسلامي و المفروض في المقام التخيير بين حكم الإسلام و حكمهم.

فان قلت: مسألة القتل في زنا الكافر اخص من مسألتنا فيقدم الاخص على الاعم.

قلت: مسألتنا كأنها ناظرة الى الاحكام الاولية و حاكمة عليها، نظير ادلة نفي الحرج و الضرر، فلا يلاحظ بينهما النسبة، و بالجملة الحكم في مسألتنا من قبيل الاحكام

الثابتة على العناوين الثانوية، و يتعرض لجميع الاحكام الاولية و يوسع فيها، فتدبر.

و اما اذا زنى المسلم بالكافرة فحكم المسلم فيه واضح و الكافرة فيه كالكافر في زنا الكافر بمثله.

(1) بلا خلاف اجده نصا و فتوى بل و لا اشكال مع فرض خوف الضرر على ولدها لو جلدت، كذا في الجواهر. و لا فرق بين مراتب الحمل فيكفي النطفة و كذا لا فرق بين كونه من زنا و غيره.

و يدل على الاول ما رواه في الارشاد، عن امير المؤمنين «ع» انه قال لعمر و قد اتي بحامل قد زنت فامر برجمها فقال له علي «ع»: هب لك سبيل عليها، اي سبيل لك على ما في بطنها؟ و اللّه يقول: وَ لٰا تَزِرُ وٰازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرىٰ، فقال عمر: لا عشت لمعضلة لا يكون لها ابو الحسن، ثم قال: فما اصنع بها يا ابا الحسن؟ قال: احتط عليها حتى تلد فاذا ولدت و وجدت لولدها من يكفله فاقم الحد عليها «1»

و يدل على الثاني مضافا الى كونه مرضا مثل الاستحاضة ما روي عن علي «ع» ... ان امة لرسول اللّه «ص» زنت فامرني ان اجلدها فاذا هي حديثة عهد بنفاس فخشيت ان جلدتها قتلتها فذكرت ذلك للنبي «ص» فقال: احسنت. رواه الخمسة الا البخاري «2».

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 16 من ابواب حد الزنا، الحديث 7

(2)- التاج الجامع للأصول ج 3 ص 26

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 93

و ترضع الولدان لم يتفق له مرضع و لو وجد له كافل جاز اقامة الحد (1)

______________________________

و في المستدرك، عن الجعفريات، عن علي «ع» قال: ليس على الحبلى حد حتى تضع و لا على النفساء حتى تطهر، و عن الدعائم، عن

علي «ع» ليس على الحبلى حد حتى تضع حملها و لا على النفساء حد حتى تطهر و لا على المستحاضة حتى تطهر و لا على الحائض حتى تطهر، و عن العوالي، عن النبي «ص» انه اتي بامرأة في نفاسها ليحدها فقال: اذهبي حتى ينقطع عنك الدم «1».

(1) ففي موثق عمار، عن ابي عبد اللّه «ع» انه سئل عن محصنة زنت و هي حبلى قال: تقر حتى تضع ما في بطنها و ترضع ولدها ثم ترجم «2» و يدل على ذلك أيضا رواية الارشاد الماضية اذ الاحتياج الى المرضعة اقوى من التي يكفله، و في رواية قال النبي «ص»: ارجعي فارضعيه حتى تفطميه «3»، و في اخرى قال «ص»: اذهبي حتى ترضعيه فلما ارضعته جاءته فقال: اذهبي فاستودعيه قال: فاستودعته ثم جاءت فامر بها فرجمت «4»، و في رواية قال النبي «ص» في المرأة الغامدية: اذا لا نرجمها و ندع ولدها صغيرا ليس له من يرضعه فقام رجل من الانصار فقال: إلي رضاعه يا نبي اللّه، قال: فرجمها «5»، و في رواية ميثم الطويلة في قصة امرأة اتت امير المؤمنين «ع» قال «ع»: فانطلقي فارضعيه حولين كاملين، فلما مضى الحولان و اتت قال: فانطلقي فاكفليه حتى يعقل ان يأكل و يشرب و لا يتردى من سطح و لا يتهور في بئر، ثم كفله عمرو بن حريث فرجمها علي «ع» «6» و لكن التأخير في هذه الرواية و بعض الروايات

______________________________

(1)- المستدرك ج 3 الباب 11 من ابواب مقدمات الحدود.

(2)- الوسائل ج 18 الباب 16 من ابواب حد الزنا، الحديث 4، 6

(3)- سنن ابي داود ج 4 كتاب الحدود (طبع في المجلدات الاربع)

(4)- موطأ مالك ج 2

(5)-

صحيح مسلم ج 5 كتاب الحدود باب من اعترف على نفسه بالزنا (طبع في المجلدات الثماني)

(6)- الوسائل ج 18 الباب 16 من ابواب حد الزنا، الحديث 1

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 94

[حكم حدّ المريض و المستحاضة]

و يرجم المريض و المستحاضة (1)

______________________________

العامية كان قبل تنجز الحد بالاقرار، حيث لم يتحقق بعد، الاقرارات الاربعة و لكن مع ذلك يفهم منها لزوم الرضاع و الكفالة للطفل، فما لم يتصد لهما احد لا ترجم المرأة.

نعم في رواية ابي مريم، عن ابي جعفر «ع» في امرأة اتت امير المؤمنين «ع»:

فتربص بها حتى وضعت ثم امر بها بعد ذلك فحفر لها ... «1». فلم يذكر فيها الرضاع و الكفالة، و كذا في رواية عمران بن حصين، في امرأة من جهينة اتت رسول اللّه «ص» حيث قال «ص» لو لي المرأة: اذا وضعت فأتني بها ففعل فامر بها نبي اللّه فشكت عليها ثيابها ثم امر بها فرجمت، رواه الخمسة الا البخاري «2». و لكن الروايتين متعرضتان لواقعة خاصة فلعله وجد فيها من يتصدى الرضاع و التكفل فلا تقاومان الروايات الاخر المتعرضة للزومهما و لا سيما موثقة عمار المتعرضة للزوم الرضاع، اللهم الا ان يحمل الرضاع فيها على اللبأ الدخيل- على ما قيل- في حياة الطفل.

و كيف كان فالاقوى تأخير الرجم حتى ترضع الولد و تكفله الى حد يميز الا ان يتحمل احد للرضاع او الكفالة.

و في الجواهر عن كشف اللثام بعد نقل رواية ميثم «و لما لم يكمل نصاب الاقرار الا بعد ذلك لم يسترضع لولدها و الا فالظاهر وجوبه و الا جرة من بيت المال ان لم يتبرع احد و لا كان للولد مال، اذ ليس في الحدود نظر ساعة اذ لا مانع» قال

في الجواهر: «قد يقال ان اطلاق الموثق و النبوي يقضي بعدم وجوب ذلك مضافا الى الاصل و بناء الحدود على التخفيف».

اقول: الحق مع صاحب الجواهر فلا يجب الاسترضاع و الاستكفال من بيت المال و نحوه، نعم لو اتفق وجودهما اكتفي بهما، كيف و لو وجب تحصيلهما طلبهما النبي «ص» و الوصي «ع» و لو طلبا هما نقله رواة الفريقين و لو فرض قلة الامكانات في عصر النبي فهي كانت موجودة في عصر الوصي «ع» و مع ذلك لم ينقل طلبه «ع» لهما، فتدبر.

(1) بلا خلاف اجده فيه بل لا اشكال لا طلاق الادلة، و النهي عن تعطيل الحد،

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 16 من ابواب حد الزنا، الحديث 5

(2)- التاج الجامع للأصول ج 3 ص 27

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 95

و لا يجلد احدهما اذا لم يجب قتله و لا رجمه توقيا من السراية و يتوقع بهما البرء (1)

______________________________

و انه ليس فيه نظر ساعة، و الفرض ان نفسه مستوفاة فلا فرق بينه و بين الصحيح، كذا في الجواهر.

و في المقنعة «فان كان ممن يجب عليه الرجم رجم و ان كان سقيما لان الغرض في الرجم اتلاف النفس بما اقترفه من الآثام».

و في النهاية «و من وجب عليه الرجم اقيم على كل حال، عليلا كان او صحيحا لان الغرض اتلافه و قتله».

و في المراسم «فان وجب عليه (السقيم) الرجم رجم» و بالجملة فالحكم على القاعدة، اذ ليس في الحدود نظر ساعة و روايات المريض الآتية موردها الجلد بقرينة التعليلات فيها، فلا يشمل المقام و مثل الرجم القتل كما في الزنا بالمحارم و اللواط و نحو هما.

نعم في المسالك «و يحتمل جواز تأخيره ان ثبت زناه بالاقرار

الى ان يبرء لان له سبيلا الى الرجوع و ربما رجع بعد ما رمي، و مثله يأتي في رجمه في شدة الحر و البرد» و محصل كلامه مع اصلاح منا ان المحكوم بالرجم على قسمين: قسم يكون محكوما بالقتل و الاتلاف كمن ثبت زناه بالبينة، و قسم ليس محكوما بالقتل و الاتلاف كمن ثبت زناه بالاقرار، حيث انه لو فر من الحفيرة لا يرجع اليها و لو رجع عن اقراره لا يرجم، ففي مثله لا يجوز رجمه في حال او زمان يعين على قتله كالمرض و شدة الحر او البرد، هذا. و الظاهر ان الحق مع المسالك، فما في الجواهر من رده بقوله فيه ما لا يخفى، فيه ما لا يخفى، فافهم.

(1) لما رواه السكوني، عن ابي عبد اللّه «ع» قال: اتي امير المؤمنين «ع» برجل اصاب حدا و به قروح في جسده كثيرة، فقال امير المؤمنين «ع»: اقروه حتى تبرأ، لا تنكئوها عليه فتقتلوه «1» و نكأ القرحة: قشرها قبل ان تبرأ، و روى مسمع بن

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 13 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 4

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 96

و ان اقتضت المصلحة التعجيل (1) ضرب بالضغث المشتمل على العدد (2)

______________________________

عبد الملك، عن ابي عبد اللّه «ع» ان امير المؤمنين «ع» اتي برجل اصاب حدا و به قروح و مرض و اشباه ذلك، فقال امير المؤمنين «ع»: اخروه حتى تبرأ لا تنكأ قروحه عليه فيموت و لكن اذا برء حددناه «1» و في المستدرك، عن الجعفريات ان عليا قال: ليس على صاحب القروح الكثيرة حد حتى يبرء، اخاف ان انكأ عليه قروحه فيموت و لكن اذا برء حددناه، الى غير ذلك

«2»

ثم هل يشترط العلم بالموت او يكفي الخوف؟ الا قوى الثاني، بل الظاهر انه لا يشترط الخوف الشخصي بل يكفي المعرضية و الخوف النوعي، و ان شئت قلت: يكفي صرف المرض بما انه معرض للموت او شدة المرض زائدة على ما يقتضيه طبع الجلد، و لو لم يعلم بالمرض فضرب فمات فديته على بيت المال، لأنه من خطأ القاضي، و لو ادعى المرض قبل قوله.

(1) او كان المرض مما لا يرجى برئه كالسل و الزمانة و ضعف الخلقة و نحوها.

(2) جمعا بين الاخبار السابقة و الاخبار الدالة على الضرب بالضغث كرواية يحيى بن العباد المكي، قال: قال لي سفيان الثوري: اني ارى لك من ابي عبد اللّه «ع» منزلة فسله عن رجل زنى و هو مريض ان اقيم عليه الحد مات (خافوا ان يموت) ما تقول فيه؟ فسألته فقال: هذه المسألة من تلقاء نفسك او قال لك انسان ان تسألنى عنها؟

فقلت: سفيان الثوري سألني ان اسألك عنها، فقال ابو عبد اللّه «ع»: ان رسول اللّه «ص» اتي برجل احبن، مستسقى البطن، قد بدت عروق فخذيه و قد زنى بامرأة مريضة فأمر رسول اللّه «ص» بعذق فيه مأئة شمراخ فضرب به الرجل ضربة و ضربت به المرأة ضربة

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 13 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 6

(2)- المستدرك ج 3 ص 218 الباب 11 من ابواب مقدمات الحدود.

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 97

..........

______________________________

ثم خلى سبيلهما ثم قرأ هذه الاية «وَ خُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَ لٰا تَحْنَثْ» «1» و رواية ابي العباس، عن ابي عبد اللّه «ع» قال: اتي رسول اللّه «ص» برجل دميم قصير قد سقي بطنه و قد درت عروق

بطنه قد فجر بامرأة، فقالت المرأة: ما علمت به الا و قد دخل علي، فقال له رسول اللّه «ص»: أ زنيت؟ فقال له: نعم، و لم يكن احصن فصعد رسول اللّه «ص» بصره و خفضه ثم دعى بعذق فقده مأئة ثم ضربه بشماريخه «2» و رواية سماعة، عن ابي عبد اللّه «ع» عن ابيه عن آبائه «ع»، عن النبي «ص» انه اتي برجل كبير البطن قد اصاب محرما، فدعا رسول اللّه «ص» بعرجون فيه مأئة شمراخ فضربه مرة واحدة فكان الحد. و نحوه مع تفاوت خبر قرب الاسناد «3».

و بالجملة الاخبار السابقة موضوعها الامراض التي يتوقع برئها، فتحمل هذه الاخبار على ما لا يرجى برئها او ما يقتضي المصلحة تعجيل الحد فيها و ان لم يذكر المصلحة في الاخبار و انما ذكرت في بعض الفتاوى، ففي النهاية مثلا «و من وجب عليه الجلد و كان عليلا ترك حتى يبرء ثم يقام عليه الحد فان اقتضت المصلحة تقديم الحد عليه اخذ عرجون فيه مأئة شمراخ او ما ينوب منا به و يضرب به ضربة واحدة و قد اجزأه» و كيف كان فالمسألة واضحة.

و في الجواهر «لو اشتمل الضغث على خمسين ضرب به دفعتين بل هو اولى من الضربة دفعة» و لا بأس به.

و لو احتمل سياطا ضعافا او خمسين سوطا و خمسين بنحو الضغث او تفريق السياط على الايام فهل تقدم على المائة بنحو الضغث لكونها اقرب الى الواجب و ميسورا له و المتبادر من الروايات كون المائة بنحو الضغث معتبرا لكونه ميسورا للواجب او يضرب المائة بنحو الضغث مطلقا لاطلاق الاخبار؟ و جهان، و لعل الثاني

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 13 من ابواب مقدمات

الحدود، الحديث 1

(2)- الوسائل ج 18 الباب 13 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 5

(3)- الوسائل ج 18 الباب 13 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 7، 9

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 98

و لا يشترط وصول كل شمراخ الى جسده (1)

[حكم حدّ الحائض و المجنون و المرتد]

و لا تؤخر الحائض لأنه ليس بمرض (2) و لا يسقط الحد باعتراض الجنون و لا الارتداد (3) و

______________________________

اولى، اذ نرى في رواية يحيى بن عباد ان الامام «ع» لم يستفصل عن حال المريض الذي سئل و انه يحتمل السياط الضعاف او التلفيق او التفريق على الايام، فيفهم ان حكمه هو ما نقله عن النبي «ص» من ضرب مأئة بنحو الضغث، و الحدود مبنية على التخفيف، و انما الغرض فيها تنبيه المضروب و عبرة الناظرين.

و لا يلزم كون الاصل المشتمل على الشماريخ طبيعية، فيكفي الصناعية كما يستفاد من رواية ابي العباس، و لو كان مريضا لا يحس بالضرب يضرب للاستهانة و الجرح و عبرة الناظرين.

و لو كان الزاني صحيحا و لكن يوجب الضرب مرضه زائدا على ما هو مقتضى طبع الضرب مأئة فالظاهر ثبوت حكم المريض له.

و لو ضرب بنحو الضغث ثم برء لا يعاد الضرب، و لا يختص الضرب بنحو الضغث بالمائة بل يجري في كل ما ثبت فيه الحد او التعزير، و يشهد لذلك مضافا الى الفحوى، ما رواه زرارة، قال: قال ابو جعفر «ع»: لو ان رجلا اخذ حزمة من قضبان او اصلا فيه قضبان فضربه ضربة واحدة اجزأه عن عدة ما يريد ان يجلد من عدة القضبان «1» بل ظاهر الرواية كفاية ذلك في حال الصحة أيضا و لكنها غير معمول بها.

(1) لا طلاق الادلة مع التعذر عادة، نعم لا بدان تمسه

الشماريخ او يجتمع بعضها على بعض بحيث يناله الا لم منها.

(2) بل في الجواهر ان حيضها يدل على صحة مزاجها، و لكن في المستدرك، عن الجعفريات باسناده ان عليا «ع» قال: ليس على الحائض حد حتى تطهر و لا على المستحاضة حد حتى تطهر، و نحوها عن الدعائم، عن علي «ع» «2» فالأحوط التأخير.

(3) قالوا للأصل و لصحيح ابي عبيدة، عن ابي جعفر «ع» في رجل وجب عليه

______________________________

(1) الوسائل ج 18 الباب 13 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 8

(2)- المستدرك ج 3 ص 218 الباب 11 من ابواب مقدمات الحدود

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 99

[لا يقام الحد في شدة البرد أو الحرّ]

لا يقام الحد في شدة البرد و لا شدة الحر (في شدة الحر و لا في شدة البرد خ. ل) و يتوخى به في الشتاء وسط النهار و في الصيف طرفاه (1)

______________________________

الحد فلم يضرب حتى خولط فقال: ان كان اوجب على نفسه الحد و هو صحيح لا علة به من ذهاب عقل اقيم عليه الحد كائنا ما كان «1» و في المسالك احتمال انتظار الافاقة ان كان جلدا لأنه اقوى في الردع، و في الجواهر- بعد ذكر الاصل و الصحيح- «فما عن بعض من احتمال السقوط في المطبق مطلقا و آخر من السقوط كذلك ان لم يحس بالالم و كان بحيث لا ينزجر به كالاجتهاد في مقابلة النص و الفتوى».

اقول:- بعد اللتيا و التي- الافتاء باجراء الحد جلدا كان او رجما على المجنون في حال جنونه مشكل و مخالف للموازين و ان وردت به صحيحة، الا ترى الى قوله «لا حد على مجنون حتى يفيق» و قوله «ما بال مجنونة آل فلان تقتل؟» «2» و الارتكاز أيضا يأبى ذلك،

هذا و اما المرتد فوجهه واضح، فتدبر جيدا.

(1) ففي مرسلة ابي داود المسترق، عن بعض اصحابنا، قال: مررت مع ابي عبد اللّه «ع» و اذا رجل يضرب بالسياط، فقال ابو عبد اللّه «ع»: سبحان اللّه، في مثل هذا الوقت يضرب؟ قلت له: و للضرب حد؟

قال: نعم اذا كان في البرد ضرب في حر النهار، و اذا كان في الحر ضرب في برد النهار «3»

و في خبر هشام بن احمر، عن العبد الصالح «ع» قال: كان جالسا في المسجد و انا معه، فسمع صوت رجل يضرب، صلاة الغداة، في يوم شديد البرد، فقال: ما هذا؟ قالوا:

رجل يضرب، فقال سبحان الله، في هذه الساعة، انه لا يضرب احد في شي ء من الحدود في الشتاء الا في احر ساعة من النهار، و لا في الصيف الا في ابرد ما يكون من النهار «4» و نحوه مرسلة سعد ان بن مسلم، عن بعض اصحابنا، قال خرج ابو الحسن «ع» الا ان فيه

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 6 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 1

(2)- الوسائل ج 18 الباب 8 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 1، 2

(3)- الوسائل ج 18 الباب 7 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 2

(4)- الوسائل ج 18 الباب 7 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 1

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 100

[لا يقام الحدّ في أرض العدو و لا الحرم إلّا من أحدث موجب الحدّ في الحرم]

و لا في ارض العدو مخافه الالتحاق (1) و لا في الحرم على من التجأ اليه بل يضيق عليه في المطعم و المشرب ليخرج و يقام على من احدث موجب الحد فيه (2)

______________________________

ينبغي لمن يحد في الشتاء «1» و مورد الروايات الجلد، و الظاهر عدم البأس في الرجم و القتل اذ الغرض منهما اتلاف النفس و

لعل المصنف أيضا اراد بالحد خصوص الجلد، و ظاهر الخبرين الاولين الحرمة و لفظ «ينبغي» في الاخير بحسب الوضع لا ينافي الحرمة و ان صار في اعصارنا ظاهرا في الكراهة، نظير لفظ «الكراهة» مضافا الى احتمال اتحاد الواقعة في الخبر الاخير و ما قبله، فيسقط كلاهما عن الحجية.

و كيف كان فالأحوط- لو لم يكن اقوى- العمل بمضمون الاخبار مضافا الى تأييد ذلك بالاعتبار، فان الضرب في شدة الحر او البرد يوجب خسارة زائدة على ما يقتضيه طبع الجلد مأئة، فالقاعدة أيضا يقتضي عدم الجواز فلو ضرب في الوقتين ضمن الخسارة الزائدة، فتدبر.

(1) ففي خبر ابي مريم، عن ابي جعفر «ع» قال: قال امير المؤمنين «ع»: لا يقام على احد حد بارض العدو «2»

و في خبر غياث بن ابراهيم، عن جعفر، عن ابيه، عن علي «ع» انه قال: لا اقيم على رجل حدا بارض العدو حتى يخرج منها، مخافة ان تحمله الحمية فيلحق بالعدو «3» و مثله خبر اسحاق بن عمار، عنه «ع» و ظاهران المراد بالحد بقرينة التعليل هو الجلد فقط.

________________________________________

نجف آبادى، حسين على منتظرى، كتاب الحدود (للمنتظري)، در يك جلد، انتشارات دار الفكر، قم - ايران، اول، ه ق

كتاب الحدود (للمنتظري)؛ ص: 100

و ظاهر الخبرين هو الحرمة.

(2) لقوله- تعالى- مَنْ دَخَلَهُ كٰانَ آمِناً «4» و لصحيحة هشام بن الحكم، عن ابي عبد الله «ع»- في الرجل يجني في غير الحرم ثم يلجأ الى الحرم- قال: لا يقام عليه الحد و لا يطعم و لا يسقى و لا يكلم و لا يبايع، فانه اذا فعل به ذلك يوشك ان يخرج فيقام

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 7 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 3

(2)- الوسائل ج

18 الباب 10 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 1

(3)- الوسائل ج 18 الباب 10 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 2

(4)- سورة آل عمران، الاية 97

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 101

[المقام الثاني: في كيفية إيقاع حدّ الزنا]

اشارة

الثاني: في كيفية

[إذا اجتمع الحدود المتعدّدة]

ايقاعه، اذا اجتمع الجلد و الرجم جلد اولا و كذا اذا اجتمعت حدود بدء بما لا يفوت معه الاخر (1)

______________________________

عليه الحد، و ان جنى في الحرم جناية اقيم عليه الحد في الحرم فانه لم ير للحرم حرمة «1»

و في الجواهر «و لكن ارسل في الفقيه: لو ان رجلا دخل الكعبة فبال فيها معاندا اخرج من الكعبة و من الحرم و ضربت عنقه، و لعله الاحوط و الاولى» و فيه أيضا عن النهاية و التهذيب الحاق حرم النبي و الائمة «ع»، و عن الوسيلة الاقتصار على الاول و لا دليل عليهما.

(1) نفرض محل البحث اعم من الحد بالمعنى الاخص و القصاص، فنقول: اذا اجتمع الحدود على الشخص فاما ان تكون من جنس واحد كجلدين او قتلين، او من جنسين كجلد و قتل او جلد و قطع يد مثلا، و على كل حال فاما ان يفوت احدهما موضوع الاخر كالقتلين او الجلد و القتل اولا كجلد و قطع يد و على كل حال فامّا ان يكون الجميع حق اللّه او حق الناس او مؤلفا منهما، فالأقسام اثنا عشر.

فان كان احدها يفوت الاخر دون العكس بدء بما لا يفوت مطلقا، و يدل عليه اخبار مستفيضة

منها: صحيحة زرارة، عن ابي جعفر «ع» قال: ايما رجل اجتمعت عليه حدود فيها القتل يبدأ بالحدود التي هي دون القتل ثم يقتل بعد ذلك «2» و نحوها صحيحة حماد، عن ابي عبد الله «ع» و صحيحة ابني سنان و بكير عنه «3»

و منها: موثقة عبيد بن زرارة، عن ابي عبد الله «ع» في الرجل يؤخذ و عليه حدود احدها القتل، قال: كان علي «ع» يقيم عليه الحد ثم يقتله

و لا تخالف عليا «ع» و نحوها

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 34 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 1

(2)- الوسائل ج 18 الباب 15 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 1، 8

(3)- الوسائل ج 18 الباب 15 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 5، 6

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 102

و هل يتوقع برء جلده؟ قيل: نعم، تأكيدا في الزجر، و قيل: لا، لان القصد الاتلاف (1)

______________________________

صحيحة محمد بن مسلم «1».

و منها: موثقة سماعة، عن ابي عبد الله «ع» قال: قضى امير المؤمنين «ع» فيمن قتل و شرب خمرا و سرق فاقام عليه الحد، فجلده لشربه الخمر و قطع يده في سرقته و قتله بقتله «2».

و ان لم يفوت احدهما الاخر او كان كل منهما مفوتا للاخر كالقتلين، فان كان احدهما حق الناس قدم على حق الله على الاحوط لو لم يكن اقوى.

و ان كان كلاهما حق الناس فالظاهر تقدم السابق لتعلق حقه سابقا على الاخر، فلو قتل رجل رجلين كان حق القصاص بالنسبة الى السابق متقدما، فلو عفى ورثته او اخذوا الدية كان للمتأخر القصاص.

و لو فرض تعلق حق الناس دفعة واحدة ففي غير القتل كالقذفين مثلا يتخير الحاكم، و في القتل يقتص منه لهما و ينصف الدية.

و لو كان كلاهما حق الله فهل يقدم ما سببه اقدم او بعض خاص على بعض او يتخير؟ وجوه، و قد روى علي بن جعفر، عن اخيه موسى بن جعفر «ع» قال: سألته عن رجل اخذ و عليه ثلاثة حدود: الخمر و الزنا و السرقه، بايها يبدأ به من الحدود؟ قال: بحد الخمر ثم السرقة ثم الزنا «3» و ظاهره كون الترتيب بنحو الوجوب، و بذلك افتى في المقنعة و

لا يظهر له وجه، اللهم الا ان يحمل الزنا على الرجم و يكون تقديم حد الخمر لتأذى اصابعه بالجلد قبل قطعها، و عليك بالدقة في شقوق المسألة.

(1) نسب في الجواهر القول الاول الى الشيخين و بني زهرة و حمزة و البراج و سعيد، على ما حكي عنهم، و القول بعدم وجوب التأخير الى البرء و كونه مستحبا الى ابن ادريس، قال: و عن جماعة من المتأخرين و متأخريهم الميل اليه، و عن ابي علي (ابن

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 15 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 2، 4

(2)- الوسائل ج 18 الباب 15 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 7

(3)- الوسائل ج 18 الباب 15 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 3

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 103

[كيفيّة وضع المرجوم حال رجمه]

و يدفن المرجوم الى حقويه و المرأة الى صدرها (1)

______________________________

الجنيد) انه يجلد قبل الرجم بيوم، لما روي من ان امير المؤمنين «ع» جلد سراجة يوم الخميس و رجمها يوم الجمعة» انتهى.

و في الرياض- بعد نقل قول ابن الجنيد- و هو شاذ كالمنع عن التأخير، بل لعله احداث قول ثالث لاتفاق الفتاوى على الظاهر على جوازه و ان اختلفوا في وجوبه و عدمه، و على هذا فالتأخير لعله احوط و ان لم يظهر للوجوب مستند عليه يعتمد، نعم نسبه في السرائر الى رواية الاصحاب.

اقول: قد وجدت الفتوى بالتأخير الى البرء في النهاية و المقنعة و الغنية و ظاهر عبارتهم الوجوب فراجع، و مقتضى ما ورد من عدم النظرة في الحدود عدم جواز التأخير الا بما لا يسمى عرفا تأخيرا كاليوم، كيف و قد عرفت سابقا عدم التأخير في رجم المريض قبل الحد و مقتضاه عدم وجوب التأخير هنا بطريق اولى، و

لعل خبر سراجة أيضا شاهد على عدم وجوب التأخير الى البرء، اذ من البعيد تحققه في يوم، هذا.

و لكن في السرائر «روى اصحابنا انه لا يرجم حتى يبرء جلده فاذا برء رجم، و الاولى حمل الرواية على الاستحباب لان الغرض في الرجم اتلافه و هلاكه» فصرف النظر عن هذه المرسلة التي افتى بها بعض الاصحاب كالشيخ و امثاله في كتبهم المعدة لنقل الفتاوى المأثورة عن الائمة «ع» كالنهاية و الغنية مشكل، فلعل التأخير- كما في الرياض- احوط و لا سيما و ان الحدود مبنية على التخفيف و يمكن التفصيل بين الحد الثابت بالبينة و الثابت بالاقرار المحق للرجوع او الفرار فيؤخر في الثاني وجوبا، فتدبر.

(1) على الاشهر بل المشهور فيهما، كما في الجواهر، و ظاهر عبارة المصنف الوجوب، فنقول: من رأس هل للحفر و الدفن موضوعية وجوبا او استحبابا أم يكفي شده و ربطه بشجر و نحوه؟ و على الاول فهل يكفي الحفر و ادخاله في الحفيرة او يجب مضافا الى ذلك دفنه فيها برد التراب عليه؟ ثم هل يتساوى الرجل و المرأة في ذلك او يختلفان في المقدار و الكيفية؟ و هل فرق في ذلك بين الثبوت بالبينة او بالا قرار أم لا؟

ففي المقنعة ذكر للرجل الحفر الى صدره و لم يذكر الدفن له و للمرأة الحفر الى

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 104

..........

______________________________

صدرها و الدفن الى وسطها مع البينة، و عدم الدفن مع الاقرار.

و في النهاية ذكر الدفن للرجل الى حقويه و للمرأة الى صدرها، و لم يفرق بين الاقرار و البينة في ذلك.

و في الغنية «يحفر للمرجوم حفيرة يجعل فيها و يرد التراب عليه الى صدره و لا يرد التراب عليه ان

كان رجمه باقراره» و الظاهر ان مراده من المرجوم الاعم من الرجل و المرأة.

و في المراسم «و يحفر له حفيرة و يقام فيها الى صدره ثم يرجم، و المرأة تقام الى وسطها» فذكر الحفر دون الدفن.

و في المقنع «و الرجم ان يحفر له حفيرة، مقدار ما يقوم فيها فتكون بطوله الى عنقه فيرجم» فلم يذكر الدفن و لم يفرق بين الرجل و المرأة.

و في الوسيلة «ان وجب عليه الحد بالبينة حفر له حفيرة و دفن فيها الى حقويه ان كان رجلا و الى صدرها ان كانت امرأة».

و في فقه الرضا «حد الرجم ان يحفر بئر بقامة الرجل الى صدره و المرأة الى فوق ثديها و يرجم» فلم يذكر فيه الدفن، فهذه بعض كلماتهم ترى فيها الاختلاف من جهات مختلفة.

و اما الاخبار: ففي رواية ابي بصير، عن ابي عبد الله و كذا سماعة عنه «ع»: تدفن المرأة الى وسطها اذا ارادوا ان يرجموها و يرمي الامام ثم يرمي الناس «1» و لعل مورد الرواية الاقرار، بقرينة ابتداء الامام.

و في رواية سماعة الاخرى، عن ابي عبد الله «ع» تدفن المرأة الى وسطها ثم يرمي الامام و يرمي الناس باحجار صغار، و لا يدفن الرجل اذا رجم الا الى حقويه «2» فبهذه الرواية يفهم التفاوت بين الوسط و الحقو، و الظاهر منها كون الحقو اسفل من الوسط، و لا يخفى ان الحقو وسط للإنسان اذا حوسب مع الرجلين، و الصدر وسط مع عدم

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 14 من ابواب حد الزنا، الحديث 1

(2)- الوسائل ج 18 الباب 14 من ابواب حد الزنا، الحديث 3

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 105

..........

______________________________

حسابهما.

و في رواية ابي مريم، عن ابي جعفر

«ع» ثم امر بها بعد ذلك فحفر لها حفيرة في الرحبة و خاط عليها ثوبا جديدا و ادخلها الحفيرة الى الحقو و موضع الثديين» «1» هكذا في الفقيه و الوسائل، و في الوافي و الجواهر «الى الحقو دون موضع الثديين».

و في الفقيه، في قصة المرأة التي اتت امير المؤمنين «ع» و اقرت «فامر فحفر لها حفيرة ثم دفنها فيها الى حقويها».

و في صحيح مسلم: «فجاءت الغامدية، فقالت يا رسول الله! اني زنيت ... ثم امر بها فحفر لها الى صدرها» و في سنن ابي داود: «ان النبي «ص» رجم امرأة فحفر لها الى الثندوة» (الثندوة: محل الثدي).

و في المستدرك، عن الدعائم «قال ابو عبد الله «ع»: يدفن المرجوم و المرجومة الى اوساطهما ثم يرمي الامام و يرمي الناس بعده باحجار صغار، لأنه امكن للرمي و ارفق بالمرجوم «2» فهذه ما وجدته من الاخبار في المسألة، و يفهم من رواية الدعائم- بناء على عود الضمير في «لأنه» الى جميع ما سبق- ان الدفن ارفق بالمرجوم، فلعل الدفن لئلا يصيب الحجارة الى جميع البدن فيتأذى بدون الموت، و على هذا فيكون دفن المرأة الى الصدر لكونه ارفق بها مضافا الى حفظها عن النظر.

و كيف كان فملخص الكلام في المسألة ان اختلاف عبارات الاصحاب يكشف عن عدم تحقق اجماع او شهرة يعتمد عليها في المسألة الاعلى اصل لزوم الحفر و الجعل في الحفيرة فاللازم الرجوع الى الاخبار، و المستفاد من اكثرها لزوم الدفن المستلزم لرد التراب من غير فرق بين الثبوت بالبينة او بالاقرار، و لعل المستفاد مما ذكر فيها الحفر فقط أيضا الدفن و الا فلعله يلغو الحفر بدونه.

و في الجواهر «لا ريب في انسباق الدفن من

الحفر نصا و فتوى» و فيه أيضا «بل الظاهر ان من ذكر الحفر اراد كونه مقدمة للدفن لا نفسه اذ لا فائدة فيه».

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 16 من ابواب حد الزنا، الحديث 5

(2)- المستدرك ج 3 ص 224 كتاب الحدود الباب 12 من ابواب حد الزنا

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 106

..........

______________________________

نعم يقع الاشكال في ان الدفن في صورة الاقرار يوجب عدم التمكن من الفرار، و فيه أنا لم نلتزم بابقاء شريطة الفرار، نعم لو صادف الفرار لا نعيده في صورة الاقرار، فتأمل فان الرجوع عن الاقرار و الفرار حق له فلم يوجد المانع عنه؟

و الواجب في الرجل الدفن الى الحقو- كما دل عليه الاخبار- و اما في المرأة فليس في اخبارنا ذكر الصدر و انما هو مذكور في اخبار العامة، نعم في خبر سماعة الوسط، و يظهر منه كونه اعلى من الحقو المذكور للرجل و في خبر الفقيه الحقو، و في رواية ابي مريم الجمع بين الحقو و موضع الثديين، فلعل المراد بالوسط الوسط العرفي المنطبق على كل من الحقو و موضع الثديين، فيتخير الحاكم بينهما و لو فرض كون الدفن الى الثدي ارفق و استر فلا محالة يكون هو الا حوط و يؤيده الفتاوى، فتدبر، هذا.

و في المسالك ما حاصله ان ظاهر عبارة المصنف الوجوب و وجهه التأسي بالنبي و امير المؤمنين «ع» فقد فعلا ذلك، و يحتمل الاستحباب بل ايكال الامر الى الامام لما روي ان النبي «ص» حفر للغامدية و لم يحفر للجهنية، و عن ابي سعيد في قصة ما عز «امرنا رسول الله «ص» برجمه فانطلقنا به الى بقيع الغرقد (اسم شجر كان بالبقيع) فما اوثقناه و لا حفرنا له

و رميناه بالعظام و المدر و الخزف ثم اشتد، الخ «1» و روى الحسين بن خالد، عن ابي الحسن «ع» ان ما عزا انما فر من الحفيرة، و طرق الروايات الدالة على الحفر و التحديد غير نقية و لكنها كافية في اقامة السنة» انتهى.

اقول: رواية ابي بصير و روايتا سماعة موثقات ظاهرة في وجوب الدفن، و رواية ابي سعيد يعارضه رواية الحسين بن خالد من طرقنا «2» و رواية بريدة من طرق العامة اذ فيها ان النبي «ص» حفر له (لماعز) حفرة ثم امر به فرجم (صحيح مسلم) فتسقط عن الحجية، فوجوب الدفن هو الاقوى.

تنبيه: في الجواهر رواية ان النبي «ص» رجم امرأة فحفر لها الى الترقوة، و عن كشف اللثام رواية دفن شراحة الى منكبها او ثدييها، و أنا لم اجدهما فيما رأيت من كتب

______________________________

(1)- صحيح مسلم ج 3 (طبع في المجلدات الخمس) كتاب الحدود، باب من اعترف على نفسه بالزنا.

(2)- الوسائل ج 18 الباب 15 من ابواب حد الزنا، الحديث 1

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 107

[حكم فرار المرجوم]

فان فر اعيد ان ثبت زناه بالبينة (1) و لو ثبت بالاقرار لم يعد (2) و قيل ان فر قبل اصابته بالحجارة (اصابة الحجارة خ. ل) اعيد (3)

______________________________

الفريقين، فراجع و تتبع.

(1) للأصل و النصوص بل لا خلاف اجده فيه بل في كشف اللثام اجماعا كما هو الظاهر، كذا في الجواهر.

و الظاهر ان مراده بالاصل استصحاب بقاء المحكومية، و بالنصوص النصوص الدالة على وجوب الرجم للمحصن فانها باطلاقها تشمل صورة الفرار أيضا و يرد عليه عدم حجية الاصل مع فرض وجود اطلاق النصوص، فتدبر.

(2) كما عن المفيد و الحلبي و سلار و ابني سعيد، بل نسب الى

الشهرة لإطلاق المرسل عن المرجوم يفر قال: ان كان اقر على نفسه فلا يرد و ان كان شهد عليه الشهود يرد «1» و مفهوم التعليل في الخبر الآتي مؤيدا ذلك بانه بمنزلة الرجوع عن الاقرار و للشبهة و الاحتياط في الدم، كذا في الجواهر و مراده بالتعليل قوله في خبر حسين بن خالد:

«فانما هو الذي اقر على نفسه» و سيأتي آنفا.

(3) في العبارة احتمالان: الاول ان يريد بها تقسيما قسيما للتقسيم الاول، فيفصل بين صورة اصابة الحجارة و عدمها سواء كان الثبوت بالبينة او الاقرار، فيكون بينه و بين التقسيم الاول عموم من وجه.

الثاني: ان يراد به التفصيل في خصوص صورة الاقرار، و لعله الأصحّ اذ الظاهر عدم وجود القول بالتفصيل في صورة البينة.

و كيف كان فاطلاقات النصوص الدالة على رجم المحصن و استصحاب المحكومية يقتضيان بقاء المحكومية و عدم اجداء الفرار، و لكن هنا اخبار دالة على خلاف ذلك و هي ثلاث طوائف: الاولى ما دل على التفصيل بين البينة و الاقرار، و هي المرسل الذي مر آنفا.

الثانية ما دل على التفصيل بين من اصابه الم الحجارة و من لم يصبه و هي ما رواه صفوان، عن غير واحد، عن ابي بصير، عن ابي عبد الله «ع» انه ان كان اصابه الم

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 15 من ابواب حد الزنا، الحديث 4

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 108

..........

______________________________

الحجارة فلا يرد، و ان لم يكن اصابه الم الحجارة ردّ، و نحوه مرسلة اخرى لأبي بصير «1»

الثالثة ما دل على اشتراط القيدين في عدم الاعادة: الاقرار و اصابة الم الحجارة، و هي ما رواه الحسين بن خالد، قال: قلت لأبي الحسن «ع»: اخبرني عن المحصن

اذا هو هرب من الحفيرة هل يرد حتى يقام عليه الحد؟ فقال: يرد و لا يرد، فقلت: و كيف ذلك؟

فقال: ان كان هو المقر على نفسه ثم هرب من الحفيرة بعد ما يصيبه شي ء من الحجارة لم يرد و ان كان انما قامت عليه البينة و هو يجحد ثم هرب رد و هو صاغر حتى يقام عليه الحد، و ذلك ان ماعز بن مالك اقر عند رسول الله «ص» بالزنا فامر به ان يرجم فهرب من الحفرة فرماه الزبير بن العوام بساق بعير فعقله فسقط فلحقه الناس فقتلوه ثم اخبروا رسول الله «ص» بذلك، فقال لهم: فهلا تركتموه اذا هرب يذهب فانما هو الذي اقر على نفسه و قال لهم: اما لو كان علي حاضرا معكم لما ضللتم قال: و وداه رسول الله «ص» من بيت مال المسلمين «2» فصدر هذه الرواية يدل على اشتراط الاستخلاص من الرجم بشرطين: الاقرار و اصابة الحجارة، و لكن عموم التعليل في الذيل- اعني قوله «فانما هو الذي اقر على نفسه»- يدل على كفاية الاقرار، و مورد الرواية و ان كان صورة الاصابة مضافا الى ان الفرار في صورة الاقرار غالبا يكون مع الاصابة، و لكن المورد لا يخصص، و الغلبة لا توجب رفع اليد عن عموم التعليل، هذا. و لكن يعارض عموم التعليل الصدر المقيد فيقيد به الذيل او يتساقطان.

و اما الطائفتان الاوليان فتتعارضان بنحو العموم من وجه، و القدر المتيقن المستفاد منهما هو الاستخلاص من الرجم بشرط الاقرار و الاصابة فيرفع اليد في هذه الصورة عن الاطلاقات الاولية و يبقى غيره- اعني صورة الاقرار فقط او الاصابة فقط- في الاطلاقات و ان شئت فعبر بان كلا منهما

يقيد الاخر فيصير النتيجة هو الاستخلاص بالفرار عند اجتماع الشرطين، و يبقى غيره في الاطلاقات الاولية، و الاستصحاب أيضا يعاضدها، و لا مجال معها للتمسك بدرء الحدود بالشبهات، هذا.

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 15 من ابواب حد الزنا، الحديث 3، 5

(2)- الوسائل ج 18 الباب 15 من ابواب حد الزنا، الحديث 1

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 109

[أوّل من يرجم المرجوم]

و يبدأ الشهود برجمه وجوبا، و لو كان مقرا بدأ الامام (1)

______________________________

و لكن لو فرض كون الفرار رجوعا عن الاقرار كان مقتضاه عدم الرجم لما مر من سقوطه بالرجوع عن الاقرار، فتدبّر جيّدا، هذا كله في الرجم.

و اما الجلد فلا ينفع الفرار عنه و ان ثبت الزنا بالاقرار للأصل و اطلاق الادلة و خصوص خبر عيسى بن عبد الله، قال: قلت لأبي عبد الله «ع»: الزاني يجلد فيهرب بعد ان اصابه بعض الحد أ يجب عليه ان يخلى عنه و لا يرد كما يجب للمحصن اذا رجم؟ قال:

لا، و لكن يرد حتى يضرب الحد كاملا، قلت: فما فرق بينه و بين المحصن و هو حد من حدود الله؟ قال: المحصن هرب من القتل و لم يهرب الا الى التوبة لأنه عاين الموت بعينه و هذا انما يجلد فلا بد من ان يوفى الحد لأنه لا يقتل «1».

(1) في الخلاف- المسألة 15- «اذا حضر الامام و الشهود موضع الرجم فان كان الحد ثبت بالاقرار وجب على الامام البدأة ثم يتبعه الناس، و ان كان ثبت بالبينة بدء اولا الشهود ثم الامام ثم الناس و قال ابو حنيفة مثل ذلك، و قال الشافعي: لا يجب على واحد منهم البدأة بالرجم، دليلنا اجماع الفرقة و اخبارهم و طريقة الاحتياط ...».

و يدل

على المسألة ما رواه الصدوق، عن عبد الله بن المغيرة و صفوان و غير واحد رفعوه الى ابي عبد الله «ع» قال: اذا اقر الزاني المحصن كان اول من يرجمه الامام ثم الناس، فاذا قامت عليه البينة كان اول من يرجمه البينة ثم الامام ثم الناس «2» و رواه الكليني عن صفوان، عمن رواه، عن ابي عبد الله «ع» و في الجواهر نقل رواية عن زرارة بهذا المضمون و لم اجده و لعل «زرارة» مصحف «من رواه»، و لا يخفى ان ظاهر الرواية الوجوب كما اختاره المصنف و ادعى الاجماع عليه في الخلاف و كذا المبسوط، كما في الجواهر.

و مال بعض الى الاستحباب لضعف سند الرواية و لإطلاق بدأة الامام في روايتي ابي بصير و سماعة «3» و لاستفاضة نصوص الفريقين في قصة ما عز التي لم يحضرها

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 35 من ابواب حد الزنا، الحديث 1

(2)- الوسائل ج 18 الباب 14 من ابواب حد الزنا، الحديث 2

(3)- الوسائل ج 18 الباب 14 من ابواب حد الزنا، الحديث 1، 3

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 110

[إعلام الناس ليحضروا]

و ينبغي ان يعلم الناس ليتوفروا على حضوره (1) و يستحب ان يحضر اقامة الحد طائفة، و قيل يجب تمسكا بالآية (2)

______________________________

النبي «ص» فضلا عن بدأته.

و فيه جبران ضعف الرواية بعمل الاصحاب، و بكون صفوان من اصحاب الاجماع، و اطلاق الروايتين يقيد بهذه الرواية، و عدم حضور النبي غير معلوم، و لو سلم فلعله كان لمانع، ثم لا يخفى انه يتفرع على هذه المسألة، المسألة الآتية، اعني وجوب حضور الشهود، و الله العالم.

(1) بل ينبغي ان يأمرهم به، كما فعل امير المؤمنين «ع» حين ما اراد اقامة

الحد على رجل فنادى «يا معشر المسلمين اخرجوا ليقام على هذا الرجل الحد و لا يعرفن احدكم صاحبه» «1» و لما اراد اقامة الحد على المرأة التي اقرت عنده امر قنبرا فنادى بالناس فاجتمعوا فقام «ع» و قال: «يا ايها الناس ان إمامكم خارج بهذه المرأة الى هذا الظهر ليقيم عليها الحد ان شاء الله فعزم عليكم امير المؤمنين «ع» لما خرجتم و انتم متنكرون و معكم احجاركم لا يتعرف منكم احد الى احد ... «2» و نحوه روايات اخر، فراجع الباب، مضافا الى ما في ذلك من الزجر للمحدود و غيره

انما الاشكال في انه لو اخترنا في المسألة التالية وجوب حضور الطائفة تمسكا بقوله- تعالى-: وَ لْيَشْهَدْ عَذٰابَهُمٰا طٰائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ «3» كان مقتضاه وجوب اعلام الامام لا استحبابه، لان الاعلام مقدمة حضور الطائفة و كون وجوبه مشروطا بالاعلام خلاف ظاهر الآية من كون وجوب الحضور مطلقا، و لذلك استشهد في المسالك في كلتا المسألتين بالآية الشريفة و ان شئت قلت لما كان الامر بالجلد متوجها الى الامام كان الامر بالشهود أيضا في الحقيقة متوجها اليه، فعليه ان يعلم الناس حتى يشهدوا، فتدبر. و كيف كان فالأحوط ان لم يكن اقوى هو الاعلام إلا مع المانع.

(2) في الخلاف- المسألة 11- «يستحب ان يحضر عند اقامة الحد على الزاني

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 31 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 3

(2)- الوسائل ج 18 الباب 31 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 1

(3)- سورة النور الاية 2

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 111

و اقلها واحد (1) و قيل عشرة و خرج متأخر ثلاثة و الاول حسن.

______________________________

طائفة من المؤمنين بلا خلاف لقوله: وَ لْيَشْهَدْ عَذٰابَهُمٰا طٰائِفَةٌ مِنَ

الْمُؤْمِنِينَ. و أقلّ ذلك عشرة و به قال الحسن البصرى، و قال ابن عباس اقله واحد و قد روى اصحابنا ذلك أيضا، و قال عكرمة اثنان، و قال الزهري ثلاثة، و قال الشافعي اربعة، دليلنا طريقة الاحتياط، الخ».

اقول: الاستحباب منقول عن الشيخ و جماعة، و الوجوب عن الحلي و جماعة منهم المصنف في النافع و هو الظاهر من الاية فهو الاقوى، اللهم الا ان يرد ذلك بعدم الخلاف المذكور في الخلاف ان رجع الى خصوص الاستحباب لا مطلق الرجحان.

(1) كما في القواعد و النافع و محكي النهاية و الجامع و مجمع البيان و ظاهر التبيان بل حكي عن ابن عباس لشمول لفظها لغة له كما عن الفراء بناء على كونها بمعنى القطعة، كذا في الجواهر.

و استدل له برواية غياث بن ابراهيم، عن جعفر، عن ابيه، عن امير المؤمنين في قول الله- عز و جل-: «وَ لٰا تَأْخُذْكُمْ بِهِمٰا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللّٰهِ» قال في اقامة الحدود و في قوله: «وَ لْيَشْهَدْ عَذٰابَهُمٰا طٰائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ» قال: الطائفة واحد ... «1»

و بما رواه في المستدرك، عن الجعفريات، عن علي بن ابي طالب «ع» في قوله- تعالى- وَ لْيَشْهَدْ عَذٰابَهُمٰا طٰائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، قال: الطائفة من واحد الى عشرة

و بما رواه عن كتاب التنزيل و التحريف، عن ابي بصير، عن ابي عبد الله «ع» قال: في قوله: وَ لْيَشْهَدْ عَذٰابَهُمٰا طٰائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، قال: المؤمن الواحد يجزي اذا شهد «2»

و بالمرسل في الخلاف و التبيان و مجمع البيان، و قد مر عبارة الخلاف، و في التّبيان «عن ابي جعفر «ع» انّ اقلّه واحد» و في المجمع «و هم ثلاثة فصاعدا، عن قتادة و الزهري، و قيل

الطائفة رجلان فصاعدا، عن عكرمة، و قيل: اقله رجل واحد، عن ابن عباس و الحسن و مجاهد و ابراهيم، و هو المروي عن ابي جعفر «ع». و لا يخفى تمشي احتمال كون

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 11 من ابواب حد الزنا، الحديث 5

(2)- المستدرك ج 3 كتاب الحدود الباب 42 من ابواب حد الزنا

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 112

[ينبغي كون الحجارة صغارا]

و ينبغي ان يكون الحجارة صغارا لئلا يسرع التلف (1)

______________________________

المرسل نفس خبر غياث لكون ابي جعفر «ع» في طريقه، و استدل أيضا بقوله- تعالى- «وَ إِنْ طٰائِفَتٰانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا ... فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ» «1» حيث ان الاخوين تثنية الاخ، و الاخ واحد.

و عن عكرمة ان الطائفة اثنان، لقوله تعالى «فَلَوْ لٰا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طٰائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا ...» «2» حيث ان الفرقة اقلها ثلاثة و النافر اثنان او واحد و الاحتياط اعتبار الاثنين، و قد مر عن الشافعي انها اربعة لمناسبتها لما اعتبر في الشهادة و مر عن الخلاف انها عشرة، و لا دليل له الا ان يقال انها أقلّ جمع الكثرة و الاحتياط يقتضيها، و عن ابن ادريس انها ثلاثة و قد مر عن الزهري و قتادة أيضا لكونها كالجماعة التي اقلها ثلاثة و لكونها من الطوف و الاحاطة و الاحتفاف فهي بمعنى جماعة تحف بالشي ء كالحلقة، و ان شئت فقلت: هي جماعة تحف بشخص و اقلها ان يكون احدها في يمينه و الاخر في يساره و الثالث مقابلا له، و في الجواهر عن ابن فارس في المقاييس ان كل جماعة تحف بشي ء فهي عندهم طائفة ثم يتوسعون في ذلك من طريق المجاز فيقولون اخذ طائفة من الثوب اي قطعة منه،

و عن ابن ادريس ان شاهد الحال و الاخبار يقتضي ذلك لان الحد اذا كان بالبينة فالبينة ترجمه و هم اكثر من ثلاثة و ان كان باعترافه فالامام يرجمه ثم الناس، و عن الجبائي ان من زعم ان الطائفة أقلّ من ثلاثة فقد غلط من جهة اللغة، و عن المختلف احالته على العرف و هو يقتضي الثلاثة فصاعدا.

و كيف كان فالاقوى كفاية الثلاثة بل الواحد لما مر من الاخبار.

(1) ففي خبر ابي بصير و خبري سماعة: باحجار صغار «3» و نحوها غيرها، و لعل المراد بها المعتدلة، فلا يجزي الصغار جدا كما عن القواعد و كشف اللثام اذ يعذب بها ازيد من المتعارف مع بقاء الحياة، و لا الرمي بصخرة واحدة او صخرتين تجهز عليه و تقتله لعدم صدق الرجم و لأنه خلاف المأثور.

______________________________

(1)- سورة الحجرات، الاية 9، 10

(2)- سورة التوبة، الاية 122

(3)- الوسائل ج 18 الباب 14 من ابواب حد الزنا، الحديث 1، 3

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 113

[لا يرجم من لله عليه حدّ]

و قيل لا يرجمه من لله- تعالى- قبله حد. (1) و هو على الكراهية

______________________________

و يراعى في البعد المكاني و الفصل الزماني أيضا المتعارف، فلا يجوز الفصل الطويل بين الضربات، و يكرر الضرب حتى يموت. و الظاهر عدم جواز رجمه بعد موته لاحترام الميت المسلم، و لو اغمي عليه في وسط الضرب فهل يجوز انعاشه من الاغماء ليتألم أم لا؟ وجهان.

و لا يرجم من وجهه لصحيحة محمد بن مسلم، عن ابي جعفر «ع» قال الذي يجب عليه الرجم يرجم من ورائه و لا يرجم من وجهه لان الرجم و الضرب لا يصيبان الوجه و انما يضربان على الجسد، على الاعضاء كلها «1»

و في الجواهر «لا يقتل

المرجوم بالسيف لعدم الامر به، و لا جعل كفارة لذنبه بل ينكل بفعل ما يزجر الغير و يدفعه عن فعل مثله» و كذا لا يقتل بالرصاص و القنابل، فتدبر.

و الاحوط ان يجعل وجهه و مقاديم بدنه الى القبلة لأنه محتضر، و في خبر الدعائم «و يجعل وجهه مما يلي القبلة» «2»

(1) لقول امير المؤمنين «ع» في خبر ميثم «ايها الناس ان الله عهد الى نبيه «ص» عهدا عهده محمد «ص» إلي بانه لا يقيم الحد من لله عليه حد فمن كان لله عليه مثل ماله عليها فلا يقيم عليها الحد ...» «3»

و في مرسل ابن ابي عمير، عمن رواه، عن ابي جعفر او ابي عبد الله «ع» قال: اتي امير المؤمنين ... فقال لهم: من فعل مثل فعله فلا يرجمه و لينصرف ... «4» هكذا سند الحديث في الكافي و التهذيب، و في الوسائل كلمة «زرارة» بدل «عمن رواه» و حذف «او ابي عبد الله» فراجع.

و قول امير المؤمنين «ع» أيضا في مرفوعة احمد بن محمد «معاشر المسلمين ان هذه حقوق الله فمن كان لله في عنقه حق فلينصرف و لا يقيم حدود الله من في عنقه حد».

و قوله أيضا في رواية الاصبغ «نشدت الله رجلا منكم لله عليه مثل هذا الحق ان

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 14 من ابواب حد الزنا، الحديث 6

(2)- المستدرك ج 3 ص 224 كتاب الحدود الباب 12 من ابواب حد الزنا

(3)- الوسائل ج 18 الباب 31 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 1

(4)- الوسائل ج 18 الباب 31 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 2

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 114

..........

______________________________

يأخذ لله به فانه لا يأخذ لله بحق من يطلبه الله

بمثله» «1» و ظاهر هذه الاخبار الحرمة و هي الظاهر من عبارة المصنف في النافع، و عن السرائر «روي انه لا يرجمه الامن ليس لله في جنبه حق، و هذا غير متعذر لأنه يتوب فيما بينه و بين الله ثم يرميه» و في الرياض أيضا الميل الى التحريم، نعم فيها ان ظاهر الاكثر بل المشهور الكراهة و اختارها المصنف هنا، و استدل لها بقصور سند الروايات و بوجوب القيام بامر الله و عموم الامر بالمعروف و النهي عن المنكر و الرجم من هذا القبيل. و اجيب بمنع قصور السند، اذ فيها الصحيحة او كالصحيحة، و بان الوجوب ينافي الكراهة أيضا و كيف كان فالاحوط- ان لم يكن اقوى- الترك.

فروع: الاول هل الحرمة او الكراهة تثبت بمطلق الحد و ان لم يكن مثل الذي اقيم على المحدود، كما هو ظاهر عبارة المصنف او تختص بما هو مثله؟ ظاهر صدر خبر ميثم و المرفوعة الاطلاق، و ظاهر ذيل خبر ميثم و المرسل و خبر الاصبغ الاختصاص بمثله، و يمكن ان يقال بعدم تنافيهما لكونهما مثبتين و لا سيما على القول بالكراهة فيكون المثل اشد كراهة و الاعتبار يقضي بالاطلاق، اذا لظاهر ان الملاك كون الانسان مشتغل الذمة بحق الله وحده كما هو المتبادر من المرفوعة.

الثاني: على فرض الاطلاق فهل يختص الحكم بالحد المعين شرعا او يشمل التعزير أيضا؟ يمكن ان يقال ان الاصحاب الذين تفرقوا بعد استماع كلام علي «ع» فهموا الاطلاق، اذ من المستبعد جدا كون جميع الحاضرين سوى امير المؤمنين و الحسنين مستحقا للحد الشرعي المعين.

الثالث: ظاهر النصوص و الفتاوى سقوط الحدود بالتوبة قبل ثبوتها كما مر، و التائب من الذنب كمن لا ذنب له،

فيصح ما مر من ابن ادريس من الحكم بالتوبة و الرمي، و لكن يبعد ذلك ما في الصحيح من انه تفرق الناس بعد نداء علي «ع» و لم يبق غيره و غير الحسن و الحسين، إذ من المستبعد عدم توبتهم جميعا اللهم الّا ان يقال بعدم علمهم بهذا

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 31 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 3، 4

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 115

[وجوب دفن المرجوم]

و يدفن اذا فرغ من رجمه و لا يجوز اهماله (على حال خ. ل) (1)

______________________________

الحكم و كيف كان فالظاهر عدم الحرمة او الكراهة بالنسبة الى التائب، و كذا من اجري عليه الحد الذي استحقه.

الرابع: الظاهر عدم الفرق في الحكم المذكور بين ثبوت الزنا بالاقرار او البينة، لكن في الجواهر عن الصيمري اختصاصه بالاول لأنه اذا قامت البينة وجب بدأة الشهود و لان مورد النهي في الروايات صورة الاقرار.

و يرد على الاول اولا بان ثبوت الحد مع عدم التوبة ينافي العدالة المعتبرة في الشهود و ثانيا ان قيل؟؟؟ بدأة الشهود لا يقتضي تخصيص نصوص المقام، بل لعل العكس اولى اذ بينهما عموم من وجه فكل منهما يصلح لتخصيص الاخر، و يرد على الثاني بان المورد لا يخصص.

(1) بلا خلاف كما عن المبسوط الاعتراف به بل و لا اشكال، ضرورة كونه مسلما، كذا في الجواهر، ففي صحيح مسلم، في الامرأة الجهنية: «فامر بها نبي الله «ص» فشكت عليها ثيابها ثم امر بها فرجمت ثم صلى عليها، فقال له عمر: تصلي عليها يا نبي الله و قد زنت؟ فقال: لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من اهل المدينة لو سعتهم و هل وجدت توبة افضل من ان جادت بنفسها لله» «1»

و

في الغامدية (قال نبي الله): «فو الذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له، ثم امر بها فصلى عليها و دفنت».

و في المرفوعة في الرجل الذي رجمه امير المؤمنين «ع» «فاخرجه امير المؤمنين فامر فحفر له و صلى عليه و دفنه، فقيل يا امير المؤمنين الا تغسله؟ فقال «ع»: قد اغتسل بما هو طاهر الى يوم القيامة لقد صبر على امر عظيم» «2»

و في رواية ابي مريم، في المرأة التي رجمها امير المؤمنين «ع» قال: «فادفعوها الى اوليائها و مروهم ان يصنعوا بها كما يصنعون بموتاهم» «3»

______________________________

(1)- صحيح مسلم، كتاب الحدود باب من اعترف على نفسه بالزنا

(2)- الوسائل ج 18 الباب 14 من ابواب حد الزنا، الحديث 4

(3)- الوسائل ج 18 الباب 16 من ابواب حد الزنا، الحديث 5

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 116

[في كيفيّة الجلد]

و يجلد الزاني مجردا (1) و قيل على الحال التي وجد (يوجد خ. ل) عليها (2)

______________________________

و ظاهر عبارة المصنف عدم الغسل و التكفين و التحنيط و الصلاة، و كان عليه ذكر الصلاة لوجوبها، نعم الغسل و التكفين و التحنيط تحصل قبل الرجم بامر الحاكم بلا خلاف بل اجماعا.

ففي الخلاف- المسألة 28- «من وجب عليه الرجم يؤمر بالاغتسال اولا و التكفين، ثم يرجم و يدفن بعد ذلك بعد ان يصلى عليه، و لا يغسل بعد قتله، و قال جميع الفقهاء: انه يغسل بعد موته و يصلى عليه، دليلنا اجماع الفرقة و اخبارهم، لا يختلفون فيه» و نحوه في كتاب الجنائز و اضاف: «و كذلك حكم المقتول قودا».

و يدل على الحكم رواية مسمع كردين، عن ابي عبد الله «ع» قال: المرجوم و المرجومة يغسلان و يحنطان و يلبسان الكفن

قبل ذلك ثم يرجمان و يصلى عليهما، و المقتص منه بمنزلة ذلك يغسل و يحنط و يلبس الكفن «ثم يقاد» و يصلى عليه «1»

و ظاهر الرواية تعين تقديم الغسل و نحوه على الرجم، نعم في المسالك متصلا بعبارة المصنف «و كذا يجب الصلاة عليه و غسله قبلها ان لم يكن قد اغتسل قبل ان يرجم، فان السنة امره بالاغتسال قبله» و لكن يجب حمل كلامه على ارادة الوجوب الثابت بالسنة لا الندب، و تفصيل المسألة في كتاب الطهارة، فراجع.

(1) عدا عورته، كما في النافع و القواعد و غيرهما بل عن غاية المرام انه المشهور و ان لم نتحققه، كذا في الجواهر، قال: لان حقيقة الجلد ضرب الجلد كقولهم «ظهره و بطنه و رأسه» و لموثقة اسحاق بن عمار قال: سألت ابا ابراهيم «ع» عن الزاني كيف يجلد؟ قال: اشد الجلد فقلت: من فوق الثياب؟ فقال: بل يجرد، و نحوه خبره الاخر «2»

(2) ان عاريا فعاريا و ان كاسيا، فكاسيا، كما عن الشيخ و جماعة بل هو المشهور، كما اعترف به غير واحد، بل عن ظاهر الغنية الاجماع، كذا في الجواهر.

نعم في السرائر ما لم يمنع من ايصال الم الضرب، و يدل على المسألة خبر طلحة بن

______________________________

(1)- الوسائل ج 2 الباب 17 من ابواب غسل الميت، الحديث 1

(2)- الوسائل ج 18 الباب 11 من ابواب حد الزنا، الحديث 2، 3

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 117

قائما اشد الضرب، و روي متوسطا، و يفرق على جسده و يتقى وجهه و رأسه و فرجه، و المرأة تضرب جالسة و تربط بثيابها (1)

______________________________

زيد، عن جعفر، عن ابيه «ع» قال: لا يجرد في حد و لا يشنج- يعني يمد- و

قال: و يضرب الزاني على الحال التي يوجد عليها، ان وجد عريانا ضرب عريانا و ان وجد و عليه ثيابه ضرب و عليه ثيابه، و رواه في قرب الاسناد عن ابي البختري، عن جعفر بن محمد «1»

و يؤيد ذلك بناء الحدود على التخفيف و لذا تدرأ بالشبهات فيحمل موثقة اسحاق بن عمار على صورة كونه مجردا حين الزنا، و عن كشف اللثام الجمع بين الخبرين بالتخيير، و الاحوط ما ذكرنا و قوله «على الحال التي يوجد عليها» يحتمل حال العمل و حال اخذه، و الاول اظهر، و لو كان «يؤخذ» كما احتمل كان الثاني اظهر.

و لا يخفى ان بدن المرأة كله عورة فلا يجوز تجريدها كعورة الرجل.

(1) و يدل على الاحكام المذكورة موثقة زرارة، عن ابي جعفر «ع» قال:

يضرب الرجل الحد قائما و المرأة قاعدة، و يضرب على كل عضو و يترك الرأس و المذاكير، هكذا عن الكافي، و رواه الصدوق الا انه قال و يترك الوجه و المذاكير.

و موثقة سماعة، عن ابي عبد الله «ع» قال: حد الزاني كأشد ما يكون من الحدود.

و خبر محمد بن سنان، عن الرضا «ع» في ما كتب اليه: و علة ضرب الزاني على جسده باشد الضرب لمباشرته الزنا و استلذاذ الجسد كله به فجعل الضرب عقوبة له و عبرة لغيره و هو اعظم الجنايات،

و خبر ابي البختري، عن جعفر، عن ابيه، عن علي «ع» قال: حد الزاني اشد من حد القاذف، و حد الشارب اشد من حد القاذف،

نعم في مرسل حريز، عمن اخبره، عن ابي جعفر «ع» انه قال: يفرق الحد على الجسد كله و يتقى الفرج و الوجه و يضرب بين الضربين «2» قال في الوسائل: لعله

مخصوص بغير الزنا.

اقول: و هو الاقوى لإطلاق هذه الرواية و تصريح الاخبار الاول بخصوص الزنا

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 11 من ابواب حد الزنا، الحديث 7

(2)- راجع الوسائل ج 18 الباب 11 من ابواب حد الزنا

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 118

[النظر الثالث في اللواحق و هي مسائل عشر]

اشارة

النظر الثالث في اللواحق و هي مسائل عشر:

[الاولى لو ادعت المرميّة بالزنا أنّها بكر]

الاولى اذا شهد اربعة على امرأة بالزنا قبلا فادعت انها بكر فشهد لها اربع نساء (بذلك خ. ل) فلا حد (1)

______________________________

و انه اشد ما يكون، و قد مر في موثقة اسحاق بن عمار أيضا انه يجلد اشد الجلد، فهو المعتمد لصراحة رواياته و لأنه اكثر رواية و فتوى، و استثناء الفرج و الوجه متيقن و اما الرأس فهو مستثنى على رواية زرارة في الكافي، و يقتضيه التخفيف في الحدود و انها تدرأ بالشبهة.

و في الخلاف- المسألة 12- «يفرق حد الزاني على جميع البدن الا الوجه و الفرج، و به قال الشافعي، و قال ابو حنيفة: الا الوجه و الفرج و الرأس، دليلنا اجماع الفرقة و اخبارهم» و في الجواهر بعد عبارة المصنف «تجنبا عن المثلة و القتل و العمى و اختلال العقل» و كيف كان فالاحوط استثناء الرأس أيضا، فتدبر.

(1) في الجواهر بلا خلاف اجده فيه، و في الرياض اجماعا على الظاهر المصرح به في التنقيح مضافا الى الشبهة الدارئة، و يدل عليه اجمالا خبر السكوني، عن ابي عبد الله «ع» عن ابيه، عن علي «ع» انه اتى رجل بامرأة بكر زعم انها زنت فامر النساء فنظرن اليها فقلن هي عذراء فقال علي «ع»: ما كنت لاضرب من عليها خاتم من الله و كان يجيز شهادة النساء في مثل هذا «1» و روى نحوه في العيون قال: سئل النّبيّ «ص» عن امرأة ... «2».

و خبر زرارة، عن احدهما «ع» في اربعة شهدوا على امرأة بالزنا فقالت: انا بكر فنظر اليها النساء فوجد نها بكرا فقال: تقبل شهادة النساء «3»

اقول: الشهود اما ان تشهد بزناها قبلا او دبرا

او بنحو الاطلاق، اما الاول فهو

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 25 من ابواب حد الزنا، الحديث 1

(2)- الوسائل ج 18 الباب 24 من ابواب الشهادات، الحديث 49

(3)- الوسائل ج 18 الباب 24 من ابواب الشهادات، الحديث 44

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 119

و هل تحد الشهود للفرية؟ قال في النهاية: نعم، و قال في المبسوط: لا حد لاحتمال الشبهة في المشاهدة، و الاول اشبه (1)

[الثانية: لا يشترط حضور الشهود عند اقامة الحد]

الثانية: لا يشترط حضور الشهود عند اقامة الحد بل يقام و ان ماتوا او غابوا لا فرارا لثبوت السبب الموجب (2)

______________________________

المتيقن من النصوص و الفتاوى، و احتمال عود البكارة، فلا تنافي شهادة النساء شهادة الشهود بالزنا، اجتهاد في مقابل النص.

و اما في الثاني فلا تنافي بين الشهادتين فيجري الحد.

و اما في الثالث فهل يؤخذ فيه باطلاق الروايات كما في الجواهر لذلك و للانصراف الى القبل و للشبهة الدارئة او يحكم بعدم تنافي الشهادتين كما في المسالك؟

و جهان. و الاول اقوى لبناء الحدود على التخفيف و كذلك يسقط الحد عن الرجل الذي شهدوا على زناه بها قبلا او اطلقوا، كما لا يخفى.

(1) نسب القول الاول الى ابن الجنيد و الشيخ في النهاية و ابن ادريس في شهادات السرائر، و القول الثاني الى الشيخ في المبسوط و ابن ادريس في الحدود.

و استدل للأول بان تقديم شهادة النساء يستلزم رد شهادة الشهود المستلزم لكذبهم.

و اجيب بمنع ذلك اذ لا مزية لشهادة النساء على شهادة الشهود الاربعة حتى تقدم عليها، انما الثابت قبول الشهادتين و الحكم بالتعارض بينهما فتسقطان و يحصل الشبهة الدارئة، و من المحتمل عود البكارة و ان بعد، كيف و لو ثبت حد الفرية تعرض له الخبران، و اما ما ذكره

المصنف من احتمال الشبهة في المشاهدة فلا يخفى ما فيه، لان الاصل عدمها، و كيف كان فالاقوى هو القول الثاني.

و لو ثبت جب الرجل الذي شهدوا على زناه في زمان لا يمكن حدوث الجب بعده درء عنه الحد و كذا عن التي شهد انه زنى بها، و كذا يسقط الحد عنها لو شهدن النساء بانهار تقاء، و لا يحد الشهود اذ غاية الامر تعارض الشهادتين، نعم ان حصل العلم بالجب او الرتق و كان المشهود به الزنا قبلا حدوا للفرية و الله العالم.

(2) و لاستصحاب بقاء الحد و لا يقتضي وجوب بدأة الشهود تكليفا الاشتراط

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 120

[الثالثة: هل يجب حضور شهود الرجم عنده]

الثالثة: قال الشيخ: لا يجب على الشهود حضور موضع الرجم، و لعل الاشبه الوجوب لوجوب بدأتهم بالرجم (1)

______________________________

وضعا، و وافقنا في ذلك الشافعي، و خالف ابو حنيفة فقال: متى غابوا او ماتوا لم يجز للحاكم ان يحكم بشهادتهم (الخلاف المسألة 30)، نعم لو امكن احضار الشهود للبدأة به فالأحوط ذلك و كذا اذا توقع حضورهم الا اذا اوجب تأخيرا كثيرا فلا يجب، اذ لا نظرة في الحدود.

و يظهر من المصنف ان فرار الشهود يوجب سقوط الحد مطلقا، و يستدل لذلك بحسنة محمد بن قيس، عن ابي جعفر «ع» قال: قضى امير المؤمنين في رجل جاء به رجلان و قالا ان هذا سرق درعا ... فقال «ع»: ليقطع احد كما يده و يمسك الاخر يده ... فجاء الذي شهدا عليه فقال: يا امير المؤمنين شهد علي الرجلان ظلما فلما ضرب الناس و اختلطوا ارسلانى و فرا و لو كانا صادقين لم يرسلاني، فقال امير المؤمنين «ع»: من يدلني على هذين انكلهما «1» و الظاهر عدم

اجرائه- عليه السلام- الحد و ان نكالهما لثبوت كذبهما.

و الاقوى ان الفرار لا موضوعية له بل الملاك تحقق الشبهة و الحدود تدرأ بالشبهات، فلو فروا و لم يتحقق شبهة لم يسقط الحد، و لو حصلت الشبهة مع عدم الفرار سقط، و كذا في مورد الاقرار اذا حصل لجهة مقارنة او غيرها الشبهة، فتدبر.

(1) نصا و اجماعا محكيا كما مر و ظاهرهما الوجوب المطلق لا المشروط بالحضور حتى لا يجب الشرط و الشيخ أيضا في الخلاف- المسألة 14- بعد ما حكم اولا بعدم وجوب حضور الشهود و فاقا للشافعي و خلافا لأبي حنيفة قال: «روى اصحابنا انه اذا وجب الرجم بالبينة فاول من يرجمه الشهود ثم الامام، و ان كان مقرا على نفسه كان اول من يرجمه الامام فعلى هذا يلزمهم الحضور».

و قد عرفت سابقا وجوب بدأة الامام أيضا عند الاقرار فيجب حضوره عنده، بل قد يفهم من النص المتضمن لابتداء الشهود ثم الامام وجوب حضوره عند البينة أيضا.

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 33 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 2

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 121

[الرابعة: اذا كان الزوج احد الاربعة]

الرابعة: اذا كان الزوج احد الاربعة ففيه روايتان (1) و وجه الجمع سقوط الحد ان اختل بعض شروط الشهادة مثل ان يسبق الزوج بالقذف فيحد الزوج او يدرأه باللعان و يحد الباقون و ثبوت الحد ان لم يسبق بالقذف و لم يختل بعض الشرائط.

______________________________

(1) إحداهما القبول و هو خيرة الاكثر، كذا في الجواهر و هي رواية ابراهيم بن نعيم، عن ابي عبد الله «ع» قال: سألته عن اربعة شهدوا على امرأة بالزنا احدهم زوجها، قال: تجوز شهادتهم «1» (و في السند عباد بن كثير، و هو غير موثق) مؤيدة بالعمومات و

الاطلاقات الاولية اذ لا فرق بينه و بين غيره من الشهود بعد ثبوت العدالة و سائر الشرائط، بل لعله اولى بالقبول لهتك عرضه فيندرج فيما دل على ثبوت الزنا بشهادة الاربع، و يشهد له أيضا قوله- تعالى- وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوٰاجَهُمْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدٰاءُ إِلّٰا أَنْفُسُهُمْ فَشَهٰادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهٰادٰاتٍ بِاللّٰهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصّٰادِقِينَ «2» لأنه مشعر بان نفسه أيضا شاهد، كيف و يحسب اقراره اربع مرات اربع شهادات و لا يحسب شهادة واحدة؟! بل و يشمله أيضا قوله- تعالى- فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ «3» بناء على كون الخطاب للحكام لا للأزواج.

و يؤيد ذلك أيضا ما دل على جواز شهادة الرجل لامرأته و المرأة لزوجها «4» لعدم الفرق بين الشهادة لها او عليها بل الثاني اولى بالقبول لعدم جر النفع.

و بذلك يظهر جواز شهادة المرأة عليه أيضا اذا انضم اليها النصاب المعتبرة كثلاثة رجال و امرأة، هذا.

و في مقابل ذلك روايتان معارضتان لها، الاولى ما رواه زرارة، عن احدهما «ع» في اربعة شهدوا على امرأة بالزنا، احدهم زوجها، قال يلاعن الزوج و يجلد الآخرون «5» و في سندها اسماعيل بن خراش و هو مجهول.

______________________________

(1)- الوسائل ج 15 الباب 12 من ابواب اللعان، الحديث 1

(2)- سورة النور، الاية 6

(3)- سورة النساء الاية 15

(4)- راجع الوسائل ج 18 الباب 25 من ابواب الشهادات

(5)- الوسائل ج 15 الباب 12 من ابواب اللعان الحديث 2

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 122

[الخامسة: حكم الحاكم بعلمه في حدود الله]

اشارة

الخامسة يجب على الحاكم اقامة حدود الله بعلمه كحد الزنا، و اما حقوق الناس فتقف اقامتها على المطالبة حدا كان او تعزيرا (1).

______________________________

الثانية ما رواه ابو سيار مسمع، عن ابي عبد الله «ع» في اربعة شهدوا على

امرأة بفجور، احدهم زوجها، قال: يجلدون الثلاثة و يلاعنها زوجها و يفرق بينهما و لا تحل له ابدا «1» و في سندها نعيم بن ابراهيم، و هو مجهول كذا في التهذيب و الفقيه، نعم في الوسائل ابراهيم بن نعيم، و لكن الظاهر هو القلب و الاشتباه، فراجع. و من العجب عدم تعرض الجواهر و المسالك لهذه الرواية الثالثة لا هنا و لا في اللعان.

و قد جمعوا بين الخبرين و الخبر السابق بوجوه: الاول حمل الخبرين الاخيرين على اختلال بعض شرائط الشهادة.

الثاني: ما عن السرائر و الوسيلة و الجامع من حملهما على سبق الزوج بالقذف، و هذان الوجهان مذكور ان في عبارة المصنف في اللعان، نعم ظاهر عبارته هنا كونهما وجها و احدا و لا يخفى بطلانه، اذ ليس من شرائط الشهادة عدم سبق احد الشهود.

الثالث ما عن ابن الجنيد من حملهما على ما اذا كانت الزوجة مدخولا بها حتى يحصل شرط اللعان.

الرابع ما ذكره الصدوق من حملهما على صورة نفي الولد، اذا للعان عنده في هذه الصورة، هذا.

و اما ما في الوسائل من الحمل على عدم الدخول فسهو منه، اذ لا لعان في هذه الصورة.

و لا يخفى ان الوجوه المذكورة ذكرت تبرعا لكون الجميع خلاف الظاهر، هذا.

و الاقوى هو قبول شهادة الزوج لما دل من العمومات و الاطلاقات الاولية و تعارض روايات المقام، فتدبر.

(1) قال في الخلاف- المسألة 41 من كتاب القضاء-: «للحاكم ان يحكم بعلمه في جميع الاحكام من الاموال و الحدود و القصاص و غير ذلك سواء كان من حقوق

______________________________

(1)- الوسائل ج 15 الباب 12 من ابواب اللعان الحديث 3

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 123

..........

______________________________

الله او من حقوق الآدميين، فالحكم فيه سواء

و لا فرق بين ان يعلم ذلك بعد التولية في موضع ولايته او قبل التولية ...، دليلنا اجماع الفرقة و اخبارهم ...»

و في الانتصار «و مما انفردت به الامامية و اهل الظاهر يوافقونها فيه القول بان للإمام و الحاكم من قبله ان يحكموا بعلمهم في جميع الحقوق و الحدود من غير استثناء و سواء علم الحاكم ما علمه و هو حاكم او علمه قبل ذلك و قد حكي انه مذهب لأبي ثور و خالف باقي الفقهاء في ذلك ... فان قيل كيف تستجيزون ادعاء الاجماع من الامامية في هذه المسألة و ابو علي بن الجنيد يصرح بالخلاف فيها و يذهب الى انه لا يجوز للحاكم ان يحكم بعلمه في شي ء من الحقوق و لا الحدود؟ قلنا: لا خلاف بين الامامية في هذه المسألة و قد تقدم اجماعهم ابن الجنيد و تأخر عنه»

و في المسالك «ظاهر الاصحاب الاتفاق على ان الامام يحكم بعلمه مطلقا لعصمته المانعة من تطرق التهمة و علمه المانع من الخلاف، و الخلاف في غيره من الحكام فالاظهر بينهم ان يحكم أيضا بعلمه مطلقا و قيل لا يجوز مطلقا، و قال ابن ادريس: يجوز في حقوق الناس من دون حقوق الله و عكس ابن الجنيد في كتابه الاحمدي فقال: و يحكم الحاكم فيما كان من حدود الله- عز و جل- بعلمه و لا يحكم فيما كان من حقوق الناس الا بالاقرار او البينة فيكون بما علمه من حقوق الناس شاهدا عند من فوقه و شهادته كشهادة الرجل الواحد». و لا يخفى مخالفة ما حكاه المسالك عن ابن الجنيد لما حكاه السيد عنه.

و في الغنية «و يجوز للحاكم ان يحكم بعلمه في

جميع الاشياء من الاموال و الحدود و القصاص و غير ذلك و سواء في ذلك ما علمه في حال الولاية او قبلها بدليل اجماع الطائفة».

هذا ملخص الاقوال عندنا و اما عند العامة فبعضهم، كما لك قال: لا يقضي بعلمه مطلقا و قال الشافعي: يقضي في حقوق الناس، و في الحدود قولان، و ذهب ابو حنيفة الى انه لا يحكم بما علمه قبل القضاء و يحكم بما علمه بعده.

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 124

..........

______________________________

و كيف كان فالاقوى الجواز مطلقا،

[استدل على الجواز بوجوه:]
اشارة

و استدل عليه بوجوه:

[الاول الاجماع]

الاول الاجماع المدعى في الانتصار و الخلاف و الغنية و بعض الكتب الاخر، و فيه ان من المحتمل كون مدرك المجمعين ما يجي ء من الادلة فكشفه عن وصول شي ء آخر من الائمة «ع» غير ما عندنا مشكل.

[الثاني: قوله- تعالى: الزّٰانِيَةُ وَ الزّٰانِي]

الثاني: قوله- تعالى-: الزّٰانِيَةُ وَ الزّٰانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وٰاحِدٍ مِنْهُمٰا مِائَةَ جَلْدَةٍ «1» و قوله: السّٰارِقُ وَ السّٰارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمٰا «2» بتقريب ان موضوع الجلد مثلا هو عنوان الزاني بواقعه، و العلم طريق اليه قهرا و لو لم يكن العلم كافيا و احتاج الجلد الى الاقرار او البينة صار الموضوع للجلد من اقر بالزنا او قام الشهود على زناه لا عنوان الزاني، فعدم اجراء الحد على من ثبت زناه بالعلم يوجب خلاف القرآن.

لا يقال على قولك أيضا يصير الموضوع معلوم الزنا لا الزاني.

فانه يقال: لا، بل الموضوع نفس الزاني و العلم طريق محض لم يؤخذ موضوعا و العالم حين علمه لا يتوجه الى علمه بل يتوجه الى نفس المعلوم و الواقع، فالعلم طريق عقلي للواقع و البينة و اليمين طريقان شرعا لمن لم يكن له طريق عقلي كما هو الغالب، قال في الانتصار- بعد بيان هذا الوجه- «و اذا ثبت ذلك في الحدود فهو ثابت في الاموال لان من اجاز ذلك في الحدود اجازه في الاموال و لم يجزه احد من الامة في الحدود دون الاموال». اقول: قد عرفت نقل المسالك عن ابن الجنيد الجواز في حدود الله دون حقوق الناس، و ادعاء الاولوية ممنوعة اذ الاتهام في حقوق الناس كثير فيمكن المنع فيها لذلك.

[الثالث: قوله- تعالى-: «يٰا دٰاوُدُ إِنّٰا جَعَلْنٰاكَ]

الثالث: قوله- تعالى-: «يٰا دٰاوُدُ إِنّٰا جَعَلْنٰاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النّٰاسِ بِالْحَقِّ «3» و قوله مخاطبا للنبي «وَ إِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ «4» و قوله

______________________________

(1) سورة النور، الاية 2

(2) سورة المائدة الاية 38

(3)- سورة ص الاية 26

(4)- سورة المائدة الاية 42

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 125

..........

______________________________

«وَ إِذٰا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النّٰاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ» «1» و الحق

و القسط و العدل امور واقعية تنكشف بالعلم و طريقية العلم اليها اوضح من طريقية البينات و الأيمان.

[الرابع: الحاكم لو لم يعمل بعلمه لزم ايقاف الاحكام أو فسق الحكام]

الرابع: ان الحاكم لو لم يعمل بعلمه لزم اما ايقاف الاحكام او فسق الحكام، فاذا طلق الرجل زوجته بحضرة الحاكم ثلاثا ثم جحد الطلاق كان القول قوله بيمينه، فان حكم الحاكم باليمين الكاذبة عنده و رتب عليها الاثر لزم فسقه، و ان توقف عن الحكم لزم ايقاف الاحكام، و كذا اذا اعتق الرجل عبده بحضرة الحاكم ثم جحد او غصب مالا من رجل ثم جحد.

[الخامس: ان الشيعة تنكر على ابي بكر حيث طلب البينة من فاطمة- سلام الله عليها]

الخامس: ان الشيعة تنكر على ابي بكر حيث طلب البينة من فاطمة- سلام الله عليها- في قصة فدك مع علمه بصدقها بل بعصمتها، فلو لم يكن علم الحاكم حجة و احتاج الى البينة كان الحق مع ابي بكر في تلك الواقعة.

[السادس: قصة نزاع الاعرابي مع النبي «ص»]

السادس: قصة نزاع الاعرابي مع النبي «ص» في ثمن ناقة باعها من النبي «ص» و ارجاعهما او لا الحكم الى رجل من قريش فاستدعى البينة من النبي «ص» فقال رسول الله «ص»: لأتحاكمن مع هذا الى رجل يحكم بيننا بحكم الله فاتى رسول الله «ص» علي بن ابي طالب و معه الاعرابي، فقال علي «ع»: مالك يا رسول الله، قال: يا ابا الحسن احكم بيني و بين هذا الاعرابي، فقال علي: يا اعرابي ما تدعي على رسول الله؟ قال:

سبعين درهما، ثمن ناقة بعتها منه فقال: ما تقول يا رسول الله؟ قال: قد أوفيته ثمنها، فقال: يا اعرابي اصدق رسول الله فيما قال؟ قال: لا، ما اوفاني شيئا، فاخرج علي «ع» سيفه فضرب عنقه، فقال رسول الله «ص»: لم فعلت يا علي ذلك؟ فقال: يا رسول الله نحن نصدقك على امر الله و نهيه و على امر الجنة و النار و الثواب و العقاب و وحي الله- عز و جل- و لا نصدقك على ثمن ناقة الاعرابي؟ و اني قتلته لأنه كذبك لما قلت له:

اصدق رسول الله «ص» فقال: لا، ما اوفاني شيئا، فقال رسول الله «ص»: اصبت يا علي فلا تعد الى مثلها، ثم التفت الى القرشي- و كان قد تبعه- فقال: هذا حكم الله لا ما

______________________________

(1)- سورة النساء الاية 58

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 126

..........

______________________________

حكمت به «1» و في رواية اخرى في

بيان قصة اخرى تشبه هذه القصة: قال علي «ع»: خل بين الناقة و بين رسول الله فقال الاعرابي: ما كنت بالذي افعل او يقيم البينة، قال: فدخل علي «ع» منزله فاشتمل على قائم سيفه ثم اتى فقال: خل بين الناقة و بين رسول الله فقال: ما كنت بالذي افعل او يقيم البينة قال: فضربه علي «ع» ضربة ... «2» و انت ترى في الواقعتين مع كونهما من مصاديق المخاصمة و الرجوع الى الحاكم ان عليا «ع» عمل بقطعه و علمه و النبي «ص» استصوبه.

[السابع: قصة ابتياع النبي «ص» فرسا من اعرابي]

السابع: قصة ابتياع النبي «ص» فرسا من اعرابي و تشاجرهما و ادعاء الاعرابي الشاهد من النبي حتى جاء خزيمة بن ثابت فاستمع لمراجعة النبي «ص» للأعرابي، فقال خزيمة: اني انا اشهد انك قد بايعته فاقبل النبي «ص» على خزيمة فقال بم تشهد؟ فقال:

بتصديقك يا رسول الله! فجعل رسول الله شهادة خزيمة بن ثابت شهادتين و سماه ذا الشهادتين «3» هذا و لكن القصة قصة الشهادة، لا المحاكمة عند الحاكم.

[الثامن: قصة درع طلحة]

الثامن: قصة درع طلحة، حيث رآها علي- عليه السلام- مع التميمي فادعى انها اخذت غلولا يوم البصرة فرجعا الى شريح، فقال لعلي «ع» هات على ما تقول بينة ....

قال «ع»: ويلك او ويحك ان امام المسلمين يؤمن من امورهم على ما هو اعظم من هذا «4»

و قد جمع القصص باجمعها الصدوق فيمن لا يحضر في باب ما يقبل من الدعاوي بغير بينة، فراجع. و لا يخفى ان الحكم في هذه الوقائع لم يكن مستندا الى علم الغيب و الامامة، فعلي «ع» حكم في واقعتي الناقة بما علمه من قول النبي و علمه بعدم كذبه، و كذلك شهادة خزيمة، و في واقعة درع طلحة كان علي يعرف درع طلحة بمشاهدتها سابقا مع طلحة، فليس لأحد ان يقول ان الحكم بالعلم يختص بالامام لعلمه بالغيب، كيف و العلم علم لا يتطرق اليه شك في اي فرد حصل و من اي طريق حصل و ان الذي لا يغني

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 18 من ابواب كيفية الحكم و الدعوى، الحديث 1

(2)- الوسائل ج 18 الباب 18 من ابواب كيفية الحكم و الدعوى، الحديث 2

(3)- الوسائل ج 18 الباب 18 من ابواب كيفية الحكم و الدعوى، الحديث 3

(4)- الوسائل

ج 18 الباب 14 من ابواب كيفية الحكم و الدعوى، الحديث 6

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 127

..........

______________________________

عن الحق شيئا هو الظن، لا العلم القطعي اليقيني.

[التاسع: خبر الحسين بن خالد]

التاسع: خبر الحسين بن خالد، عن ابي عبد الله «ع» قال: سمعته يقول: الواجب على الامام اذا نظر الى رجل يزني او يشرب الخمر ان يقيم عليه الحد، و لا يحتاج الى بينة مع نظره لأنه امين الله في خلقه، و اذا نظر الى رجل يسرق ان يزبره و ينهاه و يمضي و يدعه قلت: و كيف ذلك؟ قال: لان الحق اذا كان لله فالواجب على الامام اقامته و اذا كان للناس فهو للناس «1» هذه عمدة ما استدلوا به في المقام.

[ما استدل به للمنع فوجوه]
اشارة

و اما ما استدل به او يمكن ان يستدل به للمنع فوجوه أيضا:

[الاول: ان العمل بالعلم يعرض الحاكم للتهمة و سوء الظن]

الاول: ان العمل بالعلم يعرض الحاكم للتهمة و سوء الظن، و فيه اولا ان نفس تصدي الحكم أيضا يوجب ذلك، و ثانيا ان تزكية الشهود و جرحهم أيضا يوجب ذلك مع انهما من وظائف الحكام و الحل ان الحاكم العادل ليس لأحد ان يتهمه فانه مأمون على احكام الله تعالى.

[الثاني: ان العمل بالعلم تزكية لنفسه]

الثاني: ان العمل بالعلم تزكية لنفسه، و فيه ما لا يخفى، اذ نفس التصدي للحكم أيضا يوجب ذلك.

[الثالث: ان بناء حدود الله على المسامحة و الستر]

الثالث: ان بناء حدود الله على المسامحة و الستر، و فيه ان الستر انما يكون مع عدم الظهور و العلم ظهور بنفسه.

[الرابع: ما روي عن النبي «ص» انه قال:]

الرابع: ما روي عن النبي «ص» انه قال: لو اعطي الناس بدعاويهم لادعى ناس دماء قوم و اموالهم، لكن البينة على المدعي و اليمين على من انكر «2» و فيه ان المراد من الحديث ان صرف الدعوى لا يسمع بلا دليل و انما يسمع مع الدليل، و ذكر البينة و اليمين من جهة ان الاغلب عدم وجود العلم و إلا فإن العلم من ابين البينات.

[الخامس: ما رواه هشام بن الحكم، عن ابي عبد الله «ع» قال:]

الخامس: ما رواه هشام بن الحكم، عن ابي عبد الله «ع» قال: قال رسول الله «ص»:

انما اقضي بينكم بالبينات و الايمان و بعضكم الحن بحجته من بعض، فايما رجل قطعت

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 32 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 3

(2)- الانتصار كتاب القضاء، و قريب منه ما في صحيح مسلم في كتاب الاقضية باب اليمين على المدعى عليه.

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 128

..........

______________________________

له قطعة من مال اخيه شيئا فانما قطعت له به قطعة من النار «1» بتقريب ان المستفاد من الحصر عدم جواز الحكم بالعلم، و فيه ان الحصر كما يحتمل كونه في مقابل العلم يحتمل كونه في مقابل قبول صرف الدعوى و الالحنية في الخطاب بقرينة ذيل الحديث و بقرينة الحديث الذي قبله فالمراد أنّ صرف الدعوى- و ان كانت مقرونة بكون المدعي خطيبا مفهما لمقصوده باحسن بيان- لا يكفي ما لم يكن حجة في البين، و قد ذكر الحجة الغالبة بحسب الوجود، اعني البينة و اليمين. و يظهر من ذيل الحديث عدم موضوعية للبينة و اليمين، و انما الملاك هو الواقع، فلو فرض كون الواقع على خلاف الحجة فقد قطعت لمن اصاب مال الغير قطعة من النار، و اذا كان الملاك هو الواقع فاي طريق الى

الواقع او في و اتقن من العلم الشهودي؟ فتدبر.

[السادس: قول امير المؤمنين «ع»:]

السادس: قول امير المؤمنين «ع»: احكام المسلمين على ثلاثة: شهادة عادلة او يمين قاطعة او سنة ماضية من ائمة الهدى «2»، و فيه ان العمل بالعلم مطابق للسنة الماضية فان عليا «ع» عمل بعلمه في مقام المحاكمة و قال له النبي «ص»: اصبت، فعلينا ان نتأسى به في احكامنا.

[السابع: ما روي عن النبي «ص» في قصة الملاعنة:]

السابع: ما روي عن النبي «ص» في قصة الملاعنة: لو كنت راجما من غير بينة لرجمتها «3» و فيه عدم ثبوت ذلك سندا، ثم انه يمكن ان يكون الحاكم في غير مورد البينة مخيرا بين الحكم و عدمه في حقوق الله- تعالى- كما ان له العفو في مورد الاقرار، كما قرر في محله فيكون مراده «ص» اني لو كنت اختار الرجم في غير البينة لرجمتها و لكن لا اختاره الا في مورد البينة.

[الثامن: ما حكاه السيد في الانتصار عن ابن الجنيد]

الثامن: ما حكاه السيد في الانتصار عن ابن الجنيد، فقال: «وجدت الله- تعالى- قد اوجب للمؤمنين فيما بينهم حقوقا ابطلها فيما بينهم و بين الكفار و المرتدين، كالمواريث و المناكحة و اكل الذبائح، و وجدنا قد اطلع رسول الله «ص» على من كان

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 2 من ابواب كيفية الحكم، الحديث 1.

(2)- الوسائل ج 18 الباب 1 من ابواب كيفية الحكم، الحديث 6

(3) سنن البيهقي ج 7 ص 407

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 129

..........

______________________________

يبطن الكفر و يظهر الإسلام فكان يعلمه و لم يبين احوالهم لجميع المؤمنين فيمتنعون من مناكحتهم و اكل ذبائحهم» و اجاب السيد بما حاصله اولا: لا نسلم ان الله- تعالى- اطلع النبي «ص» على معايب المنافقين، فان استدل على ذلك بقوله- تعالى-: وَ لَوْ نَشٰاءُ لَأَرَيْنٰاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمٰاهُمْ وَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ «1» قلنا: هذا لا يدل على وقوع التعريف و انما يدل على القدرة عليه، و لو سلم لم يلزم ما ذكره، لأنه غير ممتنع ان يكون تحريم المناكحة و الموارثة و اكل الذبائح انما يختص بمن اظهر كفره دون من ابطنها، فلا يجب على النبي «ص» ان يبين احوال من ابطن الكفر لأجل

هذه الاحكام» انتهى.

و ملخص الجواب ان بحثنا يكون في حكم الحاكم بعلمه و ما ذكر لا يرتبط بباب الحكم و الدعوى، فهذه خلاصة ما استدل به لعدم جواز الحكم بالعلم، و قد عرفت ان الحق هو الجواز مطلقا.

و اما ما ذكره المصنف من توقف اقامة حقوق الناس على المطالبة فيستدل عليه باخبار منها: صحيحة الفضيل المفصلة و فيها «اذا اقر على نفسه عند الامام بسرقة قطعه، فهذا من حقوق الله، و اذا اقر على نفسه انه شرب خمرا حده، فهذا من حقوق الله، و اذا اقر على نفسه بالزنا و هو غير محصن فهذا من حقوق الله، قال: و اما حقوق المسلمين فاذا اقر على نفسه عند الامام بفرية لم يحده حتى يحضر صاحب الفرية او وليه، و اذا اقر بقتل رجل لم يقتله حتى يحضر اولياء المقتول فيطالبوا بدم صاحبهم» «2»

و منها: صحيحته المختصرة و هي قطعة من المفصلة، عن ابي عبد الله «ع» قال:

من اقر على نفسه عند الامام بحق احد من حقوق المسلمين فليس على الامام ان يقيم عليه الحد الذي اقربه عنده حتى يحضر صاحبه حق الحد او وليه و يطلبه بحقه «3»

و منها: خبر الحسين بن خالد، عن ابي عبد الله «ع» قال: سمعته يقول: الواجب على الامام اذا نظر الى رجل يزني او يشرب الخمر ان يقيم عليه الحد و لا يحتاج الى بينة مع

______________________________

(1)- سورة محمد، الاية 30

(2)- الوسائل ج 18 الباب 32 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 1

(3)- الوسائل ج 18 الباب 32 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 2

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 130

..........

______________________________

نظره لأنه امين الله في خلقه، و اذا نظر الى رجل يسرق ان

يزبره و ينهاه و يمضي و يدعه، قلت: و كيف ذلك؟ قال: لان الحق اذا كان لله فالواجب على الامام اقامته و اذا كان للناس فهو للناس «1» و لعل المراد بقوله «يسرق» ارادة السرقة لا السرقة الفعلية و إلا ثبت القطع، كما دل عليه صحيحة الفضيل، و لعل المراد بقوله في الصحيحة «و هو غير محصن» كون الطرف أيضا غير محصنة ليخرج الزنا بذات الزوج اذ يشبه ان يكون فيه حق الناس أيضا. و يدل عليه خبر ابي شبل، قال: قلت لأبي عبد الله «ع»: رجل مسلم فجر بجارية اخيه فما توبته؟ قال: يأتيه و يخبره و يسأله ان يجعله في حل و لا يعود، قلت: فان لم يجعله من ذلك في حل؟ قال: يلقى الله- عز و جل- زانيا خائفا «2» فتأمل، اذ يمكن الفرق بين الجارية التي هي ملك و الزوجة الحرة.

ثم انه اذا فقد ذو الحق او مات و لم يكن له ولي خاص يطالب بحقه او لم يقدر على طلب حقه للخوف من الظالم او كان صغيرا او مجنونا او غير ذلك فالظاهر وجوب استيفاء الحاكم حقه حسبة لأنه ولي من لا ولي له و هو منصوب لإقامة العدل و احقاق الحقوق و نصرة المظلومين، و يشعر بذلك موثقة عمار، عن ابي عبد الله «ع» في رجل قال للرجل: يا بن الفاعلة- يعني الزنا- فقال: ان كانت امه حية شاهدة ثم جاءت تطلب حقها ضرب ثمانين جلدة و ان كانت غائبة انتظر بها حتى تقدم ثم تطلب حقها و ان كانت قد ماتت و لم يعلم منها الّا خير ضرب المفتري عليها الحد، ثمانين جلدة، «3» اذ اطلاق ذيلها يشمل

صورة عدم الولي الخاص أيضا.

و يشهد لذلك أيضا ما ورد في قتل الحاكم القاتل اذا لم يكن له ورثة مسلمون يطالبون بحقه «4» و روي أيضا ان عليا «ع» وجد انسانا صفع انسانا و المصفوع خاف من الصافع فعفى عنه فقال «ع»: و اين حق السلطان؟ ثم صفع- عليه السلام- الصافع صفعات.

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 32 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 3

(2)- الوسائل ج 18 الباب 46 من ابواب حد الزنا، الحديث 1

(3)- الوسائل ج 18 الباب 6 من ابواب حد القذف، الحديث 1

(4)- الوسائل ج 19 الباب 60 من ابواب القصاص، الحديث 1

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 131

[السادسة: اذا شهد بعض و ردت شهادة الباقين]

السادسة: اذا شهد بعض و ردّت شهادة الباقين، قال في الخلاف و المبسوط: ان ردت بامر ظاهر حد الجميع و ان ردت بامر خفي فعلى المردود الحد دون الباقين (1) و فيه اشكال من حيث تحقق القذف العاري عن بينة.

______________________________

(1) في الجواهر عطف على الكتابين، محكي السرائر و الجامع و التحرير. قال في الخلاف- المسألة 33- ما ملخصه «اذا شهد الاربعة بالزنا فردت شهادة واحد منهم فان ردت بامر ظاهر فانه يجب على الاربعة حد القاذف و ان ردت بامر خفي فانه يقام على المردود الشهادة الحد دون الثلاثة، و قال الشافعي: ان ردت شهادته بامر ظاهر فعلى قولين في الاربعة و ان ردت بامر خفي فلا حد على الاربعة، دليلنا ان الاصل براءة الذمة و أيضا فانهم غير مفرطين في اقامة الشهادة فان أحدا لا يقف على بواطن الناس، و يفارق اذا كان بامر ظاهر لان التفريط كان منهم، و الدليل على ان مع الرد بامر ظاهر يجب الحد قوله- تعالى-: وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ

الْمُحْصَنٰاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدٰاءَ ... «1» و هذا ما اتى باربعة شهداء لان من كان ظاهره ما يوجب الرد لا يكون شاهدا».

و في المبسوط ما حاصله «ان ردت شهادة واحد منهم فاما ان يرد بامر ظاهر او خفي فان ردت بامر ظاهر مثل ان كان مملوكا او امرأة او كافرا او ظاهر الفسق فالمردود شهادته قال قوم: يجب عليه الحد، و قال آخرون: لا يجب، و كذلك اختلفوا في الاربعة، و الاقوى عندي ان عليهم الحد و ان كان الرد بامر خفي فالمردود الشهادة قال قوم: لا حد عليه، و هو الاقوى و الثلاثة قال قوم: لا حد عليهم أيضا، و هو الاقوى و منهم من قال عليهم الحد لان نقصان العدالة كنقصان العدد، و الاول اقوى لأنهم غير مفرطين في اقامتها فان احد لا يقف على بواطن الناس».

و قد ظهر بما نقلنا ادلة المسألة اجمالا، و الشيخ افتى في الخلاف بثبوت الحد في المردود الشهادة بامر خفي و في المبسوط افتى بعد مه فيه، و المصنف انكر التفصيل بين

______________________________

(1)- سورة النور، الاية 24

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 132

..........

______________________________

الامر الظاهر و الخفي من جهة تحقق القذف في كليهما، و التفريط و عدمه لا مدخلية له بعد اطلاق الادلة.

و يدل عليه أيضا خبر ابي بصير، عن ابي عبد الله «ع» في اربعة شهدوا على رجل بالزنا فلم يعدلوا؟ قال: يضربون الحد «1» بل اطلاقه يشمل ما لو كانوا مستورين لم تثبت عدالتهم و لا فسقهم أيضا فيكون مقتضى ذلك ان شهود الزنا ان ارادوا ان لا يحدوا وجب عليهم او لا استفسار حالهم من الحاكم و انه يعتقد عدالتهم أم لا فان اخبر

بثبوت عدالتهم جميعا عنده شهدوا و الا فلا.

و اجاب في الجواهر عن الخبر بالضعف و باحتمال كون المراد ظهور الفسق و قال:

ان المتجه في الفرض الاخير عدم ثبوت الزنا فيوقف الحكم الى ان يظهر حالهم فاما ان يحدهم او المشهود عليه و قبل ذلك يدرأ الحد عنه و عنهم.

اقول: الراوي عن ابي بصير و ان كان علي بن ابي حمزة البطائني الواقفي و لكن الراوي عنه الحسن بن محبوب و هو من اصحاب الاجماع، و نظير هذا السند مما اخذوا به في الابواب المختلفة، ثم حمل قوله: «لم يعدلوا» على ظهور الفسق أيضا خلاف الظاهر فظاهر الحديث ثبوت الحد في ما اذا لم يعدلوا مطلقا سواء كانوا مستورين او رد بعضهم بامر ظاهر او خفي، هذا.

و لكن الالتزام بذلك مشكل، اذ يقتضي ذلك اباء الناس عن الشهادة بالزنا و كتمانهم له، و قد قال الله- تعالى- «وَ لٰا تَكْتُمُوا الشَّهٰادَةَ وَ مَنْ يَكْتُمْهٰا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ» «2» و الشهود يريدون اجراء حدود الله و هم محسنون و مٰا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ مضافا الى ان اكثر الشهود غافلون عن كون عملهم قذفا مستوجبا للحد، و الحدود تدرأ بالشبهات، فاطلاق القول بثبوت حد القذف عند عدم ثبوت عدالتهم منظور فيه فالاقوى ما افتى به الشيخ في الخلاف في صورة الرد و في المستورين أيضا عدم الحد، فتدبر.

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 12 من ابواب حد القذف، الحديث 4

(2)- سورة البقرة الاية 283

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 133

و لو رجع واحد بعد شهادة الاربع حد الرابع دون غيره (1)

[السابعة: اذا وجد مع زوجته رجلا يزني بها]

السابعة: اذا وجد مع زوجته رجلا يزني بها فله قتلهما و لا اثم (2)

______________________________

(1) كذا افتى في الخلاف-

المسألة 34- ثم قال: للشافعي فيه قولان، و قال ابو حنيفة: عليهم الحد، دليلنا قوله- تعالى-: «وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنٰاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدٰاءَ» و هذا اتى باربعة شهداء و رجوع واحد منهم لا يؤثر فيما ثبت، هذا.

و الظاهر من المصنف عدم الفرق بين الرجوع قبل الحكم و بعده، و لكن قد يشكل بان الرجوع قبل الحكم بمنزلة عدم الشهادة بل عن كشف اللثام الجزم بذلك فيحد الجميع و قال عليه ينزل اطلاق الاصحاب هذا، قلت: الظاهر عدم التفاوت بين الرجوع قبل الحكم و بعده لعدم تفريط الثلاثة و عدم علمهم حين الشهادة برجوع البعض، و بناء الحدود الشرعية على التخفيف، بل لعل اجراء الحد على الثلاثة مع عدم تقصير هم يعد ظلما بالنسبة اليهم.

(2) كما عن الشيخ و جماعة القطع به، كذا في الجواهر، و محل البحث لا محالة صورة علمه بمطاوعتها له و احراز البلوغ و العقل و الاختيار فيهما، و اطلاق المصنف يشمل ما اذا كان الفعل موجبا للجلد أيضا كما اذا كان الرجل او كلاهما غير محصن و سواء كان الزوجان حرين او عبدين او بالتفريق و سواء كان الزوج دخل أم لا و سواء كان دائما او متعة، فيجوز في جميع ذلك للزوج قتلهما، فليس تفاوت المقام عن سائر المقامات في مجري الحد فقط بل الحد أيضا يتفاوت عن سائر المقامات. و يكون التفصيل بالجلد و الرجم فيما اذا تحقق الزنا بالبينة او الاقرار و كان المجري هو الحاكم لا في المقام المتحقق برؤية الزوج و قد صرح بالاطلاق المصنف في نكت النهاية، هذا.

و لكن في المبسوط «اذا وجد الرجل مع امرأته رجلا يفجر بها و هما محصنان كان

له قتلهما و كذلك اذا وجد مع جاريته او غلامه، و ان وجده ينال منها دون الفرج كان له منعه منها و دفعه عنها فان ابى الدفع عليه فهو هدر فيما بينه و بين الله، فاما في الحكم فان اقام البينة على ذلك فلا شي ء عليه». و مثله في السرائر، فيختص الحكم بما اذا كانا محصنين، فلعل تفاوت المقام عن سائر المقامات عند هما في المجري فقط لا في الحد فيكون الزوج هو المجري، فتأمل فان الرجم يغاير القتل.

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 134

و في الظاهر عليه القود الا ان يأتي على دعواه بينة او يصدقه الولي.

______________________________

اقول: البحث تارة في الحكم التكليفي و ان الزوج يجوز له قتلهما أم لا؟ حيث ان القاعدة تقتضي عدم الجواز لان اجراء الحدود من وظائف الحكام، و اخرى يكون البحث في الحكم الوضعي و انه اذا قتلهما فهل يقاد منه اولا؟ و في هذا المقام يفصل بين وجود البينة و عدمها، و لا يخفى ان المراد بالبينة الشهود الاربعة ان كان المدعى خصوص الزنا و الاثنان ان كان المدعى مقدمات الزنا و الدخول في البيت بقصد الزنا و نحو ذلك.

فلنذكر ادلة المسألة ثم نذكر ما هو المستفاد من الجميع، فنقول:

الاول: ما في الدروس «روي انه لو وجد رجلا يزني بامرأته فله قتلهما» «1» اقول: هذه رواية مرسلة لم يتعرض لها في كتب الاصحاب قبل الشهيد، فالاعتماد عليها في الحكم المخالف للأصل مشكل، و ليس لنا رواية متعرضة لقتلهما معا غير هذه المرسلة و هي بنفسها مطلقة شاملة لمورد الرجم و الجلد، و لكن الشهيد بنفسه لم يرد الاطلاق، فانه في كتاب الحسبة بعد ما تعرض لكون اجراء الحدود و

التعزيرات من وظائف الحكام تعرض لموارد استثنائه فقال: و يجوز للمولى اقامة الحد على رقيقه و للأب الاقامة على ولده و للزوج على الزوجة، ثم قال: و لا فرق بين الجلد و الرجم لما روي انه لو وجد الخ، فمراده ان للزوج اقامة الجلد في مورده و الرجم في مورده و ذكر المرسلة دليلا على جواز اقامته للرجم.

الثاني: ما رواه الجعفري، عن ابي عبد الله «ع» عن ابيه «ع» قال: قال سعد بن عبادة:

أ رأيت يا رسول الله ان رأيت مع اهلي رجلا فاقتله؟ قال: يا سعد فاين الشهود الاربعة؟

«2» اذ يستفاد منه جواز قتله له مع الشهود الاربعة و لكن فيه اولا: عدم دلالته على جواز قتله للزوجة و ثانيا: لا نسلم دلالته على جواز قتله له أيضا اذ المعمول شهادة الشهود عند الحاكم، فيكون المراد قيام الشهود عند الحاكم و اجرائه للحد. اللهم الا ان يقال ان مقتضى الاطلاق و ترك الاستفصال ثبوت القتل للرجل و ان لم يكن محصنا فيكون حكما خاصا بالمقام و يكون مجريه الزوج، فتدبر.

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 45 من ابواب حد الزنا، الحديث 2

(2)- الوسائل ج 18 الباب 45 من ابواب حد الزنا، الحديث 1

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 135

..........

______________________________

الثالث: صحيحة داود بن فرقد، قال سمعت ابا عبد الله «ع» يقول: ان اصحاب رسول الله «ص» قالوا لسعد بن عبادة: أ رأيت لو وجدت على بطن امرأتك رجلا ما كنت صانعا به؟ قال: كنت اضربه بالسيف، قال: فخرج رسول الله «ص» فقال: ما ذا يا سعد؟

فقال سعد: قالوا: لو وجدت على بطن امرأتك رجلا ما كنت صانعا به؟ فقلت: اضربه بالسيف، فقال: يا سعد! فكيف بالاربعة الشهود؟

فقال: يا رسول الله بعد رأي عيني و علم الله ان قد فعل؟ قال: اي و الله بعد رأي عينك و علم الله ان قد فعل، ان الله قد جعل لكل شي ء حدا و جعل لمن تعدى ذلك الحد حدا «1» و نحوها ذيل خبر ابي مخلد المفصل «2»

و تقريب الاستدلال بها كسابقها، و لعلها اضعف دلالة، و الجواب الجواب.

الرابع: ما رواه سعيد بن المسيب ان معاوية كتب الى ابي موسى الاشعري ان ابن ابي الجسرين وجد رجلا مع امرأته فقتله فاسأل لي عليا عن هذا، قال ابو موسى: فلقيت عليا «ع» فسألته ... فقال: انا ابو الحسن ان جاء باربعة يشهدون على ما شهد و إلا دفع برمته «3» و صاحب الجواهر اسند هذه الرواية أيضا الى داود بن فرقد، و هو وهم منه. و الرمة الحبل و الدفع بالرمة كناية عن الدفع مع جميع ما يتعلق به.

و تقريب الاستدلال و الجواب كالسابقين و نضيف هنا ان المجي ء بالاربعة يوجب عدم القود و لا يستلزم ذلك جواز القتل تكليفا، اذ من الممكن عدم القود لكون الشخص مهدور الدم و مع ذلك لا يجوز له القتل لأنه من وظائف الحكام اللهم الا ان يقال كما مر ان مقتضى الاطلاق جواز قتل الرجل و ان لم يكن محصنا فيكون حكما خاصا ثابتا للزوج، فتدبر.

الخامس: ما روي عن امير المؤمنين «ع» في رجل قتل رجلا و ادعى انه رآه مع امرأته فقال «ع» عليه القود الا ان يأتيه ببينة.

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 2 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 1

(2)- الوسائل ج 19 الباب 69 من ابواب القصاص، الحديث 1

(3)- الوسائل ج 19 الباب 69 من ابواب

القصاص، الحديث 2

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 136

..........

______________________________

و تقريب الاستدلال و الجواب كما سبق، و لم اجد هذه الرواية في كتب الحديث.

نعم ذكره المحقق في النكت و صاحب الجواهر في الجواهر، و يحتمل كونها الرواية السابقة نقلت بالمعنى.

السادس: ما رواه الفتح بن يزيد الجرجاني، عن ابي الحسن «ع» في رجل دخل دار آخر للتلصص او الفجور فقتله صاحب الدار أ يقتل به أم لا؟ فقال: اعلم ان من دخل دار غيره فقد اهدر دمه و لا يجب عليه شي ء «1» و سند الحديث مخدوش، و لا دلالة له بالنسبة الى الزوجة و ظاهره جواز قتل الرجل اذا توقف الدفاع عن النفس او الناموس او المال عليه، و لا فرق في الناموس بين الزوجة و البنت و الاخت و الام و الولد و نحوها فمضمون الحديث يساوق ما روي عن النبي «ص»: الدار حرم فمن دخل عليك حرمك فاقتله «2» فلو فرض عدم توقف الدفاع على قتله فهل يكون مهدورا أيضا و يجوز قتله؟ فيه اشكال.

و من هذا الباب أيضا ما دل على اهدار دم من اطلع على قوم ينظر الى عوراتهم، و ما دل على اهدار دم من راود امرأة على نفسها حراما فقتلته، كرواية العلاء بن الفضيل، عن ابي عبد الله «ع» قال: اذا اطلع رجل على قوم يشرف عليهم او ينظر من خلل شي ء لهم فرموه فاصابوه فقتلوه او فقأوا عينيه فليس عليهم غرم، الحديث «3» و صحيحة عبد الله بن سنان، قال سمعت ابا عبد الله «ع» يقول في رجل اراد امرأة على نفسها حراما فرمته بحجر فاصابت منه مقتلا؟ قال: ليس عليها شي ء فيما بينها و بين الله- عز و جل-

و ان قدمت الى امام عادل اهدر دمه «4» الى غيرهما من روايات الدفاع و هي كثيرة، فراجع، هذا.

و ملخص الكلام في المسألة ان البحث كما مر تارة في الحكم التكليفي و انه هل

______________________________

(1)- الوسائل ج 19 الباب 27 من ابواب القصاص، الحديث 2

(2)- نهج الفصاحة ص 331، الحديث 1582

(3)- الوسائل ج 19 الباب 25 من ابواب القصاص، الحديث 6

(4)- الوسائل ج 19 الباب 23 من ابواب القصاص، الحديث 1

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 137

[الثامنة: من اقتض بكرا باصبعه]

الثامنة: من اقتض بكرا باصبعه لزمه مهر نسائها (1)

______________________________

يجوز للزوج قتلهما مطلقا او اذا كانا محصنين أم لا؟ و ثانيا في الحكم الوضعي- اعني ثبوت القصاص و عدمه- لا اشكال في ثبوت القصاص مع عدم البينة و الا لقتل كل رجل زوجته او رجلا مخالفا له و ادعى زناه بها، و كذا في عدم القصاص مع البينة بالنسبة الى الرجل كما هو المستفاد من الروايات المفصلة بين وجود الشهود و عدمها، و اما بالنسبة الى الزوجة و كذا بالنسبة الى الحكم التكليفي فاقامة الدليل مشكلة، و مرسلة الدروس مضافا الى ارسالها لم يأخذ باطلاقها نفس الدروس أيضا كما مر بيانه، و لا اجماع في المسألة و لا شهرة، و شهرة المتأخرين لا اعتبار بها، كيف و ليست المسألة معنونة في كتب القدماء المعدة لنقل الاصول المتلقاة عن المعصومين «ع» و اول من عنونها- في ما وجدته- الشيخ في المبسوط، كما مر و خص القتل بما اذا كانا محصنين، نعم في النهاية باب البينات «و من قتل رجلا ثم ادعى انه وجده مع امرأته او في داره قتل به او يقيم البينة على ما قال» و في الخلاف- المسألة 42-

«اذا وجد رجل قتيلا في دار رجل فقال صاحب الدار وجدته يزني بامرأتي فان كان معه بينة لم يجب عليه القود، و ان لم يكن معه بينة فالقول قول و لي الدم» و لكن هذا غير العنوان المبحوث عنه هنا، و الاخبار المفصلة بين وجود البينة و عدمها غير متعرضة للحكم التكليفي كما مر، و لو سلم فلا دلالة لها بالنسبة الى الزوجة، و اخبار الدفاع منحصرة فيما اذا كان الدفاع متوقفا على قتلهما و الا اشكل القتل، نعم لو وجدهما في حال العمل يمكن ان يقال: ان دفعهما عن ادامة الزنا متوقف على قتلهما، فتدبر.

ثم لا يخفى ان الحكم على فرض ثبوته فانما يثبت اذا وجدهما في حال الزنا، فاسرائه الى ما اذا وجدهما بعده او ثبت زناهما بالبينة او الاقرار مشكل و لا سيما اذا تابا و صلحا بل لا يجوز حينئذ قطعا.

(1) بلا خلاف اجده فيه رجلا كان او امرأة، كذا في الجواهر.

و يدل عليه ما رواه الشيخ صحيحا عن عبد الله بن سنان و غيره، عن ابي عبد الله «ع» في امرأة اقتضت جارية بيدها قال: عليها المهر و تضرب الحد، و رواه الصدوق

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 138

و لو كانت امة لزمه عشر قيمتها و قيل يلزمه الارش و الاول مروي (1)

______________________________

أيضا و قال: و في خبر آخر: تضرب ثمانين «1»

و ما رواه الشيخ أيضا عن عبد الله بن سنان، عن ابي عبد الله «ع» ان امير المؤمنين «ع» قضى بذلك و قال: تجلد ثمانين «2»

و عنه أيضا عن ابي عبد الله «ع» في امرأة اقتضت جارية بيدها، قال: قال: عليها مهرها و تجلد ثمانين «3»

و لا يخفى رجوع

الاخبار باجمعها الى خبر صحيح عن عبد الله بن سنان و لفظ «اقتض» بالقاف و افتض بالفاء بمعنى واحد، اي ثقب و الحكم ثابت لإزالة البكارة سواء كانت بالاصبع او بالزنا كرها او بآلة اخرى، نعم في الزنا برضاها لا مهر لها، اذ لا مهر لبغي، و اطلاق الحكم و ان شمل الحرة و الامة بل في المقنع و المقنعة اطلاق المهر بلا تفصيل و لكن يحمل على الحرة بقرينة ما يأتي في الامة.

(1) لخبر طلحة بن زيد، عن جعفر، عن ابيه، عن علي «ع» قال: اذا اغتصب امة فاقتضها فعليه عشر قيمتها، و ان كانت حرة فعليه الصداق «4»

و يدل عليه أيضا الاخبار المستفيضة في الابواب المختلفة كأبواب نكاح العبيد و الاماء و غيرها الدالة على ان وطي امة الغير اذا كانت باكرة يوجب عشر قيمتها، فراجع رواية الوليد «5» و رواية ابي ولاد الحناط «6» و غيرهما.

فمقتضى الروايات في الامة الباكرة ثبوت العشر و به افتى المشهور منهم الشيخ في نهايته.

و القول الثاني لابن ادريس في السرائر، فقال بثبوت الارش للقاعدة و تبعه في المختلف.

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 39 من ابواب حد الزنا، الحديث 1، 2

(2)- الوسائل ج 18 الباب 39 من ابواب حد الزنا، الحديث 3

(3)- الوسائل ج 18 الباب 39 من ابواب حد الزنا، الحديث 4

(4)- الوسائل ج 18 الباب 39 من ابواب حد الزنا، الحديث 5

(5)- الوسائل ج 14 الباب 67 من ابواب نكاح العبيد، الحديث 1

(6)- الوسائل ج 18 الباب 22 من ابواب حد الزنا، الحديث 1

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 139

..........

______________________________

و قال في المسالك «لو قيل بوجوب اكثر الامرين من الارش و العشر كان حسنا، و استدل

بان الارش لو كان اكثر ثبت بمقتضى قاعدة ضمان الجنايات» هذا.

و يرد القولين انهما اجتهاد في مقابل النص المستفيض.

ثم لا يخفى انه كان على المصنف هنا التعرض للحد المذكور في الروايات لأنه المناسب لكتاب الحدود فنقول: لو صرفنا النظر عن الاقوال و الفتاوى كان المتعين القول بتعين الثمانين، اذ في بعض الاخبار ذكر الحد و في بعضها ذكر الثمانين فيحمل المطلق على المقيد و المجمل على المبين، اللهم الا ان يقال ان الاخبار كما مر ترجع الى خبر واحد فلا يعلم ان اللفظ الصادر عن الامام- عليه السلام- لفظ الحد او الثمانين.

و كيف كان فلم يقل بتعين الثمانين هنا احد، فاذا تنزلنا عن ذلك فعن الاكثر التعزير بلا تقدير قلة و كثرة، و في المقنعة و المراسم «من ثلاثين الى ثمانين» و في النهاية و السرائر «من ثلاثين الى تسعة و تسعين» و في الجواهر عن الشيخ «من ثلاثين الى سبعة و تسعين» و لكن لم اجده، و لا وجه له، و كأنه كان نسخته غلطا و في المقنع «تضرب الحد» بلا تعين.

و لا يخفى انه لو اعرضنا عن تعين الثمانين بعدم القائل به و التزمنا بالتعزير كان الانسب الاخذ به بلا تقدير، و لعل المفيد و سلار اخذا الاكثر من اخبار الباب و الاقل مما ورد من الثلاثين في الرجلين او المرأتين تنامان في لحاف واحد «1» و الشيخ اخذ الاكثر و الاقل من ذلك الباب، فراجع، و الاولى الاخذ باخبار الباب اعني الثمانين جمعا بين الاخبار و الفتاوى عملا.

فرع: لو ارادت المرأة افتضاض نفسها بنفسها فان كان لها زوج فلا يجوز لأنه تصرف في حق الغير و الا فهل يجوز لأنه تصرف في

بدن نفسها أو لا يجوز لحرمة الاضرار بالنفس و للتبذير فان العذرة مال عرفا؟ وجهان. و على فرض الحرمة فلا يجوز للزوج أيضا ازالتها بالاصبع و نحوه، و في الجواهر «قال بعضهم فعل حراما و عزر و استقر المسمى، فتأمل».

______________________________

(1)- راجع الوسائل ج 18 الباب 10 من ابواب حد الزنا، الحديث 21

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 140

[التاسعة: من تزوج امة على حرة مسلمة]

التاسعة: من تزوج امة على حرة مسلمة فوطئها قبل الاذن كان عليه ثُمن حد الزاني (1)

______________________________

(1) و محل الكلام صورة العلم بالتحريم و الاحتياج الى الاذن و المراد بالاذن هو الاعم من الاجازة اللاحقة و يدل على المسألة ما رواه الشيخ عن حذيفة بن منصور، قال: سألت ابا عبد الله «ع» عن رجل تزوج امة على حرة لم يستأذنها؟ قال يفرق بينهما، قلت: عليه ادب؟ قال: نعم، اثنا عشر سوطا و نصف، ثمن حد الزاني و هو صاغر «1».

و روي نحوه عن منصور بن حازم، عنه «ع» و زاد قلت فان رضيت المرأة الحرة المسلمة بفعله بعد ما كان فعل؟ قال: لا يضرب و لا يفرق بينهما، يبقيان على النكاح الاول، و رواه الكليني أيضا الا انه قال تزوج ذمية على مسلمة «2».

و روى الصدوق عن هشام بن سالم، عن ابي عبد الله «ع» في رجل تزوج ذمية على مسلمة؟ قال يفرق بينهما و يضرب ثمن حد الزاني، اثنا عشر سوطا و نصفا، فان رضيت المسلمة ضرب ثمن الحد و لم يفرق بينهما، قلت كيف يضرب النصف؟ قال: يؤخذ السوط بالنصف فيضرب به «3».

و لا يخفى ان عمدة الاماء في تلك الاعصار كانت ذميات: مجوسية او نصرانية او يهودية، فلعله لذا ابدل الذمية بالامة و بالعكس، و يدل

على كل من عدم جواز نكاح الامة على الحرة و الذمية على المسلمة روايات كثيرة فراجع «4»

و ظاهر كلا البابين و كذا اخبار المقام البطلان إلا مع الاذن و لو لا حقا، كسائر اقسام النكاح الفضولي، فقوله في خبر منصور بن حازم يبقيان على النكاح الاول صريح في كفاية الاجازة اللاحقة، و التعبير بالباطل كما في صحيحة الحلبي و خبر ابي بصير «5» أيضا لا يراد منه الباطل المحض الذي لا يقبل الصحة بالاجازة بل يراد به عدم ترتيب الاثر مع عدم الاذن و الاجازة فكل عقد فضولي يمكن ان يتصف بالصحة و الفساد، فالصحة

______________________________

(1)- الوسائل ج 14 الباب 47 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة، الحديث 2

(2)- الوسائل ج 18 الباب 49 من ابواب حد الزنا، الحديث 1

(3)- الوسائل ج 14 الباب 7 من ابواب ما يحرم بالكفر، الحديث 4

(4)- الوسائل ج 14 الباب 46 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و الباب 7 من ابواب ما يحرم بالكفر

(5)- الوسائل ج 14 الباب 46 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة، الحديث 1، 2

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 141

..........

______________________________

بسبب قابليته لها بالاجازة اللاحقة و الفساد بسبب عدم ترتب الاثر عليه فعلا مع عدم الاجازة.

و المراد بالنصف الاخذ بنصف السوط كما في خبر هشام و قيل ان يضرب بين الضربتين، و لا شاهد له.

ثم ان المصنف ذكر الحد للوطي و لم يصرح به في الاخبار كما ترى، قال في الجواهر: «ذكره المصنف و غيره بل لا اجد فيه خلافا بل عن بعض الاجماع عليه».

اقول: انا تصفحت بعض كتب القدماء كالمقنعة و المقنع و الغنية و الوسيلة فلم اجد ذكرا للمسألة، و في النهاية ذكر المسألة و لم يذكر

الوطي و كذا في السرائر ذكر مضمون الروايات، فالظاهر عدم ثبوت اجماع او شهرة يعتمد عليهما.

و استدل في الجواهر لاعتبار الوطي بانه المنساق و بما في كشف اللثام من انه بناء على صحة التزويج و اباحته و التوقف على الاذن.

و قال في الرياض ما حاصله: «فيه نظر لمصير جملة منهم الى فساد العقد و ان كان الأصحّ خلافه، كيف و لو لا الصحة لزم بالوطي الحد كملا، نعم الحكم بالصحة لا يستلزم نفي العقوبة الا باستلزامها الاباحة و الملازمة ممنوعة سيما بعد الاتفاق على الحرمة فتوى و رواية».

و في الجواهر ما حاصله «دعوى الاتفاق على الحرمة ممنوعة لان المنهي عنه ليس ايقاع العقد بل المعاملة معه معاملة النكاح الصحيح».

اقول: بناء المسألة على صحة التزويج بناء على امر لا يلتزمون به في باب النكاح للروايات المستفيضة الدالة على بطلانه، نعم عرفت ان المراد ببطلانه عدم ترتب الاثر عليه بدون الاذن او الاجازة اللاحقة و هو المراد بالتفريق بينهما.

و نقول من رأس: ان الحد المزبور اما لفساد العقد او الحرمة التكليفية او الوطي و لا يخفى ان فساد العقد بنفسه لا يوجب الحد و الحرمة التكليفية لا دليل عليها بل مقطوعة العدم إذ لا وجه لحرمة اجراء العقد، فالمحرم هو ترتيب الاثر عليه بالوطي فهو الموجب للحد و العقوبة.

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 142

[العاشرة: من زنى في شهر رمضان أو مكان شريف أو زمان شريف]

العاشرة: من زنى في شهر رمضان ليلا كان او نهارا عوقب زيادة عن الحد لانهتاكه الحرمة و كذا لو كان في مكان شريف او زمان شريف (1)

______________________________

نعم يبقى الاشكال في ان اللازم- بناء على فساد العقد- اجراء الحد الكامل.

و يمكن ان يجاب بان للصحة و الفساد مراتب فلعل عدم اجراء الحد الكامل لوجود

العقد المقتضي للصحة و ترتيب الاثر، غاية الامر وجود حالة منتظرة و هي رضاية الزوجة فرضاية الزوجة و ان كانت دخيلة و جزء من السبب و لكنه فرق بين الدقة العقلية و الامر العرفي فبالدقة لا يوجد المسبب ما لم يحصل جميع اجزاء السبب و لكن العرف يفرق بين عدم وجود شي ء من اجزاء العلة و بين وجود المقتضي و اكثر الشرائط و لكن لم يوجد شرط ما فيكون المسبب في الصورة الثانية عندهم اقرب الى الوجود و يكون الهتك فيه أقلّ، فتدبر.

فرع: لو زوج امته من غيره و لو كان عبده ثم وطئها عالما بالتحريم فعليه الحد الكامل جلدا او رجما لإطلاق الادلة و لخصوص صحيحة الحلبي، عن ابي عبد الله «ع» في رجل زوج امته رجلا ثم وقع عليها؟ قال: يضرب الحد «1».

(1) المكان الشريف كالمساجد و المشاهد الشريفة و يدل على الحكم مضافا الى وضوحه لحرمة انهتاك المحترمات، و الى عدم الخلاف فيه، مرسلة ابي مريم، قال: اتي امير المؤمنين «ع» بالنجاشي الشاعر قد شرب الخمر في شهر رمضان فضربه ثمانين ثم حبسه ليلة، ثم دعا به من الغد فضربه عشرين، فقال له: يا امير المؤمنين هذا ضربتني ثمانين في شرب الخمر و هذه العشرون ما هي؟ قال: هذا لتجرئك على شرب الخمر في شهر رمضان «2» و روي نحوه في المستدرك عن كتاب الغارات و كذا عن الدعائم و لكن العلاوة في الدعائم تسعة و ثلاثون سوطا «3». و من التعليل يستفاد الحكم لغير المورد كما فهمه الاصحاب و يشهد له الاعتبار فكل ما فيه هتك حرمة او زيادة هتك يثبت فيه الزيادة تعزيرا منوطا بنظر الحاكم و الله- تعالى- هو

العالم.

تم باب الزنا في ليلة 10 ج 2/ 1401 في بلدة قم المشرفة على مشرفها آلاف التحية.

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 22 من ابواب حد الزنا، الحديث 9

(2)- الوسائل ج 18 الباب 9 من ابواب حد المسكر، الحديث 1

(3)- المستدرك ج 3 كتاب الحدود ص 234 الباب 7 من ابواب حد المسكر.

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 143

[الباب الثاني في اللواط و السحق و القيادة]

اشارة

الباب الثاني في اللواط و السحق و القيادة،

[الأوّل اللواط]

[حرمة اللواط و تعريفه]

اما اللواط فهو وطي الذُكران بايقاب و غيره (1)

______________________________

(1) في الجواهر «ان اشتقاقه من فعل قوم لوط» و لكن يحتمل ان يكون عربيا مرادا به الا لصاق، ففي المنجد «لاط الشي ء بالشي ء: الصقه به- و المستلاط: الدعي».

و حرمته من ضروريات الإسلام و يدل عليها الادلة الاربعة، فمن الكتاب قوله- تعالى- «فَمَنِ ابْتَغىٰ وَرٰاءَ ذٰلِكَ فَأُولٰئِكَ هُمُ العٰادُونَ «1» و قوله نقلا عن لوط «أَ تَأْتُونَ الْفٰاحِشَةَ مٰا سَبَقَكُمْ بِهٰا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعٰالَمِينَ» «2» فسماه فاحشة كما سمي الزنا بها في قوله «وَ لٰا تَقْرَبُوا الزِّنىٰ إِنَّهُ كٰانَ فٰاحِشَةً وَ سٰاءَ سَبِيلًا» «3» بل قوله «وَ الَّذٰانِ يَأْتِيٰانِهٰا مِنْكُمْ فَآذُوهُمٰا» «4» على احتمال.

و من السنة روايات كثيرة من طرق الفريقين فروى ابو بكر الحضرمي، عن ابي عبد الله «ع» قال: قال رسول الله «ص»: من جامع غلاما جاء يوم القيمة جنبا لا ينقيه ماء الدنيا و غضب الله عليه و لعنه و اعد له جهنم و سائت مصيرا، ثم قال: ان الذكر يركب الذكر فيهتز العرش لذلك و ان الرجل ليؤتى في حقبه فيحبسه الله على جسر جهنم حتى يفرغ الله من حساب الخلائق ثم يؤمر به الى جهنم فيعذب بطبقاتها طبقة طبقة حتى يرد الى اسفلها و لا يخرج منها «5» و يمكن ان يقال: ان المراد بالجماع و الركوب، هو الاعم فيشملان التفخيذ أيضا.

______________________________

(1)- سورة المؤمنون، الاية 7

(2)- سورة الاعراف الاية 80

(3)- سورة الاسراء الاية 32

(4)- سورة النساء، الاية 16

(5)- الوسائل ج 14 الباب 17، 18 من ابواب النكاح المحرم، الحديث 1، 1

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 144

..........

______________________________

و ارسل يونس، عن بعض اصحابنا، عن ابي

عبد الله «ع» قال: سمعته يقول: حرمة الدبر اعظم من حرمة الفرج و ان الله اهلك امة لحرمة الدبر و لم يهلك احدا لحرمة الفرج «1».

و روى السكوني، عن ابي عبد الله «ع» قال: قال امير المؤمنين «ع»: لو كان ينبغي لأحد أن يرجم مرتين لرجم اللوطي «2».

و روى عنه أيضا قال: قال امير المؤمنين «ع»: اللواط مادون الدبر و الدبر هو الكفر «3».

و روى حذيفة بن منصور، قال: سألت ابا عبد الله «ع» عن اللواط فقال: ما بين الفخذين و سألته عن الذي يوقب فقال: ذاك الكفر بما انزل الله على نبيه «4».

و في المستدرك، عن الجعفريات، عن علي «ع» قال: اللواط بين الفخذين، و الدبر هو الكفر «5» الى غير ذلك من الروايات.

و في التاج، عن ابن عباس، عن النبي «ص» قال: من وجد تموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل و المفعول به، رواه اصحاب السنن «6».

و اما الاجماع فهو اجماع المسلمين فضلا عن اجماع الفرقة، ففي الفقه على المذاهب الاربعة «اتفق الائمة على تحريم اللواط في نظر الشرع و على انه من الفواحش العظام بل انه افحش من جريمة الزنا الى ان قال: و قد نشرت الجرائد في العام الماضي ان مجلس الشيوخ الانجليزي اصدر قانونا يجيز زواج الرجل بالرجل و اجراء العقد عليه و معاشرته معاشرة الزوجة و نشرت صورة تثبت عقدا اجري في الكنيسة لذلك و هذا من سخرية القدر و انحطاط النفوس ... فناهيك برذيلة تتعفف منه الكلاب و الحمر

______________________________

(1)- الوسائل ج 14 الباب 17 من ابواب النكاح المحرم، الحديث 2

(2)- الوسائل ج 18 الباب 3 من ابواب حد اللواط، الحديث 2

(3)- الوسائل ج 14 الباب 20

من ابواب النكاح المحرم، الحديث 2

(4)- الوسائل ج 14 الباب 20 من ابواب النكاح المحرم، الحديث 3

(5)- المستدرك ج 3 ص 229 كتاب الحدود الباب 1 من ابواب حد اللواط

(6)- التاج الجامع للأصول ج 3 ص 27 كتاب الحدود

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 145

..........

______________________________

و الخنازير» «1».

و اما العقل فلان المشتغل بذلك ينصرف عن الزواج و في ذلك قطع للنسل و هو من اعظم المفاسد مضافا الى اضراره طبا كما حكم به اهله، هذا.

و ظاهر المصنف ان غير الايقاب من التفخيذ و نحوه أيضا من مصاديق اللواط، و يدل عليه خبر السكوني و حذيفة و الجعفريات السابقة آنفا، و هو الظاهر من عبارات الاصحاب أيضا.

ففي المقنعة «و اللواط هو الفجور بالذكران و هو ضربان: احدهما ايقاع الفعل فيما سوى الدبر من الفخذين ... و الثاني الايلاج في الدبر» و نحو ذلك في النهاية.

و في المقنع و الهداية «و اعلم ان اللواط هو ما بين الفخذين، فاما الدبر فهو الكفر بالله العظيم».

و يؤيد ذلك أيضا، كون لفظ الجماع و الركوب في خبر ابي بكر الحضرمي اعم، و لو كان اللواط مأخوذ امن قوله «لاط الشي ء بالشي ء» كان اعم أيضا لكونه بمعنى الالصاق مطلقا، و لو سلم كونه لغة موضوعا لخصوص الايقاب فلا أقلّ من كونه اعم شرعا و في اصطلاح اهل البيت و على هذا فيتوقف ثبوته على الاقرار اربعا او الشهادة كذلك كما هو ظاهر المصنف أيضا و حينئذ فما ذكره في الجواهر من كون اطلاق اللواط على التفخيذ و نحوه مجازا لا يضر بما نحن بصدده.

و لو قيل بان خبر مالك بن عطية الآتية الدالة على اعتبار الاقرار اربعا مورده خصوص الايقاب.

فنقول: ان كلمات القدماء

من الاصحاب يشمل مادون الايقاب أيضا، فمقتضى درء الحدود بالشبهات عدم الثبوت بما دون الاربع، فتدبر.

ثم انه هل يراد بالايقاب ادخال جميع الآلة او مقدار الحشفة او و لو بعضها؟ قال في المسالك: «اراد بالايقاب ادخال الذكر و لو ببعض الحشفة لان الايقاب لغة الادخال

______________________________

(1)- الفقه على المذاهب الاربعة ج 5 ص 140 كتاب الحدود

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 146

..........

______________________________

فيتحقق الحكم و ان لم يجب الغسل و اعتبر في القواعد في الايقاب غيبوبة الحشفة و مطلق الايقاب لا يدل عليه».

و عن كشف اللثام «ان النصوص و الفتاوى مطلقة تتناول مادون الحشفة» و ظاهر الجواهر أيضا اختيار ذلك، و لكن في الروضة «اي ادخال شي ء من الذكر في دبره و لو مقدار الحشفة و ظاهرهم هنا الاتفاق على ذلك و ان اكتفوا ببعضها في تحريم امه و اخته و بنته» و نحوه عن الرياض.

اقول: في صحيحة محمد بن مسلم في باب الغسل «اذا ادخله فقد وجب الغسل و المهر و الرجم» «1» و ظاهرها كفاية مطلق الادخال و لو با لبعض في قبال عدم الادخال اصلا و كذا التلازم بين الثلاثة المذكورة موضوعا.

و في صحيحة ابن بزيع «اذا التقى الختانان فقد وجب الغسل، فقلت: التقاء الختانين هو غيبوبة الحشفة؟ قال: نعم» «2» فهذه تفسر الصحيحة الاولى اذ يستفاد منها عدم كفاية الاقل من غيبوبة الحشفة الملازمة لالتقاء الختانين.

و في صحيحة الحلبي كان علي «ع» يقول: «اذا مس الختان، الختان فقد وجب الغسل قال: و كان علي «ع» يقول: كيف لا يوجب الغسل و الحد يجب فيه؟ و قال يجب عليه المهر و الغسل» «3» و ظاهرها أيضا التلازم بين الثلاثة و لعل المراد بالحد فيه

أيضا الرجم في الزنا، اذ في اللواط لا يتوقف مطلق الحد على الادخال، فمن مجموع هذه الروايات يستفاد التلازم بين الغسل و المهر و الرجم و انه يعتبر في الجميع ادخال تمام الحشفة. و حينئذ فهل يفهم بتنقيح المناط و القاء الخصوصية اعتبار غيبوبة الحشفة في صدق الادخال و الايقاب و لو في باب اللواط من حيث القتل و من حيث حرمة البنت و نحوها او نقول ان ذلك يشبه القياس و نحن لا نقول به فالمعتبر في باب اللواط مطلقا هو صرف الايقاب و لو ببعض الحشفة او يفصل بين موضوع القتل و موضوع حرمة البنت و نحوها كما يظهر من الروضة و الرياض؟ في المسألة وجوه اوسطها اوسطها.

______________________________

(1)- الوسائل ج 1 الباب 6 من ابواب الجنابة، الحديث 1

(2)- الوسائل ج 1 الباب 6 من ابواب الجنابة، الحديث 2

(3)- الوسائل ج 1 الباب 6 من ابواب الجنابة، الحديث 4

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 147

[ثبوت اللواط بالإقرار و الشهود]

و كلاهما لا يثبتان الا بالاقرار اربع مرات (1) او شهادة اربعة رجال بالمعاينة (2)

______________________________

(1) في الجواهر قطع به الاصحاب، و يدل عليه خبر مالك بن عطية او صحيحته عن ابي عبد الله «ع» قال: بينما امير المؤمنين «ع» في ملأ من اصحابه إذ أتاه رجل فقال: يا امير المؤمنين اني اوقبت على غلام فطهرني فقال له: يا هذا امض الى منزلك لعل مرارا هاج بك فلما كان من غد عاد اليه فقال له: يا امير المؤمنين اني اوقبت على غلام فطهرني، فقال له: اذهب الى منزلك لعل مرار اهاج بك حتى فعل ذلك ثلاثا بعد مرته الاولى، فلما كان في الرابعة، قال له: يا هذا ان رسول الله حكم

في مثلك بثلاثة احكام، فاختر ايهن شئت، قال: و ما هن يا امير المؤمنين؟ قال: ضربة بالسيف في عنقك بالغة ما بلغت او اهدار (اهداب خ. ل) من جبل مشدود اليدين و الرجلين او احراق بالنار، الحديث «1».

نعم مورد الرواية صورة الايقاب و لكن فتوى القدماء من الاصحاب على اعتبار الاربعة في الاقرار و الشهود في كلا ضربي اللواط من الايقاب و غيره.

و في الرضوي: و لا يحد اللوطي حتى يقر اربع مرات على تلك الصفة، و ظاهره الاعم أيضا فالحكم بكفاية الاثنين في غير الايقاب مشكل مع درء الحدود بالشبهات.

(2) المسألة تنحل الى مسألتين: الاولى لزوم الاربعة و عدم كفاية الاقل، الثانية عدم كفاية المرأة بدل الرجل، نحو ما كان يكفي في الزنا.

اما الاولى: فاستدل لها اولا بالإجماع منا و الشهرة من اهل الخلاف، اذ لم يقل احد منا بكفاية الاقل من الاربعة و الشافعية و المالكية و الحنبلية أيضا اختاروا لزوم الاربعة، نعم اختار الحنفية كفاية الاثنين بناء منهم على عدم ثبوت الحد في اللواط و انما يثبت فيه التعزير، و ثانيا بالاولوية فان الاقرار اتقن من الشهادة و لذا يكفي في الاموال اقرار واحد و لا يكفي فيها الا شاهدان فحيث يلزم في الاقرار الاربعة- كما هو مقتضى خبر مالك بن عطية- تلزم في الشهادة بطريق اولى، و ثالثا بان الاقرار و الشهادة من واد واحد، و لذا قال علي «ع»: في اقرارات المرأة المقرة عنده: «اللهم انها شهادة ... اللهم انهما

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 5 من ابواب حد اللواط، الحديث 1

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 148

..........

________________________________________

نجف آبادى، حسين على منتظرى، كتاب الحدود (للمنتظري)، در يك جلد، انتشارات دار الفكر، قم

- ايران، اول، ه ق

كتاب الحدود (للمنتظري)؛ ص: 148

______________________________

شهادتان ... اللهم هذه ثلاث شهادات ...» «1» و رابعا باشدية اللواط من الزنا كما يستفاد من الروايات، فتأمل فان القتل اشد منه مع كفاية الاثنين فيه، و خامسا بصحيحة الحلبي، عن ابي عبد الله «ع» قال: حد الرجم ان يشهد اربع انهم رأوه يدخل و يخرج «2» بناء على كونه اعم من الزنا فيشمل اللواط أيضا، و سادسا برواية الحضرمي في المرأة التي لاط زوجها بابنها و شهد عليه الشهود «3» و خبر عبد الرحمن في الرجل الذي نكح في دبره فهم عمر، ان يجلده فقال للشهود رأيتموه يدخله ... «4» بتقريب ان أقلّ الجمع ثلاثة و لا اشكال في عدم اعتبار الثلاثة فيعتبر الاربعة، فافهم. فان وجود الشهود تصادفا لا يدل على اعتبارها و عدم كفاية الاثنين، هذا و العمدة في المسألة هو الاجماع، فتدبر.

بقي الكلام في المسألة الثانية و انه هل يكفي المرأة بدل الرجل بالنسبة الى البعض أم لا؟ فنقول: قد مر في باب الزنا ثلاثة اقوال: الاول اعتبار اربعة رجال فقط كما هو ظاهر المفيد و سلار.

الثاني: كفاية ثلاثة رجال و امرأتين أيضا مطلقا و هو الظاهر من الصدوقين و ابن زهرة.

الثالث: كفاية رجلين و اربع نسوة أيضا في الجلد و به قال الشيخ و المصنف.

و اما هنا فالمفيد و سلار و الشيخ في النهاية على اعتبار اربعة رجال فقط، و المقنع و الغنية على كفاية ثلاثة رجال و امرأتين أيضا، و ادعى في الغنية عليها اجماع الطائفة، و في الوسيلة اكتفى في الزنا جلدا برجلين و اربع نسوة ثم قال: و اللواط يثبت بمثل ما يثبت به الزنا من البينة

و الاقرار على الوجوه المذكورة على سواء، فالاقوال الثلاثة موجودة في اللواط أيضا فادعاء الاجماع او الشهرة على اعتبار اربعة رجال فقط لا وجه له.

نعم قالوا الاصل عدم الاعتبار الا لما ثبت بالدليل و اعتبار ثلاثة رجال و امرأتين

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 16 من ابواب حد الزنا، الحديث 1

(2)- الوسائل ج 18 الباب 12 من ابواب حد الزنا، الحديث 1

(3)- الوسائل ج 18 الباب 2 من ابواب حد اللواط، الحديث 1

(4)- الوسائل ج 18 الباب 3 من ابواب حد اللواط، الحديث 3

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 149

[يشترط في المقر أمور]

و يشترط في المقر البلوغ و كمال العقل و الحرية و الاختيار فاعلا كان او مفعولا (1)

و لو اقر دون اربع لم يحد و عزر (2)

______________________________

او رجلين و اربع نسوة في الزنا بمقتضى الاخبار المتقدمة في محله، و حمل اللواط عليه قياس، هذا. مضافا الى اطلاق قوله «ع»: لا تجوز شهادة النساء في الحدود «1» خرج منه باب الزنا بالدليل و بقي اللواط و السحق.

اقول: مقتضى اطلاق هذه الرواية عدم حجية قول النساء مطلقا لا مستقلا و لا منضما الى الرجال، و لكن في خبر عبد الرحمن: تجوز شهادة النساء في الحدود مع الرجال «2» و الصناعة تقتضي حمل المطلق على هذا المقيد فيكون المحصل منهما عدم حجية شهادة النساء مستقلا، و حجيتها منضمة الى الرجال مطلقا اي في جميع الحدود، هذا.

و لكن عبد الرحمن مشترك بين الثقة و غيره، اللهم الا ان يجبر ذلك بكون ابان من اصحاب الاجماع، فالأقوى اعتبار شهادتهن منضمة الى الرجال و ان كان الاحتياط و التخفيف في باب الحدود يقتضيان عدم الاعتبار، فتدبر.

(1) لوضوح عدم الاعتبار باقرار الصبي و المجنون

لرفع القلم عنهما و كون عمد الصبي خطأ، و كذا المكره، و اقرار العبد اقرار على سيده فلا ينفذ.

(2) اذ هو اما صادق و اما كاذب و على كلا الفرضين يستحق التأديب.

لكن في الرياض «لم اعرف دليل الكلية مع منافاة الحكم مطلقا للصحيحة السابقة حيث لم ينقل فيها التعزير في الاقرارات الثلاثة».

و اجاب في الجواهر بان ذلك اعم اذ عدم اجراء الحد و التعزير لا يدل على عدم الاستحقاق.

و قد ناقشنا سابقا بان الاقرار متعلق بالزنا و المفروض اشتراط ثبوته بالاربعة.

فان قلت: الاقرار به اقرار بكلية العصيان في ضمنه و لا يشترط فيه الاربعة.

قلت: العصيان بمنزلة الجنس للزنا و ليس الجنس امرا مستقلا في قبال النوع، بل

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 24 من ابواب الشهادات، الحديث 29، 30

(2)- الوسائل ج 18 الباب 24 من ابواب الشهادات، الحديث 21

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 150

و لو شهد بذلك دون الاربعة لم يثبت و كان عليهم الحد للفرية و يحكم الحاكم فيه بعلمه اماما كان او غيره على الأصحّ (1)

[حكم الإيقاب في اللواط]

و موجب الايقاب القتل على الفاعل و المفعول اذا كان كل منهما بالغا عاقلا، و يستوي في ذلك الحر و العبد و المسلم و الكافر و المحصن و غيره (2)

______________________________

هو متحقق بتحققه.

و بالجملة ليس لنا اقراران، اقرار بالزنا، و اقرار بالعصيان، هذا. و لكن الحق استحقاق التعزير لما مر.

(1) و قد مر بيان جميع ذلك في باب الزنا، فراجع.

و في الجواهر عن الكافي «ان تزيا بزي المرأة و اشتهر بالتمكين من نفسه و هو المخنث في عرف العادة قتل صبرا و ان فقد البينة و الاقرار بايقاع الفعل، لنيابة الشهرة منابهما» ثم قال: و لا يخفى ما

فيه ما لم يصل الى حد العلم للحاكم او الشهود.

و يحتمل كون ما ذكره مأخوذا من خبر السكوني، عن ابي عبد الله «ع» قال: قال امير المؤمنين «ع»: اذا كان الرجل كلامه كلام النساء و مشيته مشية النساء و يمكن من نفسه ينكح كما تنكح المرأة فارجموه و لا تستحيوه «1». و لكن بين مفاد الحديث و ما ذكر فرق واضح، كمالا يخفى، فتدبر.

(2) كان على المصنف ذكر ما ذكر بعد سطرين من كيفية اقامة هذا الحد و اقسام القتل هنا بلا فصل ثم يذكر التفريعات، و الدليل على استواء الحر و العبد و كذا المسلم و الكافر، اطلاق الروايات.

و في المسالك «و العبد هنا كالحر بالإجماع و ان كان الحد بغير القتل و ليس في الباب مستند ظاهر غيره» و سيأتي في المساحقة تفصيل لذلك، فانتظر.

و اما المحصن و غيره فالمشهور بين العامة و الشهرة المحققة بيننا بل في الجواهر الاجماع بقسميه عليه، على عدم الفرق بين المحصن و غيره و ثبوت القتل فيهما و لكن

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 3 من ابواب حد اللواط، الحديث 5

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 151

..........

______________________________

اخبار الباب مختلفة و يكون مقتضى الجمع بينها التفصيل بين المحصن و غيره و هذا من مشكلات هذه المسألة.

قال في الخلاف- المسألة 22- «اذا لاط الرجل فاوقب وجب عليه القتل و الامام مخير بين ان يقتله بالسيف او يرمي عليه حائطا او يرمي به من موضع عال، و ان كان دون الايقاب فان كان محصنا وجب عليه الرجم و ان كان بكرا وجب عليه جلد مأئة، و قال الشافعي في احد قوليه: ان حكمه حكم الزاني يجلد ان كان بكرا و يرجم

ان كان ثيبا و به قال الزهري و الحسن البصري و ابو يوسف و محمد و القول الاخر انه يقتل بكل حال كما قلناه و به قال مالك و احمد و اسحاق الا انهم لم يفصلوا و قال ابو حنيفة: لا يجب به الحد و انما يجب به التعزير، دليلنا اجماع الفرقة و اخبارهم. و روي عن النبي «ص» انه قال من عمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل و المفعول به الخ».

فيظهر بذلك افتاء الشيخ و مالك و احمد و الشافعي في احد قوليه بالقتل مطلقا و ادعى الشيخ عليه اجماع الطائفة و هذا أيضا مختار المقنعة و النهاية و المراسم و الانتصار و الغنية و الهداية و موضع من المقنع و نسبه في الغنية الى اجماع الطائفة و في الانتصار الى انفراد الامامية به.

نعم ذكر في المقنع بعد نصف صفحة «و اذا اتى رجل رجلا و هو محصن فعليه القتل و ان لم يكن محصنا فعليه الحد، و على المأتي القتل على كل حال محصنا كان او غير محصن» و هذا يخالف ما ذكره قبلا من القتل مطلقا و يوافق مضمون خبر حماد بن عثمان الآتي و يحتمل بعيدا حملهما على غير صورة الايقاب.

و اما اخبار الباب فهي اربع طوائف: الاولى ما دل على القتل مطلقا، الثانية: ما دل على الرجم مطلقا، الثالثة: ما دل على التفصيل بين المحصن فالقتل و غيره فالجلد، الرابعة: ما دل على التفصيل بينهما بالرجم و الجلد مثل باب الزنا.

و لو جمعنا بينما دل على القتل و ما دل على الرجم بالتخيير و كون الرجم احد افراد القتل رجعت الاخبار الى طائفتين: الاولى ما دل على القتل او الرجم

مطلقا، الثانية: ما دل على التفصيل بين المحصن و غيره و ثبوت الجلد في غيره، و لا يخفى ان الصناعة

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 152

..........

______________________________

تقتضي حمل المطلق على المفصل و لكنه يخالف فتاوى قدماء اصحابنا المذكورة في كتبهم المعدة لنقل الفتاوى المأثورة عن الائمة- عليهم السلام- حيث افتوا بالقتل مطلقا.

و كيف كان فما دل على الرجم مطلقا، خبر السكوني، عن ابي عبد الله «ع» قال: قال امير المؤمنين: لو كان ينبغي لأحد أن يرجم مرتين لرجم اللوطي «1»

و ما دلّ على القتل مطلقا خبر مالك بن عطية السابق و فيه انّ رسول الله «ص» حكم في مثلك بثلاثة احكام فاختر ايهن شئت، قال: و ما هن يا امير المؤمنين؟ قال:

ضربة بالسيف في عنقك بالغة منك ما بلغت او اهداب (اهدار خ. ل) من جبل مشدود اليدين و الرجلين او احراق بالنار «2» فترك الاستفصال فيه يدل على عدم الفرق بين المحصن و غيره و ظاهره و ان كان تعين الثلاثة و لكنه يجب رفع اليد عنه بما دل على الرجم و غيره.

و يدل على القتل مطلقا أيضا خبر سليمان بن هلال «3» و ابي بكر الحضرمي «4» و العباس «5» و الواسطي «6».

و لا يخفى ان محل البحث فعلا الفاعل و نتعرض للمفعول بعد ذلك.

الطائفة الثالثة: ما دل على التفصيل بين المحصن فالقتل، و غيره فالجلد، و هي رواية حماد بن عثمان، قال: قلت لأبي عبد الله «ع»: رجل اتى رجلا؟ قال: عليه ان كان محصنا القتل و ان لم يكن محصنا فعليه الجلد، قال: قلت: فما على المؤتى به؟ قال: عليه القتل على كل حال محصنا كان او غير محصن «7»

______________________________

(1)- الوسائل ج

18، الباب 3 من ابواب حد اللواط، الحديث 2

(2)- الوسائل ج 18، الباب 3، 5 من ابواب حد اللواط، الحديث 1

(3)- الوسائل ج 18، الباب 1 من ابواب حد اللواط، الحديث 2

(4)- الوسائل ج 18، الباب 2 من ابواب حد اللواط، الحديث 1

(5)- الوسائل ج 18، الباب 2 من ابواب حد اللواط، الحديث 2

(6)- الوسائل ج 18، الباب 3 من ابواب حد اللواط، الحديث 6

(7)- الوسائل ج 18، الباب 1 من ابواب حد اللواط، الحديث 4

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 153

..........

______________________________

الطائفة الرابعة: ما دل على التفصيل بينهما بالرجم و الجلد، فمنها خبر علا بن الفضيل، قال: قال ابو عبد الله «ع»: حد اللوطي مثل حد الزاني و قال: ان كان محصنا رجم و إلا جلد «1»

و منها: خبر الحسين بن علوان، عن جعفر بن محمد، عن ابيه، عن علي- عليهم السلام- انه كان يقول في اللوطي ان كان محصنا رجم و ان لم يكن محصنا جلد الحد «2» و نحوهما خبر ابي البختري «3» و يدل عليه أيضا خبر يزيد بن عبد الملك «4» و مرسلة ابن ابي عمير «5» بل خبر ابي بصير «6» أيضا.

و رمي جميع هذه الاخبار المستفيضة بضعف السند و طرحها لذلك مشكل بل ممنوع في بعضها، و اشكل من ذلك حملها على التقية على ما صنعه في الجواهر، اذا لجمع الدلالي مقدم على الجهتي اولا، و ثانيا قد عرفت ان المشهور بين اهل الخلاف أيضا القتل مطلقا و القول بالتفصيل احد قولي الشافعي فقط. و قد عرفت ان الصناعة تقتضي حمل المطلقات على المفصلات و القول بالتفصيل بين المحصن و غيره كما هو احد قولي الشافعي.

و لكن عمدة الاشكال عدم

فتوى قدمائنا في كتبهم الفتوائية بهذا التفصيل و بعد اللتيا و التي يشكل لي طرح الاخبار المفصلة مع كثرتها و استفاضتها، و الاحتياط و التخفيف في باب الحدود يقتضي الاخذ بها، اللهم الا ان يحصل العلم بقول المعصوم من فتوى قدماء الاصحاب بحيث يظهر لنا وجود الخلل في الاخبار المفصلة و ان لم نعثر عليه تفصيلا فتدبّر جيّدا، هذا كله في الفاعل.

و اما في المفعول فالاخبار أيضا طائفتان بعد حمل ما دل على القتل و ما دل على الرجم على التخيير بينهما.

______________________________

(1)- الوسائل ج 18، الباب 1 من ابواب حد اللواط، الحديث 3

(2)- الوسائل ج 18، الباب 1 من ابواب حد اللواط، الحديث 6

(3)- الوسائل ج 18 الباب 1 من ابواب حد اللواط، الحديث 7

(4)- الوسائل ج 18 الباب 1 من ابواب حد اللواط الحديث 8

(5)- الوسائل ج 18 الباب 3 من ابواب حد اللواط، الحديث 8

(6)- الوسائل ج 18 الباب 3 من ابواب حد اللواط، الحديث 7

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 154

[لو لاط البالغ بصبي أو مجنون]

و لو لاط البالغ بالصبي موقبا قتل البالغ و ادب الصبي و كذا لو لاط بمجنون (1)

______________________________

الاولى: موثقة زرارة، عن ابي جعفر «ع» قال: الملوط حده حد الزاني «1» و في الجواهر ذكر اللواط بدل الملوط و لكن الصحيح كما في الكافي «الملوط» فيستفاد من هذا الحديث التفصيل بين المحصن و غيره.

الطائفة الثانية: الروايات الكثيرة المستفيضة الدالة على ثبوت القتل او الرجم مطلقا بل في بعضها التصريح بهذا الاطلاق كخبر حماد بن عثمان السابق و فيه «قلت فما على المؤتى به؟ قال: عليه القتل على كل حال محصنا كان او غير محصن» «2».

و خبر يزيد بن عبد الملك، قال: سمعت ابا جعفر

«ع» يقول: ان الرجم على الناكح و المنكوح ذكرا كان او انثى اذا كانا محصنين و هو على الذكر اذا كان منكوحا احصن او لم يحصن «3» و يدل على قتل المفعول او رجمه أيضا اخبار اخر «4».

و لا يخفى ان مقتضى الجمع بين الاخبار في هذا المقام حمل الظاهر على النص، فرواية زرارة ظاهرة في التفصيل بين المحصن و غيره و روايتا حماد و يزيد صريحتان في تساوي المحصن و غيره فيؤخذ بهما و يحمل رواية زرارة على خصوص الرجم.

بل لا يخفى عدم الفرق بالنسبة الى المفعول بين احصانه و غيره، اذ ليس شي ء يجبر التذاذ مفعوليته فحكم المفعول القتل او الرجم مطلقا كما افتى به الاصحاب بل لو سلم ما قيل من الاجماع على عدم الفصل بين الفاعل و المفعول هنا، صار هذا دليلا آخر على ما حكم به الاصحاب في الفاعل أيضا من القتل او الرجم مطلقا.

بقي الكلام في اصناف القتل و سيأتي البحث عنها آنفا عند تعرض المصنف لها.

(1) بما يراه الحاكم مع تميز هما و يدل على حكم الصبي مضافا الى الاطلاقات الدالة على رفع القلم عنه و عن المجنون، خبر ابي بكر الحضرمي، عن ابي عبد الله «ع» قال: اتي امير المؤمنين بامرأة و زوجها، قد لاط زوجها بابنها من غيره و ثقبه

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 1 من ابواب حد اللواط، الحديث 1

(2)- الوسائل ج 18 الباب 1 من ابواب حد اللواط، الحديث 4

(3)- الوسائل ج 18 الباب 1 من ابواب حد اللواط، الحديث 8

(4)- فراجع الوسائل ج 18 الباب 2 الحديث 2 و الباب 3، الحديث 3، 4، 5، 6 و 9 من ابواب حد اللواط

كتاب

الحدود (للمنتظري)، ص: 155

[لو لاط بعبده]

و لو لاط بعبده حدا قتلا او جلدا (1)

و لو ادعى العبد الاكراه سقط عنه (الحد خ. ل) دون المولى (2)

[لو لاط مجنون بعاقل]

و لو لاط مجنون بعاقل حد العاقل و في ثبوته على المجنون قولان:

اشبههما السقوط (3)

______________________________

و شهد عليه بذلك الشهود فامر به «ع» فضرب بالسيف حتى قتل و ضرب الغلام دون الحد و قال: أما لو كنت مدركا لقتلتك لامكانك اياه من نفسك بثقبك «1».

و لو لاط الصبي بمثله او بالمجنون او المجنون كذلك ادبا مع الشعور و التميز و لو لاط المجنون او الصبي بالمكره او بالعكس ادبا دونه.

(1) لإطلاق الادلة و القتل مع الايقاب و الجلد بدونه و في الجواهر «خلافا لبعض العامة فنفى الحد بوطي المملوك لشبهة عموم تحليل ملك اليمين».

(2) لقيام القرينة في العبد دون المولى، و كذا في كل مورد ادعى احدهما الاكراه مع امكانه في حقه لعموم درء الحدود بالشبهات.

(3) القول بالسقوط هو الاشهر و يساعده ادلة رفع القلم عنه و قد مر التفصيل في باب الزنا خلافا للمقنعة و النهاية و اتباعهما.

ففي الاول «و اذا لاط المجنون حد كما يحد في الزنا لما تقدم به الذكر من حصول القصد منه الى ذلك بالشهوة و الاختيار».

و في النهاية «فان لاط مجنونا بغيره اقيم عليه الحد على الكمال» و قد التزموا بذلك في باب الزنا لرواية ابان بن تغلب «2» و قاسوا باب اللواط عليه لما دل على ان اللائط حكمه حكم الزاني و حيث منعنا الحكم في الزنا مع وجود الرواية به نمنع في المقام بطريق اولى، فراجع باب الزنا.

و في الجواهر «لو لاط الصبي ببالغ قتل البالغ و ادب الصبي كما في القواعد و شرحها لعموم الادلة و

ليس هو كزنا الصبي بالمرأة المحصنة الذي وجد فيه النص على انها لا ترجم، و قد يقال بمثله هنا لا طلاق ما دل على ان حد اللوطي مثل حد الزاني و لعله

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 2 من ابواب حد اللواط، الحديث 1

(2)- الوسائل ج 18 الباب 21 من ابواب حد الزنا، الحديث 2

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 156

[لو لاط الذمي بمسلم أو مثله]

و لو لاط الذمي بمسلم قتل و ان لم يوقب (1)

و لو لاط بمثله كان الامام مخيرا بين اقامة الحد عليه و بين دفعه الى اهله ليقيموا عليه حدهم (2)

[كيفية اقامة هذا الحد]

و كيفية اقامة هذا الحد القتل ان كان اللواط ايقابا و في رواية ان كان محصنا رجم و ان كان غير محصن جلد، و الاول اشهر (3)

ثم الامام مخير في قتله بين ضربه بالسيف او تحريقه او رجمه او القائه من شاهق او القاء جدار عليه و يجوز ان يجمع بين احد هذه و بين تحريقه (4)

______________________________

لذا تركه المصنف».

(1) و في الجواهر «بلا خلاف اجده فيه لهتك حرمة الإسلام فهو اشد من الزنا بالمسلمة كما ان الحربي اشد من الذمي».

و في النهاية «و اذا لاط كافر بمسلم قتل على كل حال».

و في المقنعة «و اذا تلوط الذمي بالمسلم قتل الذمي على كل حال».

و الظاهر ان مراد هما من عبارة «على كل حال» الايقاب و غيره.

و لا يخفى ان الحربي مهدور الدم و الذمي أيضا اذا لاط خرج عن الذمة اذ من شرائطها عدم التعدي على نواميس المسلمين فلا اشكال على ما ذكره المصنف.

(2) على نحو ما مر في الزنا اذ لا نص فيه هنا، و قد مر هناك احتمال التخيير بين ثلاث: اجراء حد الإسلام بيد الحاكم منا، و حكم حاكمنا على وفق مذهبهم، و دفعه الى حكامهم، فراجع هناك.

(3) و في الجواهر «عدم الخلاف فيه بيننا بل الاجماع بقسميه عليه» و قد عرفت تفصيل المسألة قبيل هذا.

مجموع هذه ستة: خمسة مفردات و واحد مركب.

ففي المقنعة «الامام مخير بين الضرب بالسيف و الرجم و الالقاء من فوق جدار و القاء الجدار عليه»

كتاب الحدود (للمنتظري)،

ص: 157

..........

______________________________

و في المقنع ذكر الاحراق بالنار و هدم الحائط عليه و الضرب بالسيف و كذا في الهداية.

و في الانتصار، الامام مخير و ذكر نحو المقنعة.

و في النهاية ذكر خمسة باضافة الاحراق بالنار.

و في الغنية، الامام مخير في قتله و ذكر الرجم و التردية من علو و القاء الجدار و الاحراق بدليل اجماع الطائفة.

و في الخلاف، الامام مخير بين ان يقتله بالسيف او يرمي عليه حائطا او يرمي به من موضع عال ثم ادعى اجماع الفرقة.

و في المراسم نحو ما في المقنعة.

و في فقه الرضا، الاحراق بالنار و هدم الحائط عليه و الضرب بالسيف.

فالمذكور في هذه العبارات ثلاثة او اربعة او خمسة و لم يذكر المركب الا في النهاية فقال: و اذا اقام عليه الحد بغير الاحراق جاز له أيضا احراقه بعد ذلك تغليظا، و ظاهر جميع العبارات تعين ما ذكر فلا يجوز القتل بالرصاص مثلا.

و اما الاخبار ففي خبر مالك بن عطية «ان رسول الله «ص» حكم في مثلك بثلاثة احكام، فاختر ايهن شئت قال: و ما هن يا امير المؤمنين؟ قال: ضربة بالسيف في عنقك بالغة منك ما بلغت او اهدار من جبل او احراق بالنار» «1»

و ظاهره تعين الثلاثة و كون الخيار للمحدود لا الامام، اللهم الا ان يقال: ان اعطاء التخيير له وقع من قبل الامام ارفاقا، و ظاهر الحصر يجب رفع اليد عنه بالاخبار الكثيرة الدالة على كفاية الرجم أيضا، فهذه اربعة.

و اما رمي الحائط عليه فلم يذكر في خبر مما رأينا، نعم ذكر في فقه الرضا و لكنك رأيت ان الجميع تعرضوا له في فتاويهم.

و اما المركب فقد ذكر في خبر العزرمي، عن ابي عبد الله، عن ابيه

«ع» قال: اتي عمر برجل قد نكح في دبره فهم ان يجلده فقال للشهود: رأيتموه يدخله كما يدخل الميل في

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 3 من ابواب حد اللواط، الحديث 1

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 158

[حكم غير الإيقاب في اللواط]

و ان لم يكن ايقابا كالتفخيذ او بين الاليتين فحده مأئة جلدة (1)

و قال في النهاية يرجم ان كان محصنا و يجلدان لم يكن و الاول اشبه (2)

______________________________

المكحلة؟ قالوا: نعم فقال: لعلي «ع»: ما ترى في هذا؟ فطلب الفحل الذي نكح فلم يجده فقال علي «ع»: ارى فيه ان تضرب عنقه، قال: فامر فضربت عنقه ثم قال: خذوه فقد بقيت له عقوبة اخرى، قال: و ما هي؟ قال: ادع بطن من حطب فدعا بطن من حطب فلف فيه ثم احرقه بالنار، و نحوه روايته الاخرى «1». و الظاهر اتحاد الروايتين لوحدة الراوي و المضمون، و انت ترى ان الجمع بين ضرب العنق فقط و الاحراق، و مورده المفعول فقط و لعله للمفعول جعل المركب لأشدية حرمته، فالتعدية منه الى كل تركيب- كما في النهاية و المتن- و اسرائه الى الفاعل أيضا يحتاج الى القطع بعدم الخصوصية، و ادعائه مشكل فالاحوط الاقتصار على المورد.

ثم هل للأصناف المذكورة خصوصية او يمكن الاستفادة من مجموعها ان الملاك هو القتل و ازهاق الروح فيجوز بكل وسيلة امكنت؟ وجهان و ظاهر الروايات و الفتاوى التعين، فالاحوط أيضا الاقتصار عليها و لا سيما و ان الحدود مبنية على التخفيف و التسامح، فتدبر.

(1) كما عن الحسن و المفيد و السيد و سلار و الحلبي و ابني زهرة و ادريس بل في المسالك هو المشهور، و عليه سائر المتأخرين، بل عن صريح الانتصار و ظاهر الغنية

الاجماع عليه للأصل و الاحتياط و خبر سليمان بن هلال، كذا في الجواهر و مراده بالحسن، الحسن بن ابي عقيل العماني

و اعلم انه صرح في المقنعة و الانتصار و الغنية بعدم الفرق بين الاحصان و غيره في ثبوت الجلد فقط.

(2) و مثل النهاية الخلاف و المحكي عن المبسوط و التهذيب و الاستبصار و في المسالك «تبعه القاضي و جماعة». فهذان قولان، و عن الصدوقين و الاسكافي القتل مطلقا.

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 3 من ابواب حد اللواط، الحديث 3، 4

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 159

..........

______________________________

و الا قوى هو القول الاول و يدل عليه مضافا الى الشهرة و الاجماع المحكي في الغنية و موافقته للأصل و الاحتياط المرعي في الحدود و درئها بالشبهات، خبر سليمان بن هلال، عن ابي عبد الله «ع» في الرجل يفعل بالرجل، قال: فقال: ان كان دون الثقب فالجلد و ان كان ثقب اقيم قائما ثم ضرب بالسيف ضربة، الحديث «1» فبترك الاستفصال يعم المحصن و غيره.

و يمكن ان يستدل بصحيحة ابي بصير، عن ابي عبد الله «ع» قال: سمعته يقول:

ان في كتاب علي «ع» اذا اخذ الرجل مع غلام في لحاف مجردين ضرب الرجل و ادب الغلام و ان كان ثقب و كان محصنا رجم «2» بحملها على التفخيذ بقرينة التفصيل بين الرجل و الغلام و بذكره عدلا لقوله «ثقب» فيكون المراد بالضرب، الضرب المعهود في الزنا، اعني جلد مأئة.

و يدل على قول الشيخ خبر الواسطي، رفعه قال: سألته عن رجلين يتفاخذان قال:

حدهما حد الزاني فان ادغم احدهما على صاحبه ضرب الداغم ضربة بالسيف، الحديث.

«3» اذ في الزاني يفصل بين المحصن و غيره، و استدل أيضا بالاخبار المستفيضة التي فصلت

في اللواط بين المحصن و غيره و قد مرت بحملها على غير الموقب بعد اختيار القتل مطلقا في الموقب.

اقول: هذا الحمل خلاف ظاهر الاخبار المذكورة، و خبر الواسطي ضعيف، و الشهرة أيضا على خلافه، فالاقوى ما اختاره المشهور.

و اما القول الثالث اعني القتل مطلقا فيستدل له بما دل على القتل في اللواط بتقريب انه غير الايقاب اخذا من خبر حذيفة بن منصور، قال: سألت ابا عبد الله «ع» عن اللواط فقال: ما بين الفخذين و سألته عن الذي يوقب فقال: ذاك الكفر بما انزل الله على نبيه «4».

______________________________

(1)- الوسائل ج 18، الباب 1 من ابواب حد اللواط، الحديث 2

(2)- الوسائل ج 18، الباب 3 من ابواب حد اللواط، الحديث 7

(3)- الوسائل ج 18، الباب 3 من ابواب حد اللواط، الحديث 6

(4)- الوسائل ج 14، الباب 20 من ابواب النكاح المحرم، الحديث 3

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 160

و يستوي فيه الحر و العبد و المسلم و الكافر و المحصن و غيره (1)

[لو تكرر حد اللواط]

و لو تكرر منه الفعل و تخلله الحد مرتين قتل في الثالثة و قيل في الرابعة و هو اشبه (2)

______________________________

و بخبر الحسين بن سعيد، قال: قرأت بخط رجل اعرفه الى ابي الحسن «ع» ... و كتب أيضا هذا الرجل و لم أر الجواب ما حد رجلين نكح احدهما الاخر طوعا بين فخذيه ما توبته؟ فكتب: القتل، و ما حد رجلين و جدا نائمين في ثوب واحد؟ فكتب: مأئة سوط «1»

و الشيخ حمل هذه الرواية على من تكرر منه الفعل او على خصوص المحصن.

و يمكن ان يجاب عن خبر حذيفة بحمله على المبالغة او المستحل و عن خبر الحسين بن سعيد بانه لم ير الجواب

بشخصه و الرجل غير معروف لنا، فتدبر.

(1) في الجواهر بالنسبة الى العبد «بلا خلاف اجده فيه كما عن الغنية الاعتراف به بل عن نكت الارشاد الاجماع عليه و هو الحجة بعد الاطلاق».

اقول: قوله «ع»: الملوط حده حد الزاني، و قوله: حد اللوطي مثل حد الزاني «2» و غيرهما مما يدل على مسانخة البابين لعله يستفاد منها كون حد العبد نصف الحر كما في الزنا و لكن اطلاق اخبار الباب و كلمات الاصحاب يدلان على التساوي بينهما، و سيأتي في باب المساحقة تفصيل لذلك.

و استواء المسلم و الكافر أيضا مقطوع به لكونهم مكلفين بالفروع، نعم يمكن تسليمهم الى قضاتهم ليحكموا فيها بما عندهم كما مر في الزنا كما انه لو كان حلالا عندهم فلا يجب الحد، بل لا يجوز لان ثبوت التكليف و الحرمة لا يستلزمان الحد فانه يدرأ بالشبهات، اللهم إلا مع التظاهر فيثبت التعزير.

و يستثنى من استواء المسلم و الكافر ما اذا فعل الكافر بالمسلم فانه يقتل على كل حال كما مر.

(2) بالقواعد و احوط في الدماء و كما يدرأ بالشبهة نفس الحد يدرأ شدته، و في

______________________________

(1)- الوسائل ج 18، الباب 1 من ابواب حد اللواط، الحديث 5

(2)- الوسائل ج 18 الباب 1 من ابواب حد اللواط، الحديث 1، 3

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 161

[حكم المجتمعان تحت إزار واحد]

و المجتمعان تحت ازار واحد مجردين و ليس بينهما رحم يعزران من ثلاثين سوطا الى تسعة و تسعين سوطا (1)

______________________________

الغنية الاجماع عليه و يقتضيه ما دل على مسانخة البابين و قد مر في باب الزنا صراحة خبر ابي بصير في القتل في الرابعة في الزنا «1» و به يخصص خبر يونس الدال على القتل في الثالثة في اصحاب

الكبائر كلها «2» و وجه القول بالثالثة في المقام هو الاخذ بعموم خبر يونس و الاكتفاء في تخصيصه بباب الزنا كما هو مفاد الخبر.

(1) هكذا افتى في النهاية و السرائر في مسألتنا هذه، و كذا في المرأتين المجردتين تحت ازار واحد، قالوا لأنه مقتضى الجمع بين خبر سليمان بن هلال قال:

سأل بعض اصحابنا ابا عبد الله «ع» فقال: جعلت فداك الرجل ينام مع الرجل في لحاف واحد؟ فقال: ذوا محرم؟ فقال: لا، قال: من ضرورة؟ قال: لا، قال: يضربان ثلاثين سوطا ثلاثين سوطا، قال: فانه فعل، قال: ان كان دون الثقب فالحدوان هو ثقب اقيم قائما ثم ضرب ضربة بالسيف اخذ السيف منه ما اخذه، قال: فقلت له: فهو القتل؟ قال: هو ذاك، قلت: فامرأة نامت مع امرأة في لحاف؟ فقال: ذواتا محرم؟ قلت: لا، قال: من ضرورة؟ قلت:

لا، قال: تضربان ثلاثين سوطا، قلت: فانها فعلت؟ قال: فشق ذلك عليه فقال: اف اف اف، ثلاثا و قال: الحد «3» و بين خبر ابن سنان، عن ابي عبد الله «ع» في رجلين يوجدان في لحاف واحد، قال: يجلدان غير سوط واحد «4»

هذا بالنسبة الى الرجلين و بالنسبة الى المرأتين صحيحة معاوية بن عمار، قال:

قلت لأبي عبد الله «ع» المرأتان تنامان في ثوب واحد؟ فقال: تضربان، فقلت: حدا؟ قال: لا، قلت: الرجلان ينامان في ثوب واحد؟ قال: يضربان، قال: قلت: الحد؟ قال: لا «5» فانه و ان لم يذكر فيها التسعة و تسعون بخصوصه و لكنه مشمول لها، فتعرض خبر سليمان للحد الاقل و الخبران للحد الاكثر.

______________________________

(1) الوسائل ج 18 الباب 20 من ابواب حد الزنا، الحديث 1

(2) الوسائل ج 18 الباب 20 من ابواب حد الزنا،

الحديث 3

(3)- الوسائل ج 18 الباب 10 من ابواب حد الزنا، الحديث 21

(4)- الوسائل ج 18، الباب 10 من ابواب حد الزنا، الحديث 18

(5)- الوسائل ج 18، الباب 10 من ابواب حد الزنا، الحديث 16

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 162

..........

______________________________

و على هذا فتفصيل المصنف بين مسألة الرجلين و مسألة المرأتين حيث حكم في الرجلين بما ترى و في المرأتين بالتعزير المطلق بلا وجه بعد تعرض خبر سليمان بن هلال لكلتا المسألتين بنحو واحد، نعم سليمان بن هلال ضعيف و لكن مقتضاه ترك العمل به مطلقا لا التفصيل.

و اما ما في المقنعة و الغنية من التحديد بعشرة الى تسعة و تسعين فلا دليل له اصلا، و ملخص الكلام في المقام ان الظاهر من اخبار الباب بكثرتها كون حكم المسائل الثلاث، اعني الرجلين و المرأتين و الرجل و المرأة متساوية و اخبار الباب طوائف اربع:

الاولى ما دلت على ثبوت الحد الكامل، اعني مأئة سوط و هي كثيرة.

منها صحيحة ابي عبيدة، عن ابي جعفر «ع» قال: كان علي «ع»: اذا وجد رجلين في لحاف واحد مجردين جلدهما، حد الزاني، مأئة جلدة كل واحد منهما و كذلك المرأتان اذا وجدتا في لحاف واحد مجردتين جلد هما كل واحدة منهما مأئة جلدة «1»

الثانية: ما دلت على المائة إلا سوطا، و هي أيضا كثيرة، منها خبر ابن سنان الماضي.

الثالثة: ما دلت على ما دون الحد و هي صحيحة معاوية بن عمار الآنفة الذكر و موردها «الرجلان و المرأتان» و هي ترجع الى الثانية.

الرابعه: ما دلت على الثلاثين و هي رواية سليمان بن هلال و موردها أيضا الرجلان و المرأتان ففي الرجل و المرأة لا يوجد الا الطائفتان الاوليان و في المرأتين

لا يوجد الثانية.

و لكن عرفت رجوع الثانية و الثالثة الى معنى واحد، نعم يوجد الطوائف الاربع في الرجلين، و لا يخفى ان ضعف خبر سليمان يقتضي تركه و عرفت رجوع الثالثة الى الثانية، فالامر يدور بين الاوليين و كل منهما مستفيضة و مقتضى القاعدة التخيير بينهما و لكن الاصحاب اعرضوا عن اخبار المائة مع كثرتها الا الصدوق في المقنع في خصوص الرجلين و حكي عن ابي علي أيضا و قد مر في مسألة مضاجعة الرجل و المرأة

______________________________

(1)- الوسائل ج 18، الباب 10 من ابواب حدا الزنا، الحديث 15

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 163

..........

______________________________

وجوه حمل اخبار المائة، و منها التقية و عرفت ضعفها فان اهل الخلاف مثل فقهائنا افتوا جميعا بالتعزير، و لا يخفى ان الاصحاب كأنهم اعرضوا عن كلتا الطائفتين فانهم كما لم يفتوا بالمائة لم يفتوا بتعين المائة إلا سوطا أيضا مع ان ظاهر اخبارها التعين و قد عرفت انه لو لا مخافة مخالفة الشهرة كان الاقوى الاخذ باخبار المائة و حمل اخبار المائة إلا سوطا على التقية مع قطع النظر عن ظهورها في التعين، هذا.

و لكن عدم الاعتناء بالشهرة الفتوائية مشكلة بل هي من مرجحات باب التعارض فبلحاظها يطرح اخبار المائة و يؤخذ اخبار المائة إلا سوطا و تحمل على بيان اكثر حد التعزير، فيكون الحكم هو التعزير مطلقا او من ثلاثين الى تسعة و تسعين بناء على الاعتناء بخبر سليمان.

و يدل على ثبوت التعزير المطلق أيضا خبر حفص، عن ابي عبد الله «ع» قال: اتي امير المؤمنين «ع» برجل وجد تحت فراش رجل فامر به امير المؤمنين «ع» فلوث في مخرأة «1» فتدبر جيدا.

بقي الكلام فيما اشتمل عليه خبر سليمان من

ذكر المحرم و الضرورة و صحيحة ابي عبيدة من ذكر التجرد و قد خلي عن هذه القيود الثلاثة سائر النصوص بكثرتها.

قال في الرياض «مطلق الرحم لا يوجب تجويز ذلك فالاولى ترك التقييد به او التقييد بكون الفعل محرما و فيه غنى عن التقييد بالضرورة و التجرد أيضا مع انه لا وجه لاعتبار الاخير اصلا حيث يحصل التحريم بالاجتماع الذي هو مناط التعزير من دونه و لعله لذا خلي اكثر النصوص من اعتباره»

اقول: ليس في اخبار الرجل و المرأة هذه القيود و الظاهر حرمة اجتماعهما مطلقا و ان لم يجردا، نعم يشكل الامر في مثل الاخ و الاخت اذا اؤتمنا كما هو الرائج في البيوت و لا سيما الفقراء.

و اما في الرجلين و المرأتين فهل يحمل الاخبار الكثيرة الخالية من القيود على

______________________________

(1)- الوسائل ج 18، الباب 6 من ابواب حد اللواط، الحديث 1

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 164

[حكم ما لو تكرر فعل المجتمعان تحت إزار واحد]

و لو تكرر ذلك منهما و تخلله التعزير حدا في الثالثة (1)

______________________________

المقيدة فيكون المحرم صورة التجرد و عدم المحرمية فقط او يقال بان حمل المطلق على المقيد انما هو فيما اذا ثبت وحدة الحكم و لم نحرز في المقام ذلك اذ من الممكن حرمة الاجتماع مطلقا و حرمة اجتماع المجردين أيضا، غاية الامر شدتها في الثاني؟

الظاهر ان الالتزام بحرمة الاجتماع مطلقا حتى في الاخوين غير المجردين او الاختين كذلك مشكل فان السيرة تقتضي الجواز فانه معمول في البيوت، نعم في المجردين الظاهر الحرمة و ان كانا اخوين مثلا.

ثم ما معنى المحرمية في الرجلين او المرأتين؟ و لعل المراد بهما كونهما ذو ارحم.

و بالاخرة الحق ما اختاره في الرياض من ان الملاك الاجتماع المحرم و هو صورة

كون اجتماعهما معرضا للفساد و محلا للريبة و التهمة فلا اشكال في اجتماع المؤتمنين و ذكر القيود الثلاثة أيضا لبيان ذلك و على هذا فما ذكره اخيرا من حصول التحريم بنفس الاجتماع مطلقا ممنوع.

ثم لا يخفى ان الملاك اذا كان هو الاجتماع المحرم فليس للحاف و الازار خصوصية، فلو تجردا في بيت مسدود الباب أيضا لزمهما الحكم، فتدبر.

(1) ففي النهاية بعد ذكر تعزير الرجلين من ثلاثين الى تسعة و تسعين سوطا قال: «فان عادا الى ذلك ضربا مثل ذلك فان عادا اقيم عليهما الحد على الكمال مأئة جلدة»

و في الجواهر حكاية ذلك عن القواعد و بني ادريس و براج و سعيد أيضا قال:

لفحوى خبر ابي خديجة، عن ابي عبد الله «ع» قال: لا ينبغي لامرأتين تنامان في لحاف واحد الا و بينهما حاجز فان فعلتا نهيتا عن ذلك فان وجدهما بعد النهي في لحاف واحد جلدتا كل واحد منهما حدا حدا، فان وجدتا الثالثة في لحاف حدتا، فان وجدتا الرابعة قتلتا «1» هكذا رواية الشيخ، و رواه الكليني أيضا الا انه قال: فان وجدتا الثالثة قتلتا «2» بناء على حمل الجلد الاول على التعزير.

______________________________

(1)- الوسائل ج 18، الباب 10 من ابواب حد الزنا، الحديث 25

(2)- الوسائل ج 18، الباب 2 من ابواب حد السحق، الحديث 1

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 165

[حكم من قبّل غلاما بشهوة]

و كذا يعزر من قبل غلاما ليس له بمحرم بشهوة (1)

______________________________

و لكن يرد عليه اولا: ان المورد المرأتان لا الرجلان و الفحوى ممنوعة، و ثانيا ان الجلدين ذكرا بمساق واحد فكيف يحمل اولهما فقط على التعزير و الثاني على الحد الكامل، و ثالثا: ان ظاهر الحديث ان اجتماعهما في المرة الاولى لا شي ء

فيه لجهلهما و في الثانية و الثالثة فيه الجلد فلو فرض حمل الجلد الاول على التعزير كان مقتضاه اجراء الحد الكامل بعده بلا فصل و هذا خلاف ما ذكره الشيخ و المصنف من ذكر الحد الكامل بعد تعزيرين.

و بالجملة ما ذكروه حكم بلا دليل، نعم حمل الشيخ جميع اخبار المائة في التهذيبين على من زبره الامام و نهاه و ادبه ثم عاد الى مثل فعله، و استشهد لذلك بخبر ابي خديجة و هذا لا يخلو عن وجه فيراد من كل من الجلدين الحد الكامل و يثبت بعد نهي الفاعلة و عودها الى المعصية، هذا.

ثم لا يخفى ان في نقل الحديث في الجواهر زيادة و اشتباها، فراجع.

و لعل اختلاف الشيخ و الكليني في النقل يكون مستندا الى حساب الدفعة الاولى التي لأجلد فيها و عدم حسابها، فتدبر.

ثم لو سلم الاخذ بالخبر في الرجلين من باب الفحوى كان اللازم الحكم بالقتل في الرابعة أيضا و لم يحك عن احد هنا الا عن ابن حمزة في الوسيلة.

نعم مقتضى ما دل على ثبوت القتل في الثالثة في اصحاب الكبائر مطلقا اذا اقيم عليهم الحد مرتين ثبوته هنا أيضا بناء على شمول الحد فيه للتعزير أيضا و لكن المفروض عدم القول به هنا في الرابعة فكيف بالثالثة و كون المراد بالحد فيه اعم من التعزير غير واضح، فافهم.

(1) بلا خلاف اجده فيه كغيره من المحرمات، كذا في الجواهر و حرمة العمل واضحة و يدل عليه الاخبار.

منها: خبر طلحة بن زيد، عن ابي عبد الله «ع» قال: قال رسول الله «ص»: من قبل غلاما من شهوة الجمه الله يوم القيمة بلجام من نار «1» و لا فرق في ذلك بين المحرم

______________________________

(1)- الوسائل ج 14 الباب 21 من ابواب النكاح المحرم، الحديث 1

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 166

[اذا تاب اللائط قبل قيام البينة]

و اذا تاب اللائط قبل قيام البينة سقط الحد و لو تاب بعده لم يسقط. و لو كان مقرا كان الامام مخيرا في العفو و الاستيفاء (1)

[الثاني السحق]

اشارة

و الحد في السحق (2)

______________________________

و غيره اذا فرض كونه بشهوة، نعم الغالب في المحرم عدمها كما ان في غيرها وجودها، هذا.

و في خبر اسحاق بن عمار، قال: قلت لأبي عبد الله «ع»: محرم قبل غلاما بشهوة؟

قال: يضرب مأئة سوط «1» و لعل التغليظ للإحرام و استحسن ذلك في الرياض و قال:

لو لا ان المشهور اشتراط عدم بلوغ التعزير الحد، و فيه ان مرادهم التعزير لجهة واحدة و هنا جهتان له: نفس التقبيل و خصوصية الاحرام فلا بأس ببلوغه الحد.

(1) قد مر تفصيل ذلك في باب الزنا و الظاهر وحدة البابين في هذا القبيل من الاحكام.

و يدل على جواز عفو الامام في خصوص المقام خبر مالك بن عطية السابق حيث ان الامام «ع» بعد اقرار الرجل اربعا و تخييره بين احدى الثلاثة و اختيار الرجل اشدها، قال: قم يا هذا فقد ابكيت ملائكة السماء و ملائكة الارض فان الله قد تاب عليك فقم و لا تعاودن شيئا مما فعلت «2»

(2) الذي هو وطي المرأة مثلها المكنى عنه باللواتي مع اللواتي و حرمته ثابتة بالادلة الاربعة،

فمن الكتاب قوله- تعالى-: فَمَنِ ابْتَغىٰ وَرٰاءَ ذٰلِكَ فَأُولٰئِكَ هُمُ العٰادُونَ* «3»

و عليها اجماع الفريقين و ان لم يثبت عليها عند اهل السنة الا التعزير.

و العقل يحكم بكونه مذموما لكونه انحرافا في الغريزة الجنسية المخلوقة لإبقاء النسل.

______________________________

(1)- الوسائل ج 18، الباب 4 من ابواب حد اللواط، الحديث 1

(2)- الوسائل ج 18، الباب 5 من ابواب حد اللواط، الحديث 1

(3)- سورة المؤمنون، الاية 7.

كتاب الحدود (للمنتظري)،

ص: 167

[حدّ السحق مأئة جلدة]

مأئة جلدة (1)

______________________________

و اما الاخبار فهي كثيرة، ففي رواية اسحاق بن جرير، عن ابي عبد الله «ع» ان امرأة قالت له: اخبرني عن اللواتي باللواتي ما حدهن فيه؟ قال: حد الزنا، انه اذا كان يوم القيامة يؤتى بهن قد البسن مقطعات من نار و قنعن بمقانع من نار و سرو لن من نار و ادخل في اجوافهن الى رءوسهن اعمدة من نار و قذف بهن في النار، ايتها المرأة ان اول من عمل هذا العمل قوم لوط، الحديث «1».

و في رواية يعقوب بن جعفر ما خلاصته: سأل رجل ابا عبد الله «ع» او ابا ابراهيم عن المرأة تساحق المرأة؟ قال: ملعونة الراكبة و المركوبة فان الله و ملائكته و اوليائه يلعنونها و انه جاءت به لاقيس بنت ابليس «2»

و روى ابو خديجة، عن ابي عبد الله «ع» قال: لعن رسول الله «ع» المتشبهين من الرجال بالنساء و المتشبهات من النساء بالرجال و هم المخنثون و اللاتي ينكحن بعضهن بعضا «3» الى غير ذلك من الاخبار.

(1) مع البلوغ و العقل و الاختيار و العلم محصنة كانت او غير محصنة.

و هو المشهور، افتى به في المقنعة و الانتصار و المراسم و الغنية و السرائر و في غير المراسم صرح بعدم التفاوت بين الاحصان و غيره و في الانتصار «خالف باقي الفقهاء في ذلك، دليلنا ما تقدم من اجماع الطائفة» و في السرائر «هو الاظهر الذي يقتضيه اصول مذهبنا».

و في قبال المشهور قول الشيخ في النهاية بثبوت الجلد مأئة في غير المحصن و الرجم في المحصن كالزاني و في المقنع «و ان اتى رجل امرأة فاحتملت مائه فساحقت به امرأة فحملت فان المرأة ترجم و

تجلد الجارية الحد» و هذا القول محكي عن القاضي و ابن حمزة أيضا و مال اليه في المسالك، و بالجملة في المسألة قولان.

و اما الاخبار فهي ثلاث طوائف: الاولى ما دل على قول المشهور من الجلد مأئة

______________________________

(1)- الوسائل ج 14، الباب 24 من ابواب النكاح المحرم، الحديث 3

(2)- راجع الوسائل ج 18، الباب 24 من ابواب النكاح المحرم، الحديث 5

(3)- الوسائل ج 14، الباب 24 من ابواب النكاح المحرم، الحديث 6

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 168

..........

______________________________

مطلقا، الثانية: ما دل على ان حده حد الزاني او على ثبوت الرجم في المحصنة، الثالثة:

ما دل على كونه مثل اللواط و ان فيه القتل مطلقا.

اما الاولى فعمدتها موثقة ابان، عن زرارة، عن ابي جعفر «ع» قال: السحاقة تجلد «1» و المراد بالجلد هو الحد الخاص المغاير للرجم و هو مأئة، كما هو الظاهر.

و استشكل في المسالك بان المفرد المعرف لا يعم و ان في سند الرواية كلاما.

اقول: اما السند فلان ابان و ان كان ناووسيا و لكنه ثقة من اصحاب الاجماع، فلا كلام فيه، و اما الدلالة فنقول هنا بابان: باب العموم و الخصوص و باب الاطلاق و التقييد، فالاول ناظر الى الافراد مستقيما، و الثاني ناظر الى الحيثيات، فالعام ما دل على جميع الافراد بالوضع او بالقرينة كلفظة «كل» و «الجمع المحلى» و نحوهما و في مقابله الخاص ما دل على بعض الافراد، و المطلق ما جعل فيه حيثية ما تمام الموضوع للحكم و في مقابله المقيد ما جعل فيه الحيثية جزء للموضوع، فلو قال المولى: اعتق رقبة يكون تمام موضوع الحكم، حيثية الرقبة و لو قال: اعتق رقبة مؤمنة، يكون حيثية الرقبة جزء من الموضوع و

الايمان جزء آخر. فلو تم مقدمات الحكمة يحكم في مثل قوله اعتق رقبة، ان تمام موضوع الحكم نفس حيثية الرقبة و نتيجته العموم البدلي و في مثل قوله: السحاقة تجلد، ان تمام الموضوع نفس حيثية السحاقية و يكون نتيجته العموم الافرادي اذ لو لم يكن هذه الحيثية تمام الموضوع كان عليه ان يقول السحاقة غير المحصنة تجلد.

و بالجملة في المطلق اللفظ لم يوضع للعموم و لكن بعد اجراء مقدمات الحكمة و ثبوت الاطلاق يكون النتيجة هو العموم فلا اشكال. اللهم الا ان لا يكون القائل في مقام البيان و يكون غرضه الاجمال و الاهمال، و بالجملة فدلالة الحديث لا ريب فيها.

و منها أيضا ما رواه في المستدرك، عن الدعائم، عن امير المؤمنين «ع» انه قال:

السحق في النساء كاللواط في الرجال و لكن فيه جلد مأئة لأنه ليس فيه ايلاج «2» و ما

______________________________

(1)- الوسائل ج 18، الباب 1 من ابواب حد السحق، الحديث 2

(2)- المستدرك ج 3 ص 229، الباب 1 من ابواب حد السحق و القيادة.

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 169

..........

______________________________

ذكره اخيرا اشارة الى امر استحساني ربما ينقدح في ذهن كل احد و هو ان السحق حيث لا ايلاج فيه يكون بمنزلة اللواط بلا ايقاب فيكون مثله في الحد و هو جلد مأئة، و يؤيد ذلك أيضا اصالة البراءة عن الزائد و درء الحدود بالشبهات بناء على دلالته على درء الشدة أيضا كدرء اصلها.

و اما ما عن الجعفريات انّ علي بن ابي طالب «ع» اتي بمساحقتين فجلدهما مأئة الا اثنين و لم يبلغ بهما الحد «1» فانه و ان توهم تأييده لهذا القول بتقريب ان الاثنين سقطا تخفيفا و لا مانع منه و لكن

يرد عليه انه قضية في واقعة فلا اطلاق فيها يشمل المحصن و غيره.

فهذه هي الطائفة الاولى الدالة على مذهب المشهور و قد عرفت ان العمدة موثقة زرارة.

الطائفة الثانية: ما دل على ان حد السحق حد الزنا او على ثبوت الرجم في المحصنة كالصحيح عن محمد بن ابي حمزة و هشام و حفص، كلهم عن ابي عبد الله «ع» انه دخل عليه نسوة فسألته امرأة منهن عن السحق فقال: حدها حد الزاني، فقالت المرأة: ما ذكر الله ذلك في القرآن، فقال: بلى، قالت: و اين هن؟ قال: هن أَصْحٰابُ الرَّسِّ «2» و نحوها صدر رواية اسحاق بن جرير التي مضت و روي في الجعفريات عن واثلة بن الاسقع عن النبي «ص» قال: سحاق النساء بينهن زنا «3» و توهم انصراف هذه الروايات الى خصوص الجلد فانه المذكور في القرآن حدا للزنا، يدفعه اطلاق الروايات و منع الانصراف بنحو يضربه.

و في الاحتجاج عن سعد بن عبد الله الاشعري عن حجة بن الحسن العسكري- عليهما السلام- اخبرني عن الفاحشة المبينة التي اذا فعلت المرأة ذلك يجوز لبعلها ان يخرجها من بيته في ايام عدتها فقال «ع»: تلك الفاحشة السحق و ليست بالزنا لأنها اذا

______________________________

(1)- المستدرك ج 3 ص 229، الباب 1 من ابواب حد السحق و القيادة.

(2)- الوسائل ج 18، الباب 1 من ابواب حد السحق، الحديث 1

(3)- المستدرك ج 3 ص 229 الباب 1 من ابواب حد السحق و القيادة.

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 170

..........

______________________________

زنت يقام عليها الحد و ليس لمن اراد تزويجها ان يمتنع من العقد عليها لأجل الحد الذي اقيم عليها و اما اذا ساحقت فيجب عليها الرجم و الرجم هو الخزي و من

امر الله برجمها فقد اخزاها ليس لأحد ان يقربها «1»

و لكن الحديث مع ضعف السند مشتمل على ما لا يمكن الالتزام به من تفسير الفاحشة بالسحق لا الزنا و من عدم جواز نكاح المستحقة للرجم.

و من هذه الطائفة أيضا الروايات المستفيضة الواردة في المرأة التي وطئها زوجها فانزل فيها، فقامت فساحقت جارية بكرا فحملت الجارية، الحاكمة برجم المرأة، و جلد الجارية بعد ما وضعت و ضمان المرأة لمهر الجارية و لحوق الولد بابيه، و قد ذكرت الروايات في الوسائل في الباب الثالث و هي خمس: فأولاها صحيحة محمد بن مسلم، قال:

سمعت ابا جعفر و ابا عبد الله «ع» يقولان: بينما الحسن بن علي في مجلس امير المؤمنين «ع» اذا قبل قوم فقالوا: يا ابا محمد اردنا امير المؤمنين، قال: و ما حاجتكم؟ قالوا: اردنا ان نسأله عن مسألة، قال: و ما هي؟ تخبرونا بها؟ قالوا: امرأة جامعها زوجها فلما قام عنها قامت بحموتها فوقعت على جارية بكر فساحقتها فوقعت النطفة فيها فحملت فما تقول في هذا؟ فقال الحسن: معضلة و ابو الحسن لها و اقول: فان اصبت فمن الله و من امير المؤمنين، و ان اخطأت فمن نفسي فارجو ان لا اخطأ- إن شاء الله- يعمد الى المرأة فيؤخذ منها مهر الجارية البكر في اول وهلة لان الولد لا يخرج منها حتى تشق فتذهب عذرتها ثم ترجم المرأة لأنها محصنة و ينتظر بالجارية حتى تضع ما في بطنها و يرد الولد الى ابيه صاحب النطفة ثم تجلد الجارية، الحد، قال: فانصرف القوم من عند الحسن «ع» فلقوا امير المؤمنين «ع» فقال: ما قلتم لأبي محمد؟ و ما قال لكم؟ فاخبروه فقال: لو انني المسئول ما

كان عندي فيها اكثر مما قال ابني «2» و لا منافاة بين جلد الجارية و ثبوت المهر لها مع انه لا مهر لبغي اذ الجارية هنا اقدمت على السحق لا على قبول النطفة و زوال العذرة لعدم علمها بها. و خامستها رواية اسحاق بن عمار، عن ابي عبد الله «ع» قال: اذا اتى رجل امرأة فاحتملت مائه فساحقت به جارية فحملت رجمت المرأة و جلدت

______________________________

(1)- احتجاج الطبرسى ص 258 (طبع في المطبعة المرتضوية في النجف).

(2)- الوسائل ج 18، الباب 3 من ابواب حد السحق، الحديث 1

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 171

..........

______________________________

الجارية و الحق الولد بابيه «1».

و في المستدرك عن نوادر احمد بن محمد بن عيسى نحو ذلك. «2»

و توهم اختصاص الرجم بهذه الصورة التي نقلت المرأة النطفة الى الجارية لأنها كالدخول بها ممنوع اولا: لعدم تعمد المرأة لنقل النطفة و ثانيا: لتعليل الرجم في بعضها بانها محصنة، ففي صحيحة محمد بن مسلم «ثم ترجم المرأة لأنها محصنة» و العجب من صاحب الجواهر حيث اشار الى هذه الروايات بعنوان التأييد مع انها صريحة في ثبوت الرجم في المرأة و الجلد في الجارية.

و بالجملة الروايات الدالة على التفصيل بين المحصنة و غيرها كثيرة غير قابلة للتأويل.

الطائفة الثالثة: ما دل على كون السحق مثل اللواط مثل ما روي عن مكارم الاخلاق، عن النبي «ص» قال: السحق في النساء بمنزلة اللواط في الرجال ... «3» و مثله ما في المستدرك، عن الجعفريات، عن علي «ع» «4».

و عن سيف التمار، عن ابي عبد الله «ع» في حديث قال: اتي امير المؤمنين «ع» بامرأتين وجدتا في لحاف واحد و قامت عليهما البينة انهما كانتا تتساحقان فدعا بالنطع ثم امر بهما

فاحرقتا بالنار «5».

و في فقه الرضا «اعلم ان السحق مثل اللواط اذا قامت على المرأتين البينة بالسحق فعلى كل واحدة منهما ضربة بالسيف او هدمة او طرح جدار و هن الرسيات التي ذكرن في القرآن».

فهذه هي اخبار المسألة و عرفت ان فيها قولين و ان المشهور افتوا بثبوت الجلد مأئة و ادعى بعضهم الاجماع عليه و لكن ليست الشهرة المذكورة و الاجماع المدعى بنحو

______________________________

(1)- الوسائل ج 18، الباب 3 من ابواب حد السحق، الحديث 5

(2)- المستدرك ج 3 ص 229، الباب 3 من ابواب حد السحق و القيادة.

(3)- الوسائل ج 18، الباب 1 من ابواب حد السحق، الحديث 3

(4)- المستدرك ج 3 ص 229، الباب 1 من ابواب حد السحق و القيادة.

(5)- الوسائل ج 18، الباب 1 من ابواب حد السحق، الحديث 4

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 172

حرة كانت أو أمة (1)

______________________________

يعتمد عليهما و يخاف من مخالفتهما، كيف و مثل الشيخ الذي هو خريت فن الفقه و المدرك للمفيد و السيد خالفهما في نهايته التي هي كتاب فتواه، و اهل البيت ادرى بما في البيت، فلو كانت الشهرة و الاجماع كاشفين عن قول المعصوم «ع» لم يخالفهما الشيخ و تبعه القاضي و ابن حمزة و مال اليه في المسالك و عرفت ما في المقنع أيضا، و هو الا قوى فان الطائفة الاولى من الاخبار دلت على ثبوت الجلد مطلقا و الثالثة على القتل مطلقا و الثانية على التفصيل بين المحصنة فالرجم و غير المحصنة فالجلد فيحمل عليها المطلقان.

هذا بناء على الجمع بين ما دل على الرجم و ما دل على القتل بالتخيير بينهما و كون الرجم احد مصاديق القتل.

و ان ابيت ذلك فنقول: اخبار

القتل معرض عنها إذ لم يفت بها احد فيبقى الطائفة الاولى الدالة علي الجلد مطلقا و الثانية المفصلة بين الاحصان و غيره المصرحة في بعضها بالرجم فيحمل المطلق على المفصل.

و العجب من الشهيد الثاني حيث مال في المسالك الى هذا القول و صرح بصحة بعض الاخبار الدالة على رجم الموطوءة التي ساحقت البكر، كصحيحة محمد بن مسلم «1» و لكن قال في الروضة «و قيل ترجم الموطوءة استنادا الى رواية ضعيفة السند» فانظر كيف سمى الاخبار المستفيضة الواردة في المسألة و فيها الصحيحة أيضا رواية ضعيفة، فراجع.

(1) اقول: صرح المصنف في باب الزنا بان المملوك يجلد خمسين جلدة ذكرا كان او انثى محصنا او غير محصن للأخبار الكثيرة الواردة فيها «2» و صرح في اللواط بقسميه و في السحق بمساواة المملوك لغيره و عرفت نقل الاجماع عليها في قسمي اللواط. و لكن في السحق قال في الجواهر: «ان التعارض بين اخبار جلد المساحقة و ادلة تنصيف الحد من وجه و الترجيح لما هنا».

______________________________

(1)- الوسائل ج 18، الباب 3 من ابواب حد السحق، الحديث 1

(2)- راجع الوسائل ج 18، الباب 31 من ابواب حد الزنا.

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 173

..........

______________________________

و الاولى تنقيح المسألة ملخصة فنقول: مضافا الى مساواة اللواط و المساحقة في كثير من الاحكام للزنا و الى قوله «حد اللوطي مثل حد الزاني» و قوله «سحاق النساء بينهن زنا» المتبادر منهما مساواتهما له و الى عموم الفاحشة للسحق أيضا في قوله- تعالى- «فَإِذٰا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفٰاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مٰا عَلَى الْمُحْصَنٰاتِ مِنَ الْعَذٰابِ» «1» يستفاد من بعض الاخبار ثبوت التنصيف فيهما أيضا بحيث يكون لها نحو حكومة على الادلة الاولية المتصدية لبيان حدودهما.

ففي موثقة

ابي بكر الحضرمي، قال: سألت ابا عبد الله «ع» عن عبد مملوك قذف حرا؟ قال: يجلد ثمانين، هذا من حقوق الناس، فاما ما كان من حقوق الله فانه يضرب نصف الحد، قلت: الذي من حقوق الله ما هو؟ قال: اذا زنى او شرب الخمر فهذا من الحقوق التي يضرب فيها نصف الحد «2» و مورد الاستدلال عموم قوله «ما كان من حقوق الله ...» و التمثيل بالزنا و شرب الخمر لا يضر فانهما من باب المثال.

و في صحيحة سليمان بن خالد، عن ابي عبد الله «ع» انه سئل عن المكاتب افترى على رجل مسلم؟ قال: يضرب حد الحر، ثمانين ان كان ادى من مكاتبته شيئا او لم يؤد، قيل له: فان زنى و هو مكاتب و لم يؤد شيئا من مكاتبته؟ قال: هو حق الله يطرح عنه من الحد خمسين جلدة و يضرب خمسين «3» و ظهور قوله «هو حق الله» في التعليل و العموم مما لا يخفى.

و في صحيحة اخرى لسليمان بن خالد، عن ابي عبد الله «ع» في عبد بين رجلين اعتق احدهما نصيبه ثم ان العبد اتى حدا من حدود الله؟ قال: ان كان العبد حيث اعتق نصفه قوم ليغرم الذي اعتقه نصف قيمته فنصفه حر يضرب نصف حد الحر و يضرب نصف حد العبد و ان لم يكن قوم فهو عبد يضرب حد العبد «4» فالمسئول عنه مطلق ما فيه حد

______________________________

(1)- سورة النساء الاية 25

(2)- الوسائل ج 18، الباب 4 من ابواب حد القذف، الحديث 14

(3)- الوسائل ج 18، صدره في الباب 4 من ابواب حد القذف، الحديث 9 و ذيله في الباب 31 من ابواب حد الزنا، الحديث 1

(4)-

الوسائل ج 18، الباب 33 من ابواب حد الزنا، الحديث 6

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 174

[حكم الكافرة المساحقة]

مسلمة او كافرة (1) محصنة او غير محصنة للفاعلة و المفعولة،

______________________________

فيشمل بعمومه للواط و السحق أيضا.

و في رواية عبيد بن زرارة او بريد، عن ابي عبد الله «ع» الواردة في تنصيف حد الامة في الزنا و رجمها في التاسعة «قلت: و ما العلة في ذلك؟ قال: لان الله- عز و جل- رحمها ان يجمع عليها ربق الرق و حد الحر «1» و ظهورها في العموم و حكومتها و نظرها الى الادلة المبينة للحدود مما لا يخفى.

و في صحيحة الحلبي، عن ابي عبد الله «ع» قال: اذا قذف العبد الحر جلد ثمانين و قال: هذا من حقوق الناس «2» و ظهورها في تنصيف ما كان من حقوق الله مما لا يخفى و كأن الاصل هو التنصيف، و انما لم ينصف في القذف لكونه من حقوق الناس.

و نحوها موثقة زرارة، عن ابي جعفر «ع» في مملوك قذف حرة محصنة قال:

يجلد ثمانين لأنه انما يجلد بحقها «3».

و بالجملة فظهور هذه الاخبار المستفيضة في تنصيف ما كان من حقوق الله مما لا ينكر، و الظاهر حكومتها و نظرها الى ما ورد من الادلة الاولية المبينة للحدود الثابتة للمعاصي الخاصة بعناوينها الاولية، نظير حكومة ادلة العسر و الحرج على الاحكام الثابتة للعناوين الاولية، فلا يلاحظ بينهما نسبة العموم من وجه و كون المساواة للحر في اللواط بقسميه مجمعا عليها ممنوع، فالأقوى هو التنصيف فيه و في السحق أيضا، فتدبر.

(1) و يجوز تسليم الكافرة الى اهل ملتها أيضا ليجروا عليها حكمهم بل عرفت ان الاقوى جواز اجراء حاكم المسلمين احكام اهل الذمة أيضا، و لو

كان السحق حلالا في مذهبها فالظاهر عدم جواز اجراء الحد عليها و ان قلنا بكون الكفار مكلفين بالفروع أيضا، فان ثبوت التكليف و العصيان للتقصير لا يستلزمان الحد مع فرض عدم التهتك و التجري، فان الحدود تدرأ بالشبهات فكيف مع العلم بعدم الحرمة و لو فرض تظاهرها بذلك مع علمها بثبوت التحريم عندنا فلا يثبت اكثر من التعزير.

______________________________

(1)- الوسائل ج 18، الباب 32 من ابواب حد الزنا، الحديث 1

(2)- الوسائل ج 18، الباب 4 من ابواب حد لقذف، الحديث 4

(3)- الوسائل ج 18، الباب 4 من ابواب حد القذف، الحديث 8

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 175

و قال في النهاية ترجم مع الاحصان و تجلد مع عدمه (1) و الاول اولى.

[اذا تكررت المساحقة مع اقامة الحد]

و اذا تكررت المساحقة مع اقامة الحد ثلاثا قتلت في الرابعة (2)

[يسقط حد المساحقة بالتوبة قبل البينة]

و يسقط الحد بالتوبة قبل البينة و لا يسقط بعدها (3)

______________________________

(1) و قد مر ان هذا هو الاقوى و مساواة الفاعلة و المفعولة لإطلاق الادلة و لو ساحقت الكبيرة الصغيرة او المجنونة المميزتين، حدث الكبيرة و عزرت الاخرى، و لو ساحقت الصغيرتان او المجنونتان او الصغيرة و المجنونة مع التميز عزرن و وجه الجميع واضح.

(2) قد مرت صحيحة يونس، عن ابي الحسن الماضي «ع» الحاكمة بان اصحاب الكبائر كلها اذا اقيم عليهم الحد مرتين قتلوا في الثالثة و موثقة ابي بصير، قال: قال ابو عبد الله «ع»: الزاني اذا زنى يجلد ثلاثا و يقتل في الرابعة «1» و الجمع بينهما يقتضي تخصيص العموم في الصحيحة بسبب الموثقة، فيبقى اللواط و السحق في العموم، اللهم الا ان يستفاد من قوله «حد اللوطي مثل حد الزاني» و قوله «سحاق النساء بينهن زنا» و نحوهما الحاقهما به في هذا الحكم أيضا، فيكون الحكم في الجميع القتل في الرابعة.

فالعجب من المصنف كيف حكم اولا في الزنا و اللواط بالقتل في الثالثة و ذكر الرابعة ناسبا لها الى القيل و في المساحقة حكم بالرابعة جاز ما مع ان الزنا اولى بهذا الجزم للموثقة، و نحو ذلك عن اللمعة أيضا، قال في الروضة «و ظاهرهم هنا (السحق) عدم الخلاف و ان حكمنا بقتل الزاني و اللائط في الثالثة».

قال في الجواهر بعد نقل ذلك «و لا يخفي ما فيه بعد ظهور كلام غير واحد بل صريح آخر حتى هو في المسالك ان المسألة في المقام على الكلام في نظائرها ضرورة عدم خصوصية لها».

و بالجملة الاقوى هو القتل في الثالثة و

لكن الاحوط الرابعة الحاقا لهما بالزنا بل لا يترك.

(3) و يكفي دعواها قبلها للشبهة الدارئة.

______________________________

(1)- الوسائل ج 18، الباب 20 من ابواب حد الزنا، الحديث 1

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 176

[مع الاقرار و التوبة يكون الامام مخيرا]

و مع الاقرار و التوبة يكون الامام مخيرا (1)

______________________________

(1) كل ذلك لإلقاء خصوصية الزنا و الحاق اللواط و السحق به، كما يستفاد من فحوى الادلة.

ثم انه من المسلم عندهم ان السحق مثل الزنا و اللواط لا يثبت الا بالاقرار اربعا او بشهادة اربعة، و قد مر من المصنف في كتاب الشهادات لزوم الاربعة و عدم كفاية النساء.

فهنا مسألتان: الاولى اشتراط الاربعة و عدم كفاية الاقل، الثانية عدم كفاية النساء.

اما الاولى فيدل عليها مضافا الى الاجماع المدعى و اصالة عدم كفاية الاقل قوله- تعالى- «وَ اللّٰاتِي يَأْتِينَ الْفٰاحِشَةَ مِنْ نِسٰائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ «1» بناء على عموم الفاحشة للسحق أيضا و الانصراف الى الزنا بدوي لا يعتنى به و كذا قوله- تعالى- «وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنٰاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدٰاءَ- الاية» «2» و ما دل على تنزيل السحق منزلة اللواط او الزنا مثل ما مر من الدعائم، عن امير المؤمنين «ع» «السحق في النساء كاللواط في الرجال» و عن الجعفريات، عن النبي «ص» «سحاق النساء بينهن زنا» «3».

و لعل العمدة هو الاجماع، ففي المقنعة «يجب حد السحق و اللواط بالاقرار ... اربع مرات ... و البينة فيه بشهادة اربعة رجال عدول».

و في النهاية «و يثبت الحكم بذلك (السحق) بقيام البينة و هي شهادة اربعة نفر عدول او اقرار المرأة على نفسها اربع مرات».

و في قضاء الغنية «لا تقبل في الزنا الا شهادة اربعة رجال او شهادة ثلاثة رجال و امرأتين و كذا حكم

اللواط و السحق بدليل اجماع الطائفة».

و في المراسم «فاما اللواط و السحق فالبينة فيهما مثل البينة في الزنا».

و قد مر في بعض اخبار الزنا تسمية الاقرار شهادة فيجب فيه الاربع كالشهادة.

______________________________

(1)- سورة النساء الاية 15

(2)- سورة النور، الاية 4

(3)- المستدرك ج 3 ص 229 كتاب الحدود الباب 1 من ابواب حد السحق و القيادة

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 177

[الأجنبيتان اذا وجدتا في إزار واحد]

و الاجنبيتان اذا وجدتا في ازار مجردتين عزرت كل واحدة دون الحد (1)

______________________________

و اما المسألة الثانية فقد مر في باب الزنا و كذا اللواط ان الاقوال ثلاثة: لزوم اربعة رجال كما في المقنعة، و كفاية ثلاثة رجال و امرأتين كما في الغنية، و كفاية رجلين و اربع نسوة أيضا في الجلد.

و الظاهر عدم تحقق الاجماع هنا على اعتبار خصوص الاربعة رجال فانظر الى عبارة الغنية مثلا، و ادلة تنزيل السحق منزلة اللواط و الزنا تقتضي مساواته لهما في جميع الجهات الا ما خرج بالدليل.

و صاحب الجواهر في الشهادات استشهد للمصنف القائل بعدم كفاية النساء في اللواط و السحق بما روي عن على «ع»: لا تجوز شهادة النساء في الحدود «1». خرج منه الزنا بالدليل فبقي غيره فيه.

و لكن عرفت منا ان اطلاق الرواية يقتضي عدم كفاية النساء لا مستقلة و لا منضمة مع الرجال، و لكن خبر عبد الرحمن، عن ابي عبد الله «ع» «تجوز شهادة النساء في الحدود مع الرجال» «2» يدل على الكفاية منضمة الى الرجال، فيحمل المطلق على المقيد.

و بالجملة ليس التعارض بين الخبرين بالتباين، بل بالعموم و الخصوص، و عبد الرحمن و ان كان مشتركا بين الثقة و غيره و لكن الراوي عنه ابان بن عثمان و هو من اصحاب الاجماع، فالاقوى

كفاية النساء منضمة و لكن الاحتياط و درء الحدود بالشبهات يقتضيان عدم الاعتبار، فتدبر.

(1) و كان عليه- قدس سره- ان يذكر من ثلاثين الى تسعة و تسعين على نحو ما افتى به في الرجلين، فان رواية سليمان بن هلال المتعرضة للثلاثين تعرض للرجلين و المرأتين معا، فان عملنا بها في الرجلين كان المتعين الاخذ بها في المرأتين أيضا فتحمل على بيان الاقل و يستفاد الاكثر من صحيحة معاوية بن عمار، قال: قلت لأبي

______________________________

(1)- الوسائل ج 18، الباب 24 من ابواب الشهادات، الحديث 29، 30

(2)- الوسائل ج 18، الباب 24 من ابواب الشهادات، الحديث 21

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 178

..........

______________________________

عبد الله «ع»: المرأتان تنامان في ثوب واحد؟ فقال: تضربان فقلت: حدا؟ قال: لا- الحديث «1».

و بالجملة تفكيك المصنف بين المسألتين بلا وجه، بل لعل المراجع الى الاخبار الكثيرة المتعرضة لحكم الرجلين و المرأتين و الرجل و المرأة «2» يظهر له اتحاد المسائل الثلاث في الحكم، و قد مر في مسألة اضطجاع الرجل و المرأة تحت ازار واحد ان اخبار المسألة طوائف اربع و عرفت وجوه الجمع بينها، فراجع.

[في التعزير و أنواعه و الإشارة إلى الحكومة الإسلاميّة]

تنبيه: صاحب الجواهر قد تعرض هنا للتعزير اجمالا، فنتعرض له فنقول: هنا مسألتان:

الاولى: هل التعزير ينحصر في الضرب و الايلام او يجوز تأديب المجرم باي نحو كان اصلح عند الحاكم حتى الحبس او المجازاة المالية؟ الاقوى الثاني فان الاصل الاولي و ان اقتضى عدم تسلط احد على احد، فان الناس مخلوقون مستقلين و احرارا و لكن الله- تعالى- المالك لنا بشراشر وجودنا يجوز له جعل التسلط و الحكومة لبعض على بعض.

و حيث ان ادارة شئون البشر لا يمكن بدون الحكومة و الولاية فالله- تعالى- فوض بعض مراتب

حكومته الى بعض الانبياء فقال- تعالى- لإبراهيم: «إِنِّي جٰاعِلُكَ لِلنّٰاسِ إِمٰاماً» «3» و لداود «يٰا دٰاوُدُ إِنّٰا جَعَلْنٰاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النّٰاسِ بِالْحَقِّ» «4» فانظر كيف فرع جواز حكمه على خلافته لله، و قال في حق نبينا «ص»:

«النَّبِيُّ أَوْلىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ» «5» فكما يكون للإنسان ان يتصرف في نفسه و ماله بعض مراتب التصرف يكون للنبي ان يتصرف في نفس هذا الانسان او ماله بنحو اولى.

______________________________

(1)- الوسائل ج 18، الباب 10 من ابواب حد الزنا، الحديث 16

(2)- راجع الوسائل ج 18 الباب 10 من ابواب حد الزنا.

(3)- سورة البقرة الاية 124

(4)- سورة ص، الاية 26

(5)- سورة الاحزاب، الاية 6

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 179

..........

______________________________

و لو لا هذه الولاية و السلطة لم يتأت له «ص» و لا لغيره تشكيل الحكومة الاسلامية المتوقفة على هذا السنخ من الاختيارات.

و لا يخفي ان الاحكام الحكومية الصادرة عن الحاكم و الوالى- بما انه حاكم و وال- غير الاحكام النازلة بالوحي المبينة ببيان الرسول او الامام او الفقيه، فالحاكم ربما يرى المصلحة في الحرب و ربما يراها في الصلح و ربما يراها في الحركة و ربما يراها في السكون و نحو ذلك، فعلى المسلمين ان يطيعوا و يسلموا تسليما.

و بهذين السنخين من الاحكام اشار الله- تعالى- حيث قال: «أَطِيعُوا اللّٰهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ» «1» فقد كرر لفظ «أَطِيعُوا» لهذه النكتة فالاوّل متعرض لوجوب اطاعة الله في احكامه النازلة بالوحي سواء استفدناها من الكتاب او لسان النبي او الوصي او الفقيه، و الثاني متعرض لوجوب اطاعته «ص» و اطاعة اولي الامر بعده في الاحكام الصادرة عنه او عنهم، و قد جعل الله- تعالى- ذلك لرفع

ضرورة البشر، فانهم في ادارة شئونهم الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية ربما يحتاجون الى هذا السنخ من الاحكام على حسب تطور الظروف و الاعصار و الحوادث الواقعة، و لا يخفى ان كل هذا السنخ أيضا مستند الى الله- تعالى- بسبب جعله وجوب اطاعة الرسول و اولي الامر، فلا يقال: انا ننكر كلما لم يستند الى الله- تعالى-.

و كما ان الحكومة و الولاية مما لا يمكن ادامة الحياة بدونهما في عصر النبي «ص» فكذلك في عصر الائمة «ع» و في عصر الغيبة.

فلو فرض عدم دلالة آية او رواية على جعل هذه الولاية للفقهاء العدول الخبراء بالحوادث الواقعة كان ثبوت هذه الولاية لهم في عصر الغيبة متيقنا، كيف و قد دلت آيات و روايات كثيرة على ثبوتها لهم.

فانظر الى قوله- تعالى-: أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لٰا يَهِدِّي إِلّٰا أَنْ يُهْدىٰ فَمٰا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ «2»

______________________________

(1)- سورة النساء الاية 59

(2)- سورة يونس، الاية 35

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 180

..........

______________________________

و الى ما رواه الصدوق- في آخر الفقيه- «قال رسول الله «ص»: اللهم ارحم خلفائي- ثلاثا- قيل يا رسول الله و من خلفائك؟ قال: الذين يأتون من بعدي، يروون حديثي و سنتي» «1»

و الى ما في تحف العقول، عن سيد الشهداء «ع» في رواية طويلة «ذلك بان مجاري الامور و الاحكام على ايدي العلماء بالله، الامناء على حلاله و حرامه».

و الروايات في هذا الباب كثيرة يحتاج ذكرها و شرحها و بيان دلالتها الى صرف ايام كثيرة فنحو لها الى موقع آخر.

و اشير هنا الى نكتة و هي ان الفقهاء- رضوان الله عليهم- ذكروا امورا سموها امورا حسبية و قالوا: انها امور ضرورية لا بد من

التصرف فيها و لا يجوز اهمالها، كالتصرف في اموال اليتامى و الغيب و القصر، فيكون الفقيه العادل القدر المتيقن ممن يجوز له التصرف في هذه الامور.

فاقول لهم: هل يكون اهمال التصرف في مال صبي او سفيه او غائب مقطوع الفساد فيجب التصدي له و لا يكون اهمال الجوامع الانسانية و الاسلامية مقطوع الفساد؟

فيهملون مع الهرج و المرج او حكومة الطواغيت عليهم و لا يكون لنا تكليف في التصدي لشئونهم بقدر الاستطاعة فنهملهم حتى يجي ء صاحب الامر- عجل الله تعالى فرجه- لإدارة شئونهم؟

لا ادري كيف يجترءون على هذا الحكم و كيف يعدون التصدي للشئون الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية مخالفا للاحتياط و اهمال شئون المجتمع الاسلامي موافقا للاحتياط؟!

و كيف كان فبعد اختيار حكومة الفقيه العادل و سعة حكومته لكل ما كان للرسول التصدي له و الحكم فيه يكون اختيار مصاديق التعزير و التأديب بيد الحكام بعد ما رآه صلاحا للجوامع الاسلامية.

______________________________

(1)- الفقيه ج 4 ص 302 باب النوادر، الحديث 95

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 181

..........

______________________________

نعم غالب مصاديق التعزير الواردة في الاخبار هو الضرب و الايلام، و في خبر حفص، عن ابي عبد الله «ع» قال: اتي امير المؤمنين «ع» برجل وجد تحت فراش رجل فامر به امير المؤمنين «ع» فلوث في مخرؤة «1» (اسم مكان من الخرء)، و لا يخفى تناسب هذه المجازاة للواط.

و روى السكوني، عن ابي عبد الله «ع» قال: قضى النبي «ص»- فيمن سرق الثمار في كمه- فما أكلوا منه فلا شي ء عليه و ما حمل فيعزر و يغرم قيمته مرتين «2»

المسألة الثانية: في الخلاف- المسألة 14 من الاشربة- «لا يبلغ بالتعزير حد كامل بل يكون دونه و ادنى الحدود في جنب الاحرار

ثمانون فالتعزير فيهم تسعة و سبعون جلدة و ادنى الحدود في المماليك اربعون و التعزير فيهم تسعة و ثلاثون، و قال الشافعي:

ادنى الحدود في الاحرار اربعون حد الخمر و لا يبلغ بتعزير حر اكثر من تسعة و ثلاثين جلدة، و ادنى الحدود في العبيد عشرون في الخمر و لا يبلغ تعزير هم اكثر من تسعة عشر، و قال ابو حنيفة: لا يبلغ بالتعزير ادنى الحدود، و ادناها عنده اربعون، حد العبيد في القذف، و في شرب الخمر فلا يبلغ بالتعزير ابدا اربعين، و قال ابن ابي ليلى و ابو يوسف: ادنى الحدود ثمانون، فلا يبلغ به التعزير و اكثر ما يبلغ تسعة و سبعون، و هذا مثل ما قلناه، و قال مالك و الاوزاعي هو الى اجتهاد الامام فان رأى ان يضربه ثلاث مأئة و اكثر فعل كما فعل عمر بمن زور عليه الكتاب فضربه ثلاث مأئة»

و لا يخفى ان ما ذكره الشيخ لا يلائم الحق و لا ما اختاره، اذ اي دليل على اعتبار ادنى الحدود و لو سلم فادناها خمس و سبعون، حد القيادة، بل اثنا عشر و نصف، حد من تزوج امة على حرة او ذمية على مسلمة بناء على عد هذا القبيل أيضا من الحدود كما هو الاقوى لتقديره شرعا، و الشيخ اختار في الرجلين المجردين تحت لحاف واحد او الامرأتين كذلك ثلاثين الى تسعة و تسعين و قد ذكر تسعة و تسعون في روايات كثيرة فعلى م تحمل عبارة الشيخ في الخلاف؟

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 6 من ابواب حد اللواط، الحديث 1

(2)- الوسائل ج 18، الباب 23 من ابواب حد السرقة، الحديث 2

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 182

..........

______________________________

و

ابن ادريس في السرائر قال: «و الوجه في ذلك انه ان كان الفعال مما يناسب الزنا و اللواط و السحق فالحد فيها مأئة، فيكون التعزير دونه و ان كان التعزير على ما يناسب الثمانين فالتعزير لا يبلغه بل من ثلاثين الى تسعة و سبعين». ثم قال: و الذي يقتضيه اصول مذهبنا و اخبارنا ان التعزير لا يبلغ الحد الكامل الذي هو المائة مطلقا. ثم نسب التفصيل الذي ذكره الى اقوال المخالفين و اجتهاداتهم و قياساتهم الباطلة.

اقوال: لا ادري من اي موضع من كلام الشيخ الناقل لأقوالهم يستفاد التفصيل الذي نسبه اليه؟ و كيف كان فما ذكره الشيخ في الخلاف لا يساعده الروايات و لا الفتاوى، حتى من الشيخ نفسه المتعرضة لتسعة و تسعين سوطا للرجلين او المرأتين او الرجل و المرأة تحت لحاف واحد.

نعم هنا اخبار اخر يجب توجيهها او طرحها، كرواية اسحاق بن عمار، قال: سألت ابا ابراهيم «ع» عن التعزير كم هو؟ قال: بضعة عشر سوطا، ما بين العشرة الى العشرين «1» و في الجواهر عن ابن حمزة العمل بمضمونها.

و كرواية حماد بن عثمان، عن ابي عبد الله «ع» قال: قلت له: كم التعزير؟ فقال: دون الحد قال: قلت: دون ثمانين؟ قال: لا و لكن دون اربعين فانها حد المملوك، قلت: و كم ذاك؟ قال: على قدر ما يراه الوالي من ذنب الرجل و قوة بدنه «2».

و مرسلة الصدوق، قال: قال رسول الله «ص»: لا يحل لوال يؤمن بالله و اليوم الآخر ان يجلد اكثر من عشرة اسواط الا في حد و اذن في ادب المملوك من ثلاثة الى خمسة «3»

و ما في فقه الرضا «التعزير ما بين بضعة عشر سوطا الى تسعة

و ثلاثين، و التأديب ما بين ثلاثة الى عشرة»

فالواجب طرح هذه الاخبار او حملها على الجهات الاخلاقية و التأكيد على تقليل

______________________________

(1)- الوسائل ج 18، الباب 10 من ابواب بقية الحدود و التعزيرات، الحديث 1

(2)- الوسائل ج 18، الباب 10 من ابواب بقية الحدود و التعزيرات، الحديث 3

(3)- الوسائل ج 18، الباب 10 من ابواب بقية الحدود و التعزيرات، الحديث 2

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 183

[لو تكرّر تعزير المجتمعين تحت إزار واحد]

فان تكرر الفعل منهما و التعزير مرتين اقيم عليهما الحد في الثالثة (1)

______________________________

الضرب مهما امكن، فلا تنافي ما دلّ على التسعة و التسعين او يقال بان اخبار التسعة و التسعين تدلّ على التعيّن فلا تكون من قبيل التعزير بل الحد الشرعي، فيكون الثابت في المرأتين او الرجلين او الرجل و المرأة المجردتين حدا شرعيا مرددا بين المائة و بين التسعة و التسعين فيتخير الحاكم بينهما و يكون الواجب في التعزير المحول لنظر الحاكم عدم التعدي عن التسعة و ثلاثين، فتدبر.

(1) في الجواهر «بلا خلاف اجده الا ما يحكى عن ظاهر الحلي من القتل فيها» و في النهاية- في مسألة المرأتين- «التعزير من ثلاثين الى تسعة و تسعين فان عادتا نهيتا و ادبتا فان عادتا ثالثة اقيم عليهما الحد كاملا فان عادتا رابعة كان عليهما القتل».

اقول: لم اجد المسألة بهذا النحو في كلمات المفيد و المرتضى و الصدوق، بل اول ما توجد، في النهاية ثم تبعه من تأخر عنه، و استدلوا عليه بخبر ابي خديجة، عن ابي عبد الله «ع» قال: لا ينبغي لامرأتين تنامان في لحاف واحد الا و بينهما حاجز، فان فعلتا نهيتا عن ذلك، فان وجدهما بعد النهي في لحاف واحد جلدتا كل واحدة منهما حدا

حدا، فان وجدتا الثالثة في لحاف حدتا، فان وجدتا الرابعة قتلتا «1»

و انت ترى ان الخبر- بعد الاغماض عن سنده- لا يدل على ما ذكروه من التعزير مرتين و الحد التام في الثالثة، بل الظاهر منه النهي فقط في الاولى و الحد التام في الثانية و الثالثة و القتل في الرابعة.

و لو سلم حمل النهي في الاولى على التعزير كان اللازم التعزير مرة و الحد مرتين و القتل في الرابعة، و هذا الاحتمال الاخير هو ظاهر التهذيب، فانه بعد ذكر اخبار المائة- و منها خبر عبد الرحمن- قال: «فيحتمل هذا الخبر ان يكون المراد به من قد زبره الامام و ادبه و نهاه عن ذلك بفعل كان منه ثم وجده قد عاد الى مثل فعله، فحينئذ جاز له اقامة الحد عليه كاملا، و هذا الوجه تحتمله الاخبار الاول أيضا و الذي يدل على ذلك ما رواه»

______________________________

(1)- الوسائل ج 18، الباب 10 من ابواب حد الزنا، الحديث 25

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 184

فان عادتا قال في النهاية: قتلتا، و الاولى الاقتصار على التعزير احتياطا في التهجم على الدم (1)

______________________________

و ذكر خبر ابي خديجة.

و بالجملة فما ذكره المصنف هنا و كذا في الرجلين تبعا للشيخ في النهاية من التعزير مرتين و الحد التام في الثالثة، لا دليل عليه اذ اول من تعرض له الشيخ في النهاية فلا اجماع و لا شهرة قديمة و لا يدل عليها الخبر أيضا، و فتوى الشيخ في التهذيب أيضا على خلاف ذلك، فتدبر.

(1) ظاهر المصنف التعزير مرتين و الحد في كل ثالثة، و في الرياض أيضا «اختار الفاضلان و الشهيدان و اكثر المتأخرين، كما في المسالك الاقتصار على التعزير مطلقا الا

في كل ثالثة فالحد، و لا ريب انه احوط».

اقول: يرد على المصنف اولا: ان خبر ابي خديجة، كما عرفت يدل على النهي في الاولى و الحد التام في الثانية و الثالثة و القتل في الرابعة، و لعل النهي في الاولى من جهة الارشاد و عدم علمهما بالحكم، ففي الحقيقة يثبت الحد مرتين و القتل في الثالثة، و هو الذي اختاره ابن ادريس، و يدل عليه خبر يونس، عن ابي الحسن «ع» قال: اصحاب الكبائر كلها اذا اقيم عليهم الحد مرتين قتلوا في الثالثة «1» فلم ينكر المصنف القتل هنا؟

و ثانيا: كيف يقبل المصنف و غيره صدر خبر ابي خديجة و يحمله على التعزير مرتين و الحد في الثالثة و يرد آخره، الحاكم بالقتل في الرابعة و ما هو الوجه في هذا التبعيض في الحجية؟

و ثالثا: اذا فرض الحد التام في الثالثة فكيف يرتجع الى التعزير في الرابعة و الخامسة مع ان الظاهر لزوم كونهما اشد من الثالثة لا اضعف.

و رابعا: لو فرض الحد في كل ثالثة كان مقتضاه القتل في التاسعة او الثانية عشرة بمقتضى خبر يونس العام او ابي بصير الحاكم في الزنا بالقتل في الرابعة الحاقا لبابي اللواط و السحق بالزنا، و بالجملة فالمسألة مشكلة جدا.

______________________________

(1)- الوسائل ج 18، الباب 20 من ابواب حد الزنا، الحديث 3

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 185

[مسألتان:]

اشارة

مسألتان:

[الاولى لا كفالة في حد و لا تأخير]

الاولى لا كفالة في حد (1) و لا تأخير فيه مع الامكان و الا من من توجه ضرر (2) و لا شفاعة في اسقاطه (3)

______________________________

(1) زنا او غيره بلا خلاف اجده، كما في الرياض لا لا دائه الى التأخير، اذ قد يكون العذر حاصلا في التأخير، كذا في الجواهر،

و يدل عليه خبر السكوني، عن ابي عبد الله «ع» قال: قال رسول الله «ص»:

لا كفالة في حد «1» و قال الصدوق: قال رسول الله «ص» ادرءوا الحدود بالشبهات و لا شفاعة و لا كفالة و لا يمين في حد «2»

و هل يشمل الحد في المسألة و امثالها للتعزير أيضا؟ و جهان، و لا يبعد الشمول.

(2) كالمرض و الحبل و اشباههما، و منها لو توقف اثبات حق شرعي على تأخيره

و يدل على المسألة خبر السكوني، عن جعفر، عن ابيه، عن علي «ع» في حديث قال:

ليس في الحدود نظر ساعة «3» و ما رواه الصدوق باسناده الى قضايا امير المؤمنين «ع» قال: اذا كان في الحد لعل او عسى فالحد معطل «4» كذا في الوسائل، و لكن في الفقيه هكذا «قال امير المؤمنين «ع»: اذا كان الخ» من غير اسناد الى قضاياه- عليه السلام-.

(3) للنهي عن الرأفة في الزنا الملحق به غيره و لخبري مثنى و سلمة، عن ابي عبد الله «ع» قال رسول الله «ص» لأسامة بن زيد: «لا يشفع في حد» «5».

و في صحيحة محمد بن قيس، عن ابي جعفر «ع» قال: كان لام سلمة، زوج النبي امة فسرقت من قوم فاتي بها النبي «ص» فكلمته أم سلمة فيها فقال النبي «ص»: يا أم سلمة هذا حد من حدود الله لا يضيع فقطعها رسول

الله «ص» «6»

______________________________

(1)- الوسائل ج 18، الباب 21 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 1

(2)- الوسائل ج 18، الباب 24 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 4

(3)- الوسائل ج 18، الباب 25 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 1 و الباب 12 من ابواب حد الزنا الحديث 8

(4)- الوسائل ج 18، الباب 25 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 2

(5)- الوسائل ج 18، الباب 20 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 2، 3

(6)- الوسائل ج 18، الباب 20 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 1

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 186

[الثانية: لو وطئ زوجته فساحقت بكرا فحملت]

الثانية: لو وطئ زوجته فساحقت بكرا فحملت، قال في النهاية:

على المرأة الرجم و على الصبية الجلد مأئة بعد الوضع و يلحق الولد بالرجل و يلزم المرأة المهر (1) اما الرجم فعلى ما مضى من التردد، و اشبهه الاقتصار على الجلد، و اما جلد الصبية فموجبه ثابت و هو المساحقة و اما لحوق الولد (بالرجل خ. ل) فلانه ماء غير زان و قد انخلق منه الولد فيلحق به، و اما المهر فلأنها سبب في اذهاب العذرة و ديتها مهر نسائها، و ليست كالزانية في سقوط دية العذرة لان الزانية اذنت في الاقتضاض و ليست هذه كذا، و انكر بعض المتأخرين ذلك فظن ان المساحقة كالزانية في سقوط دية العذرة و سقوط النسب.

______________________________

و روى السكوني، عن ابي عبد الله «ع» قال: قال امير المؤمنين «ع» لا يشفعن احد في حد اذا بلغ الامام، فانه لا يملكه و اشفع فيما لم يبلغ الامام اذا رأيت الندم، و اشفع عند الامام في غير الحد مع الرجوع من المشفوع له و لا يشفع في حق امرئ مسلم و لا غيره الا باذنه «1» و التعليل بقوله

«لا يملكه» لعله يوجب اختصاص النهي عن الشفاعة بالحد الثابت بالبينة فلا يشمل التعزير و لا الحد الثابت بالا قرار و لكن الاصحاب اطلقوا، فتدبر.

(1) لصحيحة محمد بن مسلم، و خبر اسحاق بن عمار السابقين في رجم المساحقة المحصنة و كذا اخبار اسحاق بن عمار، و معلى بن خنيس، و عمرو بن عثمان المذكورات في الباب الثالث من ابواب حد السحق من الوسائل، و خبر نوادر احمد بن عيسى المذكور في المستدرك، كتاب الحدود الباب 3 من ابواب حد السحق و القيادة، الواردة جميعا في هذه المسألة، و افتى بها الشيخ و اتباعه.

و ابن ادريس في السرائر اشار الى هذه الروايات بلفظة «روي» ثم استشكل اولا بان اصحابنا لا يوجبون الرجم في المساحقة، و ثانيا بان الحاق هذا الولد يحتاج الى دليل قاطع فانه غير مولود على فراش الرجل و الفراش يتحقق بالعقد أو شبهة عقد، و

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 20 من ابواب مقدمات الحدود، الحديث 4

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 187

..........

______________________________

ثالثا بان الجارية مختارة غير مكرهة و لا مهر لبغي، ثم قال: و لا ينبغي في الديانة ان يقلد اخبار الآحاد ما يوجد في سواد الكتب.

و وافقه المصنف على الاشكال الاول، اعني انكار الرجم، دون الحاق الولد و ثبوت المهر، و مراده ببعض المتأخرين هو ابن ادريس.

اقول: قد مر منا تقوية رجم المساحقة المحصنة للروايات الكثيرة التي منها هذه الاخبار الستة الواردة في هذه المسألة و فيها الصحيحة و الموثقة فلا يجوز ردها و لو كان اجماع او شهرة معتبرة على خلافها لم يفت بها الشيخ في نهايته التي الفها للمسائل المأثورة الاصلية، و اهل البيت ادرى بما في البيت.

و الملاك في

صدق الانتساب و الولادة لغة و عرفا هو تكون الطفل من ماء الرجل و المرأة و لا يتوقفان على كون المرأة فراشا شرعيا او مشتبها بالفراش الشرعي و ان توهم، نعم المتولد من زنا لا يرث بالادلة الخاصة و اما في سائر الآثار كالمحرمية و حرمة النكاح و النفقة فمثل غيره لصدق الولد لغة و عرفا

و لا نسلم ثبوت الحقيقة الشرعية للولد، فلو وطئ زوجته و صب الماء من رحمها على الارض فجذبه رحم آخر يكون الولد منتسبا الى صاحب الماء و الرحم الثاني دون الواسطة.

و لو فرض عدم صلاحية ماء الرجل لتكون الولد الابان يأخذه طبيب و يتصرف فيه و يقويه ثم يلقيه بآلة في رحم زوجة الرجل فهل لا ينتسب الولد اليهما؟

كيف و مقتضى اعتبار كون المرأة فراشا شرعيا للرجل او مشتبها بالفراش انه لو وقع الوطي حراما من طرف و اكراها من طرف آخر لا يكون الولد منتسبا الى المكره او المكرهة أيضا و لو اكرههما ثالث لا ينتسب اليهما، و الالتزام بذلك بعيد فان المكرهة هنا في حكم المشتبهة.

فان قلت: وطي الاجنبية عن علم مصداق للزنا، اذ لا يعتبر في صدق مفهوم الزنا الاختيار و انما يعتبر في الحرمة و الحد.

قلت: سلمنا ذلك و لكن الدليل يستفاد منه عدم الميراث للولد لغية و لا يصدق في

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 188

[الثالث القيادة]

[معنى القيادة و حرمتها]

و اما القيادة فهي الجمع بين الرجال و النساء للزنا، او بين الرجال و الرجال للواط (1)

______________________________

الاكراه الغية و لو فرض ثبوت الحكم لمطلق الزنا ينصرف الى خصوص ما وقع منه حراما.

و بما ذكرنا يظهر ان الولد في مسألتنا كما يلحق بالرجل صاحب الماء يلحق بالجارية الوالدة له

أيضا و لا ينتسب الى الموطوءة الواسطة، فما في المسالك من تقوية عدم الحاق الولد بالجارية الوالدة له ممنوع، و ما رواه الفريقان من قوله «ص»: «الولد للفراش و للعاهر الحجر» «1» فالظاهر منه و من موارده صورة تردد الولد بين صاحب الفراش و بين الزاني، فكأن مفاده اصل شرعي لصورة التردد و لا يشمل المقام و امثاله مما ثبت كون الولد متكونا من ماء الرجل الخاص.

و اما ثبوت المهر للجارية فهو أيضا على القاعدة كما ذكر المصنف و ليست الجارية بغية و انما اقدمت على السحق لا الاقتضاض.

نعم هنا اشكال و هو ان الحكم بثبوت المهر لها قبل شق عذرتها بالولادة من قبيل القصاص قبل الجناية، و من المحتمل موتها او تزويجها قبل الولادة، اللهم الا ان يراد بيان اصل الاستحقاق مع فرض التحقق لا التعجيل في الاداء و اخذه من الموطوءة في اول وهلة كما في الحديث، انما يراد به الاخذ قبل رجم الموطوءة لئلا يضيع حق الجارية برجم الموطوءة و لا يستلزم ذلك الاداء اليها عاجلا، فيكون المأخوذ بمنزلة الرهن ليؤدى منه المهر بعد شق العذرة للولادة.

(1) و في الغنية و عن الجامع و الاصباح زيادة الجمع بين المرأتين للسحق أيضا.

و لا يخفى ان لغة القواد و ان عمت و لكن المتبادر منه الجمع بين الرجل و المرأة فقط، و الاخبار الآتية أيضا متعرضة لخصوص ذلك، اللهم الا ان يلحق الجمع بين الرجلين بالاولوية، فان اللواط اشد من الزنا بل لعل الاولوية ثابتة في المرأتين أيضا لان

______________________________

(1) الوسائل ج 17 الباب 8 من ابواب ميراث ولد الملاعنة الحديث 2- صحيح البخاري كتاب البيوع ج 3 (طبع في المجلدات الثماني) ص 5-

صحيح مسلم الباب 10 من ابواب كتاب الرضاع

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 189

[ما يثبت به القيادة]

و يثبت بالاقرار مرتين مع بلوغ المقر و كمال عقله (كماله خ. ل) و حريته و اختياره (1)

______________________________

السحق عمل انحرافي على خلاف ناموس النكاح المشروع للتوليد، مضافا الى قوله في خبر واثلة، عن النبي «ص»: «سحاق النساء بينهن زنا» بل ما دل على ان حد السحق حد الزنا، اذ يستفاد منها اتحاد هما في الاحكام.

و كيف كان فان حصل الاطمينان باللحوق، و الا فالحدود تدرأ بالشبهات و لا يثبت سوى التعزير.

ثم ان حرمة القيادة مما لا اشكال فيه بل لعله من الضروريات.

و في الحديث عن رسول الله «ص»: من قاد بين امرأة و رجل حراما حرم الله عليه الجنة و مأواه جهنم و سائت مصيرا و لم يزل في سخط الله حتى يموت «1»

و روى ابراهيم بن زياد الكرخي، قال: سمعت ابا عبد الله «ع» يقول: لعن رسول الله «ص» الواصلة و المستوصلة، يعني الزانية و القوادة «2»

(1) بلا خلاف اجده، كذا في الجواهر لفحوى اعتبار الاربع في ما يثبته شهادة الاربع، بل سمي الاقرار في بعض الاخبار شهادة،

ففي خبر ميثم الوارد في الامرأة المقرة عند امير المؤمنين «ع» انه «ع» قال: «اللهم انها شهادة ... اللهم انهما شهادتان ...» «3»

و في المراسم «و كل ما فيه بينة شاهدين من الحدود فالاقرار فيه مرتين» و في الجواهر حكى عن بعض انه قال لم اعرف المستند للمرتين، و مقتضى العموم الاكتفاء بالمرة، ثم اجاب بان المستند لعله ما عرفت من كون الاقرار شهادة بعد الاتفاق عليه ظاهرا، و بناء الحدود على التخفيف، و الاصل عدم ثبوته الا بالمتيقن.

اقول: اضف الى ذلك درء الحدود

بالشبهات، و اما ما قيل من ان مقتضى العموم المرة ففيه ان الروايات المذكورة في باب الاقرار من الوسائل كل واحدة منها في مقام

______________________________

(1)- الوسائل ج 14، الباب 27 من ابواب النكاح المحرم، الحديث 2

(2)- الوسائل ج 14، الباب 27 من ابواب النكاح المحرم، الحديث 1- و ج 18 الباب 5 من ابواب حد السحق، الحديث 2

(3)- الوسائل ج 18 الباب 16 من ابواب حد الزنا، الحديث 1

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 190

او شهادة شاهدين (1)

[ما يجب على القواد]

و مع ثبوته يجب على القواد خمس و سبعون جلدة (2)

______________________________

بيان حكم اخر غير اصل نفوذ الاقرار، فلا اطلاق فيها فضلا عن العموم.

نعم ما قيل من ان «اقرار العقلاء على انفسهم جائز» و ان كان مطلقا و لكن الظاهر كونه قاعدة اصطيادية، اصطيد من الاخبار و الفتاوى و ان نسبوه الى النبي «ص «و لكنه لم يثبت صدوره بلفظه عنه «ص» فراجع.

ثم انه من الواضح عدم العبرة باقرار الصبي و المجنون لسلب العبارة عنهما، و العبد لكون اقراره في حق الغير، و المكره لما دل على رفع الاكراه و خصوص قول علي «ع» في خبر قرب الاسناد «من اقر عند تجريد او حبس او تخويف او تهديد فلا حد عليه» «1»

(1) عدلين بلا خلاف و لا اشكال لعموم ما دل على حجية البينة كموثقة مسعدة بن صدقة «2» و في الجواهر «لا يثبت بشهادة النساء منفردات او منضمات».

اقول: قد عرفت ان مقتضى الجمع بين اطلاق ما دل على عدم جواز شهادة النساء في الحدود و بين قوله في خبر عبد الرحمن «تجوز شهادة النساء في الحدود مع الرجال» عدم حجية شهادتهن منفردات و حجيتها منضمات، و لا نسلم

وجود شهرة او اجماع على عدم حجيتها كذلك، اللهم الا ان يخدش في سند خبر عبد الرحمن باشتراكه بين الثقة و غيره.

(2) ثلاثة ارباع حد الزاني بلا خلاف، و قد افتى بذلك في المقنعة و النهاية و المراسم و الغنية و الانتصار، و في الاخيرين عليه اجماع الطائفة.

و يدل عليه خبر عبد الله بن سنان، قال: قلت لأبي عبد الله «ع»: اخبرني عن القواد ما حده؟ قال: لا حد على القواد أ ليس انما يعطى الاجر على ان يقود؟ قلت: جعلت فداك انما يجمع بين الذكر و الانثى حراما، قال: ذاك المؤلف بين الذكر و الانثى حراما؟ فقلت:

هو ذاك، قال: يضرب ثلاثة ارباع حد الزاني، خمسة و سبعين سوطا و ينفى من المصر

______________________________

(1)- الوسائل ج 16، الباب 4 من كتاب الاقرار، الحديث 1

(2)- الوسائل ج 12 الباب 4 من ابواب ما يكتسب به، الحديث 4

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 191

و قيل يحلق رأسه و يشهر (1)

و يستوي فيه الحر و العبد و المسلم و الكافر (2)

______________________________

الذي هو فيه، الحديث. «1» و في السند محمد بن سليمان، و هو المصري على ما في سند الفقيه و لم يذكر هو بمدح و لا قدح، و لكن يجبر ضعفه عمل الاصحاب، و قد يرى من بعض ان الرواية تطرح لضعفها و يؤخذ بالإجماع، و لعل الاول اظهر فان الظاهر من مثل الشيخ و اتباعه العمل بها.

و كيف كان فهل يثبت الحد فيمن صرف همه في جمعهما و اجتمعا في مكان للعمل و لكن تابا او واجها شرطيا ففرا؟ من ان القواد اتى بكل ما هو من قبله و في قدرته، و من ان الظاهر من قوله «ع»

«يجمع بين الذكر و الانثى حراما» وقوع الجمع منهما خارجا و فعلا و هو كناية عن وقوع العمل خارجا، فلو لم يقع لا يثبت الحد للواسطة و لكن يعزر، و لعل الثاني اظهر، و الظاهر من الجمع بينهما وقوع الزنا و الوطي، فلو جمع بينهما للقبلة و نحوها لا يثبت سوى التعزير و إلا لزم مزية الفرع على الاصل.

________________________________________

نجف آبادى، حسين على منتظرى، كتاب الحدود (للمنتظري)، در يك جلد، انتشارات دار الفكر، قم - ايران، اول، ه ق

كتاب الحدود (للمنتظري)؛ ص: 191

(1) بل هو المشهور بين الاصحاب الذين منهم ابن ادريس الذي لا يعمل باخبار الآحاد، كذا في الجواهر، و قد افتى بهذا في المقنعة و النهاية و المراسم و الانتصار و الغنية و في الاخيرين عليه اجماع الطائفة.

و انت ترى ان المسألة مع عدم وجود الرواية بها في ما بايدينا قد افتى بها قدماء الاصحاب في كتبهم المعدة لنقل المسائل المأثورة عن المعصومين- عليهم السلام- و قد افتى بها و ادعى الاجماع عليها من لا يعمل بخبر الواحد كالمرتضى- رحمه الله- و ليس اصحابنا ممن يفتي بالاعتبارات و الاستحسانات الظنية، فيظهر من ذلك ورود نص معتبر و اصل اليهم يدا بيد فنسبة المصنف الحكم الى القيل مشعرا بضعفه بلا وجه، و ما عن ابن الجنيد من عدم الافتاء به و عن المسالك متابعته، في غير محله.

(2) في الجواهر «لا خلاف بل عن الانتصار و الغنية الاجماع عليه للإطلاق».

اقول: ليس في الانتصار التصريح بالاقسام، نعم في الغنية التصريح بها و قد مر في

______________________________

(1)- الوسائل ج 18، الباب 5 من ابواب حد السحق و القيادة، الحديث 1

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 192

[هل ينفى القوّاد بأول مرة؟]

و هل ينفى

باول مرة؟ قال في النهاية: نعم، و قال المفيد: ينفى في الثانية، و الاول مروي (1)

______________________________

المساحقة ان الظاهر من الاخبار التنصيف بالنسبة الى العبد فيما كان من حق الله فيشمل المقام أيضا، فراجع.

و لو فرض كون العمل في مذهب الكافر حلالا فالظاهر عدم الحد فيه، و ان قلنا بكونهم مكلفين بالفروع أيضا، فان ثبوت التكليف و العصيان للتقصير لا يستلزم الحد مع عدم الهتك و التجري، و يجوز تسليم الكافر الى اهل ملتهم أيضا ليجروا عليه ما في مذهبهم بل يجوز لحكامنا أيضا اجراء ما يلتزمون به كما مر.

(1) في الجواهر «تبع النهاية ابنا ادريس و سعيد في محكي السرائر و الجامع» و وافق المفيد سلار و ابن زهرة، و ادعى الثاني عليه الاجماع، و ظاهر خبر ابن سنان الماضي الذي هو الاصل للمسألة النفي لأول مرة، و مثله في فقه الرضا، و في الجواهر «الاحوط الثاني بل عن الغنية الاجماع عليه و في الرياض لعله المتعين ترجيحا للإجماع المزبور على الرواية من وجوه، منها: صراحة الدلالة».

اقول: الخبر و ان كان ظاهرا و الاجماع المدعى نصا و يجب تقديم النص على الظاهر و لكنه في ما ثبت حجية الاجماع المنقول، و صرف افتاء المفيد و سلار لا يوجب العلم مع مخالفة الشيخ المعاصر لهما فصرف النظر عن ظاهر الخبر المؤيد بفقه الرضا، بالإجماع المدعى في الغنية مشكل، اللهم الا ان يناقش في سند الحديث و انه لم يجبر ضعفه بالنسبة الى هذا الحكم و ان جبر بالنسبة الى اصل الحد، و الحدود تدرأ بالشبهات، فالاحوط عدم النفي في الاولى، فتدبر.

ثم انه ليس في الخبر تحديد للنفي، و في الجواهر «ينبغي ان يكون حده التوبة اذ

بدونها يصدق عليه اسمه،

و يمكن ان يتبادر السنة بقرينة تحديده في الزنا بسنة، فتأمل و لعل الملاك نظر الحاكم.

و ظاهر النفي في النص و الفتوى الاخراج من البلد، لكن في فقه الرضا «و روي النفي هو الحبس سنة او يتوب» و في الرياض نقله عن غيره أيضا، و عن كشف اللثام «في

كتاب الحدود (للمنتظري)، ص: 193

[حكم قيادة المرأة]

و اما المرأة فتجلد و ليس عليها جز و لا شهرة و لا نفي. (1)

______________________________

بعض الاخبار النفي هو الحبس سنة» و لعله أراد به فقه الرضا.

و كيف كان فيمكن الالتزام بذلك من باب الحكومة و التوسعة لا الحصر، فان الغرض من النفي عدم وجوده في المجتمع الذي ارتكب فيه العمل، و يحصل ذلك بالحبس أيضا.

و في الغنية: «روي انه ان عاد ثالثة جلد، فان عاد رابعة عرضت عليه التوبة فان ابى قتل و ان اصاب قبلت توبته و جلد، فان عاد خامسة بعد التوبة قتل من غير ان يستتاب».

و في المختلف حكى نحوه عن ابي الصلاح ثم قال: «و نحن في ذلك من المتوقفين».

اقول: ثبوت الحكم بصرف نسبته في الغنية الى الرواية مشكل و القاعدة المستفادة من خبر يونس الماضي، القتل في الثالثة، و لو قيل بكونه من توابع الزنا و لا يجوز كونه اشد منه فاللازم القتل في الرابعة، كما دل عليه خبر ابي بصير في الزنا «1»

(1) في الجواهر «بلا خلاف» و في الانتصار و الغنية الاجماع على ذلك و افتى بذلك في المقنعة و النهاية و المراسم أيضا.

و بالجملة فاصل ثبوت الجلد فيها بلا اشكال و ان استشكلنا في القاء خصوصية الرجولية في خبر ابن سنان الماضي، فانه بعد ما اشتمل على النفي و

اتفق الاصحاب على عدمه في المرأة اشكل فهم الاعم من الرجل و المرأة منه، اللهم الا ان يناقش بان اختصاص ذيل الخبر بالرجل بسبب الاجماع لا ينافي استفادة الاعم من صدره و القاء خصوصية الرجولية منه، كما هو المتداول في اكثر الاخبار المتعرضة للأحكام الشرعية حيث ان المذكور فيها حكم المذكر و العرف يستفيد منها حكم المكلف مطلقا، فتدبر.

و قد وقع الفراغ في 21 رجب سنة 1401 من الهجرة القمرية النبوية.

و الحمد لله اولا و آخرا و ظاهرا و باطنا.

______________________________

(1)- الوسائل ج 18 الباب 20 من ابواب حد الزنا الحديث 1

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.